
عمت المدن السورية تظاهرات مطالبة بالإصلاحات وإطلاق الحريات،تحدثت مصادر حقوقية عن سقوط أربعة قتلى، وقالت أخرى أنهم ثمانية، فيما رفعت تقديرات غير مؤكدة العدد إلى 16 وأصيب العشرات بنيران قوات الأمن في درعا ودوما (التابعة لمحافظة ريف دمشق)، كما شارك أهالي مدينة القامشلي (شمال شرق) التي يشكل الأكراد أغلبية السكان فيها للمرة الأولى منذ اندلاع موجة الاحتجاجات التي تفجّرت في 15 مارس الماضي.
وقال رئيس اللجنة الكردية لحقوق الإنسان (رافض) الناشط رديف مصطفى إن «مئات الأشخاص تظاهروا في القامشلي ومثلهم في عامودا (700 كيلومتر شمال شرق دمشق) مطالبين بإطلاق الحريات». وأشار إلى إنها «المرة الأولى التي تجري فيها تظاهرات» في هذه المنطقة منذ بدء التجمعات في سوريا في 15 مارس.
وأضاف مصطفى أن المتظاهرين رفعوا لافتات كتب عليها «نحن دعاة الحرية لا دعاة الجنسية فقط» وهتفوا «حرية وبس» و«سلمية سلمية». وتابع أن «قوات الأمن لم تتعرض لهم، إلا أن بعض سائقي الدراجات (موالين) قاموا باستفزاز المتظاهرين، مما دعاهم إلى التفرق تفاديا للانزلاق إلى صدامات». وأشار إلى تظاهرة في الحسكة (600 كيلومتر شمال شرق دمشق) قام بها نحو 200 شخص. وأوضح أن الأمن قام بتفريق هذه التظاهرة «بدون حدوث اعتقالات».
وتأتي هذه المظاهرات غداة إعلان السلطات السورية نيتها دراسة أوضاع حوالي 300 ألف كردي محرومين منذ نصف قرن من الجنسية السورية.
قتلى وإصابات
من جهة أخرى، قال ناشط سوري في دمشق إن 12 شخصا على الأقل قتلوا في مدينتين سوريتين خلال الاحتجاجات.
وقال الناشط، الذي طلب الإشارة إليه باسم «هادي»، لوكالة الأنباء الألمانية عبر الهاتف، إن هناك تقريرا أوليا بشأن مقتل 10 أشخاص في درعا واثنين آخرين في دوما، مشيرا إلى أن جميعهم قتلوا برصاص قناصة.
في السياق، أكد شاهد عيان ان ستة أشخاص على الأقل قتلوا وأصيب العشرات بنيران قوات الأمن السورية خلال تظاهرات في مدينة دوما.
وقال الشاهد عبر الهاتف ان متظاهرين قاموا بعد خروجهم من مسجد دوما بعد صلاة الجمعة بإلقاء الحجارة على قوات الامن التي ردت بإطلاق النار عليهم. وأفاد ان عدد القتلى قد يتجاوز العشرة إلا أنه أورد اسماء اربعة اشخاص فقط عرفت هويتهم وهم ابراهيم المبيض واحمد رجب وفؤاد بلة ومحمد علايا. واضاف «سقط أيضا عشرات الجرحى وقامت قوى الامن باعتقال العشرات كذلك».
واكد الشاهد ان نحو ثلاثة آلاف شخص خرجوا من عدة جوامع في دوما للتظاهر بعد صلاة الجمعة، وأن قوات الامن قامت بإطلاق الغاز المسيل للدموع بكثافة لتفريقهم قبل اطلاق النار. واضاف ان معظم السكان قاموا بالاحتماء في البيوت، وان قوات الامن نشرت قناصة فوق البنايات يقومون بإطلاق النار على كل من يخرج الى الشارع.
تظاهرات في درعا واللاذقية
من جهة اخرى، قام آلاف المحتجين بالتظاهر امام القصر العدلي في درعا (جنوب)، مطالبين بإطلاق الحريات و«الوحدة الوطنية».
