لجمع المزيد من الدعم السياسي والمالي، قامت عضو مجلس النواب الأمريكي الفلسطينية الأصل، رشيدة طليب، بجولة في منطقة نيويورك الكبرى التي تشمل المدينة الأكبر في الولايات المتحدة والجانب الآخر من نهر هدسون في ولاية نيوجرسي. وقد نظم لها نشطاء الجالية الفلسطينية والعربية أربعة لقاءات، إثنان منهما في بروكلين وستيتن آيلاند بنيويورك، وإثنان في نيوجرسي، أحدهما عشاء نظمه الناشط والمليونير الفلسطيني باسم حشمة مساء 25 ايلول/سبتمبر على شرف طليب جرى فيه تقديم الدعم المالي لحملتها الانتخابية وشارك في الحفل لفيف من أبناء الجالية، من بينهم المحامي عبدالعزيز عواد، ورئيس بلدية باترسون، اندريه صايغ ودياب مصطفى رئيس مركز الجالية الفلسطينية والمحامي ناصر حمدان وريما قاسم وآخرون.
وفي نفس اليوم دعى نشطاء الجالية في مدينة نيويوركً إلى لقاء في وسط منهاتن لدعم طليب وقد حضر اللقاء البروفيسور رشيد الخالدي من جامعة كولمبيا، ورنا عبدالحميد مرشحة الكونغرس عن الدائرة 12 بنيويورك والمحامية تهاني عبوشي المرشحة السابقة لمنصب المدعي العام لحي منهاتن والدكتورة دبي المنتصر والمحامي والناشط عابدين جباره، الرئيس السابق للجمعية العربية ضد التمييز، والمحامي سامر خلف رئيس الجمعية العربية ضد التمييز وفيصل صالح، مؤسس ورئيس المتحف الفلسطيني الأمريكي، ولفيف من أبرز وجوه القادة العرب والفلسطينيين في المدينة.
رشيدة حربي طليب من مواليد عام 1976 في مدينة ديترويت الأمريكية. درست العلوم السياسية أولا ثم تابعت دراساتها في القانون وأجيزت عام 2007 كمحامية في ولاية ميتشيغان. نجحت في عدد من الانتخابات المحلية في ديترويت وعلى مستوى الولاية ثم خاضت عام 2018 انتخابات الكونغرس عن المقاطعة 13 بمدينة ديترويت بعد أن نجحت في ضمان ترشيح الحزب الديمقراطي لها بعد أن هزمت منافسها. وقد حلفت اليمين الدستوري يوم 3 كانون الثاني/يناير 2019 على القرآن الكريم وهي تلبس الثوب الفلسطيني المطرز لتكون أول امرأة تدخل الكونغرس الأمريكي من أصل فلسطيني، بينما انتخب الفلسطيني جاستن عمّاش عن الحزب الجمهوري عام 2008 والذي انشق عن الحزب بسبب مواقفه من فلسطين. والدها جاء مهاجرا من فلسطين إلى نيكاراغوا ثم استقر في منطقة الفقراء في ديترويت ليعمل في مصانع السيارات وكانت رشيدة أكبر أطفال العائلة المكونة من 14 طفلا تساعد والدتها في الاعتناء بأخوتها وأخواتها. وقد نجحت رشيدة في انتخابات 2020 لدورة ثانية في الكونغرس بفارق كبير ضد منافسها من الحزب الديمقراطي. وهي معروفة بدفاعها عن حقوق الشعب الفلسطيني وتؤيد قيام الدولة الواحدة على كل أرض فلسطين التاريخية كما تؤيد وقف المساعدات عن إسرائيل وتدعم برنامج «المقاطعة وسحب الاستثمار والعقوبات» المعروف بـ BDS . وقد كانت صوتا قويا هي وزميلتها إلهان عمر في معارضة سياسات الرئيس السابق دونالد ترامب وأيدت إدانته داخل مجلس النواب.
رشيدة تعتبر نفسها ابنة الجالية وقضت عمرها تعمل في المجال الاجتماعي مساعدة الناس العاديين والمهمشين.
يوم الأحد 26 ايلول/سبتمبر استقبلت الجماهير الفلسطينية والعربية رشيدة طليب في مركز الجالية الفلسطينية بمدينة كليفتون – نيوجيرسي وباتفاق بين «القدس العربي» وعبير الصباغ من مركز الجالية الفلسطينية أجري هذا الحوار مع عضوة الكونغرس عن المقاطعة 13 من مدينة ديترويت أمام الجمهور، وفي ما يلي نصه.
