عكس لقاء المصارحة بين الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله ورئيس كتلة «المستقبل» النيابية سعد الحريري أجواء ارتياح على الشارع، وكانت نتائجه موضع ملاحقة واهتمام من جانب السفراء العرب والأجانب في لبنان، والذين تحركوا أمس في كل الاتجاهات في محاولة للحصول على معلومات لم يتطرق اليها البيان المشترك لكنهم، وفق المعلومات، توصلوا الى قناعة بأنه جاء وافياً وتضمن كل ما أثير في اللقاء.وأبدى رئيس الجمهورية ميشال سليمان الذي يتوجه اليوم الى روما على رأس وفد يضم الوزراء الياس المر وفوزي صلوخ وخالد قباني ويوسف تقلا للقاء نظيره الإيطالي جورجيو نابوليتانو، قبل أن ينتقل غداً الى الفاتيكان للقاء البابا بنيديكتوس السادس عشر، ارتياحه الى «ما أحدثه اللقاء من صدمة إيجابية تدفع باتجاه تفعيل الحوار». ونقل عنه زواره قوله إن من نتائجه المباشرة «إيجاد المناخ المؤاتي للبحث في الأمور كافة بانفتاح ومرونة».وكان اللقاء حاضراً أيضاً في محادثات رئيس الحكومة فؤاد السنيورة مع كبار المسؤولين في الكويت على هامش مشاركته في «مؤتمر البابطين الثقافي» في حضور الوزيرين بهية الحريري وطارق متري، وقبل أن ينتقل ليلاً الى القاهرة ليرأس اليوم مع نظيره المصري أحمد نظيف اجتماعات الهيئة اللبنانية – المصرية العليا بمشاركة عدد من الوزراء في البلدين.وأثنى أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح بعد استقباله السنيورة والوفد المرافق له، على «الأجواء التصالحية اللبنانية»، مشدداً على أنه كان منذ البداية يحض الأطراف اللبنانيين على التلاقي والحوار «لكي يعود لبنان موئلاً للعرب واللبنانيين ومن أجل أن يستعيد عافيته الكاملة لأنه حاجة عربية ودولية».وشارك الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، الشيخ صباح الأحمد الصباح ارتياحه الى الأجواء الإيجابية المترتبة على لقاء نصرالله والحريري. وأكد للسنيورة عندما التقاه أمس في الكويت، بحسب الوفد المرافق لرئيس الحكومة، انه يقف «من دون أي تردد الى جانب الجهود اللبنانية الساعية من أجل التهدئة، لإنجاح الحوار الذي هو الأساس لحل كل المشكلات اللبنانية».بدوره أكد السنيورة انه يدعم «بكل قوة كل لقاء يؤدي الى إزالة التوترات في التعامل في ما بيننا»، وقال: «قد تكون لدينا اختلافات في وجهات النظر وهذا أمر طبيعي لكن الاختلاف يجب ألا يؤدي الى الخلاف».وبالنسبة الى احتمال لقائه نصرالله، قال السنيورة: «كل شيء في أوانه وكنت ألتقي السيد نصرالله قبل حرب تموز في أكثر من مناسبة وأعتقد أن ما من شيء يمكن أن يُحل إلاّ من خلال التلاقي والبحث بالأمور بنظرة منفتحة وبعيدة من التشكيك والاتهامات».الى ذلك، سألت مصادر نيابية ووزارية عن التأثير الذي سيتركه لقاء نصرالله والحريري على الجلسة الثانية من مؤتمر الحوار التي يرعاها الرئيس سليمان في الخامس من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل في بعبدا. وقالت إن اللقاء «بالتأكيد لن يبدل من الثوابت الأساسية في موقفي الطرفين، أي الأكثرية والأقلية في البرلمان، لكنه بالتأكيد سيوفر أجواء هادئة تتيح لهما البحث في كل القضايا بعيداً من التشنج وتبادل الاتهامات، وبانفتاح أحدهما على الآخر والتعامل بمرونة مع الأفكار التي تطرح في شأن المشكلات العالقة أو ما تبقى من البنود الواردة في اتفاق الدوحة، وخصوصاً الاستراتيجية الدفاعية للبنان». ونقلت المصادر نفسها عن الحريري قوله أمام زواره: «نحن ندعم كل الجهود الهادفة الى التهدئة للحفاظ على الاستقرار العام وضمان أمن اللبنانيين، والاختلاف أمر طبيعي لكن لا يبرر اللجوء الى استخدام العنف لحسم الخلافات».وتوقع الحريري ان تكون جلسة الحوار المقبلة «أفضل من حيث توفير المناخ الذي يؤمن التواصل بين الجميع من دون استثناء ويسمح بإيجاد الحلول، لمصلحة حماية مشروع الدولة باعتباره الحاضن للجميع». ورأى ان «من حق اللبنانيين علينا، السعي من أجل التهدئة لإعادة بناء الجسور التي تهدمت بسبب الأحداث الأخيرة والتي من خلالها نعبر الى الحوار والتلاقي لتحصين الساحة الداخلية وتمتين وحدتنا الوطنية لنكون على أهبة الاستعداد لمواجهة أي عاصفة أمنية أو سياسية تهب علينا من الخارج بسبب الأوضاع الإقليمية والدولية الصعبة وتهددنا في أمننا ومصالحنا».ولفت الى أن «التهدئة مطلوبة من الجميع ونحن لها وسنعمل من أجلها ليكون لبنان بمنأى عن الأخطار من ناحية وللدفاع عن ثوابتنا من ناحية ثانية التي لا تتعارض مع مشروع الدولة أو تشكّل نقيضاً له وبالتالي ما من أحد يستطيع وحده أن يسهم في مشروع من دون شريكه الآخر في الوطن»، مشدداً على أن «الاحتكام الى صناديق الاقتراع أمر طبيعي في اللعبة الديموقراطية».على صعيد آخر، اتهم جهاز الادعاء العام في لبنان 34 شخصا، بينهم سوريون وسعوديون ولبنانيون وفلسطينيون، بالانتماء الى خلية اسلامية متشددة مسؤولة عن هجمات ضد الجيش. وقال المدعي العام سعيد ميرزا ان المتهمين، وبينهم ثمانية هاربين يتعاطفون مع جماعة «فتح الاسلام»، وانه يشتبه بتورطهم بهجمات بالقنابل في 13 آب (اغسطس) و29 ايلول (سبتمبر) في مدينة طرابلس، ما ادى الى مقتل 22 شخصا بينهم 14 جنديا.
وربط ميرزا بين المتهمين وهجوم بالقنابل في 31 ايار (مايو) على موقع اسفر عن مقتل جندي. وخطط المتهمون في حزيران (يونيو) لاغتيال قائد الجيش العماد جان قهوجي. وذكر ان اثنين من المجموعة، احدهما زعيمها اللبناني الفار عبد الغني جوهر، مسؤولان عن قتل صاحب متجر مشروبات كحولية في آب.
"الحياة"