مونتريال
عندما جاءتني دعوة للإنضمام إلى إعلان دمشق قبل عامين، لم أتردد. فقد كنت أرفل في ظلال الديمقراطية الكندية بينما يعاني الشعب السوري حالة الطوارئ، ويفتقد أبسط الحريات، ويعيش في ركون يكاد أنين صمته يصم الأرواح. ورغم أني أفضل عدم الانتماء لأي منظمة وأن أبقى حرة وأن لا أربط صوتي مع اتجاه معين، شعرت بأن كل هذه الأعذار لا مكان لها، لأن إعلان دمشق ليس حزبا أو جهة معينة، وإنما هو إئتلاف وطني سوري، وُلد من رحم الشعب السوري نفسه.
مخلوق عضوي جاء من صميم التجربة السورية، حوّل صدى أصوات مختلفة إلى صوت واحد ينادي بإنهاء حالة الطوارئ، والالتزام بالعمل السلمي كليا، وعدم الاستعانة بالخارج وعدم التفريق بين المواطنين من أي دين أو طائفة أو توجه سياسي كانوا، نساءا أو رجالا، كبارا أو صغارا. كيف أقول لا لمثل هذا التجمع؟ أتذكر أن البعض شجعني والبعض تخوف، وخاصة أن الأجواء كانت كئيبة في تلك الأوقات لا بصيص لنور فيها. وحينها شرحت لمن حولي بأن الموت حق، وبأني أفضل أن أسجل موقفا مهما كان صغيرا في حياتي التي هي أقل من ومضة في عمر الكون. وإيماني بالحق وإن لم نر تجلياته جعلني ألبي دعوة رأيتها دعوة حق. ولأني شعرت بأن الحياة مواقف وشعرت بخجل شخصي وأنا أعيش في نعيم الديمقراطية الكندية بينما يعاني الشعب السوري. فوجدت أن ضم صوتي لإعلان دمشق هو أضعف الإيمان، وشعرت أن ما علي كفرد هو أن أحيى بصدق والباقي أتركه لمدير الكون.
إنضمامي كان رمزيا، لأن العمل الحقيقي هو ما قام به الذين وقعوا الإعلان داخل سوريا. هؤلاء هم الشجعان الذين لم يرفعوا سلاحا، وفي لحظات صعبة قرروا أن يقولوا كلمة حق سوية في وجه الخطأ لننجو كلنا سوية. إعلان دمشق وقعه في البداية مائتان من الأصوات الحرة الديمقراطية في سوريا قبل ست سنوات. وهو ليس وليد اللحظة لارتكاسات للثورات التونسية والمصرية، وإنما هو مثلهما نتج من المعاناة الداخلية. وإن دعمنا لهذا المخلوق الصغير يمكن أن يكون سفينة نجاة لنا جميعا.
بما أن الطائفية والإسلام الأصولي هي من أوجه البعبع الذي يستعمله الجميع لعرقلة رحلة الديمقراطية وعدم إنهاء حالة الطوارئ في سوريا، يجب أن نتضامن كسوريين ونكسر هذه الحواجز الطائفية والدينية والفكرية والأيديولوجية. وأرى أن إعلان دمشق هو بذرة جميلة ويمكن أن تصبح الشجرة التي تظلنا كلنا، لأنها استطاعت خلال كل الظروف الصعبة في السنوات الماضية أن تحتوتي في جيناتها جميع الاتجاهات والطوائف بمن فيهم المستقلين مثل خالي جودت سعيد ومثلي وأصدقاء آخرين، وشخصيات رائعة ملتزمة بالعمل الإنساني الحقوقي مثل هيثم المالح الذي يجلس حاليا وراء القضبان. ولإعلان دمشق ست سنوات من الوقفة الصريحة والسجن لأعضاءه بمن فيهم فداء الحوارني التي أُطلق سراحها العام الفائت. وإعلان دمشق ليس لديه برنامج تسلطي أو سلطوي وإنما يركز على خلق ائتلاف وطني ويؤكد على الالتزام بالتغيير السلمي. هذه من الأسباب وغيرها التي جعلتني أنضم.
