بشأن المذبحة الجارية في غزة
دعوة لعقد اجتماع طارئ للجمعية العامة بمقتضى صيغة الاتحاد من أجل السلام
سعادة السيد / بان كي مون
السكرتير العام للأمم المتحدة
تحية طيبة وبعد،،
نحن الموقعون أدناه، ممثلو منظمات وجماعات حقوق الإنسان غير الحكومية والمدافعون عن حقوق الإنسان، نكتب لسعادتكم بشأن التدهور المتزايد في أوضاع حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وعلى وجه الخصوص في قطاع غزة، وللتعبير عن بالغ استيائنا وسخطنا إزاء موقف المجتمع الدولي اللا أخلاقي وغير السوي تجاه المجزرة الجارية والتي تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين الفلسطينيين غير المنخرطين في أعمال القتال، والذين مثلوا الجزء الأكبر من ضحايا الغارات الجوية الإسرائيلية على مدن وبلدات القطاع منذ ظهر السبت 27 ديسمبر/كانون أول الجاري.
وتعلمون سعادتكم أن قطاع غزة لا يزال تحت الاحتلال الفعلي من الناحية القانونية رغم مرور قرابة ثلاثة أعوام على تطبيق خطة الانسحاب الأحادي الإسرائيلي، حيث لا تزال إسرائيل تسيطر وبشكل فعلي وقانوني على حدود القطاع وسواحله وأجوائه، وهي بالتالي لا تزال مسئولة على نحو كامل عن أمن وسلامة السكان المدنيين في القطاع وفقا لأحكام القانون الإنساني الدولي واتفاقيات جنيف للعام 1949، وخاصة الاتفاقية الرابعة بشأن احترام سلامة وحريات المدنيين وقت الحرب وتحت الاحتلال.
ونحن على يقين من أنكم تتابعون لحظة بلحظة التطورات المفزعة الجارية في القطاع، والتي أدت في الأيام الأخيرة لمقتل وجرح المئات من السكان المدنيين ضمن ألف قتيل وجريح في ظل الغارات الجوية التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي والتي تملك أفضلية القوة والإمكانيات للسيطرة على الأرض بالمقارنة مع الجماعات الفلسطينية ضعيفة التسليح، ولا مراء في أنكم تقدرون أن قوات الاحتلال الإسرائيلي ترتكب انتهاكات جسيمة لالتزاماتها بمقتضى القانون الدولي، وعلى أقل تقدير انتهكت على نحو جسيم مبادئ الضرورة والتناسب والتمييز والتحوط في تجنب المدنيين والأهداف المدنية، بما يمثل جرائم حرب تستوجب الملاحقة والمحاسبة.
وتدركون يقينا ما تمثله هذه الغارات من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ولا يشوبنا شك في أنكم تتفقون معنا في أنها لا تحتاج لإقامة الدليل على هذا التصنيف القانوني، سواء في ناحية المشاهد المصورة التي نقلتها شبكات التلفزة الدولية، أو في ناحية التصريحات الرسمية الصادرة عن المسئولين الإسرائيليين. كما نوقن بأن موظفي بعثاتكم العاملة في قطاع غزة قد أحاطوكم علما بتفاصيل هذه التطورات عبر تقارير وإفادات رسمية توفر بذاتها الأدلة القاطعة على طبيعة هذه الجرائم.
وفي تقديرنا، فإن الجرائم الإسرائيلية الوحشية بحق الشعب الفلسطيني بمختلف شرائحه، ما كان لها أن تمضي قدما لولا توافر دعم الأطراف الدولية وتخاذل أطراف أخرى عن التنديد بها والعمل على وقفها، وفي مقدمة هؤلاء، تأتي المجموعة الرباعية الدولية التي ائتمنها المجتمع الدولي على الاضطلاع بمسئولية تسوية النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، غير أنها اغتصبت هذه الأمانة وفق مصالح بعض أعضائها الذاتية، وقدمت الغطاء لجرائم الحرب الإسرائيلية وفي مقدمتها العقوبات الجماعية المحظورة بمقتضى اتفاقية جنيف الرابعة.
ومع شديد الأسف، فلا تزال منظمتكم عضوا عاملا في هذه المجموعة بالتناقض مع دورها كفاعل دولي مؤتمن على حقوق الشعب الفلسطيني الثابتة والمشروعة وغير القابلة للتصرف، ولم تلتفت الدول الأعضاء في منظمتكم إلى ما ورد بحزم في تقارير مقرر الأمم المتحدة السابق بشأن أوضاع حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ العام 1967 البروفيسور "جون دوجارد" بشأن ضرورة انسحاب الأمم المتحدة من هذه المجموعة، وكذا ما ورد في تقرير مبعوثكم السابق لدى هذه المجموعة ورئيس بعثتكم لمراقبة وقف إطلاق النار في الشرق الأوسط الجنرال "ألفارو دي سوتو" بشأن دورها غير الموضوعي في التفاعل مع حقوق الشعب الفلسطيني وفق الأصول الدولية.
ونعبر عن أسفنا للموقف الدولي المشوه الذي انتهى إليه مجلس الأمن الدولي في شأن المجزرة الجارية حاليا في قطاع غزة، والذي انتهى إلى المساواة بين الضحية والجلاد على نحو غير مقبول لا من الناحية القانونية ولا من الناحية الأخلاقية.
