بينما تعمل مصر بدأب من أجل حشد تعاون عالمي يدعمها في مواجهة مشكلة المياه التي تقودها إثيوبيا وإذا بالإمارات تتجاهل تقديم أي دعم سياسي للشقيقة الكبرى في المواجهة الراهنة بل كسرت حاجز الصمت بتقربها لإثيوبيا وتلكأت في إعلان دعمها الصريح لحقوق مصر المائية في الأزمة بل أرسلت الخميس طائرة مساعدات تحتوي على 46 طنا من المواد الغذائية والمستلزمات الصحية إلى إثيوبيا، معللة، في بيان رسمي، القرار بأنه يأتي في إطار “توجيهات القيادة الرشيدة” للدولة بتقديم المساعدات الإنسانية والتنموية للشعوب الشقيقة والصديقة. وقد سيطرت أزمة السد على معظم اهتمامات الصحف والكتاب، وتواصل الهجوم على الحكومة الإثيوبية، وطالب كثيرون الرئيس السيسي بالخطوة التالية المتمثلة في تحديد موعد نهائي للرد بقوة على تعنت الإثيوبيين في الرضوخ للمطالب المشروعة لشعبي وادي النيل. وأشاد كتاب بموقف السودان حكومة وشعباً بالنسبة للتهديد الوجودي الذي تتعرض له القاهرة والخرطوم. وأعرب آخرون عن دهشتهم من الدور شبه الغائب للجامعة العربية بشأن الصراع على مياه النيل والعجرفة الإثيوبية. ومن الموضوعات التي اهتمت بها صحف “الجمعة” الاستعدادات الأخيرة لنقل مومياوات ملوك الفراعنة لمتحف الفسطاط. وحرصت الصحف كذلك على إبراز الدور الذي تقوم به الحكومة لتوفير السلع الغذائية قبيل شهر رمضان حيث وجه الدكتور علي المصيلحي وزير التموين والتجارة الداخلية، مديريات التموين بعمل غرفة عمليات رئيسية بديوان كل مديرية وأخرى فرعية في الإدارات التموينية، لمتابعة استمرار الحالة التموينية وتلقي شكاوى المواطنين وفحصها واتخاذ اللازم لإزالة أسبابها. كما شدد المصيلحي على ضرورة تكثيف الحملات الرقابية والمتابعة من كل الجهات التابعة للمديريات على توفر وأسعار وجودة جميع السلع وخاصة الهامة والضرورية منها في الأسواق، وكذلك فروع الجملة والمجمعات الاستهلاكية ومنافذ صرف السلع التموينية، وكذلك توفر أسطوانات الغاز والمواد البترولية بكل أنواعها. ومن أبرز القضايا التي اهتمت الصحف بها انتخابات نقابة الصحافيين حيث أعرب العديد من الكتاب عن مخاوفهم بسبب تردي أحوال المهنة ومن يعمل بها إذ يواجه الصحافيون خيارات قاسية وتهديدات اقتصادية بالغة السوء بسبب الأوضاع شديدة القسوة التي تحيط بصاحبة الجلالة.
اختبار صبر مصر
الحديث الذي ذكره الرئيس عبدالفتاح السيسي بشأن سد النهضة، بمناسبة الاحتفاء بأبناء مصر الذين نجحوا في تعويم سفينة الحاويات الجانحة في عرض قناة السويس الثلاثاء الماضي، بدا من وجهة نظر عمرو هاشم ربيع في “الشروق”، كما لو كان أقوى العبارات المستخدمة منذ أن بدأت المفاوضات حول سد النهضة، وهي المفاوضات التي سعت إثيوبيا أن تتعامل معها كما يتعامل المفاوض الصهيونى بشأن القضية الفلسطينية، أي إدخال الأطراف المعنية في مفاوضات لا تنتهي، وحصارهم في أزمة وقت، رغم كون الخصم هو الطرف المعتدي، هناك في المستوطنات القائمة على أرض أصحابها، وهنا بالملء المتتالي للسد في زمن محدد وبكميات طموحة. واعترف الكاتب بأن حديث السيسي كان تحذيرا من النوع شديد اللهجة القريب من التهديد، ما جعل الآخرين ينصتون إليه، ويقارنون بينه وبين جدية كلامه في 20 يونيو/حزيران 2020، بالحديث عن خط سرت ــ الجفرة في مسألة الصراع الليبي، وإقدام تركيا على جلب مقاتلي “تنظيم الدولة” (داعش). يومها نجحت مصر بدعم من القبائل الليبية في تأكيد وجهة نظرها، وتوقفت تركيا عن استفزازاتها، واختبارها لصبر مصر الذي كاد ينفد. اليوم بدا الأمر كما لو كان رفضًا تامًا للتلاعب الإثيوبي بالوقت، بأن جعل الطرف المصري الوقت في غير صالح إثيوبيا، أي أن الورقة المستخدمة كسلاح إثيوبي ظهرت كورقة ضغط عليه. خاصة بقول الرئيس بعد كلامه عن استحالة إنقاص حصة مصر من المياه “اللي عايز يجرب فليجرب”.
