تخشى اللاجئة السورية إيمان ناصيف /22 عاماً/، من الترحيل إلى سوريا بعد صدور قرار إداري عن القضاء التركي بتوقيفها، على خلفية تقدمها بشكوى ضد معلمة مدرسة تركية، بتهمة التعنيف والضرب لشقيقتها التلميذة في المرحلة الابتدائية. وبصوت متعب، تروي ناصيف لـ”القدس العربي” حكايتها فتقول: “قبل نهاية العام الدراسي الماضي 2021-2022، تقدمت بشكوى ضد معلمة شقيقتي التركية، بسبب إساءة معاملتها وضربها، رغم أن شقيقتي من المتفوقات على صفها”. وتضيف الطالبة في كلية “معلم الصف” في ولاية سكاريا التركية، أنها أثناء مراجعة المدرسة، لمعرفة سبب تعرض شقيقتها للضرب من المعلمة التركية. وتقول ناصيف: “لم أحصل على رد من إدارة المدرسة، ما دفعني إلى تقديم شكوى على المعلمة، لترد المعلمة برفع شكوى، زاعمة أني قد أسأت لها لفظياً وجسدياً، وهذا لم يحصل أبداً، وهو ما تثبته كاميرات المراقبة في المدرسة”. وتوضح أنها تعرضت للتوقيف في مركز الشرطة بولاية غازي عنتاب حيث تقيم عائلتها لمدة 12 يوماً في حينه، وأطلق سراحي بعد ذلك، لكن بعد أن تم توقيف بطاقة الحماية المؤقتة (الكملك)، وبعد تدخل مكتب منظمة “اليونسيف” لدى المحكمة.
وبعد مضي نحو نصف عام على الحادثة، أصدرت المحكمة قراراً بتوقيف ناصيف، كما تؤكد الشابة، موضحة أنه “تم إبلاغ المحامية التركية التي وكلتها بقرار التوقيف، وأنا الآن مهددة بالترحيل والتوقيف في حال مراجعة دائرة الهجرة، أو أي دائرة رسمية تركية”.
وتعزو ناصيف المتحدرة من بلدة منغ في ريف حلب الشمالي، سلوك المعلمة التركية إلى “العنصرية” ضد السوريين، وتقول: “الغريب أن المحكمة أخذت بأقوال المعلمة التركية، وأصدرت بحقي قرار التوقيف، رغم الشكوى التي قدمتها ضد المعلمة”. ولم يبق أمام الشابة إلا مناشدة كل من يستطيع مساعدتها على أمل إيقاف الترحيل، وتقول: “لم أتلق للآن رداً من جهات حكومية تركية أو سورية أو منظماتية للآن، بعد تصوير ونشر الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي الذي يشرح حالتي”. ويعبر محام سوري مطلع على قصة ناصيف لـ”القدس العربي” عن أسفه من قيام السلطات التركية بترحيل أي لاجئ سوري فقط لمجرد وجود قضية باسمه، دون الأخذ في الحسبان لنتيجة الحكم.
ويقول المحامي الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، إن السلطات التركية بدأت منذ أكثر من عام بترحيل اللاجئين السوريين بمجرد تعرضهم لأي محاكمة، علماً أن هذا الإجراء يخالف قوانين “الحماية المؤقتة”، حيث ينص القانون على محاكمة السوريين على الأراضي التركية، ولا ينص على ترحيل أي مخالف منهم للشمال السوري.
ووفق المحامي السوري، فإن السلطات التركية لا تأخذ بالحسبان الأضرار الناجمة عن إجراءات الترحيل القسري التي تطبقها، بحيث يتم تقطيع شمل العائلات، وخاصة في حالة ناصيف “نتحدث هنا عن شابة تقيم عائلتها في تركيا، وهي مهددة بالترحيل إلى الشمال السوري، علماً أنها لا تستطيع العودة إلى منزلها لأن بلدتها خاضعة لسيطرة النظام السوري وقوات سوريا الديمقراطية”.
وتقول مصادر ومنظمات حقوقية إن السلطات التركية ترحيل بشكل يومي عشرات اللاجئين السوريين إلى الشمال السوري، وهو ما أكدته منظمة “هيومن رايتس ووتش”، مشيرة في تشرين الأول/أكتوبر إلى أن تركيا رحلت مئات الرجال والفتيان السوريين اللاجئين إلى سوريا.
لكن السلطات التركية نفت ذلك، ووصفت دائرة الهجرة التركية تقرير المنظمة بـ”الفاضح والبعيد عن الواقع”، مؤكدة أن “سوريا حالياً أحد البلدان التي يطبق عليها مبدأ عدم الإعادة القسرية، وأن السوريين الذين عادوا إليها فعلوا ذلك طوعاً حسب تعبير الدائرة.
“القدس العربي”