لم يعد يقوى بعض السوريين على إشعال شمعة في الظلام الذي تعيشه البلاد، مكتفين بلعن الظلام ومن أوصلهم إلى هذه الحالة طوال اليوم. ومع تراجع الوضع المعيشي في سوريا، أصبحت الأساليب البدائية التي انتشرت أكثر من أي حلول متقدمة تكنولوجياً، فغير مجدية ومكلفة جداً، بعد زيادة ساعات التقنين إلى 20 ساعة باليوم وأحيانا أكثر.
وكما أنه لتوفر الكهرباء فاتورة، للظلام فاتورة أيضاً، ولكن الكلفة تختلف تبعاً للمستوى المادي، حتى بات أسلوب إنارة المنزل يدل بشكل واضح على مدى ارتياح الأسرة مادياً، بنوع من الطبقية الخاصة أفرزتها أزمة الكهرباء.
الإضاءة بالشموع مكلفة للأسر السورية
الشموع هي أرخص الحلول لكنها رغم ذلك مكلفة قياساً لأنها تستخدم من قبل أسر شبه معدومة الدخل، أو الأسر التي باتت الحلول التي استخدمتها سابقاً غير مجدية نتيجة ساعات التقنين التي تحرمهم من شحن البطاريات مقارنةً باستهلاك ضخم للطاقة، أو أولئك الذين تهالكت مدخراتهم نتيجة الاستهلاك الجائر الفترة الأخيرة ولم يعودوا قادرين على استبدالها.
يقول فوّاز لموقع تلفزيون سوريا وهو رب عائلة من 3 أشخاص يعمل بتوصيل الطلبات إلى المنازل بدراجته الهوائية، إنه أنفق ما يكفي على شراء البطاريات الصغيرة التي لا يزيد عمرها على 6 أشهر ولم يعد يستطيع الإنفاق أكثر لأن أسعارها في ارتفاع متزايد وتأمين طرق شحنها بات مؤرقاً لعدم توفر الكهرباء بشكل شبه تام، مشيراً إلى أن جزءاً من إنفاقه اليومي بات يذهب لشراء الشموع.
زاد الطلب مؤخراً على الشموع في دمشق بحسب الباعة، ووصل سعر الواحدة منها قياس وسط إلى 600 ليرة سورية، والكيس إلى 10 آلاف ليرة فيه نحو 18 شمعة. قد يبدو السعر رخيصاً نوعاً ما، لكن قد تضطر العائلة لحرق 4 شمعات يومياً ما يعني إنفاق 2400 ليرة سورية على وسيلة إنارة قديمة وغير مجدية أو مستدامة.
“الحياة باتت مكلفة حتى لو استخدمنا الشموع للإنارة، فكما أحتاج نحو 2400 ليرة يومياً لإشعالها، أحتاج نحو 8 آلاف ليرة سورية لتأمين نحو 5 ونصف إلى 6 كيلوغرامات من الحطب في اليوم. هذا لا يطاق ولم نعد نقوى على المواجهة أكثر من ذلك”، يقول أبو رامي وهو بعمر الـ60 عاماً.
الظلام.. مؤشر طبقي في سوريا
القادرون على دفع مبلغ يصل إلى نحو 100 ألف ليرة كل عدة أشهر ما يزالون يقومون بشراء البطاريات الصغيرة كلما تهالكت القديمة وهي الطبقة الثانية في مقياس قدرة الأسر على تحمل كلف التغلب على العتمة في البلاد، ووصل سعر البطارية الجل 7 أمبير الكافية لتشغيل مسطرة لدات طول متر تقريباً لنحو 5 ساعات إلى 90 ألف ليرة، والـ8 أمبيرات إلى 110 آلاف ليرة، وهي صينية المنشأ وغير مضمونة بحسب كثيرين، بينما تراوح سعر مسطرة الليد بين 5 – 8 آلاف ليرة، والشاحن الخاص بها بين 15 – 20 ألف ليرة.
وفي المستوى الثالث، كانت الطبقة القادرة على دفع مبلغ يتراوح بين 400 ألف ونصف مليون ليرة لتأمين عام تقريباً من الإنارة ببطارية سيارة سائلة كورية 55 أمبيراً مع شاحن، أو لبطارية محلية الصنع 60 أمبيراً مع شاحن، وتزيد الأسعار وصولاً إلى مليون ليرة كلما ارتفعت قدرة البطارية المحلية الصنع.
في المستوى الرابع، الطبقة التي تستطيع دفع نحو 1.5 مليون ليرة لتأمين إنارة بواسطة بطارية أنبوبية هندية مع شاحن وليدات، لضمان عمر أطول يتراوح بين 3 – 5 سنوات، وفي هذا المستوى تستطيع الأسر شراء انفيرتر 1500 واط من نوع شور بسعر يصل إلى 250 ألف ليرة.
في المستوى الخامس تأتي الأسر القادرة على تأمين مبالغ أكبر لبطاريات أضخم (200 أمبير) هندية بسعر يتراوح بين 1.6 و1.9 مليون ليرة مع انفيرتر متطور بنحو 700 – 800 ألف ليرة لكن بقدرة متوسطة، يؤمن الشحن وتحويل الطاقة من 12 فولتاً إلى 220 لتشغيل الشاشة، وفي هذه الطبقة قد يتوفر شاحن إضافي للشحن عبر شاحن الانفيرتر وشاحن خارجي لتأمين طاقة شحن أكبر خلال ساعة وصل الكهرباء، وهي حيلة مكلفة وتضر بالبطاريات مع الأيام، لكنها باتت ضرورة لهم في الوقت الراهن.
“تلفزيون سوريا”