آفة الاستعلاء
عمرو هاشم ربيع في “الشروق” أكد أن صبر المصريين لا يبدو أنه أمر مرتبط بالخشية من رد الفعل الدولى مع أي إجراء عنيف تقوم به مصر، قدر ما هو الخشية من رد الفعل الأفريقي إزاء ذلك. فمصر استطاعت على مدى الأشهر القليلة الماضية أن تكسب عطفًا دوليًا تجاه موقفها، لا سيما بعد أن رفضت إثيوبيا علنًا التوقيع على مذكرة التفاهم عقب المفاوضات التي عقدت برعاية أمريكية، وتنصلت منها في اللحظة الأخيرة، بعدها أعلن الرئيس الأمريكي السابق ترامب أن من حق مصر قصف سد النهضة. الموقف الأفريقي هو عكس ذلك، فوجود إثيوبيا في قلب هذا الموقف قوي للغاية، والدق الدائم من قبلها على رغبة مصر في الهيمنة على مياه النيل، ومنع إثيوبيا من تنمية مواردها المائية، وحديثها عن رفضها لتمسك مصر بالميراث الاستعماري والاتفاقات التي خلفها، كلها بضاعة سائغة في البلدان الأفريقية. وإذا أضيفت لكل ذلك الورقة القديمة، التي تشكل عقدة في أذهان العديد من الأفارقة، وهي تعامل الآخرين معهم بعنصرية واستعلاء لوني، لاستكملت عملية الحشد والتعبئة والشحذ العنصري الذي تقوده إثيوبيا تجاه البلدان جنوب الصحراء. كل ما سبق من أمور وسياسات إثيوبية يتم في ضوء الإعلان الدائم عن تمسكها بالمفاوضات تحت مظلة الاتحاد الأفريقي وحده، ما يجعل هناك حجة أخرى لكسب تعاطف بلدان أفريقيا مع موقفها. ورأى الكاتب أن مصر بالمقابل نجحت منذ خمس سنوات في تجاوز مأساة 30 يونيو/حزيران 2013 أفريقيا، فمقاطعة أفريقيا لمصر بعد أشهر مرت بنجاح، ولا ترغب مصر بالتأكيد في إعادة الموقف الأفريقي إلى ما كان عليه. وتوقع هاشم أن منطق المفاوضات سيتغير في الأيام المقبلة.
أشقاء… ولكن
توجه عبد القادر شهيب بالشكر للدول العربية التي أعلنت مساندة مصر والسودان في أزمة سد النهضة الإثيوبي. لكن بعد الشكر همس معاتباً بعض هذه الدول في “فيتو”: إن إعلان المساندة دبلوماسيا وحده لا يكفي، خاصة وأنها تملك أن تساندنا عمليا. فهي لديها علاقات اقتصادية واستثمارات في إثيوبيا يمكن أن تكون من أوراق الضغط على الحكومة الإثيوبية حتى تتوقف عن المماطلة والمراوغة وتمضي معنا نحن والسودان في مفاوضات جادة تنتهي بإبرام اتفاق قانوني ملزم بخصوص ملء وتشغيل السد. بل إن إحدى هذه الدول العربية أعلنت مؤخرا إنها سوف تقوم باستثمارات جديدة في إثيوبيا فوق ما تستثمره الآن فعلا. إن مجرد إعلان تصريحات وبيانات رسمية عربية تتضمن مساندة مصر والسودان في هذه الأزمة أمر مهم ومؤثر، خاصة وأننا مقبلون على مفاوضات جديدة، كما أعلن الرئيس السيسي، من أجل التوصل إلى هذا الاتفاق القانوني الملزم، ولذلك نشكر أصحابها عليه. لكننا نقول لهم إن ذلك لا يكفي.ونحن بالطبع لا نريد توريط أحد في نزاع ستكون نتائجه وخيمة على السلم والأمن الدوليين وعلى استقرار وأمن منطقتنا، وإنما لا نتصور أن تمضي علاقات الأشقاء العرب مع إثيوبيا في صعود، بينما تلحق إثيوبيا الأذى والضرر بنا نحن والسودان. فكيف يستقيم ذلك؟ خاصة وأن تهديد حياة المصريين والسودانيين هو تهديد لحياة بقية العرب.
