المصدر: واشنطن بوست
ترجمة: عبد الحميد فحام
بقلم: جوش روجين (كاتب عمود في زاوية مقال الراي في واشنطن بوست.)
انضم الأوكرانيون إلى زمرة ضحايا الهجمات العسكرية الروسية الغير المُبررة والتي لن تقتصر عليهم وحدهم وجرائم الحرب التي جرى الإبلاغ عنها. وتقوم المعارضة السورية، التي تعرضت للهجوم من قبل القوات الروسية منذ ما يقرب من سبع سنوات، بتقديم بعض النصائح للأوكرانيين بشأن النجاة من الهجمات العسكرية الروسية ومحاربة الجنود الروس الغازيين. يقولون إن كل يوم يقاوم فيه الأوكرانيون العدوان الروسي ويقاتلون من أجل وطنهم هو انتصار على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
تقف المعارضة السورية متضامنة مع الأوكرانيين، كما فعلت في عام 2014، عندما غزت روسيا أوكرانيا لأول مرة. فبعد أن استولى بوتين على الجزء الأول من أوكرانيا بالقوة عندما غزا شرق أوكرانيا وضم شبه جزيرة القرم، نشر الجيش الروسي لمساعدة نظام بشار الأسد، وقتلت إيران وحزب الله المدنيين المتظاهرين من أجل الحرية والديمقراطية في سورية. وبينما وقف الغرب متفرجًا، بدأت روسيا حملة وحشية من جرائم الحرب المبلغ عنها واستهداف المدنيين بالقتل الوحشي التي لا تزال مستمرة حتى اليوم.
عبد الجبار العكيدي، العقيد السابق في جيش الأسد الذي انشق في عام 2012 وانضم إلى المعارضة، يحارب الغزاة الروس منذ سبع سنوات ويدرس تكتيكاتهم. كان قائداً للمجلس العسكري الثوري ولواءً في الجيش السوري الحر في حلب، حيث قصفت روسيا والأسد وإيران المدينة بشكل مكثّف وجوّعت أهلها. سألته عن النصيحة التي يقدمها للأوكرانيين الذين يحاولون صد القوات الروسية الغازية.
فقال: “بادئ ذي بدء، أود أن أقول إن ما يحتاجه إخواننا وأخواتنا الأوكرانيون ليس النصيحة منا؛ وإنما يحتاجون دعماً من الغرب. “لكن لبدء نصيحتي، أود أن أقول عدم الاعتماد على المجتمع الدولي، وعدم الاعتماد على الولايات المتحدة، لأنهم أعطوا بوتين شيكًا على بياض وأطلقوا يده في سورية.”
لقد كسب المجتمع الدولي عدم ثقة السوريين. على الرغم من سنوات من التقارير التي جمعت الأدلة على أن الجيش الروسي والمتعاقدين المرتزقة الروس كانوا يعملون مع الأسد لارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين السوريين، لم يكن هناك أي مساءلة لبوتين أو جنرالاته. إن تحالفهم له صلة اليوم في أوكرانيا.
كان الأسد أول زعيم عالمي يحتفل بغزو بوتين لأوكرانيا الأسبوع الماضي. أخبرتني مصادر المعارضة السورية أن روسيا تقوم الآن بتجنيد سوريين ليأتوا للقتال من أجلهم في أوكرانيا، كما فعلوا مُسبقاً في ليبيا. وكما تبيّن، ما يحدث في سورية لا يبقى فيها. فلقد استخدمت روسيا سورية كميدان تدريب لحرب أوكرانيا، واختبرت أكثر من 300 سلاح مختلف في سورية منذ عام 2015، وفقًا للحكومة الروسية.
وأضاف العكيدي: “لقد مرّت سبع سنوات من التدريب المُكثّف بالذخيرة والأسلحة والطائرات الحيّة ضد أهداف حقيقية، بما في ذلك الأطفال”. سمحت الولايات المتحدة وأوروبا لروسيا بالقتل بلا هوادة في سورية بكل أنواع الأسلحة، والعالم الآن يدفع ثمن ذلك في أوكرانيا.