وإذا تجاوزنا الجدال القانوني بشأن ما تمثله الصواريخ بدائية الصنع، التي تطلقها الجماعات الفلسطينية المسلحة من غزة باتجاه إسرائيل، وما إذا كانت تقع ضمن سياق المقاومة المشروعة للاحتلال من عدمه، فهي في كافة الأحوال لا تبرر الاعتداء الإسرائيلي الواسع النطاق على قطاع غزة الذي يجري منذ يوم السبت 27 ديسمبر/كانون أول الجاري على شعب أعزل يتعرض لحصار متواصل لأكثر من عامين ونصف العام، ويتعرض لكارثة إنسانية عبرت عنها الوكالات التابعة للأمم المتحدة، وفي مقدمتها وكالة الأونروا التي أعلنت نفاذ المؤن من مخازنها.
كذلك، ووفقا لأحكام القانون الإنساني الدولي، فلا يمكن المجادلة باعتبار مراكز الأمن والشرطة الفلسطينيية التي نالت القدر الأكبر من العدوان الإسرائيلي الجاري على قطاع غزة نهار يوم السبت 27 ديسمبر/كانون أول الجاري أهدافا "عسكرية"، ولا يمكن التسليم بأن القصف الإسرائيلي لمواقع داخل الأحياء السكنية وفي ساعات الذروة من ذلك اليوم كان بريئا من أغراض النيل من المدنيين الفلسطينيين، بما فيهم الأطفال الآمنين في طريق العودة من مدارسهم، والنساء اللائي كن يسعين لشراء ما ندر في الأسواق، والموظفين والعمال الذين انتهت نوبات عملهم.
ويمكننا القول دون تردد بأن سلطات الاحتلال الإسرائيلي قد نجحت في ابتزاز المجتمع الدولي لمؤازرتها في مواصلة جريمة احتلال أراضي الغير، وممارسة جريمة العدوان، والعقوبات الجماعية المحظورة، وغيرها من المخالفات الجسيمة لأحكام القانون الإنساني الدولي بحق شعب لا نبالغ في وصفه بأنه "أعزل".
ويتحمل المجتمع الدولي والأمم المتحدة المسئولية لالزام إسرائيل بالوقف الفوري للعدوان الجاري، وإنهاء الحصار المفروض على قطاع غزة، وإعلان القطاع منطقة منكوبة تحتاج لدعم وإغاثة دولية عاجلة، وتوفير الحماية الدولية للمدنيين الفلسطينين في الأراضي الفلسطينية المحتلة للعام 1967، وضمان حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على كافة أراضيه المحتلة في العام 1967 بما فيها القدس العربية المحتلة.
ولعلكم تقدرون حجم الخطر الذي يمثله استمرار وتدهور الوضع الحالي في قطاع غزة، والذي يدفع بالمنطقة باتجاه مزيد من التوتر وعدم الاستقرار، ويعد سببا في تدهور إضافي لأوضاع حقوق الإنسان في مجمل البلدان العربية ومنطقة الشرق الأوسط، ويمثل تهديدا متزايدا للسلم والأمن الدوليين.
وإذ نذكر في هذا الشأن بقرارات مجلس الأمن، وخاصة القرارات رقم 242 و338 و1397، وقرارات الجمعية العامة، وخاصة القرارين رقم 181 و194، وفتوى محكمة العدل الدولية والتي تبنتها الجمعية العامة في العام 2004، وكذا القرارات الصادرة عن لجنة حقوق الإنسان حتى العام 2005 ومجلس حقوق الإنسان فيما بعد، وتقارير مقرري الأمم المتحدة الخاصين في هذا الشأن، فإننا نضع رسالتنا هذه بين أيديكم وكذا بين يدي زملائكم من ذوي الولاية المعنيين في منظمتكم، فإننا نأمل أن يكون مضمونها على مائدة البحث لكافة الأجهزة المعنية في منظمتكم.
وعلى صلة بذلك، فإننا نرجو أن تتفضلوا بنقل رغبتنا إلى الجمعية العامة في دور انعقادها الجاري لعقد اجتماع استثنائي بمقتضى قرار "التحالف من أجل السلام" لاستصدار قراراتها في هذا الشأن، في ضوء عجز مجلس الأمن الدولي عن التصدي لهذه المسألة الخطيرة.
وتفضلوا بقبول فائق الاحترام،،
الموقعون
1- المنظمة العربية لحقوق الإنسان- القاهرة-
2- المنظمة العربية لحقوق الإنسان فى سوريا
3- الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان
4- منظمة حقوق الإنسان فى سوريا
5- مؤسسة المسك لحقوق الإنسان فى العراق
6- الجمعية الوطنية للديمقراطة والقانون – غزة
7- المنظمة المصرية لحقوق الإنسان
8- المركز العربى لإستقلال القضاء والمحاماة
9- الجمعية المغربية لحقوق الإنسان
10- المنظمة العربية لحقوق الإنسان فى ألمانيا
11- المنظمة العربية لحقوق الإنسان فى النمسا
12- الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان
13- المركز الفلسطينى لحقوق الإنسان- غزة
14- الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان
15- المنظمة العربية لحقوق الإنسان فى موريتانيا
16- المنظمة العربية للإصلاح الجنائى
17- الشبكة السورية لحقوق الإنسان
18- الرابطة السورية للدفاع عن حقوق الإنسان
19- المركز السوري لمساعدة السجناء
20- جمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء – مصر
21- المجلس العربى لدعم المحاكمة العادلة – مصر
22- الجمعية اللبنانية لحقوق الإنسان – لبنان
23- الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان
24- البرنامج العربي لنشطاء حقوق الإنسان
25- منظمة حقوق وحريات – سوريا
26- المرصد السوداني لحقوق الإنسان
27- اللجنة السورية للدفاع عن الحريات الصحفية
28- مؤسسة قضايا المرأة المصرية
29- المنظمة العربية للإصلاح الجنائي في سوريا
30- المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان في سورية
31-12-2008