على وجه السرعة
طالب أحمد رفعت في “فيتو” بالدعوة إلى قمة عربية مؤكداً أن هذه الخطوة تعني رسالة للعالم أن هذه الكتلة من الدول تدعم الموقف المصري السوداني في أزمة السد الإثيوبي. فإذا تعذر عقد القمة فليكن مجلسها الوزاري المكون من وزراء الخارجية! الشرط الوحيد للقمة هو ضمان انتهائها بإجماع يؤيد مصر والسودان. أقل من الإجماع سيكون سيئا ! خلال العام الماضي لم يزر مصر ضيف واحد إلا وشرح المسؤولون المصريون له تفاصيل الأزمة مع إثيوبيا والأمر نفسه تم مع الدول التي زارها الرئيس أو وزير الخارجية ولذلك يكون مفيدا أن ترسل مصر وفودها إلى الدول ذات الثقل الدولي والإقليمي التي لم يزر مصر أحد مسؤوليها أو لم يزرها أحد من مصر لشرح أبعاد الأزمة وخطورتها والموقف المصري منذ بدايتها وكيف أراد تحويلها إلى تعاون في مجالات توليد الكهرباء والبيئة والري لكن إثيوبيا أفشلت كل ذلك بموقفها المخالف للقوانين الدولية ولمعاهداتها واتفاقياتها والتزاماتها كبلد شريك في نهر واحد يعبر دولا عدة ! اعترف الكاتب بأن الدبلوماسية المصرية كلسان حال مصر لعبت دورا كبيرا في الفترة الماضية بذلت خلالها جهودا جبارة. لكن كان ذلك في إطار “الخيار الأول” الذي أشار إليه الرئيس السيسي. أما الانتقال إلى خيارات أخرى قد تربك المنطقة بكاملها، كما قال الرئيس أيضا، يستلزم تحركا آخر بدرجة لا تمهد المسرح لأي خيارات أخرى فحسب وإنما تمنع استثمار هذا الخيار ا ضد مصر، وهذا لا يتم إلا بدعم دولي كبير لحقوقنا!
الرسالة وصلت
يرى الدكتور محمود خليل قي “الوطن” أن الرسالة التي فحواها “لا تفريط فى نقطة واحدة من ماء النيل” لم تصل إلى إثيوبيا وحدها. بل بلغت أيضاً آذان كل من يهمه الأمر في أفريقيا وأوروبا وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية وجميع المراكز الأخرى المهمومة بالأمن والسلم الدوليين. وحذر الكاتب إثيوبيا وجميع العواصم العالمية ذات الصلة أو المهمومة بالاستقرار فى القارة السمراء بأنه عليها أن تستوعب أمرين الأول أن «ماء النيل» قضية شعبية تهم كل صغير وكبير من المصريين، رجالاً ونساء، فلاحين وعمالاً وطلبة وموظفين. كل مصري على أتم استعداد لأن يدفع أي أذى قائم أو متوقع على مياه النيل. النيل في نظر المصريين هو جوهر حياتهم وسر ميلاد الدولة التي يعيشون فوق ترابها. إنها نظرة متجذرة منذ آلاف السنين.
سبع عجاف
الأمر الثاني الذي على العالم أن يدركه، كما نص الدكتور محمود خليل في “الوطن”، فيتعلق بالنيل كمصدر شرعية لأي حاكم يحكم. فكل من تداول على حكم مصر منذ عصر الفراعنة وحتى الآن يعلم أن الحفاظ على النيل والماء المتدفق فيه هو جوهر شرعيته. ولعلك تعلم أن فترات الاهتزاز فى حكم مصر اقترنت بشح ماء النيل. يحكي التاريخ في هذا الإطار حكايات توجع القلب حول ما كان يعانيه الأجداد في فترات الجفاف (وهي 7 سنوات يسبقها سبع سمان). انهار حكم الفاطميين لمصر الذي تواصل لأكثر من قرنين من الزمان بسبب جفاف النيل فى عهد المستنصر بالله (الشدة المستنصرية)، وفي عصر حكام المماليك كان شح النيل كفيلاً باهتزاز الأرض أسفل أقدام الأمراء والولاة مهما بلغت قوتهم. منذ أن شرعت إثيوبيا فى بناء سد النهضة وثمة حالة من القلق تنتاب المصريين جميعاً، الكل كان يتابع المحطات المختلفة التي مرت بها رحلة المفاوضات التي بدأت منذ عام 2012 وتواصلت بعده، وكان يلاحظ حالة «التعثر» التي تمر بها والنتائج المحبطة التي كانت تنتهي إليها في كل جولة، سواء الجولات التي ضمت الأطراف الثلاثة، أو الجولات التي تدخل فيها طرف رابع بالوساطة مثل الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأفريقي. أكد الكاتب أن المصريبن كانوا يراقبون الأداء الإثيوبي المراوغ والعنيد. ارتج أغلبهم وهم يشاهدون تداعيات الملء الأول (5 مليارات متر مكعب) على دولة السودان وتوقف محطات الشرب هناك، تابعوا بعدها استمرار المماطلات والمراوغات الإثيوبية، فأصبح التوجس من المقبل يحكم نظرتهم إلى الأمر. ليس أمام إثيوبيا حالياً إلا أن تستجيب لصوت العقل وتوقع على اتفاق ملزم فيما يتعلق بآلية الملء والتشغيل مع القبول بآلية دولية محددة في حالة وقوع منازعات بين الدول الثلاث.
