رام الله – من محمد هواش:
في لقاء قمة قد يكون الاخير لهما قبل الانتخابات الاسرائيلية العامة المقررة في شباط 2009، طلب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس من رئيس الوزراء الاسرائيلي المستقيل ايهود اولمرت التزام اسرائيل التهدئة في غزة ومحيطها وعدم تغيير قواعد اللعبة هناك، فيما شرح اولمرت سياسة حكومته من هذه المسألة، مؤكدا انه لا يسعى الى انهاء التهدئة، لكنه "لا يستطيع ايضا ان يترك مواطنيه تحت رحمة خروقات حركة (المقاومة الاسلامية) حماس للتهدئة في قطاع غزة".
وقالت مصادر فلسطينية رفيعة لـ"النهار" ان اجتماع عباس – اولمرت امس كان بالغ الجدية، وعرضت فيه خرائط للانسحاب الاسرائيلي من الضفة الغربية وخرائط لمناطق التبادل التي تقترحها اسرائيل بواقع 6,5 في المئة من مساحة الضفة الغربية في مقابل 10/8 5 هي مساحة اربعة مواقع تقترحها اسرائيل للتبادل، الى مساحة الممر الامن وهي بواقع سبعة اعشار في المئة. والمواقع الاربعة موزعة على تخوم الضفة الغربية وغزة، ستمنحها اسرائيل للسلطة الفلسطينية في الحل الدائم في مقابل الكتل الاستيطانية الكبرى. ووعد الرئيس عباس بدرس العرض الاسرائيلي وطلب اجوبة عن 10 اسئلة قدمها في قمة سابقة مع اولمرت تتعلق بمشكلات وتوضيحات لم يتلق بعد ايا منها.
واوضحت المصادر انه "في موضوع الاستيطان نفى اولمرت ان تكون سياسة حكومته تجميد موارد الاستيطان وتجفيفها قد تغيرت، مؤكداً ان ما نشر في الصحف الاسرائيلية عن مخططات بناء هي حملات من خصوم (وزير الدفاع ايهود) باراك في الحلبة السياسية".
وقدم اولمرت خلال اللقاء عددا من مبادرات حسن النية منها قرار اطلاق 250 اسيراً فلسطينياً قبل عيد الاضحى مع احتفاظ اسرائيل بمعاييرها هي لاطلاقهم، مع ان عباس طلب ان يكون بينهم اشخاص من المحكوم عليهم بعقوبات عالية وقدم قائمة اسماء الى الجانب الاسرائيلي الذي وعد بدرسها.
كذلك ابلغ اولمرت الى عباس ان اسرائيل قررت منح 20 الف فلسطيني يقيمون في الضفة الغربية وغزة من دون بطاقة هوية ارقاما وطنية و1000 رقم وطني جديد لفلسطينيين يعيشون خارج الضفة وغزة. كما قررت اعادة عدد من مبعدي كنيسة المهد ووعدت باعادة الآخرين في اطار ترتيبات معينة اذا وافق الفلسطينيون عليها.
واشارت المصادر الى ان رئيس الوزراء الاسرائيلي وافق على طلب الرئيس الفلسطيني وقف هدم 3000 منزل في انحاء مختلفة من الضفة الغربية بحجة عدم حصول اصحابها على تراخيص بناء.
وكان عباس جدد في مؤتمر صحافي عقده في مقر المقاطعة في رام الله مع وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند "رفض القيادة الفلسطينية لاي اتفاقات انتقالية او تأجيل بعض القضايا في ما يتعلق بالمفاوضات مع الجانب الاسرائيلي". وقال ان "المطلوب اتفاق سلام شامل لا يستثني ايا من القضايا السبع وهي القدس واللاجئون والحدود والمياه والامن، الى اطلاق جميع الاسرى الفلسطينيين". وابرز اهمية دور بريطانيا في عملية السلام.
سوريا
وتطرق اولمرت في المؤتر الصحافي الذي اعقب لقاءه وعباس الى المفاوضات مع سوريا، فقال إن "قرار اختيار تركيا وسيطاً بين إسرائيل وسوريا كان صائباً ويصب في مصلحة الجانبين". واضاف أن "الاستعدادات تجري حالياً للجولة الخامسة من المفاوضات غير المباشرة بين البلدين"، مؤكداً مع ذلك "وجوب إجراء مفاوضات مباشرة في نهاية الأمر".
