كشف المتحدث باسم “المصالحة السورية” التابعة للنظام السوري، عمر رحمون عن أهم مطالب دمشق في اجتماع وزراء الدفاع الروسي سيرغي شويغو والتركي خلوصي أكار والسوري علي محمود عباس، في موسكو الأربعاء، وهو الاجتماع الأول من نوعه منذ أكثر من عقد، في وقتٍ أدانت حركات معارضة سورية اللقاء السوري – التركي، ورفض احمد رمضان رئيس حركة “العمل الوطني من أجل سوريا” تبرير سلوك انقرة بالانفتاح على دمشق ووصف رمضان في حديث خاص لـ”القدس العربي” خطوات تركيا بأنها “أقرب إلى مغامرة محفوفة بمخاطر كبيرة”.
وفي تصريح خاص لـ”القدس العربي” قال رحمون إن الاجتماع بحث مسألة تفكيك الفصائل “الإرهابية”، أي “هيئة تحرير الشام” المسيطرة على إدلب والفصائل المتحالفة معها، وانتشار الجيش السوري على الحدود السورية التركية بهدف تحييد “قسد”، وانسحاب تركيا كمحصلة لذلك، وهي نقاط تعكس مطالب النظام السوري تحديدًا، وتتفق دمشق مع أنقرة على إضعاف الأكراد وهو ما يسمح بالضغط نحو استعادة السيطرة على حقول النفط شرق سوريا، بينما تحدثت مصادر تركية من بينها قناة “خبر تورك” التركية عن أن الاجتماع بحث العودة الآمنة للاجئين السوريين، وإعادة العقارات والممتلكات لللاجئين حين عودتهم، وضمان محاكمات عادلة، واستكمال التعديلات لإجراء انتخابات حرة ونزيهة في سوريا، حسب الصحيفة.
نقطتان رئيسيتان
ومن الواضح أن مطالب أنقرة تدور حول نقطتين رئيسيتين هما إبعاد الأكراد من الحدود الشمالية وإعادة النازحين السوريين. وبالنظر إلى أن الاجتماع كان على مستوى وزراء الدفاع، تبدو الاجندة العسكرية طاغية، وهي تتعلق بإنهاء حالتي “تحرير الشام” وتحييد “قسد”، أكثر من باقي الملفات.
أما صحيفة “الوطن” السورية شبه الرسمية، فأكدت أن الاجتماع خلص إلى الاتفاق على محاربة “الإرهاب” بكل أشكاله، وقالت نقلاً عن مصادر لم تسمها، “لم تسر الأمور وفقاً لما تريده دمشق خلال الاجتماعات الأمني، وكان الاجتماع الأخير بين وزراء الدفاع إيجابياً”. وتتطلع تركيا في المقام الأول إلى التعامل مع ملف قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، من خلال زيادة انتشار قوات النظام السوري على حدودها، وتحجيم “قسد”، ثم الانتقال إلى بحث مسألة انسحابها العسكري من الشمال السوري.
وقبل اللقاء بيومين، كان وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، قد أكد أن بلاده تجري محادثات مع روسيا لاستخدام المجال الجوي فوق شمالي سوريا في عملية محتملة عبر الحدود ضد “قسد”، ليبدو الطلب التركي أحد الخيارات البديلة للعملية العسكرية البرية التي تهدد أنقرة بشنها في الشمال السوري.
وحتى الآن لم يصدر أي تعليق رسمي من الائتلاف بعد اجتماع موسكو، بعكس موقف الشارع في الشمال السوري، الذي بدأ يشهد تحضيرات للتظاهر اليوم الجمعة، رفضاً للتطبيع مع النظام السوري. وفي هذا الإطار، دانت حركة “العمل الوطني من أجل سوريا” أي اجتماع مع النظام السوري، مؤكدةً في بيان تسلمت “القدس العربي” نسخة منه أن “النظام فاقد للشرعية، وأي لقاء معه، لا يمكن تسويغه ولا قبوله، ولن يكون في صالح السوريين وثورتهم”.
وقال رئيس الحركة أحمد رمضان في تصريح خاص لـ”القدس العربي”، تبدو الخطوة التركية بالتواصل مع نظام الأسد في هذا التوقيت أقرب إلى مغامرة محفوفة بمخاطر كبيرة، فالنظام فقد الشرعية بشكل كامل، كما أنه عاجز عن توفير الحد الأدنى من متطلبات العيش للسوريين في الأجزاء الخاضعة لهيمنته، حيث تحولت حلب ودمشق وحمص وحماة إلى مدن أشباح، وجاء قانون “الكبتاغون” الأمريكي ليضع خناقاً حول عنق النظام، والحديث الآن عن موعد انهياره وليس إن كان ذلك سيحصل أم لا” حسبما يعتقد رمضان.