فلنفرح بحذر!
من بين السعداء في “الوفد” عبد العظيم الباسل الذي عدد أسباب فرحه والكثيرين: حالة من الفخر عاشها المصريون بعد تعويم السفينة البنمية «الجانحة» في قناة السويس، وما تلاها من تصريحات نارية أطلقها الرئيس السيسي، محذرا بأن المساس بمياه النيل خط أحمر. ها هو يحذر للمرة الثالثة مؤكدا أنه لا تفريط في نقطة مياه واحدة من مياه النيل، ومن «يريد يجرب فليجرب».هذه الرسائل الواضحة التي أطلقها خلال زيارته لمجرى القناة بعد تعويم السفينة، جاءت بمثابة طمأنة للعالم على سلامة شريانهم الملاحي، وإبراز قدرة المصريين على إدارته، الذين تمكنوا بسواعدهم الوطنية من تعويم السفينة بعد ستة أيام عجاف، نشرت خلالها الدعاية المغرضة والأبواق الإعلامية المشبوهة اليأس والإحباط، مبشرة باستمرار الأزمة لأسابيع. لكن إرادة المصريين وثقتهم في أنفسهم وقيادتهم أنهت الأزمة، وجنبت التجارة العالمية خسائر فادحة حيث يمر بها 13٪ من حجم التجارة الدولية، وستبقى خسائر الأيام الستة محل تعويض من جانب شركات التأمين، بعد إنهاء التحقيقات حول أسباب «شحوط» السفينة. من هنا جاءت تصريحات الرئيس في توقيتها تماما بعبارات دقيقة ولغة محسوبة، من قيادة سياسية حكيمة تفرق تماما بين التحذير والتهديد والإنذار، يوضح ذلك الرسائل الحاسمة التي أطلقها الرئيس من فوق سطح مياه القناة في تلغرافات سريعة لكنها تحمل معاني كبيرة، ومن أبرزها أن مصر لا تهدد أحدا، ومازلت تتمسك بمعركة التفاوض فهو خيارها حتى الآن، ساعية للتوصل لاتفاق حول سد النهضة، من خلال المواثيق والاتفاقات الدولية للمياه، وإعلان المبادئ الثلاثي عام 2015 الذي حدد سنوات ملء السد الاثيوبي، وطريقة تشغيله بإدارة ثلاثية بين مصر والسودان واثيوبيا. ومن الرسائل التي ألمح إليها الرئيس أنه لا أحد بعيدا عن قدرات مصر ورد فعلها، الذي سيؤثر على المنطقة بالكامل حال المساس بحصتها من المياه.
لنستعد للمهمة
نبقى مع قضية الساعة بصحبة سليمان جودة في “المصري اليوم”: كان الرئيس يتحدث هذه اللهجة الجديدة تماماً عن سد النهضة، ولسان حاله يردد آية القرآن التي تقول: «كُتب عليكم القتال وهو كُره لكم». وكان الرئيس بما قاله عن الخط الأحمر الذي تمثله حصتنا في ماء النهر الخالد، يتحصن بالوضوح المطلوب والقوة الواجبة والحذر الذي لا بد منه، وكان يذهب إلى منطقة لم يكن يريد الذهاب إليها. لولا أن سلوك الطرف الآخر في إثيوبيا لم يترك فرصة لا لحوار، ولا لتفاوض مثمر، ولا لجلسات نقاش مؤدية إلى نتائجها! وقد كانت هذه هي المرة الثانية التي يستخدم فيها الرئيس عبارة الخط الأحمر، لعل الطرف الآخر ينتبه بكل حواسه إلى ما يتعين عليه أن ينتبه إليه. فمن قبل كان محور (سرت – الجفرة) في ليبيا خطا أحمر، وكان رأس الدولة يعلنه في وقته وهو يعني ما يقول. ويرى الكاتب أن التحول الحادث في الأراضي الليبية هذه الأيام يعود، في جانب كبير منه، إلى أن القاهرة رسمت خطا على الأرض هناك، ثم دعت كل من يقترب منه إلى أن يحترس!