ميليباند
ونقلت الاذاعة الاسرائيلية عن اولمرت قوله لدى لقائه ميليباند"إن عملية البناء (الاستيطاني) خارج الخط الأخضر ستستمر حسب المعايير التي اعتمدت في مؤتمر أنابوليس"، مشيرا إلى أن "الحديث يجري عن عملية بناء في الأحياء اليهودية في القدس وفي الكتل الاستيطانية الكبرى، وهي لاتتعارض مع رسالة الرئيس جورج بوش التي نصت على بقاء هذه المناطق تحت السيطرة الإسرائيلية". وأضاف "إن ثمة حاجة ملحة إلى اتفاق لترسيم الحدود الأمنية في نطاق التسوية الدائمة، بحيث سيكون من الواضح بعدئذ أين يمكن البناء". ورفض الاتهام (البريطاني والدولي) بأن "عملية البناء في المناطق (المحتلة) تعرقل عملية السلام".
وأثار رئيس الوزراء الاسرائيلي أيضاً خلال اجتماعه مع وزير الخارجية البريطاني موضوع وضع علامات على السلع التي تصدرها إسرائيل إلى أوروبا والتي يعود أصلها إلى المستوطنات في المناطق المحتلة. وقال ميليباند إن "عملية وضع العلامات لا تجري حسبما اتفق". ورد أولمرت بان "الصادرات الإسرائيلية الى أوروبا تقدر بنحو اربعة مليارات دولار سنوياً، وأن اربعة ملايين دولار فقط من أصل هذه الصادرات تصل من (مستوطنات في) المناطق (المحتلة)".
كما أثار رئيس الوزراء المشكلة التي يواجهها مسؤولون أمنيون إسرائيليون كبار، اذ تصدر مذكرات توقيف في حقهم في بريطانيا. ويتسنى ذلك بموجب القانون البريطاني الذي يسمح لأي منظمة المطالبة بإصدار مثل هذه المذكرات. ورد عليه الوزير البريطاني بانه "لم يتم بعد إيجاد حل للمشكلة، لأن الأمر يتطلب إدخال تعديلات على القوانين المرعية".
وكانت زيارة ميليباند، لإسرائيل شهدت خلافات في وجهات النظر في شأن نية بريطانيا فرض قيود على البضائع التي تصنع في المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية، ومذكرات التوقيف في حق ضباط إسرائيليين في بريطانيا، وزيارة الوزير البريطاني لسوريا.
وأعربت وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني عن رفضها لنية بريطانيا فرض قيود على البضائع التي تنتج في مستوطنات الضفة ووضع علامات خاصة عليها في المحال البريطانية، كما اعترض المسؤولون الإسرائيليون خلال اللقاءات مع ميليباند، على مذكرات التوقيف الصادرة في حق ضباط في الجيش بتهمة ارتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينيين.
انتقادات
وانتقد عدد من نواب الكتل والاحزاب اليمينية في اسرائيل بشدة قرار اولمرت اطلاق فلسطينيين من السجون الإسرائيلية. وقال النائب الليكودي رئوفين ريفلين ان "اولمرت المنتهية ولايته لا يحق له ان يقدم تعهدات باسم الدولة". واعتبر النائب ديفيد روتم من كتلة "اسرائيل بيتنا" ان "القيام بمبادرات حسن نية لا يجدي نفعا ما دام الجندي جلعاد شاليت محتجزا في قطاع غزة". وقال النائب اوري ارييل من كتلة الاتحاد الوطني "المفدال" ان "جميع الفلسطينيين الذين افرج عنهم في الماضي عادوا ليمارسوا النشاطات الارهابية".
"حماس"
ووصفت حركة "حماس" لقاء الرئيس عباس وأولمرت بـأنه "مهزلة" واعتبرته "تحديا لمشاعر شعبنا الفلسطيني الذي يعاني الويلات من هذا الاحتلال في كل مكان على أرض فلسطين"، وهو يأتي "للتغطية على كل هذه الجرائم وتجميل وجه الاحتلال
"النهار"