ترجمة: علاء الدين أبو زينة
إذا حاول دونالد ترامب الترشح للرئاسة مرة أخرى، فإن لدى أحد مستشاريه السابقين في حملته الانتخابية خطة لثنيه عن ذلك.
وفي توقع لأن لا يكون ترامب على دراية بمن كان أدلاي ستيفنسون أو بحقيقة أنه خسر جولتين انتخابيتين رئاسيتين في الخمسينيات من القرن الماضي، فإن هذا المستشار السابق قد يحتاج هو -أو أي شخص آخر- إلى شرح المصير التعيس الذي ينتظر الرجل.
وسوف يذكِّرون ترامب بأنه إذا تعرض للهزيمة مرة أخرى في العام 2024، فإنه سينضم إلى ستيفنسون كواحد من الخاسرين المتسلسلين في التاريخ.
وقال هذا الشخص الذي تحدث، مثل الآخرين، بشرط عدم الكشف عن هويته حتى يتحدث بحرية أكبر: “أعتقد أن هذا سيكون له صدى. إن ترامب يكره الخاسرين”.
قد لا يستمع ترامب إلى صديقه الموثوق السابق في حملته الانتخابية.
لكن مجرد حقيقة أن شخصًا عمل على انتخاب ترامب في المرة الأولى يتدرب الآن على تقديم الحجج لوقف عودة أخرى إلى الانتخابات يشير إلى أن قبضة الرئيس السابق المُحكمة على الحزب الجمهوري ربما تكون في طريقها إلى الانزلاق.
وتشير بعض التطورات الأخرى التي حدثت في الأسابيع الأخيرة إلى وجود تحركات مبكرة نحو حزب جمهوري يتم فيه تهميش ترامب.
وأظهر انتصار غلين يونغكين الأخير في انتخابات حاكم ولاية فرجينيا أن مرشحاً جمهورياً يمكن أن يفوز في ولاية تشكل ساحة حرب من دون أن يُلحق نفسه بزمرة ترامب.
وأشار حاكم ولاية نيوجيرسي السابق، كريس كريستي، الذي يقوم الآن بجولات للترويج لكتاب جديد يتعارض مع ادعاء ترامب بأنه فاز في انتخابات 2020، إلى أنه قد يرشح نفسه عن الحزب الجمهوري في العام 2024، سواء دخل ترامب السباق أم لا.
وأظهر استطلاع للرأي نُشر الشهر الماضي أخبارًا مشجعة لحاكم فلوريدا، رون ديسانتيس، في نيو هامبشاير، الولاية التي تقيم تقليديًا أول انتخابات أولية في موسم الانتخابات الرئاسية.
وعلى الرغم من أن ترامب كان الخيار الأول بين الناخبين الجمهوريين المحتملين، فقد ارتفعت نسبة تفضيل ديسانتيس إلى 62 في المائة، وهي نسبة أعلى بثماني نقاط من ترامب.
على عكس الرؤساء السابقين الذين تنازلوا طواعية عن المسرح بعد الهزيمة، جعل ترامب نفسه مستحيلاً على التجاهل منذ ترك منصبه في وقت سابق من هذا العام.
وهو يتصرف مثل مرشح في الانتظار.
وقال لي السيناتور ليندسي غراهام، عضو الكونغرس الجمهوري عن ولاية كارولينا الجنوبية وحليف ترامب: “سوف أصاب بالصدمة إذا لم يرشح نفسه.
أعتقد أن ترامب هو أفضل اختيار لنا، حتى أكون صادقًا معك، لأن الجميع يعرفون عيوبه، لكن نجاحاته تقف في تناقض صارخ مع ما نشهده الآن”.
(لا يبدو أن هجوماً لوباء، ومحاولتين للعزل، وانهياراً اقتصادياً يمكن أن تُحسب كانتصارات، لكن هذا موضوع رُبما يُبحث في وقت آخر).
يطمع العديد من السياسيين الجمهوريين في الحصول على تأييد من ترامب في السباقات النصفية المقبلة، وهو يجمع الآن عشرات الملايين من الدولارات ليتمكن من توزيعها على مرشحي الكونغرس الذين يحمون مصالحه.
وهو يتواجد باستمرار في الأخبار، حيث يبذل المحققون محاولة لتفكيك دوره في محاولة قلب نتائج انتخابات العام 2020.
وعندما تجتمع العائلات في عيد الشكر هذا الأسبوع، سيكون من العادل الرهان على أنه سيكون هناك الكثير من الأشخاص الذين يفكرون في ترامب ويساورهم القلق بشأنه أكثر من تفكيرهم في الرئيس الحالي، جو بايدن.
