نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” تقريرا قالت فيه إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تحرك سريعا للسيطرة على إمبراطورية فاغنر العالمية. وقالت إن الكرملين طمأن الدول الإفريقية ودول الشرق الأوسط أنها ستدير مرتزقة فاغنر التي وسعت التأثير الروسي في هذه المناطق وبكلفة قليلة.
وقد أعدّ كلٌّ من “بينويه فوكون” و”جوي باركنسون” و”درو هينشو” تقريرا قالوا فيه إن الكرملين، وبعد ساعات من وقف يفغيني بريغوجين تقدُّمَ قواته نحو موسكو (وهو صاحب السوابق الإجرامية السابق وزعيم مرتزقة فاغنر)، بدأ عمليات وضع اليد على الإمبراطورية الدولية للشركة، والتي بنتها عبر العلاقات التجارية العسكرية. وسافر نائب وزير الخارجية إلى دمشق شخصيا، لكي يبلغ رسالة شخصية لرئيس النظام السوري بشار الأسد، مفادها أن: قوات فاغنر لن تعمل بشكل مستقل. واتصل مسؤولون بارزون في الخارجية برئيس جمهورية إفريقيا الوسطى الذي يضم حرسه الشخصي مرتزقة من فاغنر وقدموا له تأكيدات من أزمة السبت لن تعرقل التوسع الروسي في إفريقيا. وقامت المقاتلات الروسية من وزارة الأوضاع الطارئة برحلات مكوكية من سوريا إلى مالي التي تعتبر من أهم مراكز فاغنر الخارجية.
إن النشاطات الدبلوماسية المكثفة تعكس محاولات الرئيس بوتين التقليل من أهمية الفوضى في داخل روسيا والتأكيد للشركاء الأفارقة وفي الشرق الأوسط أن عمليات فاغنر ستستمر بدون تعطل.
وتعلق الصحيفة أن النشاطات الدبلوماسية المكثفة تعكس محاولات الرئيس بوتين التقليل من أهمية الفوضى في داخل روسيا والتأكيد للشركاء الأفارقة وفي الشرق الأوسط أن عمليات فاغنر ستستمر بدون تعطل، وذلك حسب دبلوماسيين وضباط في الاستخبارات ومنشقين عن الشركة إلى جانب أشخاص اطلعوا على المحادثات ومراجعة لحركة الطيران.
ومن الآن فصاعدا، فالنتيجة التي تريدها موسكو هي أن تظل العمليات في هذه الدولة مستمرة ولكن تحت قيادة جديدة. ويبدو أن روسيا التي ظلت وعلى مدى سنوات، تنفي أية علاقة مع مرتزقة فاغنر، تحاول الآن السيطرة على إمبراطورية واسعة أدارها بريغوجين قبل عصيانه يوم السبت.
ويقول جي بيتر فام، المبعوث الخاص السابق إلى غرب إفريقيا ومنطقة الساحل “ساعدت فاغنر روسيا على بناء تأثيرها، والحكومة تمقت التخلي عنها”، وأضاف “أعطت فاغنر الدولة حالة من الإنكار، والسؤال الآن يدور بشأن إن كانت قادرة على إدارة تعقيدها والتعامل مع رقابة أكثر عليها”.
جي بيتر فام: “أعطت فاغنر الدولة حالة من الإنكار، والسؤال الآن يدور بشأن إن كانت قادرة على إدارة تعقيدها والتعامل مع رقابة أكثر عليها”.
وتظهر وثائق اطلعت عليها “وول ستريت جورنال” إلى جانب تصريحات مسؤولين غربيين، استطاعة الكرملين وبمسافة بعيدة عن فاغنر الحصول على تأثير دولي كبير وموارد مالية من شركة كونكورد القابضة التي أدارها بريغوجين إلى جانب عدد من الشركات الوهمية.