وكان 30 شخصا على الاقل كما تقول السلطات، و55 حسب منظمة العفو الدولية واكثر من 70 حسب هيومن رايتس ووتش و130 كما قال ناشطون، قتلوا في درعا التي شكلت مركز الاحتجاج منذ 18 مارس.
وفي حي الصليبة في اللاذقية شمال غرب سوريا وابرز مرافئ البلاد، تظاهر نحو 200 شخص من دون ان تتدخل قوات الامن لتفريقهم، حسبما اعلن ناشط لوكالة «فرانس برس».
وكان 13 مدنيا وعسكريا ومحتجان اثنان قتلوا في اللاذقية وجرح 185 شخصا مطلع الاسبوع عندما اطلق مجهولون متمركزون على اسطح مبان او على متن سيارات او سيرا على الاقدام، النار بطريقة عشوائية او اعتدوا بالسلاح الابيض على سكان.
احتماء المساجد
من جهة اخرى، اكدت مجموعة من المحتجين تضم نحو 600 شخص انها اغلقت على نفسها باب مسجد في منطقة كفرسوسة في دمشق، حيث كانت تؤدي الصلاة، خشية من اعتداء رجال الامن عليهم.
وافاد احد المعتصمين في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس ان «هناك نحو 600 شخص في الجامع يخشون الخروج خوفا من اعتداء رجال الامن عليهم، بعد ان حاولت مجموعة من المصلين التظاهر والمطالبة بالحرية». واضاف «حاول البعض التظاهر بعد الانتهاء من الصلاة وهم يهتفون «سلمية سلمية» الا ان بعض رجال الامن اعتدوا عليهم فعادوا ادراجهم الى الجامع وأقفلوا الباب للاحتماء».
قال شاهد عيان ان قوات الامن السورية وموالين للنظام ضربوا محتجين بالعصي أثناء مغادرتهم مسجد الرفاعي في حي كفر سوسة في دمشق بعد صلاة الجمعة.
وكان نحو 200 شخص قد أخذوا يرددون هتافات تعبر عن التأييد لمدينة درعا الجنوبية، حيث تفجرت احتجاجات ضد حكم البعثيين قبل أسبوعين.
وقال الشاهد لرويترز في اتصال تليفوني من مجمع المسجد ان ستة محتجين على الاقل اعتقلوا وان عشرات أوسعوا ضربا لدى خروجهم من المسجد.
الرواية الرسمية
اكدت وكالة الانباء السورية في سابقة ان بعض «المصلين» خرجوا في اللاذقية ودرعا داعين الى «تسريع إجراءات الاصلاح»، واشارت الى عدم حدوث «احتكاكات» بين هؤلاء المصلين وقوى الامن.
وأوضحت الوكالة ان «عددا من المصلين خرجوا في بعض جوامع مدينتي درعا واللاذقية مرددين هتافات تحية للشهيد وتدعو لتسريع اجراءات الاصلاح». ونقلت عن مراسليها انه «لم تحدث احتكاكات بين المصلين وقوى الامن في هذه التجمعات».
كما ذكرت الوكالة ان ساحات عدد من الجوامع شهدت في بعض المحافظات عقب صلاة الجمعة تجمعات للمصلين الذين رددوا هتافات تدعو الى «التمسك بالوحدة الوطنية والحفاظ على الامن والاستقرار في سوريا ووأد الفتنة».
واشارت الوكالة الى ان المصلين «أدوا صلاة الجمعة في اجواء سادها الحرص على عدم اثارة الشغب او الاساءة لأمن الوطن والمواطنين والتي اكد عليها خطباء الجمعة في هذه المساجد». واعتبر الخطباء ان «وأد الفتنة يعد واجبا شرعيا ودينيا ووطنيا، وان سوريا تتعرض لمؤامرة حقيقية على الجميع الوقوف بوجهها»، بحسب سانا.