الطائفية ليست مشكلتنا. الطائفية هي ضحية الاستبداد السياسي في سوريا. وهذا التفريق بين الطوائف والشيع هو منهج فرعون، والذي يمثل نموذج الطاغوت في الأرض، لأنه يكسر اللحمة الاجتماعية ويناحر بين الناس والطوائف حتى يستعبدهم. “إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم.” هذا هو مثل فرعون الذي يفرق بين الطوائف، كما تفعل كل الأنظمة الاستبدادية. “فرق تسد.” نتحدث عن الاستعمار وكيف يفرق بيننا؟ انظروا إلى ما فعلناه نحن ببعضنا. لم نكن هكذا. لقد عشنا في أرض سورية من أول التاريخ، بل إن الشعب السوري هو الذي اخترع الكتابة كما نجد في اللغة المسمارية، ليعلن الحرف رمزا لدخول الإنسان في التاريخ، ولقد عشنا شعوبا مختلفة وأديانا مختلفة في وئام وسلام. إن التعددية الدينية والطائفية والفكرية هي نقاط قوة الشعب السوري، وستكون عونا له في أن يخلق ديمقراطية رائعة متعددة الأطياف. المشكلة ليست الطائفية. الطائفية هي قوتنا وجذورنا وألواننا الجميلة. المشكلة هي في احتكار الامتيازات في أيد قلة من الناس على أساس حزبي وعسكري وتفرقة المجتمع إلى طوائف، وفرض السلطة قهرا، وغياب القانون. وفي السياق السوري، استحوذ حزب البعث على السلطة وجعل الشعب السوري شيعا يستضعف بعضهم بعضا. ويجب أن نفكر كثيرا بالأسباب التي جعلت قسما كبيرا ينافق لهذه الأحادية، ويجب أن نتساءل أيضا لماذا لا نفتح أبواب التوبة لمن أراد أن يغير رأيه ويعمل صالحا؛ من كل من قبل أن يعمل تحت راية البعث. بل يمكن للبعث أن يعيش بيننا إن لم يدّعِ الألوهية وقبل أن يكون واحدا من الأحزاب السورية، وبدون أن يستعمل السلاح والخوف والمخابرات لاقناعنا ببرنامجه. إن دمشق هي مدينة القديسين والأولياء. وأشهر قديس فيها هو بولس الذي كان يلاحق ويضطهد المسيحيين الجدد فرأى المسيح في رؤيا وهو في طريقه إلى دمشق فتاب وصار معهم. إن إعلان دمشق هو الطريق إلى دمشق. إنه طريق التوبة وطريق الأمل. أليست هذه القصة رمزا كبيرا لسورية بأن تدعوا كل أبنائها الذين أخطؤوا في حقها أن يتوبوا مثل القديس بولس.