تخطي الصعاب
أعاد التاريخ نفسه لتعلن مصر للعالم أجمع كما أوضحت دينا شرف الدين في “اليوم السابع” أنها قادرة على تخطي الصعاب وتعلن هيئة قناة السويس عن إبحار السفينة الجانحة التي عرقلت مسار القناة التي هي شريان العالم الحي مدة أسبوع من الزمان كان حديث الدنيا من مشارقها لمغاربها، ما بين مهتم لهذا الحدث الذي عطل مصالحه وآخر شامت بالأزمة مخبئاً ابتسامته الخبيثة، متمنياً تفاقمها واستمرارها، مشككاً بقدرة مصر على حلها، مستهزئاً بطرق ومعدات هذا الحل. تماماً مثلما أعلن السادات عن عودة الحياة لقناة السويس بعد نجاح إبحار السفينة الجانحة في القناة آنذاك. فما بالكم :أيها الساخرون من معدات الطوارئ المصرية وما بال صيحاتكم التي ملأت الفضاء الإلكتروني بأن الأزمة ستستمر لأشهر وربما لن تنحل، وما بال مقترحاتكم لمشروعات بديلة لقناة السويس فالآن قد ثبت للعالم أجمع قدرة المصريين على قهر الصعاب بأوقات الشدائد والملمات، فلم يخسر المصري رهاناً أبداً وهذا ما تجلى بالعملية الجراحية البحرية التي أبحرت السفينة العالقة ليتنفس اقتصاد العالم من جديد. فهؤلاء هم المصريون الذين أتتهم الفكرة منذ آلاف السنوات لقهر المسافات وربط العالم شرقه بغربه مرات عدة على مر التاريخ بداية من قناة (سيزوستريس) 1850 قبل الميلاد إلى قناة السويس الجديدة، لإعادة رسم خريطة اقتصاد العالم شاء من شاء وأبى من أبى.
عيش أو حرية!
ليست انتخابات نقابة الصحافيين، كما أصر عمار علي حسن في “المصري اليوم”، شأنًا داخليًا فالصحافة الحرة تعود على جميع الناس بالخير، وكذلك على أصحابها. هناك مَن يرى أن الدور الأول للنقابة هو الدفاع عن هذه الحرية، وهناك مَن يراها مكانًا لتقديم خدمة لأعضائها، لكن ها هي الأيام تثبت أنه حين غابت الحرية، أو تراجعت، أُغلقت الكثير من المنابر، فضاق عيش الصحافيين. من أجل هذا الفهم المستقر فيي ذهني، تابع الكاتب : كنت أصوت دومًا لصالح المدافعين عن حرية الصحافة واستقلالها، والارتقاء بالمهنة، وهو ما سأفعله في الانتخابات الحالية، ولاسيما في أيامنا هذه، التي تحتاج فيها حرية الصحافة إلى منافحين عنها، وموالين لها، ومُضحِّين من أجلها. لن أكون بعيدًا أبدًا عما اعتدت القيام به إن اخترت هؤلاء، فوجودهم في المجلس ضرورة كي يستقيم الأمر، وتتوازن النقابة في أداء دورها بين حرية لا تخاصم الخدمة، بل تكون هي بابها الأكرم، وخدمة لا تكون على حساب الحرية، ومع الاثنين يكون تطوير المهنة ضرورة، بعد أن ضربتها عوامل تعرية كثيرة في السنوات الأخيرة.
