ستّة عقود من الاستبداد … وذكرى ميلاد ” سيرة ذاتيّة “
في اليوم التاسع عشر من نيسان 1961، ولدت في مرتفعات وأحراج مشتى الحلو وبين صخورها … لأبوين هاربين ( فارّين ) من ظلم الديكتاتور عبد الناصر وزبانيته، السرّاج وعامر، ومن قبلهم الشيشكلي وعسكره البغيض …لأمّ سوريّة قومية، وأب عربيّ سوريّ شيوعيّ.
لم يكن لديهما حرّية الحركة، ولا الأمان لدخول دائرة النفوس الحكومية وتسجيل ميلادي.. لكنهما لم ينسيا تسجيله على أوراق شجرة بيلسان وجذع سنديانة..
ستّون عاماً مرّت.. ومازلت هارباً من المستّبد الظالم..
ستّون عاماً مضت.. ومازال الديكتاتور يحكم..
تغيّرت الأقنعة والأسماء، لكنّ الاستبداد لم يتغيّر، وإنما ازداد شراسة وعنجهيّة..
كان مستبدّاً.. فأصبح لصّاً، مستبدّ، قاتلاً..
أكثر من نصف قرنٍ مضى.. شهدتْ خلاله المجتمعات الإنسانية قفزات جبارة الى الأمام، حتى قاربت أن تلامس أطراف الله الحقّ.. في الحرية والعدالة الاجتماعية.. إلّا في شرقنا الحزين هذا..
ستّة عقود مضت، وأنا أبحث عن حرّيتي المسروقة مني عند ولادتي.. أكثر من نصفها انقضى ترحالاً واغتراباً..
واليوم … وفي هذه اللحظة تراودني مقولة ذلك السوري النبيل ” سعادة: ”
” إن لم تكونوا أحراراً من أمّة حرّة … فحرّية الأمم عار عليكم ”
شكراً لكم أطفال سورية المشتّتين والموزّعين بين المقابر والخيام والشتات..
على أقدامكم أركع وأصلّي … فدماؤكم ودموعكم تغسل عاري … تغسل عارَنا .
بديهيات منسيّة … جمل مسبقة الصنع … وعودة للقواعد الأساسية
كثيراً ما يردد البعض قائلاً : استيراد النموذج ( الموديل ) الأوروبي للحرّية لمجتمعنا خطأ فادح … لأنه لن ينفع، لا بل قد يؤذي ويدمّر مجتمعاتنا !
للرّد أقول : أحبائي … الحرّية لا نموذج لها … الحرّية ضرورة إنسانية لكل البشر … الحرّية جوّ وفضاء يسمح لك بأن تكون كما أنت … فإن كنت حراً، ومن مواطني أوروبا فستمارس أوروبيّتك كما هي … وإن كنت حراً، ومن مواطني سورية … فستمارس سوريّتك أيضاً كما هي، وهذا ما يخيف ويرعب المنافقين، الفاسدين، الأنبياء الدجالين، الظلاميين، الظالمين.. أعداء الهوية السورية والإنسانية..
كاتب سوري- فرنسا