○ ما الذي دفعك للانخراط في العمل السياسي؟
• والداي قدما من فلسطين. والدي من بيت حنينا وأمي من بيت عور الفوقا. حصل والدي على عمل مع شركة فورد للسيارات وعمره 19 سنة. وكان عضوا في نقابة عمال السيارات ما دفعه أن يكون نشيطا في مجال الدفاع عن حقوق العمال وحقوق الإنسان وكذلك خلفيته كفلسطيني. عمله في النقابة ساهم في تشكيل فكرة حول الديمقراطية والانتخابات. وعندما بلغت من العمر 18 أول شيء قاله لي والدي «إذهبي وسجلي اسمك كي تشاركي في الانتخابات». كنت إذن جزءا من عائلة نشيطة ومنغمسة في العمل السياسي المحلي.
أقف مع المظلومين مثل أولئك الأطفال المكدسين على الحدود مع المكسيك بانتظار الترحيل
○ وكيف تجتازين العقبات في الكونغرس كونك فلسطينية؟ هل وجدت صعوبة في ذلك؟
• الكل يعرف أنني فلسطينية ولكني أيضا ابنة مدينة ديترويت. نشأت في جزء من مدينة غالبية سكان الحيّ الذي أسكن فيه من السود وتصل نسبتهم إلى 85 في المئة. وإذا مزجت ذلك بخلفيتي الفلسطينية تعرف حقيقة من أنا وما هي الجالية التي أمثلها. ليست جالية عربية أو فلسطينية أو مسلمة، فغالبية الحي الذي أسكنه لا يلتقي معي لا في العرق ولا في الدين. ولكن سياسات الاضطهاد والقهر في البيئة التي نشأت فيها هي التي تربط بين الناس. وكما قال أحد رعاة الكنائس في منطقتي: نحن لسنا متفرقين بل متحدين في الهموم والتحديات. فعندما يقف أي شخص يدافع عن هؤلاء الناس ويرفع قضاياهم يصبح قريبا منهم. لقاءاتنا بالأمهات في الحي أثناء الدراسة وتعرف الأمهات السود على أمي فاطمة بلهجتها الثقيلة والتي علمتني أن أرفع صوتي- هذه مجموعة الهويات التي تربيت عليها وحملتها معي كرشيدة الإنسان. كوني أكبر إخوتي وأخواتي الأربعة عشر، علمني الكثير وصقل شخصيتي وهويتي. من هنا أقف مع المظلومين مثل أولئك الأطفال المكدسين على الحدود مع المكسيك بانتظار الترحيل، لا تهمني أعراقهم ولا أديانهم. في مثل هذه الحالة لا أستطيع الصمت. وكم أتمنى لو جاليتنا الكريمة رفعت صوتها لتدين ما يجري لأطفال المهاجرين. نحن نتوقع أن يأتي الناس إلينا ويتضامنوا معنا، ولكي يتم ذلك يجب أن نتضامن معهم ونرفع أصواتنا عاليا. يجب ألا ننتظر كي يأتوا إلينا، يجب أن نذهب إليهم ونتضامن معهم ونتضامن مع المهاجرين من هايتي الذين سيتم ترحيلهم. يجب أن نتضامن مع هؤلاء الذين يناضلون من أجل حقوقهم كي يتضامنوا معنا.
○ كيف تتواصلين مع الجاليات التي انتخبتك وأوصلتك لمجلس النواب؟ هل بقيت على تواصل معهم؟
• نعم أحاول أن أزور مقاطعتي في نهاية الأسبوع وعندما أشعر أن هناك مشكلة أو مأساة يجدونني بجانبهم. البعض يفاجأ بوجودي ويشيرون إلي «أنظروا هذه رشيدة بيننا». أبقى على تواصل فما يحركني أكثر هو مد يد العون لهم وخاصة في الكوارث. فمكتبي هناك على تواصل وبالتالي يعرفني الناس ويعرفون أنني قريبة منهم وأنني أحس بهم وأقدم لهم ما أستطيع. أتمنى أن تزوروا المنطقة التي جئت منها كي تعرفوا قيمة الأشياء التي قدمتها للمواطنين هناك.