خبز مر
معادلة لا يملُّ حمدي رزق في “المصري اليوم”من تكرارها، عدد الصحافيين 14 ألفًا، المستورون منهم ألف، والمشهورون منهم مئة، والمحظوظون منهم عشرة، هذا الهرم المقلوب يمثل تحديًا أمام الجمعية العمومية لنقابة الصحافيين وهي تنهض لاختيار نصف مجلسها والنقيب، إذا لم تنحز الجمعية العمومية إلى القاعدة العريضة التي تعاني معيشيًا، فنحن نبحر في الاتجاه المعاكس، نعم الانحيازات المهنية، بل السياسية مستوجبة، ولكن جلب المنافع مقدَّم، من الصحافيين مَن يترجَّى الله في حق النشوق وكلفة العلاج ويعاني شظف العيش، الشباب عايشين على البدل، وهذا لا يكفيهم عيش حاف بعد دفع الإيجار. اعترف الكاتب بأن الحكومة أدت واجبها وزادت البدل ودعمت صندوق العلاج والمعاشات، وهيأت اللجنة المشرفة برئاسة الصديق «خالد ميري» الأجواء مواتية للانتخابات، لم تقصر في الاحترازات الطبية أو الإدارية، بما فيها نقل المقر الانتخابي إلى متسع قريب من نقابة الصحافيين، ليست هناك وصاية على التصويت، طول عمرها نقابة لا تعرف تصويتًا ممنهجًا، التصويت قرار شخصي بحت، نعم هناك تفضيلات وخواطر، لكن هناك واجبًا مهنيًا، التوازن بين الشخصي والمهني، نحن في مهمة تصويتية لإنقاذ المهنة التي تعاني في ظل ظروف اقتصادية قاسية، كل المؤسسات تعاني الأمَرَّيْن لتدبير المرتبات ومستلزمات الإنتاج، مهمة صعيبة أكد الكاتب أن الانتخابات فرصة سنحت لتصويب مسار مجلس النقابة بعيدًا عن القسمة الظالمة التي كلفتنا كثيرًا، وضيّعت علينا فرصًا نادرة، وتعميق القسمة بالتصويت العقابي خطيئة دفعنا ثمنها قسطًا، وسندفع ثمنها لاحقًا أقساطًا مضاعفة، وتجذير الصراع بين جماعة الرفض والموالاة لا يخدم القاعدة العريضة من الصحافيين الذين يتشوقون إلى نقابة ترعى شؤونهم، وتقف على حاجاتهم، وتتصدى لحل مشكلاتهم، ثنائية العيش والحرية لا تنفصل في نقابة الصحافيين، يستحيل العيش بدون حرية، لا نمتلك رفاهية العيش، رواتب الصحافيين في ذيل الرواتب، ولا رفاهية الحرية، تؤخذ الحرية غلابًا بتوسيع الهامش بعقل وروِيّة ورشاد مهني.
إنجاز مهم
اشاد علاء عريبي في “الوفد” باتجاه الحكومة إلى توطين صناعة الأدوية، من مواد خام، وتركيب، وتغليف وتعبئة، وذلك بعدما كانت أغلب الصناعات قائمة على التعبئة، أضاف الكاتب: صحيح أن عملية التوطين سوف توفر الدواء بسعر مناسب، كما أنها ستوفر مليارات الدولارات التي كنا نستورد بها الأدوية، لكن عملية التصنيع وحدها ليست كافية، وتحتاج إلى خطوة أخرى على قدر كبير من الأهمية، وهي الاهتمام بالبحوث الطبية، وتشجيع شباب الأطباء والصيادلة على البحث والمشاركة في ابتكار علاجات جديدة لبعض الأمراض، وذلك بإنشاء مراكز بحثية وتخصيص موازنة كبيرة لها، على أن يشارك في تمويلها القطاع الصناعي، لأن الوقوف عند توطين المنتج الأجنبي بدون المشاركة في إنتاجه، سيجمد عملية التوطين في خانة الصناعة والتجارة، في الوقت الذي نحتاج فيه إلى مساعدة وتشجيع شبابنا على الإنتاج العلمي أساس الصناعة والتقدم الحضاري.لا شك أن افتتاح مدينة صناعية طبية خطوة مقدرة، ونطمع أن يكون ضمن هذه المرحلة تصنيع أدوية الأورام التي تحدث عنها الرئيس خلال افتتاح المدينة، فتصنيع هذه الأدوية بالجودة الأجنبية سوف يوفر ملايين الدولارات، كما أنه سيوفر أدوية تصرف بصعوبة للمرضى.
جهل الأطباء
اعترف علاء عريبي في “الوفد” بأنه سبق وناشد الرئيس السيسي قبل فترة طويلة تبني مشروع توطين صناعتها في مصر، وفتح خطوط إنتاج لجميع الأدوية المستخدمة في الخارج، وقلنا إن تصنيع الأدوية سوف يوفر مليارات الدولارات، خاصة أن أدوية السرطان بجميع أنواعه مرتفعة الثمن، تصل في بعض الأنواع إلى 300 ألف جنيه في الشهر، وهو ما يعني أن المريض يحتاج عدة ملايين من الجنيهات لكي يعالج في السنة الواحدة. الأدوية الجديدة الموجهة والمناعية يتراوح سعر العلبة او الحقنة التي تكفي المريض لمدة شهر بين 20 و300 جنيه، وارتفاع سعرها يعود إلى سعر الدولار، وإلى ارتفاع سعرها في البلد المصنع للدواء. وكشف الكاتب عن أن العلاجات الجديدة، الموجهة والمناعية، أصبحت الأمل في شفاء المرضى لفترة أو تحجيم المرض لشهور. وهذه الأدوية، كما سبق وذكرنا باهظة الثمن، ومعظمها غير معتمد في وزارة الصحة ولا في المراكز المتخصصة، كما أن بعض الأطباء والأساتذة المتخصصين في علاج الأورام لا يتابعون بشكل جيد حركة الأدوية الجديدة ولا البحوث التي تجرى حول بعضها. المطلوب وبشكل عاجل فتح خطوط إنتاج ومراكز بحوث لجميع الأدوية المعتمدة في الخارج، لإنقاذ مرضانا ولتوفير ملايين الدولارات التي نستورد بها بعض الأدوية.