إدانة اجتماع موسكو
وقال: “ندين أي اجتماعات أو اتصالات أو تفاهمات مع النظام، أو محاولة إدخاله إلى بعض المناطق بذريعة إبعاد منظمات مثل “قسد”، أو دفع اللاجئين عنوة للعودة إلى مناطق يحتلها النظام والميليشيا الإرهابية المدعومة من إيران، وهؤلاء سيكون مصيرهم التجنيد الإجباري لدى قوات النظام أو السجون والتعذيب”. وتابع “ننتظر بخطورة بالغة عقد اجتماعات ذات طابع سياسي بين الطرفين، وسيكون لذلك تداعيات كبيرة، وهناك خشية من إرغام بعض المتنفذين والمرتهنين في هياكل المعارضة على عقد اجتماعات مع مسؤولي النظام على المستوى الأمني لغرض التنسيق والتعاون، وهو ما يشكل طعنة للثورة السورية وانحرافاً عن مسارها”.
وأكد وزير الخارجية التركي، مولود جاووش أوغلو، على ضرورة تأمين عودة آمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم. جاء ذلك في كلمة له، الخميس بالعاصمة أنقرة، خلال “اجتماع تقييم نهاية العام” الذي يتضمن فعاليات وزارة الخارجية التركية وذلك حسب وكالة الأناضول.
وأضاف الوزير أن النظام السوري يرغب بعودة السوريين إلى بلادهم، مؤكداً أنه “من المهم أن يتم ذلك بشكل إيجابي مع ضمان سلامتهم”.
وفيما يخص الاجتماع الثلاثي في موسكو، بين وزراء دفاع ورؤساء استخبارات تركيا وروسيا وسوريا، وصفه تشاووش أوغلو بـ”المباحثات المفيدة”. وأكد الوزير التركي على ضرورة وأهمية التواصل مع النظام السوري لتحقيق السلام والاستقرار الدائمين، ولضمان عودة آمنة للاجئين.
وأضاف أن تنظيم “واي بي جي YPG الإرهابي (ذراع “بي كي كي” في سوريا)، خطر” يهدد بلاده”، معتبراً أن تهديده لسوريا أكبر، لكونه يمتلك “أجندة انفصالية”. وفي سياق التواصل مع النظام السوري، قال تشاووش أوغلو إن المرحلة التالية في خارطة الطريق، هي عقد اجتماع على صعيد وزيري خارجية البلدين، مبيناً أنه لم يتم بعد تحديد التوقيت بشأن ذلك. ونفى الوزير التركي أن يكون قد تم عقد لقاء مع رأس النظام السوري، مردفاً: “لم يتم لقاء مع الأسد على مستوى الوزير ولا على أي مستوى سياسي آخر” ودائماً حسب وكالة الاناضول.
جاووش أوغلو أكد مواصلة بلاده بحزم، مكافحة الإرهاب، لافتاً إلى أن الخلافات بين أنقرة ودمشق، حالت دون تأسيس تعاون بينهما في هذا المجال.
وأشار إلى إمكانية العمل المشترك مستقبلاً، في حال تشكلت أرضية مشتركة بين البلدين فيما يخص مكافحة الإرهاب. وفيما يخص مطالب النظام بـ “خروج القوات التركية” من سوريا، قال تشاووش أوغلو إن الغرض من تواجد قوات بلاده هناك “هو مكافحة الإرهاب، لا سيما وأن النظام لا يستطيع تأمين الاستقرار”.
وشدد على أن تركيا تؤكد مراراً عزمها نقل السيطرة في مناطق تواجدها حالياً، إلى سوريا حال تحقق الاستقرار السياسي وعودة الأمور إلى طبيعتها في البلاد، مجدداً احترام أنقرة لوحدة وسيادة الأراضي السورية.
وفي سياق متصل، قال جاووش أوغلو إن “النظام يرغب بعودة السوريين إلى بلادهم، وهذا ما نلمسه في تصريحاته. ومن المهم أن يتم ذلك بشكل إيجابي مع ضمان سلامتهم”.
واعتبر الوزير التركي أنه من المهم أيضاً إشراك النظام الدولي والأمم المتحدة أيضاً في موضوع عودة اللاجئين السوريين. وحول ردود فعل المجتمع الدولي إزاء المباحثات بين أنقرة والنظام السوري، قال تشاووش أوغلو إن هناك دولاً تؤيد هذا الأمر وترغب في تحوله لخطوات ملموسة، مقابل وجود أخرى معارضة له أو حذرة تجاهه. وأشار تشاووش أوغلو أن التقدم المطلوب إحرازه لم يتحقق خلال اجتماعات آستانة واللجنة الدستورية بسبب تعنت النظام السوري، مؤكدا وجوب تفاهم النظام والمعارضة.
وأضاف: “نحن الضامن للمعارضة السورية، ولن نتحرك بما يعارض حقوقها، على العكس من ذلك فإننا نواصل مباحثاتنا للإسهام في التفاهم على خارطة الطريق التي يريدونها”. وفيما يخص قرار مجلس الأمن الدولي تمديد آلية المساعدات إلى شمال سوريا الذي سينتهي في 10 يناير/كانون الثاني القادم، أفاد الوزير التركي أن القرار سيتم تمديده 6 أشهر أخرى ما لم يكن هناك اعتراض.
وأردف: “لكننا دائما على استعداد لبدائل لاحتمال عدم تمرير قرار مجلس الأمن الدولي”، مشيرا أن العملية (تمديد القرار) تسير بشكل إيجابي.
“القدس العربي”