نشر موقع “بلومبيرغ” تقريرا حول زيارة الرئيس الصيني شي جينبينغ للسعودية، تبدأ اليوم الأربعاء
وقال الموقع إن شي يحظى بالسجاد الأحمر في السعودية، في وقت ينظر فيه الشرق الأوسط أبعد من الولايات المتحدة.
وسيشارك الرئيس الصيني أثناء زيارته في قمة إقليمية مع ولي العهد محمد بن سلمان والقادة العرب، واتفاقيات بـ30 مليار دولار. وجاء في التقرير أن الزيارة تأتي بعد شهرين من تجاهل السعودية مناشدات الرئيس جو بايدن رفع معدلات إنتاج النفط، حيث تفرش الرياض البساط الأحمر للرئيس الصيني. وأشار الموقع إلى أن اتفاقيات الطاقة والبنى التحتية ستكون على رأس أجندة الرئيس الصيني، وذلك حسب شخصين على اطلاع ببرنامج الزيارة.
وأكدت الصين الزيارة صباح الأربعاء، بعد أن قاد الرئيس شي مراسم تشييع الزعيم السابق جيانغ زيمين، وعلى خلفية الاحتجاجات الأخيرة بسبب سياسة صفر كوفيد. وستقدم الزيارة للرئيس الصيني وولي العهد السعودي الفرصة لإظهار مدى تعمق علاقات الخليج مع بكين، وتظهر المدى الذي تدهورت فيه العلاقات الأمريكية- السعودية.
ووصلت هذه العلاقات إلى نقطة متدنية في تشرين الأول/أكتوبر، عندما اتهم بايدن السعودية بالتحالف مع روسيا في تخفيض معدلات إنتاج النفط، وتعهد بـ”تداعيات”، لكن العلاقات في تقلب دائم منذ أن حولت الولايات المتحدة تركيزها إلى التنافس مع الصين. وهذه أول مرة منذ عقود، تتفوق الصين والهند واليابان على الولايات المتحدة التي كانت الشريك التجاري الأكبر للسعودية، فقد انكمشت التجارة الأمريكية- السعودية من 76 مليار دولار عام 2012 إلى 29 مليار دولار العام الماضي. وهذا بسبب زيادة إنتاج شركات النفظ الصخري الأمريكية، بطريقة أغنت الولايات المتحدة عن استيراد النفط الخام السعودي.
وتعتبر الصين أكبر مستورد لنفط المملكة الخام، وستهتم الدول المصدرة للنفط في المنطقة بما سيقوله الرئيس شي عن خطط تخفيف القيود المفروضة لمواجهة انتشار كوفيد-19 في بلاده. كما أغضبت واشنطن السعودية بمحاولاتها، الميتة الآن، العودة للاتفاق النووي مع إيران، التي تعتبر منافسا إقليميا للسعودية، مع تحالف الرياض مع روسيا أو كارتل أوبك+ الذي يعتبر نقطة احتكاك أخرى بين البلدين.
وتقول سينزيا بيانكو، من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية: ” لقد حان الوقت للتوقف عن التعامل مع ذلك على أنه علاقات اقتصادية ومالية بحتة”، و”بالنسبة للدول العربية، فالأمر يتعلق بالبدائل وبأي طرق ممكنة”. واستطاعت الصين تحقيق مكاسب اقتصادية وسياسية، ففي الأشهر الستة الماضي رصدت “جينز إنتل تراك بيلت أند رود مونيتر” زيادة في النشاطات بالشرق الأوسط لشركة هواوي التي وضعتها الولايات المتحدة على القائمة السوداء، وشبكة الكهرباء الصينية التي تحاول الحصول على فرص استثمارية في نقل وتوزيع الكهرباء بالمنطقة.
ووافقت السعودية والصين على تنسيق استثماراتهما مع دول مبادرة الحزام والطريق. وسيوقّع البلدان على ميثاق “تنسيق” لمبادرة الحزام والطريق مع رؤية 2030 السعودية وخطة تطويرها.
وقال السفير الصيني في الإمارات جانغ يمينغ، إن المحادثات حول اتفاقيات التجارة الحرة مع دول الخليج وصلت إلى “مراحلها الأخيرة”، وتحدث أيضا عن مذكرة تفاهم حول استكشاف القمر تم توقيعها مع الإمارات.
