علقت صحيفة “ديلي تلغراف” على التقرير الأمريكي “القنبلة” حسب وصفها، والذي تحدث عن توتر في علاقات الرئيس الإماراتي محمد بن زايد، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
وتحت عنوان: “من رحلات الصيد إلى برودة العلاقة، لماذا اختلف أقوى صديقين في الشرق الأوسط؟” قال جيمس روثويل: “ظهرا وكأنهما أفضل صديقين عندما ذهبا في رحلة صيد صقور في الصحراء السعودية، ومناقشة قضايا الدولة، قبل سبعة أعوام”.
في الأسبوع الماضي، كشف تقرير صحافي أمريكي عن الصدع المرّ بين السعودية والإمارات، مما أثار القلق حول التنافس التي قد يتحول إلى عداء مفتوح.
لم يتحدث ولي العهد السعودي والرئيس الإماراتي منذ ستة أشهر، ويقال إن بن سلمان هدد بمعاقبة الإمارات على الطريقة القطرية
ولم يتحدث ولي العهد السعودي والرئيس الإماراتي منذ ستة أشهر، بحسب تقرير “وول ستريت جورنال” الذي استشهد بمصادر متعددة قريبة من الطرفين. ويزعم أن بن سلمان هدد بمعاقبة الإمارات على الطريقة القطرية، وذلك في لقاء غير رسمي مع صحافيين سعوديين في الرياض نهاية العام الماضي: “سيرون ما أنا فاعل”.
حاول المسؤولون السعوديون والإماراتيون التقليل من التفاصيل الواردة في التقرير، وأكدوا أن العلاقة بين البلدين قوية. وقال مصدر مقرب من القيادة السعودية، إن التنافس بين الأصدقاء ليس مسألة جديدة، مشيرين إلى العلاقة المضطربة بين الولايات المتحدة وبريطانيا. وقالوا إن العلاقة بين الدولتين الخليجيتين لا تزال مستقرة وربما تبدو مريحة. وأضافوا أنه لا يوجد هناك أي خلافات بين الدولتين بشأن طريقة التعامل مع النزاعات الإقليمية، مثل سوريا واليمن، مع أن كلا البلدين يبحث عن مصالحه. إلا أن المزاعم تشير إلى أن العلاقة بين الرجلين توترت في محاولة كل منهما ملء الفراغ الذي تركته إدارة بايدن في الشرق الأوسط.
ونقلت الصحيفة الأمريكية عن مسؤول أمريكي بارز قوله: “هذان رجلان طموحان بشكل كبير، ويريدان أن يكونا لاعبين مهمين في المنطقة”، وأضاف: “لا يزالان يتعاونان على مستوى ما، ولكن لا أحد منهما يبدو مرتاحا لأن يكون في نفس المكان. وبشكل عام، ليس في صالحنا أن يكون الرجلان في حالة خصام”.
وأضافت الصحيفة أن الأمير محمد بن سلمان، ومنذ أن خفضت الولايات المتحدة من مشاركتها في الشرق الأوسط، يريد تقديم نفسه بأنه اللاعب الرئيسي المقبل في المنطقة. وفي الأشهر الأخيرة، قاد الجهود العربية لتطبيع العلاقات مع سوريا، حيث شارك رئيس النظام بشار الأسد بالقمة العربية في أيار/ مايو لأول مرة منذ أكثر من عقد.
التحركات الدبلوماسية السعودية يبدو أنها أحبطت الزعيم الإماراتي الذي كان مرشدا للحاكم السعودي وليس منافسا
ولكن جهود التطبيع مع النظام السوري، بدأتها الإمارات قبل عدة سنوات، حيث أعادت فتح سفارتها في دمشق عام 2018، لكن الرياض نسبت الفضل لنفسها على ما يبدو. وبحث ولي العهد السعودي عن المساعدة من الصين لإعادة العلاقات مع إيران، حيث تم استئناف العلاقات الدبلوماسية، وربما يعمل البلدان معا لوقف الحرب في اليمن.
وتعلق الصحيفة أن التحركات الدبلوماسية السعودية يبدو أنها أحبطت الزعيم الإماراتي الذي كان مرشدا للحاكم السعودي وليس منافسا. ويقال إن بن زايد لعب دورا في إقناع إدارة دونالد ترامب لدعم محمد بن سلمان الذي كان نائبا لولي العهد، وتأمين زيارة ترامب الأولى بعد انتخابه في عام 2017 إلى السعودية.
ولكن التنافس يذهب أبعد من الدبلوماسية، فالبلدان الخليجيان، يتنافسان للحصول على الاستثمارات العالمية، ويريدان تحويل الرياض وأبو ظبي إلى المركز المفضل للشركات الغربية العملاقة.
ولا تزال دبي متفوقة، لكن السعودية أعلنت عن مشاريع استثمارية مثل مدينة نيوم التي تهدف لجذب الأجانب إلى البلد. وعندما حاول محمد بن سلمان، تحديث بلده المحافظ، بحث عن دعم واستشارة من محمد بن زايد، بحسب “وول ستريت جورنال”، حيث استعان بنفس شركات الاستشارة والعلاقات العامة التي استخدمتها الإمارات قبل عقود.
وتتساءل الصحيفة إن كانت الخلافات هي تعبير عن تكامل أم تنافس؟ وتخشى الولايات المتحدة من أن يؤدي الصراع على السلطة لإضعاف جهودها من أجل بناء تحالف أمني ضد إيران، ويعرقل الجهود لحل النزاع اليمني. وقال سير جون جينكنز، السفير البريطاني السابق في السعودية، إنه ليس مستغربا من زيادة حدة الخصومات، ولكن لن يقود هذا بالضرورة إلى صدام بين محمد بن سلمان ومحمد بن زايد.
يريد بن سلمان تحويل السعودية إلى نسخة ضخمة من الإمارات، وهذا التكامل يبدو الآن وكأنه تنافس
ويقول: “يريد بن سلمان تحويل السعودية إلى نسخة ضخمة من الإمارات، وهذا التكامل يبدو الآن وكأنه تنافس. ويمكن إدارته طالما عبّر كل طرف عن رغبة في التنازل”.
ونفى متحدث باسم حكومة الإمارات مزاعم حدوث صدع بين الزعيمين، “المزاعم المتعلقة بوجود توتر بين الإمارات والسعودية غير صحيحة بالمطلق ولا أساس لها”.
ولم تحصل الصحيفة على تعليق مباشر من السعودية. ولكن مسؤولا سعوديا أخبر “وول ستريت جورنال” أن “الإمارات هي أقرب شريك للسعودية في المنطقة وتتلاقى سياساتنا في الكثير من القضايا والمصالح المتبادلة”.
“القدس العربي”