والإسلام أيضا ليس مشكلتنا. حتى الإسلام الأصولي ليس مشكلتنا، وهو أصلا ارتكاس للخطاب الاستعماري ولاحقا للخطاب الاستبدادي المحلي. الأصولية خطاب ساذج بسيط يعبر عن حالة من الكبت والاحباط الجمعي وسيزول بمجرد أن يرتفع مستوى الحوار والتبادل الفكري. الإسلام بتعددياته الفكرية والروحية وتجلياته المختلفة على جميع المستويات حضارة عريقة متعددة الأوجه، وجزء من ذخر الإنسانية وأدبياتها. وفي ظل الديمقراطية لن يتمكن المتشددون من فرض آرائهم. وفي آخر النهار، هم أقربائنا وأصدقاؤنا وعلينا أن نتحاور معهم، وبدون اختلافات وحوار وشد وجذب لا يمكن لأي ثقافة أن تكون حية وثرية بعطاءات متنوعة. كلنا نجلس على ثقافات بألوان كثيرة نختار أن نقمع منها ما لا يناسب تيارنا. وهذه دمشق تجلس فوق قبر ابن عربي الذي قال عن نفسه إنه الرحيم مطلقا. أليس أولى أن نعلم أولادنا فلسفته الرحيمة وأدبه الرائع بدل أن ندرسهم أدب طواغيب التاريخ العربي. أكاد لا أقابل عربيا لا يحفظ خطبة الحجاج، وهو يهدد ويتوعد “إني أرى رؤوسا قد أينعت وحان قطافها وإني لقاطفها.” كيف ندرس هذا للأطفال؟ أو حتى لشباب بدون أدوات نقدية تحصنهم من مثل هذه الأمراض التراثية. وفي المقابل تخيلوا التحول في نفسية الطفل السوري وهو يدرس ويحفظ بعضا من شعر ابن عربي الذي يرقد جسده في سفح جبل قاسيون
لقد كنت قبل اليوم أدين صاحبي إذا لم يكن دينه إلى ديني دان
فقد صار قلبي قابلا كل صورة
فمرعى لغزلان، ودير رهبان
وبيت لأوثان، وكعبة طائف
وألواح توراة ومصحف قرآن
أدين بدين الحب أنى توجهت ركائبه
فالحب ديني وإيماني
علينا الآن أن نلحق بركائب جديدة وأن نغير وجهتنا، لأن الواقع ليس إلا إنعكاسا لما نؤمن به. لقد حان لنا أن نلحق بقافلة الديمقراطية والمساواة والتسامح، وأن تدخل سورية التاريخ مرة أخرى وتقف مع أمم العالم، وتحتكم إلى قوة الحرف، كما أدخل أجدادها البشرية إلى عهد الكتابة، بدل أن تحتكم إلى السلاح والرعب.
تعالوا نشفِ جراحنا، تعالوا نقف سوية في إعلان دمشق. وأنا الآن أنادي كل أطياف المجتمع السوري للإنضمام إلى إعلان دمشق في هجرتها إلى الديمقراطية، لأني أريد أن تشفى الجراح بدون أن نزيد في الجراح. إن الذين استولوا على السلطة قلائل، وقد قاموا بأخطاء، ونحن قمنا بأخطاء، حتى عندما سكتنا عن أمواتنا ومسجونينا فقد ساهمنا في هدر قيمة الفرد السوري. علينا أن نقف بصدق الآن، وأن يكون لكل سوري قيمة وحساب وأن لا يختفي سوري بدون أن تقوم الدنيا وتقعد.
وكلنا نعرف أنه بعد الآلام نخفي الحقد في قلوبنا ونصفق ونهتف نفاقا. أين العقلاء فينا؟ أليس منكم رجل رشيد؟ تعالوا نشفِ أمراض القلوب، ونخرج من كل التشوهات واختلالات القوى التي نعيشها، ونحول بلدنا إلى الديمقراطية والحرية والعدالة بدون أن يخسر أحد شيئا، ويربح الجميع.