وتقول إلهام فخرو، الباحثة بمركز دراسات الخليج في جامعة إكستر البريطانية، أن دول الخليج باتت تتعامل مع الولايات المتحدة كحليف لا يوثق به، و”تريد استثمار الفضاء المتعدد الأقطاب الذي يقدم فرصا جديدة”. و”بعمل هذا، فإنها قد تتمكن من تعزيز أوراق المقايضة مع الولايات المتحدة”.
ولكن الأخيرة لديها عدد مهم من القوات في السعودية وفي كل المنطقة، وهناك محدودية لما يمكن لدول الخليج أن تنظر أبعد من واشنطن. ومن غير المحتمل مثلا، أن تبدأ السعودية بقبول العملة الصينية “يوان” بدلا من الدولار في مبيعات النفط، حسب الشخصين المطلعين على برنامج الزيارة، في إشارة لتقارير هذا العام بهذا الشأن. وقال المحللون في حينه، إن التقارير هي رسالة سياسية لواشنطن وليس خطة للمملكة.
وفي الوقت الذي اختار فيه دونالد ترامب السعودية كأول محطة خارجية له بعد دخوله البيت الأبيض، تعهد جو بايدن بجعل السعودية “منبوذة” بسبب مقتل الصحافي جمال خاشقجي. ولكنه واجه معدلات تضخم عالية وانتخابات التجديد النصفي، ولهذا ابتلع كبرياءه وزار المملكة في تموز/ يوليو، طالبا منها المساعدة في تخفيض أسعار النفط. وكان متفائلا من تعاون السعودية لكي تتخذ “أوبك+” قرارا بتخفيض معدلات إنتاج النفط.
وقال بايدن الغاضب، إن الوقت قد حان لتقييم العلاقات بين البلدين. وبعيدا عن زيادة موارد النفط التي أسهم فيها غزو روسيا لأوكرانيا، حاول ولي العهد السعودي تقديم بلاده كقوة صاعدة تستطيع الوقوف في وجه الولايات المتحدة. في حين، مدح وزير الخارجية الصيني يانغ يي “سياسة الطاقة المستقلة” للمملكة ومحاولاتها لتحقيق استقرار في سوق الطاقة العالمي، وذلك بعد لقائه مع نظيره السعودي في تشرين الأول/ أكتوبر.
وشكر وانغ السعودية “لدعمها طويل الأمد والقوي” في موضوعات تشمل هونغ كونغ وتشينانج وتايوان وحقوق الإنسان، وهي موضوعات تعتبر حجر أساس للولايات المتحدة. وقال جوناثان فولتون في المجلس الأطلنطي: “هناك تكاتف حقيقي في العلاقة”. ففي الوقت الذي “تواصل فيه الولايات المتحدة الحديث عن لعبة الأمم الكبرى” وتركز على مكافحة الإرهاب، تقوم الصين بالمساعدة في القضايا المحلية. وأشار إلى أن المسألة لا علاقة لها بمحاولة الصين أخذ مكان الولايات المتحدة في الخليج، ولكن البلدين -الصين وأمريكا- اللذين يلعبان لعبة مختلفة في الشرق الأوسط.
ومنذ الحوار الثنائي الذي عقدته الصين مع الدول العربية في تموز/ يوليو 2020، أحيت شركة أرامكو السعودية النقاشات لبناء مجمع تكرير نفط وبتروكيماويات في الصين. وبدأت السعودية العمل مع هواوي لتطوير أنظمة ذكاء اصطناعي، وتعتمد المملكة على الخبرات الصينية لبناء مسيراتها. وبحسب المخابرات الأمريكية، فإن المملكة تقوم بتصنيع الصواريخ الباليستية بدعم صيني.
والعلاقة في النهاية ليست باتجاهين، فأسعار نفط عالية تضر بالصين والولايات المتحدة، وتقيم الصين علاقات مع إيران، المنافس الرئيسي للسعودية، ولا تستطيع بكين أن تكون بديلا عن الولايات المتحدة لتوفير الدعم العسكري للمنطقة.
وقال القنصل الأمريكي في وزارة الخارجية، ديرك شوليت، للصحافيين في الكويت معلقا على زيارة الرئيس شي للخليج، إن واشنطن لا تطلب من الدول الاختيار بينها وبين وبكين، ولكن عليها أن تكون” واعية” بطبيعة العلاقات التي تقيمها. وقال: “تقييمنا هو أن الصين ومحاولاتها بناء علاقات في المنطقة ليست مهتمة ببناء علاقات منفعة متبادلة”.
“القدس العربي”