وقالت لي كيليان كونواي، المستشارة السابقة للرئيس: “سيكون هذا هو عيد الشكر السادس على التوالي الذي سيكون فيه حديث ترامب موجوداً على القائمة. ما يزال الناس مهووسين به”.
يريد ترامب أن تبقى الأمور على هذا النحو. وتساعده مكانته داخل الحزب الجمهوري على جذب الانتباه اللامحدود الذي يتوق إليه، وهو ليس على وشك فقدان هيمنته من دون خوض قتال.
وقد انتقد بشدة ما اعتبره وقاحة كريستي في الإيحاء بأن الوقت قد حان لقبول فوز بايدن في انتخابات العام 2020.
وقال ترامب في بيان إن كريستي “ذُبح بكل تأكيد” بسبب هذه الهرطقة.
وفي الأحاديث الخاصة، قلل الرئيس السابق دائماً من شأن الرجل الذي قد يكون منافسه المحتمل اللدود وصعب المراس أكثر ما يكون في ترشيح الحزب للعام 2024: ديسانتيس.
وعندما يظهر اسم ديسانتيس في المحادثات، يكون ترامب مستعداً لتذكير كل من هم في مرمى السمع بأن تأييده في الانتخابات التمهيدية لمنصب الحاكم الجمهوري في فلوريدا للعام 2018 هو الذي جعل ديسانتيس يتجاوز المرشح الذي يُفترض أنه المفضل.
كما أخبرني مفوض الزراعة، آدم بوتنام، وهو شخص مقرب من الرئيس السابق.
وقال هذا الشخص إن ترامب “يذكِّر الجميع بأنه صنع ديسانتيس. وأضاف: “ما مِن شك في أن ترامب صنعه، ولا شك في أن رون مستاء من أنه يتم تذكيره بهذا كلّ الوقت”.
تتمثل أقوى وسائل ترامب للاحتفاظ بقبضته على حزبه في إدامة فكرة أنه سيعود إلى صناديق الاقتراع في غضون ثلاث سنوات. أما ما إذا كان سيمضي قدماً في إطلاق حملة إعادة انتخابه، فإن ذلك قد يكون خارج الموضوع الآن.
سوف يكون التنحي جانبا بمثابة دعوة عدد كبير من المرشحين الجمهوريين إلى القفز في سباق الترشيح الرئاسي للعام 2024 وملء الفراغ الذي سيخليه. ولا يبدو أن ترامب على وشك السماح لأهميته بأن تنهار.
قال لي جون بولتون، مستشار الأمن القومي السابق في البيت الأبيض: “تخيل ما سيحدث إذا قال (ترامب): ‘بعد دراسة متأنية، لن أكون مرشحًا في العام 2024’.
سوف تسمع أصوات مفاتيح الأضواء الكاشفة وهي تُطفأ. سوف يتحدث عن الأمر (الترشح للرئاسة مرة أخرى) حتى اللحظة التي لا يفعل فيها ذلك”.
ويعتقد بولتون أن ترامب لن يترشح في النهاية ويخاطر باحتمال مواجهة هزيمة أخرى. وفي هذه النقطة، تبدو الإشارات مختلطة. كان ترامب محتشماً في تصريحاته.
وقد أجرى مقابلة مع قناة “فوكس نيوز” في وقت سابق من هذا الشهر، قال فيها إنه سينتظر “على الأرجح” حتى موعد الانتخابات النصفية ليعلن ما إذا كان سيرشح نفسه، على الرغم من أنه أضاف: “أعتقد أن الكثير من الناس سيكونون سعداء جدًا، بصراحة، بذلك القرار”.
وقد فقد بعض الوزن، ربما في إشارة إلى أنه يستعد لخوض سباق وحيد آخر، أو ربما كنتيجة طبيعية لاعتماده قدراً أقل من الميل للأكل استجابة للمشاعر الإيجابية والسلبية، كما أخبرني بعض الذين يدورون في فلكه.
في وقت سابق من هذا العام، أنشأت مجموعة من خريجي إدارة ترامب منظمة غير ربحية تسمى “المعهد الأول للسياسة في أميركا”.
وقال لي مستشار ثان سابق للحملة إن المعهد هو نوع من شَغل المكان لإدارة ترامب التالية في حال ترشحه مرة أخرى وفوزه.
(صهر ترامب والمستشار الكبير السابق للبيت الأبيض، جاريد كوشنر، غير مشترك في التخطيط لعودة ترامب المحتملة.
كما أخبرني شخص مطلع على الأمر. ويعكف كوشنر على تأليف كتاب سيصدر العام المقبل).