قلب طيب
حالة من الحزن انتابت الكثيرين بسبب رحيل مسؤول “طيب القلب” رثاه جلال دويدار في “الأخبار”: رحم الله الدكتور كمال الجنزوري رئيس وزراء مصر الأسبق الذي كان وظل حتى وفاته موسوعة من المرجعية من الأرقام والمعلومات حاملا لقب (الكمبيوتر البشري). هذه الميزة كانت تجعله لايعتمد فى تناوله لأي موضوعات أو قضايا على الورق المكتوب فى أي اجتماع أو مناسبة. هذه الموهبة كانت وراء توليه منصب وزير التخطيط لسنوات طويلة. عرفته ملتزما بالنظام والتنظيم والعمل الدؤوب الذى لا يبغي سوى الصالح الوطني. تابع دويدار : رغم كل ميزاته وحسن تعامله مع أعضاء حكومته وكل من حوله إلا أن البعض ولأسباب تتعلق بسلوكياتهم وممارستهم لعملهم ما كانوا يشعرون بالراحة معه. دفعهم هذا الأمر إلى انتهاز كل فرصة للإيقاع بينه وبين الرئيس الراحل محمد حسني مبارك. استندوا لتحقيق ذلك على التأليف والترويج لحكايات وتصرفات غير صحيحة لا تتوافق ومصداقية وأمانة الجنزوري التي كانت جزءا أساسيا من شخصيته الفريدة. أضاف الكاتب :عايشت هذا التميز الذي يتمتع به على مدى شغله للعمل العام وكانت بيننا اتصالات من وقت لآخر تتعلق بما يُكتب أو يُنشر بشأن القضايا العامة. الحقيقة أن الراحل كان مثالا عظيما للاضطلاع بالمسؤولية الوطنية على أكمل وجه.
سلام على بغداد
منذ وصول علاء ثابت أرض مطار بغداد لم يشعر أنه خرج من مصر بل شعر بالمزيد من المودة والترحاب، فكل من يعرف أنه مصري يكاد يأخذه بالأحضان، بدون أن يعبأ بمخاطر الإصابة بوباء كورونا، والإجراءات المشددة للحيلولة دون انتشاره. تابع الكاتب في “الأهرام”: لم تقتصر تلك المشاعر الودودة والمحبة على العراقيين، بل شملت جميع العرب الذين التقيتهم في العاصمة العراقية بغداد وهم كثيرون ومن مختلف بقاع منطقتنا العربية، وشعرت وأنا أسير في شوارع بغداد بنفس مشاعر اللقاءات الرسمية التي تسودها الثقة والود والدفء، فالعلاقات بين البلدين ظلت على عمقها رغم كل الظروف والأحداث التي شهدتها المنطقة في العقود الصعبة الأخيرة. وكان العراق دوما يستقبل المصريين بكل حفاوة، ويعتبرهم جزءا من نسيجه. فالعمالة المصرية كانت تدخل العراق بلا تأشيرة ولا إجراءات، وكان يستقبل الملايين من المصريين الذين يصعب حصر أعدادهم، فهم في كل مكان، وتوجد أحياء وشوارع في بغداد تحمل أسماء وعادات المصريين، من المقاهي إلى المطاعم والكثير من التفاصيل، وهذا الود وتلك المحبة لا تجدها مقصورة على طائفة عراقية واحدة أو جماعة إثنية، فكل العراقيين بمختلف طوائفهم وأديانهم وتنوعهم يحملون الكثير من التقدير والمحبة لمصر. أكد الكاتب أن هناك آمالا واسعة بأن تتعمق العلاقات المصرية العراقية، وأن تصبح اتفاقيات الشراكة والتعاون الاقتصادي مجسدة في مشروعات ضخمة وطموحة، وأن تشارك مصر بشكل كبير في إعادة إعمار ما تم تدميره في العراق سواء بفعل الحروب المتوالية أو العمليات الإرهابية والمعارك الدامية والطويلة مع الإرهاب، وأن يستعيد العراق عافيته ومكانته. وجاء التفاؤل من الدور المصري من كون البلدين يسعيان إلى رأب الصدع بين الدول العربية على أسس من الأخوة ونبذ الخلافات، وإعادة الثقة بين الأطراف مما سهل استغلال تلك الثغرات فى الوقيعة وإشعال الأزمات، وكان العراق ساحة خصبة لتلك الأزمات العنيفة.
