وأضاف المقال أنه مع تركيز العالم انتباهه على الحرب الروسية الأوكرانية والتوترات المتزايدة بين الصين والولايات المتحدة بشأن تايوان، فإن الأنشطة الأميركية المقلقة تكاد تكون غير ملحوظة، ومن هذه الأنشطة التي قد تكون خطيرة بحسب الموقع، استمرار الوجود العسكري الأميركي في سوريا.
ويعتقد الكاتب تيد غالين كاربنتر، وهو زميل أول في دراسات الدفاع والسياسة الخارجية بمعهد “كاتو” في واشنطن، أن تبرير ذلك التدخل يزداد صعوبة من دون أي أسانيد، وأن تمركز قوات “الاحتلال” الأميركي في شمال شرقي سوريا، المنطقة الوحيدة في البلاد التي تحتوي على احتياطات نفطية كبيرة، بالكاد يبدو من قبيل الصدفة، فضلا عن كونه يثير شكوكاً مبررة حول دوافع واشنطن.
ومن ناحية أخرى، فقد تعرضت القوات الأميركية هناك لهجمات تشنها عادة مليشيات موالية لإيران متمركزة داخل الحدود العراقية.
كذلك، فقد أصبح وجود القوات الأميركية يسبب صعوبات متفاقمة مع تركيا الدولة العضو في حلف شمال الأطلسي. وكانت أنقرة قد شنت حملة جديدة من الغارات الجوية على أهداف كردية شمالي سوريا في تشرين الثاني/نوفمبر، حتى أن إحدى الهجمات وقعت على بعد 300 متر من قاعدة عسكرية أميركية جعلت البنتاغون يجهر بالشكوى، مخافة تعرض حياة الأميركيين هناك للخطر بلا داع.
ويضيف المقال أن تصاعد الاحتكاكات مع تركيا في ما يتعلق بسوريا ليس مشكلة صغيرة، نظراً لأن “إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بحاجة ماسة إلى تعاون أكبر من أنقرة لتنفيذ سياسة حلف الناتو لعزل روسيا، رداً على غزوها أوكرانيا”، حسبما يرى كاربنتر في مقاله.
وبحسب الكاتب، فقد ظل موقف تركيا من السياسة تجاه روسيا متأرجحاً، ونشب خلاف جديد مع واشنطن بسبب مغازلة أنقرة لطهران بشكل متزايد “وهو ما من شأنه تخفيف وطأة آثار العقوبات التي تقودها الولايات المتحدة على إيران”.
ولعل آخر ما تحتاجه إدارة بايدن هو حلقة جديدة من التوترات مع تركيا في ما يتعلق بسوريا. ومضى المقال إلى التأكيد على أن التدخل الأميركي في سوريا استمر حتى في ظل التوترات المتفاقمة مع أنقرة.
ومع ذلك، ثمة مأزق آخر يلوح في الأفق؛ فلربما ينجح المسؤولون “المشتبه بهم” داخل مؤسسة السياسة الخارجية الأميركية في محاولاتهم تكريس تورط واشنطن في الحرب الأهلية المعقدة في سوريا.
ويضيف الكاتب أن وجود القوات الأميركية في سوريا يزيد الوضع خطورة، ففي تشرين الأول/أكتوبر ضغط القادة الأكراد السوريون من أجل الحصول على دعم عسكري أكبر من الولايات المتحدة. ودعا قائد قوات سوريا الديمقراطية الرئيس بايدن على وجه التحديد إلى منع غزو تركي واسع النطاق لإنهاء سيطرة الأكراد على الأراضي السورية على طول الحدود، حيث يقوم البنتاغون بتوسيع دورياته البرية، مما يثير خطر حدوث اشتباك مباشر مع القوات التركية.
ويرى الكاتب أن أطرافاً في السياسة الخارجية الأميركية قد ينجحون في جهودهم لتعميق مشاركة واشنطن في الصراع الاهلي السوري المعقد. ويختم الكاتب بالقول إن تدخل إدارة بايدن “المتهور” في الحرب الروسية الأوكرانية أكثر خطورة بلا شك، لأنه ينطوي على احتمال حدوث مواجهة مع قوة نووية تمتلك أنظمة توصيل قادرة على ضرب أهداف في أي مكان في الولايات المتحدة.