سوف يأتي اختبار أكثر قرباً لمدى نفوذ ترامب وهالته خلال الانتخابات النصفية. فهو مركِّز بشدة على معاقبة الأعداء المتصوَّرين داخل الحزب الجمهوري لدرجة أن المطاف قد ينتهي به إلى تأييد المنافسين الذين ليست لديهم أي فرصة حقيقية للفوز.
خذ السيناتورة ليزا موركوفسكي من ألاسكا، العضوة الجمهورية الوحيدة في مجلس الشيوخ التي صوتت لإدانة ترامب في محاكمة عزله هذا العام، والتي ستدخل الاقتراع في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل أيضاً.
لقد أيد ترامب بالفعل أحد خصومها، وهي كيلي تشيباكا. لكن موركوفسكي، التي خدمت في مجلس الشيوخ لما يقرب من عقدين من الزمن، أثبتت أنها محاربة عنيدة في الحملات الانتخابية.
وفي العام 2010، فازت بحملة كمرشحة غير مُدرجة (1) ضد خصم محافظ من “حزب الشاي”، وهي أول عضو في مجلس الشيوخ تحقق هذا الإنجاز منذ نصف قرن.
وسوف تواجه تشيباكا صعوبة في خلع موركوفسكي العنيدة.
وإذا فشلت، فلن يبدو ترامب مثل صانع الملوك الذي يتخيل أنه يكونه.
ويَصدُق الكثير من الدينامية نفسها في ولاية وايومنغ.
فقد استهدف ترامب النائبة ليز تشيني، التي صوتت لصالح عزله في كانون الثاني (يناير)، وهي الآن عضو في لجنة مجلس النواب للتحقيق في التمرد الذي حدث في مبنى الكابيتول.
وقد أيد ترامب أحد منافسي تشيني الرئيسيين، المرشحة هارييت هاغمان، بعد لقاء مع منافسين محتملين آخرين في ناديه للغولف “بيدمينستر”، في نيو جيرسي.
وتظهر استطلاعات الرأي أن تشيني ستواجه سباقا صعبا. ومع ذلك، إذا فازت هي وموركوفسكي، فإن ترامب “سيبدو وكأنه دمية سخيفة لأنه يؤيد الأشخاص الخطأ”، على حد قول المستشار السابق الثاني للحملة.
إن علاقة ترامب بالقاعدة الجمهورية عاطفية وليست عقلانية. ولو أنها كانت عقلانية، فإن ناخبيه ربما سيدركون أن الحزب كافح وعانى في عهده، وأنه يخاطر بأن يُمنى بالمزيد من الخسائر إذا ظل ترامب زعيمه المفترض.
فبعد كل شيء، عندما عاد إلى مارالاغو كمواطن عادي، كان مجلس النواب ومجلس الشيوخ والبيت الأبيض تحت سيطرة الديمقراطيين -وهما ما يزالان كذلك.
وحتى غراهام يقر بأن ترامب قد يفجر الانتخابات المقبلة أيضًا، إذا خاض حملة عامة تكون مهووسة بطيف هزيمته في العام 2020. وقال: “إذا أصبحت حملة من الشكاوى والمظالم، فإننا سنكون في ورطة”.
وربما سيثبت مثال أدالي ستيفنسون أنه مقنع.
وإذا رأى ترامب أن أرقام استطلاعات الرأي الخاصة به تتراجع على مدى العامين المقبلين؛ وإذا أدت مشاركته في الانتخابات النصفية إلى نتائج عكسية، فإنه قد يتنحى، كما توقع بعض حلفائه.
وقال لي نيوت غينغريتش، رئيس مجلس النواب الجمهوري السابق: “لا أعتقد أنه يريد المخاطرة بمواجهة الخسارة مرتين. في مرة واحدة، يمكنك أن تجادل حول النتيجة. أما في مرتين، فسيكون الأمر رفضاً بائناً”.
*Peter Nicholas: كاتب في مجلة “الأتلانتيك”، حيث يغطي شؤون البيت الأبيض.
(1) المرشح غير المُدرج A write-in candidate هو مرشح لا يظهر اسمه في بطاقة الاقتراع، لكنه يسعى إلى انتخابه من خلال مطالبة الناخبين بالتصويت له عن طريق الكتابة الفعلية لاسمه على ورقة الاقتراع.
واعتمادًا على القانون الانتخابي المعتمد، قد يكون من الممكن الفوز في الانتخابات عن طريق الفوز بعدد كافٍ من هذه الأصوات المكتوبة، والتي يتم احتسابها بالتساوي كما لو كان الشخص مدرجًا رسميًا في بطاقة الاقتراع.
*نشر هذا المقال تحت عنوان: The Complicated Truth About Trump 2024
“الغد”