علامات المنافق
مع بداية شهر أبريل/نيسان من كل عام يبدأ البعض، كما أشار محمود عبد الراضي في “اليوم السابع”، الترويج لخداع الآخرين كنوع من الطرافة، وهو ما يطلقون عليه “كذبة نيسان”، ويرى القائمون على هذا الأمر أنه نوع من الدعابة بين الأصدقاء، وسرعان ما يتراجعون عن كلامهم ويعيدون قول الحقيقية. ورغم أن هذا النوع من الدعابة ينتشر مع بداية أبريل/نيسان من كل عام، وتموج منصات التواصل الاجتماعي به، إلا أنه للأسف يرسخ لفكرة “الكذب”، حتى وإن كان على سبيل “الهزار”، خاصة لدى النشء الصغير، المفترض تعليمه الصدق في القول والفعل منذ نعومة أظافرة لا “الكذب” حتى ولو كان على سبيل “الهزار”. وتعتبر “كذبة إبريل” أو “كذبة نيسان” أو يوم “كذبة إبريل” مناسبة تقليدية في عدد من الدول توافق الأول من شهر أبريل من كل عام ويشتهر بعمل خدع في الآخرين، يوم كذبة إبريل لا يُعد يوماً وطنياً أو مُعترفا به قانونياً كاحتفال رسمي، لكنه يوم اعتاد الناس فيه على الاحتفال وإطلاق النكات وخداع بعضهم البعض. اوضح الكاتب أن دار الإفتاء المصرية أكدت أن الكذب متفق على حرمته، ولو حتى على سبيل الهزار والمزاح، في إشارة إلى شهر إبريل المشهور عنه وسط المجتمعات بأنه “كذبة إبريل”، وقالت الإفتاء: الكذب متفق على حرمته، ولو على سبيل المزاح، ولا يرتاب أحدٌ في قُبحه، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: قال “مِن علاماتِ المُنافِق ثلاثةٌ: إذا حَدَّثَ كَذَبَ، وإذا وَعَدَ أَخلَفَ، وإذا اؤتُمِنَ خانَ”، كما قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق عضو هيئة كبار العلماء ورئيس اللجنة الدينية في مجلس النواب، إن قضية الكذب فى أول إبريل، بدعة منكرة، والأفضل أن يحتفل فى أول إبريل بيوم اليتيم وليس بيوم الكذب.
في انتظار الديك
لا يعرف تامر أفندي ما السبب وراء كتابة مقاله هذا غير أنه يشعر بالتعافي حينما يكتب، تابع في “البوابة نيوز” : ربما طالت بي فترة المرض هذه المرة لأنني رفضت نصيحة أصدقائي المتكررة باحتساء “شوربة الديك”، ومع أنهم جميعا أكدوا لي أنها تفعل الأفاعيل وتزيل التعب وتقوي المناعة، إلا أنني شعرت بجزء من الفظاعة وربما النطاعة أن أكتسب صحتي على حياة “ديك” نحتاجه وغيره في هذه الأيام الحالكة بشيرا للفجر ولو بالصوت، ثم ما ذنب عائلته وما خلفه من دجاجات في تلك العطسات والاختناقات والتقلبات الجوية. الرجل أقصد “الديك” كاف خيره شره في عشته مع دجاجاته لا هو طعن دجاجة بالمطواة في وجهها ولا تحرش بكتكوت صغير في العشة، ولا هو أخرج” الغبغب” في المواصلات العامة.
كانت مزحة سخيفة تلك التي رددها بعض أقراننا ونحن صغار، والتي ربما خرجت من عشش وأعشاش طيور حاقدين إذ كانت تقول: “ديك باض بيضة بين بلدين فأي البلدين أحق بالبيضة فيصيح الأغبياء أديس أبابا وآخرون الخرطوم وكنت وزملائي نحاول أن نصد تتريتهم في القول بالعقل:”الديك لا يبيض”، فيزيد آخر تلال الغباء ويقول: “فعلا الديك يلد”، وكنت أصرخ أنا من هذيان المرض وأردد:” الديك لا يلد ولا يبيض فلا تذبحوه فربما لا نجد ديوكا في وقت”.