هناك من يحرم من حقوقه الإنسانية فقط لكونه من مواليد فلسطين
○ ما هي مشاعرك وأنت تشاهدين ما يجري في الشيخ جراح وسلوان والقدس؟
• بكيت مثلي مثل غيري على تلك المشاهد. أعضاء الكونغرس هم أولا وقبل كل شيء بشر ككل الناس. فأنا حفيدة لعائلة فلسطينية تعيش في الأراضي المحتلة، وقد تكون تلك المناظر من سوريا أو من اليمن. فالشعور الإنساني يسيطر وأشعر أن قلبي يتفطر وأنا أتخيل معاناة الأمهات وكيف يحاولن أن يحمين أبناءهن، وأين سيذهبن إذا ما انتزعت منهن مساكنهن. شعور عارم، هذا يدفعني أن أعمل من خلال بلدي هنا فنحن نستطيع أن نعمل أكثر من أجل هؤلاء لوقف انتهاكات حقوق الإنسان. فهناك من يحرم من حقوقه الإنسانية فقط لكونه من مواليد فلسطين.
○ هناك تحول في قواعد الحزب الديمقراطي باتجاه الليبرالية واليسار خاصة بعد أن أطلق بيرني ساندرز حملته الانتخابية علم 2016 و 2020 ووصول عدد من المنتخبين والمنتخبات من هذا التيار إلى الكونغرس مثلك أنت وإلهان عمر وألكساندريا أوكاسيو كورتيز وأيانا بريسلي، هل ترين أن هذه الحركة ستتسع، وكيف للعرب والمسلمين أن يدفعوا باتجاه توسيع هذا التيار؟
• لا أحد سيأتي على أبوابك ويقول لك تحرك. لم يأت أحد يدعوني للانضمام إلى حركته. كنت في مجلس ولاية ميتشيغان. ثم كنت عضوا في حركات محلية تدعو للعدالة وحماية البيئة وغير ذلك من القضايا، ثم وصلت إلى الكونغرس. المؤسسة لا تدعمنا. لا أحد يأتي ويقول لنا الآن جاء دورك قم ورشح نفسك. لكننا كنا ضمن شبكة واسعة مع جاليتنا وقررنا أن ندخل المعترك. عندما تقاعد ممثل منطقتنا قررت أن أدخل الانتخابات. ليس الأمر سهلا ولكن علينا أن نتقدم فنحن نؤمن بمبادئ يؤمن بها غالبية الشعب الأمريكي مثل احترام حقوق الإنسان ووقف الانتهاكات في فلسطين. الغالبية من الشعب الأمريكي يقولون كفاية لأنهم الآن يرون عمليات القتل والعنف ويعرفون أنّ شيئا ما يجب عمله. علينا أن نعرف أننا بحاجة إلى العمل المنظم ضمن مجموعات وحركات تحمل الأفكار التي نؤمن بها ونناضل من أجلها. أرى مجموعات تدعى «الحالمون» الذين يبحثون عن الحصول على الجنسية وهؤلاء يقفون معنا. وعندما تمت مهاجمتي في الكونغرس أول من وقف يدافع عني حركة «حياة السود مهمة» بالإضافة إلى عدد من المنظمات الحقوقية الأخرى وقالوا إن كل ما قالته عن فلسطين صحيح. يجب أن نعطي أهمية ليس للمؤسسة بل للحركات الشعبية والمنظمات الحقوقية المنتشرة في البلاد. ندعمهم وهم سيقفون معنا. وهذا ما يخطر لي عندما أفكر بالجماعات العالقة على الحدود مع المكسيك. نريد أصواتا من جاليتنا ترتفع دفاعا عنهم بدون أي تردد. يسألونني أحيانا لماذ لا تصدر أصوات من جالياتكم ضد ما يصرح به ترامب؟ هل أحد هنا رفع صوته مستنكرا تصريحات ترامب عندما قال عن المكسيكيين إنهم يمارسون الاغتصاب وبيع المخدرات؟ فإذا لم نتكلم عن آلام الآخرين ومعاناتهم فلا يتوقع أحد أن ينضم إلى صفوفنا وقضايانا. عندما نربط نضالنا بنضال الآخرين سيكون هناك تغيير لصالح قضايانا المشتركة.