هذه محنة كبيرة للشعب السوري. كيف ننجو من هذا التحدي السياسي؟
إن التوجه الحقيقي والفعلي نحو الديمقراطية والإفراج عن سجناء الرأي وإنهاء حالة الطوارئ وإعادة تعديل الدستور، والسماح بالأحزاب وحرية التعبير والقيام بانتخابات نزيهة لكفيلة بأن تشفي كثيرا من جراحنا إن لم تكن كلها. تعالوا نختار الحياة ولا نختار الموت. نختار الحلول ولا نختار الدم. نختار الصدق ولا نختار النفاق. نختار الرحمة ولا نختار الانتقام. تعالوا نفكر بطرق تشفي جراحنا. هل نعمل لجان مصالحة؟ أم لجان توبة وعمل مدني؟ أم هل سنضطر أن نتحاكم إلى القانون الدولي؟ ماذا نفعل حتى نشفي أنفسنا أمام هذه العاصفة الديمقراطية القادمة، لأنها قادمة لا محالة؟ إننا مسؤولون أمام التاريخ. وكل من عنده شعور بالإنسانية في هذه اللحظات مطالب بأن يساعد هذا البلد الصغير الجريح لأن يشفي الطرفين. يجب أن نتنافس ونتسابق في التفكير والخروج من هذا المأزق الذي وضعنا أنفسنا فيه باختياراتنا الخاطئة، سواء من وقف في وجه السلطة بالعنف، أو من ساهم مع بطش السلطة. عندنا اعتذارات كثيرة لنقدمها لبعض. لا يستحق أحد أن يعيش مثل الحياة التي يرزح السوريون تحت وزرها سواء كانوا ظالمين أو مظلومين. إن كلا الحالتين هو تشوه للإنسان، لأن الإنسان السوي يعيش خارج هذين القالبين. وهذا النموذج الثالث الذي عنده مناعة ضد أن يكون ظالما أو مظلوما. فكلا من ظاهرتي الظالم والمظلوم وجهان لمرض واحد. ولذلك يضع القرآن الجهتين في النار، لأن هذه الازداوجية في المجتمع تحول الحياة فيه إلى جهنم. كيف نكسر هذه الحلقة المفرغة، ونخرج من الجحيم الذي وضعنا أنفسنا فيه؟ كيف نلحق بقطار التاريخ في سوريا بدل أن تهرسنا دوليبه؟
إن السيد المسيح من الشرق الأوسط وأمه مريم اصطفاها الله على العالمين. ورسالته الشافية لم نفهمها بعد. كيف نفهم عبقرية نزلت في خضم الإكراه والمعاناة. طفل بلا أب في وجه حضارة ذكورية. رجل يقول أحبوا أعداءكم، ومن لطمك على خدك الأيمن أدر له الآخر، في وجه حضارة عسكرية. يكفي فخرا لسوريا بأن الآرامية، لغة المسيح الأصلية، ما تزال حية فيها، والآن نحتاج أن نحيي معانيها من جديد. وإني كمسلمة أفخر أن تكون المسيحية حية على أرضنا، بل وأتمنى أن تزدهر فيها، وتنتشر تعاليم المسيح مرة أخرى من الشرق الأوسط لتعيد تعليم الغرب والشرق أقدس شيء في الناموس ضيعناه كلنا؛ العدل والرحمة والمحبة. “طوبى للودعاء لأنهم يرثون الأرض… طوبى لأنقياء القلب… طوبى لصانعي السلام لأنهم أبناء الله يُدعون. طوبى لكم إذا عيروكم وطردوكم وقالوا عليكم كل كلمة شريرة…أحبوا أعداءكم، باركوا لاعنيكم، أحسنوا إلى مبغضيكم، وصلّوا لأجل الذين يسيؤون إليكم ويطردونكم… لأنه إن أحببتم الذين يحبونكم فأي أجر لكم؟ أليس العشارون أيضا يفعلون ذلك؟”
لا يمكن أن نعيش على هذه الأرض بدون هذه القيم. وخاصة في بلد مثل سوريا. ويكفينا فخرا بأننا حديقة جميلة. فنحن أكراد، ومسيحيون، وسنة، وشيعة، وعلويون، ودروز، وشركس، وأرمن، ويهود، وألبان، وأتراك، وسيريان، وآخرون. إن كل هذه الطوائف والملل والنحل في سوريا لهي دلالات أن الشام العريقة لم تستأصل المختلفين أو تهجّرهم. بل تعايشوا مع بعض، والدليل أنهم لا يزالون موجدين.
الثورة في المنطقة الآن هي ثورة الحرية والصدق والكرامة الإنسانية، ثورة لاعنفية مسالمة تقول كفاية في القاهرة، وكفى في دمشق.
كفى! كفى للدكتاتورية والصنمية والجهل. كفى للصمت والنفاق والكذب والغدر.
