يتوقّع السوريون أن النظام السوري لن يوفر فرصة سانحة أكثر من تلك التي منحته إياها إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بتجميد بعض العقوبات الواردة ضده في قانون “قيصر”، للبحث على طوق نجاة مؤقت من عقوبات بدأت بخنق مؤسساته بشدة منذ صدور القانون في 2019، حتى لوكان من البوابة الإغاثية وعلى حساب المنكوبين بالزلزال.
الاستثناءات موجودة بالفعل
وأصدرت وزارة الخزانة الأميركية الجمعة، قراراً منحت من خلاله ترخيصاً بتجميد العقوبات المفروضة على النظام حددته ب180 يوماً، على جميع المعاملات المتعلقة بالإغاثة من الزلزال التي كانت محظورة بموجب قانون العقوبات الأميركية، بما في ذلك الحوالات المصرفية الواردة إلى المصرف المركزي السوري والمصارف الحكومية.
ويؤكد المعارض السوري في واشنطن أيمن عبد النور ما أوضحته الإدارة الأميركية عقب القرار، بأن قانون العقوبات على النظام يحتوي على استثناءات للجهود المتعلقة بالشق الإنساني والإغاثي وإرسال المساعدات الإنسانية، بما في ذلك الأدوية والأغذية والتجهيزات الطبية.
لكن عبد النور يوضح ل”المدن”، أنه في السابق، عندما كانت تريد شركة فتح اعتماد مصرفي يشكّ المصرف في علاقتها مع النظام أو مع شخصيات معاقبة لديه أو حتى الشك بكونها هي نفسها معاقبة، فإن المصرف لا يفتح الاعتماد حتى لو كان من أجل إرسال أغذية أو أدوية، وذلك لأن عملية الكشف والتدقيق عن كل تلك الشكوك للحؤول دون وقوع المصرف تحت العقوبات مكلفة وتسبب خسارة له.
بينما الآن، فإن القرار الأميركي جاء من أجل توضيح الممارسة في مثل تلك الحالات، وتسهيل عناء التدقيق في ما إذا كان الطرف المرسل إليه الثاني والثالث مشمولاً بلائحة العقوبات، وبالتالي فإن القرار ليس رفعاً للعقوبات وإنما تسهيلاً للمعاملات.
خطورة القرار
والسؤال الأكثر إلحاحاً، هو ما هي المخاطر المترتبة على القرار على صعيد استغلاله من قبل النظام السوري؟
ويقول الباحث الاقتصادي رضوان الدبس إن النظام قد يتمكن من فتح بعض الشركات والحسابات البنكية المجمدة واستعادة بعض الأموال من البنوك الخارجية، فضلاً عن إمكان ممارسة التصدير والاستيراد تحت بند تجميد العقوبات للإغاثة، ما قد يُشكل طوق نجاة ومتنفس لاستعادة قوته ولملمة شتاته الاقتصادي.
ويعتبر في حديث ل”المدن”، أن الخطورة ستمتد إلى المجتمع الدولي بأسره وكذلك المحيط الإقليمي للنظام، لأن قرار التجميد أعطى انطباعاً بأن الولايات المتحدة لن تذهب إلى آخر الطريق في محاربة النظام اقتصادياً وأنها قد تُقدم مستقبلاً على قرار مماثل تحت ظرف مختلف، بعدما رسمت العقوبات والآلية العابرة للحدود عكس ذلك في السابق.
من جهته، يرى الباحث الاقتصادي ومدير منصة اقتصادي يونس الكريم في حديث ل”المدن”، أن الخطورة الأكبر تكمن بالسماح للمركزي السوري باستقبال المساعدات الإنسانية العينية والنقدية بعدما كانت العقوبات بالسابق تمنعه من استقبال النقدية.
هل نجح النظام بدعايته؟
ودأب النظام بإعلامه ومسؤوليه على الترويج بشكل ممنهج منذ وقوع الزلزال بأن العقوبات تقف حاجزاً أمام إرسال التبرعات والمساعدات الدولية للمنكوبين في مناطق سيطرته، وبدأت ماكينته الإعلامية عقب القرار الترويج ل”النصر على الإرادة الأميركية”، لكن السؤال هل نجح فعلاً بالضغط على واشنطن؟
يؤكد مدير البرنامج السوري في “مرصد الشبكات السياسية والاقتصادية” كرم شعّار أن تأثير الدعاية الإعلامية للنظام على صدور القرار يكاد يكون معدوماً، موضحاً أنه جاء إثر ضغط من بعض مؤسسات العمل الإنساني وأشخاص متواجدين في واشنطن لتخفيف جزء معين من العقوبات يؤثر فعلاً على العمل الإنساني لكن بشكل محدود، وهي الحوالات المصرفية.
ويوضح شعّار ل”المدن”، أن التأثيرات الإيجابية على العمل الإنساني ستكون محدودة، وأن المشكلة بالدرجة الأولى ليست بالعقوبات، وإنما بنظام يحاول “سرقة” أي مساعدات تأتي من الخارج عن طريقه.
“المدن”