في مؤشر على تزايد الحزازيات بين العلويين والشيعة في الساحل السوري، أعلن أهالي قرية “يرتي” التي يتحدر سكانها من الطائفة العلوية (طائفة رئيس النظام السوري بشار الأسد)، عن التبرؤ من مدير “المجمع العلوي السوري”، الأكاديمي أحمد أديب أحمد، بسبب انتقاداته لعدد من أئمة الشيعة.
وحذر بيان نشره أهالي القرية على مواقع التواصل الاجتماعي، أحمد اديب الأستاذ في كلية الاقتصاد في جامعة تشرين الحكومية في اللاذقية، من وضع اسم القرية (يرتي) على كتاباته التي ينشرها على معرفاته الرسمية على وسائل التواصل. وقال البيان، الذي رصدته “القدس العربي”: تزايدت التساؤلات حول المدعو خالد أديب أحمد الملقب بـ”أحمد” والإساءة في كتاباته إلى جميع الطوائف ومدى صلته بالقرية.
وأَضاف البيان: تقدمنا للجميع بهذا البيان الموقع من أهالي القرية، لقطع أي انتماء للمذكور إلى قريتنا، وهو ليس منها أبداً، والبيان هذا بمثابة براءة منه ومن أفكاره وكتاباته، ونرفض أن ينسب كتاباته إلى القرية. وفي رده على البيان، اتهم أحمد المعروف بتأييده الشديد للأسد، البعض من المنتمين للمذهب الشيعي بتشويه سمعته في قريته (يرتي) التي يتحدر منها، مضيفاً: “حاول بعض الحاقدين من خارج القرية الإساءة”. وأضاف على صفحته الشخصية في “فيسبوك”: “عندما يحاول بعض المغرضين أن يدخلوا فيما بيننا فمصيرهم حاوية النفايات، ولن أسمح لهم بأن يشعلوا فتنة تخدم أسيادهم الشيعة في جبل عامل (لبنان)”.
وينتقد أحمد بعض أئمة الشيعة، ويصفهم بـ”الشيعة المقصرة”، ويتهمم بتحريف الكتب السماوية والأحاديث النبوية، وأحاديث “الأئمة المعصومين”، وكذلك ينتقد بشكل دائم اختراق الشيعة للطائفة العلوية، وفي تدوينة له، يحذر أحمد من تداول الصور التي يزعم الشيعة أنها للإمام علي، ويقول: “لا علاقة للأئمة بهذه الصور التي يصورونها بالطريقة التي تناسب ادعاءاتهم بارتداء العمامة وتزيين الذقن بصبغة شيعية، هذا الأمر نعتبره شأناً خاصاً بالشيعة، لكن أن يتسرب إلى الصفحات التي تدعي أنها علوية، وتعلق هذه الصور في البيوت فهذا لا يختلف عن عبادة الصور والأصنام التي لا تجوز على الإطلاق”.
ويقول الكاتب في الفلسفة الإسلامية عرابي عرابي لـ”القدس العربي”، إنه ربما لا توجد خلافات بين الشيعة والطائفة العلوية في الحديث عن “محبة” الإمام علي بن أبي طالب، وآل البيت عموماً، لكن الخلافات تبرز عند السلوك الديني والعبادات. ويوضح عرابي أن المعتقدات العلوية هي الأقرب إلى “الغنوصية” التي تتحلل من التعاليم والعبادات والأحكام، بخلاف المذهب الشيعي الذي يطبق الأحكام الشرعية وينادي بالفرائض، مبيناً أن “ما يراه الشيعة فرضاً، لا ترى الطائفة العلوية وجوبه، مثل صيام رمضان، حيث لا يقوم أبناء الطائفة بصيام هذا الشهر، بخلاف الشيعة”.
ويتابع الباحث، بأن من الطبيعي أن تخرج بعض الأصوات العلوية المحذرة من اختراق الشيعة للطائفة، ويستدرك: “رغم اتفاق الطائفة العلوية مع الشيعة في الموقف السياسي، إلا أن ذلك لا يعني اتفاقاً على الصعيد الديني، وخصوصاً أن إيران و”حزب الله”، نجحا إلى حد ما في التأثير في الوسط العلوي، بحيث تدعم طهران مرجعيات علوية، مقابل اضعاف دور شخصيات أخرى”.
وأكد عرابي، أن الشيعة يستغلون القواسم المشتركة مع العلوية (محبة آل البيت) لتذويب الفروقات مع الأخير، وبالتالي من الطبيعي أن تظهر بعض الأصوات العلوية المنتقدة لتعاظم الدور الشيعي في الساحل السوري، الذي يعتبر معقلاً للعلويين في سوريا. وتحظى قرية “يرتي” بأهمية دينية كبيرة عند أبناء الطائفة العلوية، حيث يعود للقرية القريبة من مدينة القرداحة مسقط رأس الأسد، أكثر من مرجعية علوية.
وتتواجد في سوريا أقلية شيعية محدودة العدد وتتركز شمالاً في نبل والزهراء وكفريا والفوعة في ريفي حلب وإدلب وفي ريف حمص والسيدة زينب في دمشق.
“القدس العربي”