وأنا على مذهب ابن آدم الأول الذي قال لأخيه، “لئن بسطت يدك إلي لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين.” إن خوفي من ارتكاب الخطأ أشد من خوفي من الموت، لأن الموت حتمي ولكن الخطأ في حق الآخرين اختياريّ حتى وإن هُددت حياتنا. ولذلك لا أؤمن بالدفاع عن النفس ضد أخي. إن أراد أحد أن يقتلني فهذه جريمة يحمل هو وزرها. ولكن إن دافعت عن نفسي فهي معركة كل طرف فيها حريص على تصفية الآخر. أليس من الجميل أن لا ننظر إلى الآخر لتحديد موقفنا كارتكاس بيولوجي، وأن نحدد موقفنا من طرفنا كاختار أخلاقي؟ وأن نعيش على هذا الكوكب الجميل ونغادره بدون أن نكون قتلنا أحدا، حتى لو قتلونا، لأننا سنغادره بكل الأحوال. هذه هي الحرية. لا يمكن لأحد أن يقهرنا لفعل أي شيء لا نريد ارتكابه، حتى لو هددونا بالقتل. فالموت أرحم من فعل الخطأ. ولهذا أفاق السحرة من غفلتهم. حتى عندما هددهم فرعون بالتعذيب والقتل وقال لهم “فلأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم في جذوع النخل ولتعلمن أينا أشد عذابا وأبقى،” قالو له: “إقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا” لم يعودوا يبالون بأي تهديد دنيوي. لقد استيقظت الحرية والكرامة والرحمة فيهم، ولذلك قالوا: “إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السحر والله خير وأبقى. إنه من يأت ربه مجرما فإن له جهنم لا يموت فيها ولا يحيى، ومن يأته مؤمنا قد عمل الصالحات فأؤلئك لهم الدرجات العلى.”
يمكنك أن تقتلني لكن لا يمكنك أن تحولني إلى قاتل!
عندي أمل كبير في أن ينضم إلينا سحرة النظام، وأن يستيقظوا معنا ويرفضوا بعد اليوم ما أُكرهوا هم عليه خوفا، فسحروا الناس واستعبدوهم بحبالهم وعصيهم ورشاشاتهم. عندي أمل كبير في أن يستيقظوا من لعبة الإكراه حتى يعودوا معنا إلى الحياة الكريمة، ويرفضوا مقابلة الموت وهم مجرمين.
هذا نداء لنا جميعا، لكل الناس، للسحرة، للمخابرات، لأعضاء الجيش، للطلاب، للمثقفين، للأمهات، ونداء لبشار الأسد أيضا ولكل من حوله. هذا نداء لكل أفراد المجتمع السوري. كفانا خوفا، كفانا حقدا، كفانا غدرا. تعالوا نبدأ رحلة الإنسان الكريم، الذي يقول الحق ويرفض رفع يده ضد أي إنسان آخر.
لقد نادى خالي جودت سعيد بهذا المذهب قبل خمسين عاما، مذهب ابن آدم الأول، أي مذهب الأخ الذي رفض الدفاع عن نفسه أمام تهديد أخيه بالقتل. إنه مذهب الإيمان بالحق، ورفض الاتكال على أي أذية لدعم الحق. ولقد آن لهذه البذرة أن تنمو. فالحق يقف أعزلا وهو أكثر جمالا وبلاغة وقوة ليحتاج لأي بشاعة تدافع عنه. لا يرتضي حتى الكلمة العنيفة. الحق أنيق مستقل بنفسه. ولهذا قال الله لموسى وأخيه “إذهبا إلى فرعون فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أويخشى.” ولهذا أحب أن أدعو كل أعضاء إعلان دمشق بأن نلزم أنفسنا بالعمل السلمي والقول اللين من طرف واحد في هجرتنا نحو الديمقراطية، وأدعوا كل من يؤمن بهذا المبدأ أن يدخل معنا في هذا الحلف السلمي الديمقراطي التعددي حتى ننجو سوية بأكبر النتائج وبدون خسائر.