يكثف “تنظيم الدولة الإسلامية” من هجماته ضد قوات النظام السوري والميليشيات المحلية في البادية السورية، ويقود حرب استنزاف مستثمراً في ذلك الأزمات القائمة، وانشغال روسيا بالحرب الأوكرانية، ثم العدوان على غزة، وانشغال الميليشيات المنتشرة شرق سوريا، بقضايا أخرى كالوجود الأمريكي، بينما يعيش النظام السوري أضعف حالاته. وفي آخر عملياته، قتل وجرح 27 عنصراً من ميليشيات الدفاع الوطني التابعة للنظام السوري، مساء الأحد، نتيجة انفجار لغم أرضي بسيارة عسكرية، كما قتل 4 عناصر من الميليشيات المحلية في منطقة المحطة الثالثة 35 كيلومتراً شرقي مدينة تدمر، بعد هجوم مباغت شنه التنظيم.
وقالت مصادر محلية إن 7 عناصر من الدفاع الوطني قتلوا نتيجة انفجار لغم أرضي زرعه خلايا تنظيم “الدولة” في قرية الشجيري التابعة لناحية المسرب في بادية دير الزور الغربي، وذلك خلال مهمة لتمشيط المنطقة من قبل عناصر الدفاع الوطني.
وفي تدمر، هاجمت خلايا تابعة لتنظيم “الدولة”، ليل أمس، مواقع للمليشيات الموالية لإيران في منطقة المحطة الثالثة 35 كيلومتراً شرقي مدينة تدمر، وسط مواجهات عنيفة بين عناصر النقاط المحيطة للمحطة الثالثة من جهة، والمهاجمين، مما أدى إلى مقتل 4 عناصر من الميليشيات الموالية لإيران.
وفي المقابل، نقلت صحيفة “الوطن” شبه الرسمية عن مصدر ميداني، قوله مقتل عدد من عناصر التنظيم بعد مواجهات ضارية مع وحدات الجيش في بادية دير الزور. كما لاحقت الوحدات العسكرية عناصر التنظيم “الذين نجوا من نيران الجيش حتى الحدود الإدارية السورية العراقية، ليتواروا في عمق البادية”.
ونفذت طائرات حربية روسية غارات عدة على محيط منطقة المحطة الثالثة، بينما دفعت الميليشيات الإيرانية وقوات النظام تعزيزات عسكرية ضمت نحو 150 عنصراً من مقاتلي العشائر من ريف ديرالزور الشرقي، وآليات عسكرية، في اتجاه بادية البشري في بادية دير الزور الغربية، لتمشيط المنطقة عقب النشاط المتزايد لخلايا تنظيم.
في غضون ذلك، أفاد مصدر عسكري من النظام السوري لوكالة “نورث برس” الكردية، الإثنين، بمقتل وإصابة العشرات من قوات النظام و”المجموعات الرديفة لها” وفصائل موالية لإيران، في اشتباكات خلال اليومين الفائتين مع خلايا لـ”تنظيم الدولة” في البادية السورية وريف دير الزور.
ووفقاً للمصدر، فقد قتل 10 عناصر من فصيل “لواء القدس” الإيراني وأصيب 6 آخرون في اشتباكات مع الخلايا، مشيراً إلى أن “هجوماً آخر شنه التنظيم على مقر للدفاع الوطني المتمركز بجانب قلعة فخر الدين المعني في مدينة تدمر شرقي حمص، أسفر عن إصابة ثلاثة عناصر من الأخير”. وأضاف أن الهجوم تزامن مع هجوم آخر على محطة محروقات العليوي على الطريق العام في تدمر، الذي يتخذه فصيل “لواء الباقر” الإيراني مقراً لعناصره، حيث اندلعت اشتباكات استمرت ساعة أدت إلى مقتل عنصرين من الأخير. كما هاجم تنظيم “الدولة” مواقع قوات النظام والمسلحين الموالين لها في بادية البوكمال بريف دير الزور قرب الحدود السورية-العراقية.
وصعد تنظيم “الدولة” من هجماته ضد مواقع قوات النظام والمسلحين الموالين لها في البادية السورية، خلال نوفمبر/تشرين الثاني، حيث وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل 73 شخصاً بينهم مدني واحد، في 17 هجمة في أماكن متفرقة في البادية السورية.
وبلغت حصيلة القتلى خلال العمليات العسكرية ضمن البادية السورية منذ بداية العام الجاري 569 قتيلاً، بينهم 44 من عناصر تنظيم “الدولة” قتلوا خلال اشتباكات مع قوات النظام واستهدافات جوية روسية طالت مناطق يتوارون فيها في مناطق متفرقة من بادية حمص والسويداء وحماة والرقة ودير الزور وحلب.
كما قتل 360 من قوات النظام والميليشيات الموالية لها خلال 149 عملية لعناصر التنظيم ضمن مناطق متفرقة من البادية، تمت عبر كمائن وهجمات مسلحة وتفجيرات في غرب الفرات، والرقة، وحمص، والسويداء، وحماة، وحلب.
الخبير في شؤون الحركات الإسلامية حسن أبو هنية، فسّر تكثيف هجمات التنظيم بأنها رغبة منه في استثمار الاختلالات الجيوسياسية في المنطقة.
وقال إن التنظيم “بارع في استثمار الأزمات وليس في خلقها، ولذلك هو يراهن على اختلالات في سوريا، وفي المنطقة بشكل أو بآخر حيث تبرز الآن الخلافات بين إيران وميليشياتها مع الولايات المتحدة الأمريكية وقواعدها، لذا هو يراهن على الاختلال في المنطقة من أجل العودة، ولكنه يحاول خلال هذه الفترة الحفاظ على نسق ثابت من العمليات من أجل عمليات التمويل والاستقطاب والتجنيد”.
وحول السيطرة المكانية، قال الخبير في شؤون الجماعات الجهادية، إن هذه العمليات هي “معتادة” باستمرار، لأن التنظيم يعمل وفق خطة ثابتة، وهو ينتظر لحظة أكثر مناسبة من الاختلالات المحلية، لذلك ذهب المتحدث إلى الاعتقاد بأن التنظيم سوف يكثف من العمليات سواء الكمائن أو مهاجمة أو أية تكتيكات قتالية أخرى، مستبعداً أي خطة لسيطرة مكانية واسعة في هذه المرحلة، “إنما الحفاظ على هياكله بانتظار فرصة سانحة، وأعتقد أن الأمور هي مع هذا السوء والخلافات سواء من قبل قسد والعشائر، وانشغالات روسيا بأكرانيا، الآن الحرب على غزة”.
وأضاف أبو هنية: “تنظيم الدولة منذ خسارته عام 2019 تحول إلى منظمة لا مركزية، تعمل من خلال قواطع ومفارز وخلايا صغيرة منتشرة في مختلف مناطق الفراغ الأمني سواء في البادية السورية أو في أرياف ومدن دير الزور وغيرها، ولذلك استثمر ما يحدث أخيراً من أجل إعادة هيكلة نفسه”.
وأشار إلى أن التنظيم “يحافظ على نسق ثابت من العمليات، لذا يقوم بحرب عصابات، ويحافظ على هياكله ويعيد بناءها، وهذا يعطيه فرصة لإعادة النظر في كل مكوناته الهيكلية والتنظيمية والتمويلية، ولكنه ليس بصدد شن هجمات كبيرة”.
“القدس العربي”