وتبلغ موارد شركات فاغنر المتعددة مئات الملايين من الدولارات في إفريقيا كل عام، وكذا بناء تأثير في القارة الإفريقية وتمويل الحرب في أوكرانيا. وتشمل مصادر المال للمجموعة تصدير الذهب السوداني إلى روسيا وكذا الماس من جمهورية إفريقيا الوسطى إلى الإمارات والخشب إلى باكستان، حسب هؤلاء المسؤولين.
ونشرت فاغنر على مدى سنوات، تأثيرها الأمني في الدول التي تحكمها أنظمة ديكتاتورية في الشرق الأوسط وإفريقيا، وبدأت في الآونة الأخيرة تتحرك بحذر في دول أمريكا اللاتينية ودول البحر الكاريبي، هذا إلى جانب نشرها أكثر من 30 ألف مقاتل في أوكرانيا.
نشرت فاغنر تأثيرها الأمني في الدول التي تحكمها أنظمة ديكتاتورية في الشرق الأوسط وإفريقيا، وبدأت في الآونة الأخيرة تتحرك بحذر في دول أمريكا اللاتينية ودول البحر الكاريبي، وفي أوكرانيا، وسوريا ومالي وجمهورية إفريقيا الوسطى، ودول أخرى.
وأصبح مرتزقة فاغنر الذين يدعمهم جيش من المخططين الإستراتيجيين والممولين والباحثين الجيولوجيين حول منظور التنقيب عن المعادن الثمينة، متمكنين في دول مثل سوريا ومالي وجمهورية إفريقيا الوسطى. وعرضت المجموعة مساعدات لقمع القوى المعادية للحكومات في كل من السودان وفنزويلا.
وكشفت وثائق البنتاغون التي سربت على تطبيق الثرثرة للألعاب “ديسكورد” عن زيارة وفد من فاغنر إلى هاييتي، حيث عرضوا على الحكومة المساعدة في السيطرة على العاصمة بورت أوف فرانس التي تكافح الحكومة للتحكم بها. وذكرت الوثائق أن الزيارة جرت في شباط/فبراير، ولم ترد وزارة الخارجية في هاييتي على أسئلة الصحيفة للتعليق. وهناك نحو 6 آلاف من مقاتلي فاغنر جرى نشرهم خارج روسيا حيث يقدمون خدمات متنوعة تتراوح ما بين حماية المناجم والسياسيين في جمهورية إفريقيا الوسطى إلى الدفاع عن حقول النفط التابعة للحكومة السورية. وفي مالي يقوم مرتزقة المجموعة بمواجهة المتشددين الإسلاميين الذين يخوضون حربا ضد الدولة منذ عام 2012.
إن أمريكا لديها فرصة لكي تستعيد التأثير الذي خسرته للصين وروسيا. وقامت أمريكا والدول الأوروبية بجهود للضغط على الدول الإفريقية ووقف التعامل مع فاغنر وشددت من العقوبات عليها.
وتعلق الصحيفة من أن مصير شركة فاغنر مرتبط بقدرة الكرملين على تهميش بريغوجين والحفاظ على الإمبراطورية التي بناها في ثلاث قارات. ويقول محللون في الأمن القومي إن أمريكا لديها فرصة لكي تستعيد التأثير الذي خسرته للصين وروسيا. وقامت الولايات المتحدة والدول الأوروبية بجهود للضغط على الدول الإفريقية ووقف التعامل مع فاغنر وشددت من العقوبات عليها.
وفي كانون الثاني/يناير سافر مدير الاستخبارات الأمريكي ويليام بيرنز إلى ليبيا وضغط على خليفة حفتر لطرد فاغنر، وسط مخاوف من استفادة المجموعة من مصادر النفط الليبية. وبسبب تصرفاتها في أوكرانيا، صنفت وزارة الخزانة الأمريكية فاغنر بالمنظمة الإجرامية العابرة للدول. وفرضت الوزارة عقوبات على شركة للتنقيب عن الذهب في جمهوية إفريقيا الوسطى من أجل تمويل الحرب في أوكرانيا. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية إن مزيدا من العقوبات في الطريق.