مسبقاً كان هناك في أوكرانيا، تقارير موثوقة تؤكد بأن الجيش الروسي يستهدف المستشفيات بأسلحة محظورة دولياً مثل القنابل العنقودية. وقال العكيدي إنه عندما لا يتمكن بوتين من تحقيق أهدافه العسكرية بالقوات التقليدية، سوف لن يترك بوتين سلاحاً، حتى الأسلحة الكيميائية، لن يستخدمه ضد المدنيين الأبرياء. سوف يفعل بوتين أي شيء لكسر إرادة الشعب.
لكن يجب أن يعرف الأوكرانيون أن لديهم ميزة واضحة، كما قال، لأنهم يقاتلون من أجل شيء عزيز عليهم – منازلهم وعائلاتهم. الجنود الروس ليس لديهم معنويات لأنهم ليس لديهم دافع حقيقي. يعرف الأوكرانيون أيضًا أراضيهم بشكل أفضل ويمكنهم استخدام هذه المعرفة للتغلّب على القوات الروسية.
قال: “الغُزاة الروس، مع كل ما لديهم من أسلحة وأعداد، ما زالوا جبناء”. وما زالوا يقاتلون على أرض ليست لهم. الأرض تقاتل إلى جانبكم أيها الأوكرانيوين. تذكروا ذلك.”
وقال العكيدي: إن الطريقة الأكثر فعالية لصدّ تقدّم القوات الروسية هي نشر صواريخ ستينغر المضادة للطائرات على نطاق واسع، وكذلك أنظمة مضادة للدبابات ومضادة للدروع. وتُعتبر ستينغر هي الأهم، لأن الطيارين الروس سيتجنبون أي منطقة يرون فيها استخدام ستينغر بشكل فعّال.
وأضاف: “عندما تسقط طائرتين في مكان مُعيّن، فأنت تعلم أنه يمكنك العمل بحرية أكبر في ذلك المكان، لأنهم يخشون التحليق فوقها، وهذا أمر أساسي حقاً”.
زوّدت الولايات المتحدة وأوروبا أوكرانيا ببعض أنظمة ستينغر وجافلين المضادة للدبابات وغيرها من الأسلحة، وهناك المزيد في الطريق.
“إن ستينغر هي نعمة كبيرة – فالاعتماد عليها. لأن هذه أنظمة دفاع جوي تعتبر جحيماً يقلق نفوس الجنود الروس.
يجب أن يكون الأوكرانيون واثقين أيضاً لأن لديهم العديد من الأشياء التي لم تمتلكها المعارضة السورية، بما في ذلك قوة قتالية جيدة التدريب والتجهيز بقيادة حكومة ديمقراطية وزعيم ديمقراطي قوي في الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. لديك رئيس شجاع ومقدام. لديك قيادة شجاعة ومغوارة.
حتى بدون هذه المزايا، صمدت قوات المعارضة السورية في حلب لسنوات تحت هجوم وحصار وحشي من روسيا والأسد وإيران وحزب الله وتنظيم الدولة الإسلامية. كل يوم من أيام المقاومة يفرض مزيداً من الضغط على بوتين، لأنه يجب أن يفكر في اقتصاده واضطراباته الداخلية مع عودة الجنود الروس إلى منازلهم في أكياس كـ جُثث.
وقال العكيدي: إن الانتصار على روسيا يعني في بعض الأحيان ببساطة استمرار المقاومة ضدهم وجعل بوتين يدفع ثمناً باهظاً لعدوانه، من خلال القتال والبقاء على قيد الحياة كل يوم.
وأراد العكيدي أن يخبر الأوكرانيين: “فقط اعلموا أنكم أقوى مما يعتقده الناس،” “تجمعوا معًا وقاتلوهم لأطول فترة ممكنة. نحن نؤمن بكم. نحن نُصلّي من أجل بقائكم. ”
“نداء بوست”