○ كيف ساهمت فلسطينيتك بفهم التنوع وهموم الأطياف الأخرى في ولايتك وخاصة أنك من منطقة 85 في المئة منها من السود؟
• بالنسبة لي ليس هناك هم مقابل نحن: بل نحن فقط. كلنا وحدة واحدة. لقد انتخبت من منطقة ليس لكوني عربية أو مسلمة أو فلسطينية بل لأنني جزء من الناس. جزء من سكان الحي. يعرفونني وأعرفهم. يعرفونني من نشاطاتي ومن خدماتي ومن النجاحات التي حققتها للناس. قال أحدهم ونحن نناضل ضد شركة تريد أن تستولي على الأرض «ممثلتنا فلسطينية لا تستطيعون احتلال أرضها هنا في ميتشيغان». شعرت بالسعادة، أن أحس مع الناس، أدافع عنهم أقف ضد الظلم. أمي كانت تظن أنني أجلب لها المتاعب والمشاكل. لكنني استخدم قوتي ضد القهر وضد الظلم. يأتون إلى مناطق السود ويلوثون البيئة ثم يتعجبون لماذا يموت من السود بداء كرورنا أكثر بكثير من مناطق البيض؟ الكل يعرفني في المنطقة التي جئت منها لكثرة ما دافعت عن المظلومين والمقهورين ضد الأقوياء والشركات الكبرى.
يجب أن نعطي أهمية ليس للمؤسسة بل للحركات الشعبية والمنظمات الحقوقية المنتشرة في البلاد
○ هل تعتقدين أن تمثيل العرب والمسلمين غير عادل لأنهم غير مصنفين ولا توجد في الاستمارة الانتخابية فئة قائمة بذاتها تدعى MENA الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؟ وهل هذا يؤثر على الخدمات التي يتلقاها العرب في هذه البلاد؟
• أعتقد أننا بحاجة إلى فئة تضاف إلى الأعراق الأخرى تشير إلى منطقتنا «مينا» فنحن نصنف كبيض – وقد سألت مسؤول الإحصاء، هل أبدو لك بيضاء؟ تريدني أن أشير إلى فئة البيض فهل أنا كذلك؟ قال إفعلي ما تريدين فقلت له لا توجد فئة هنا تمثلني. وكان الرئيس أوباما يريد أن يضيف فئة «مينا» إلى الاستمارة لكنها سحبت من استمارات الإحصاء في النهاية. وسنبقى نعمل على إعادة هذه الفئة للإحصاءات المقبلة. هناك فئات أخرى مهمشة غيرنا ويجب أن نتابع النضال حتى يتم الاعتراف بنا كفئة منفصلة.
عندما نربط نضالنا بنضال الآخرين سيكون هناك تغيير لصالح قضايانا المشتركة
○ هل هناك تقدم داخل الكونغرس نحو دعم حقوق الشعب الفلسطيني إضافة إلى «العصابة» حسب تعبير ترامب في إشارة لك ولزميلاتك الأخريات؟
• هناك أعضاء جدد بعضهم متردد وبعضهم يسأل العديد من الأسئلة وبشكل عام هناك تقدم وخاصة في رفض انتهاكات حقوق الإنسان. يسألون مثلا هل تقرير هيومان رايتس ووتش (حول نظام الفصل العنصري في إسرائيل) دقيق؟ أكبر مجموعة جاءت معي عام 2019 ولكن هناك بعض الرموز القليلة من قبل لكن أكبر عدد من المؤيدين للحقوق الفلسطينية جاء في انتخابات 2018 ودخلنا الكونغرس أوائل عام 2019.
○ عندما وقفت مؤخرا ضد بايدن وصفقة المليار دولار لدعم القبة الحديدة في إسرائيل اتهمك البعض بمعاداة السامية فكيف تردين على هذا؟
• من الصعب أن تتهم بأنك آت من خلفية الكراهية والعنصرية بينما الحقيقة أنني آتية من خلفية «الحقيقة». لا يهمني ما يقولون ما دمت أعتمد في ما أقول على أقوال منظمات حقوقية معروفة قائمة على العدالة والحقيقة. إنها التهمة التي يوجهها من ليست لديه حجة. فهم يتهمون حركة «حياة السود مهمة» بأنهم يكرهون البيض وهذا غير صحيح. كل ما أطلبه أن أعامل بالمساواة كإنسان مثلي مثل غيري. نحن متساوون. كلنا يستحق أن يعيش بكرامة وأقول هذا الحق يشمل الناس في كل مكان بمن فيهم من يعيش في فلسطين. كل واحد يستحق أن يعيش آمنا. لكنهم يعودون ويكررون أننا جئنا من مكان مبني على الكراهية وهذا غير صحيح. نريد للفلسطيني أن يذهب للطبيب من دون الوقوف على حاجز. ابن عمي يريد أن يتزوج من يريد ويسكن أينما يريد. هذا ما أقوله في الكونغرس ومع هذا أتعرض للهجوم من أعضاء من الحزبين.
“القدس العربي”