وبسبب تصرفاتها في أوكرانيا، صنفت وزارة الخزانة الأمريكية فاغنر بالمنظمة الإجرامية العابرة للدول.
واعترف الرئيس بوتين يوم الثلاثاء وبعد سنين من الإنكار أن الدولة الروسية مولت الشركة. وفي جمهورية إفريقيا الوسطى تدفع وزارة الدفاع التي أرسلت مرتزقة فاغنر عام 2013، رواتب 3 آلاف من المرتزقة، وذلك حسب فيدلي غوانجيكا، مستشار الرئيس لشؤون الأمن القومي. ولم ترد حكومة السودان أو مالي على أسئلة الصحيفة ولا الكرملين أيضا.
واعترف الرئيس بوتين يوم الثلاثاء وبعد سنين من الإنكار أن الدولة الروسية مولت الشركة.
وفي روسيا أعطت السلطات مرتزقة فاغنر حتى الأول من تموز/يوليو لتوقيع عقود مع وزارة الدفاع، فيما قال بريغوجين الذي هبطت طائرته في بيلاروسيا إن رجاله سيرفضون العقود، مع أنه لم يقل إن كان سيظل مديرا للمجموعة أم لا. وتم التعتيم على حسابات فاغنر يوم السبت ولكنها عادت مرة أخرى، كما يقول لو أوزبورن المحلل في “أوول أيز أو فاغنر”. ومن أجل مواجهة أي مظهر من أثر التمرد قام نائب وزير الخارجية سيرغي فيرشنين بالطيران إلى دمشق نهاية الأسبوع وحث الأسد على منع مقاتلي فاغنر من مغادرة سوريا بدون موافقة من موسكو.
وفي بيان صادر عن مكتب رئاسة النظام السوري جاء فيه إن الأسد ناقش مع الوفد الروسي موضوعات التنسيق في “ضوء الأحداث الأخيرة”. وطلب من مقاتلي فاغنر الذين ظلوا يعملون باستقلالية الانتقال يوم السبت إلى قاعدة حميميم في ميناء اللاذقية ونفذوا الأمر، حسب شخصين على معرفة بالأمر.
وفي مالي تراهن الحكومة على مقاتلي فاغنر لقتال الإسلاميين، وسط خطط لسحب قوات حفظ السلام البالغ عددها 13 ألف جندي بنهاية العام الحالي. وكانت الحكومة التي تدفع 10 ملايين دولار في الشهر تعول على ملء فاغنر فراغ قوات حفظ السلام. ويقود مرتزقة فاغنر مروحيات لمحاربة الإسلاميين في بلد تزيد مساحته عن فرنسا المستعمر السابق. وطلبت موسكو من المرتزقة والموظفين البقاء على رأس عملهم وأن أي مخالفة تحمل عقوبات قاسية.
ومنذ الغزو الروسي لأوكرانيا، بدأت فاغنر حملة واسعة للتوسع في القارة، ونشر في الأشهر الأخيرة إعلانات للتجنيد، حيث تحدثت عن خبرتها الطويلة في إفريقيا. وفي كانون الثاني/يناير عقدت فاغنر محادثات مع بوركينا فاسو وأظهرت دعايتها أنها ترغب في التوسع في ساحل العاج على المحيط الأطلسي.
وكشفت وثائق المخابرات الأمريكية عن خطة لفاغنر لمساعدة المتمردين في تشاد وزعزعة الاستقرار فيها، وربما قتل الرئيس التشادي. وكشف تقرير للأمم المتحدة عن تدريب مرتزقة فاغنر لجنود محليين في جمهورية إفريقيا الوسطى للسيطرة على منطقة مهمة للماس، وبهدف فتح ممر من المناطق التي تسيطر عليها فاغنر في السودان لمركز تجارة المعادن الثمينة في دبي.