قال خبيران ومسؤول من فلسطين، إن إسرائيل تريد وجود سلطة تحكم قطاع غزة مرتبطة بها، من وحي تجارب سابقة “فاشلة” في جنوب لبنان والضفة الغربية، “وهو ما لا يقبله الفلسطينيون”.
وأشار الخبيران والمسؤول، إلى أن إسرائيل تبحث عن حلول “غير واقعية”، في ظل عدم قدرتها حتى اليوم على حسم المعركة في غزة، وتواجه “مقاومة قوية توقع الخسائر وتواصل إطلاق الصواريخ داخل العمق الإسرائيلي”.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، يشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة على قطاع غزة، خلفت آلاف القتلى والجرحى.
وأعلنت إسرائيل أن الحرب تهدف إلى “إنهاء حكم حماس في غزة والقضاء على قدراتها العسكرية وإعادة الأسرى الإسرائيليين”.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قال وفق هيئة البث الإسرائيلية الرسمية، الثلاثاء، خلال نقاش مغلق للجنة الخارجية والأمن البرلمانية: “سيكون قطاع غزة تحت السيطرة العسكرية الإسرائيلية، وبعد الحرب، ستعمل في غزة إدارة مدنية وسيتم إعادة تأهيل القطاع بقيادة دول الخليج (دون تسمية بلد بعينه)، ولن نستسلم للضغوط الدولية”.
وكان نتنياهو أكد في الأسابيع الأخيرة رفضه عودة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة بعد انتهاء الحرب، وشدد على إنهاء حكم حماس.
العودة إلى تجارب “فاشلة”
الخبير الفلسطيني جهاد حرب، يرى أن إسرائيل “تريد إدارة مدنية أو سلطة تتبعها في قطاع غزة أي العودة إلى ما قبل اتفاق أوسلو ولكن بإدارة فلسطينية، وقد لا تعارض وجودا أردنيا أو مصريا في قطاع غزة”.
وأضاف: “إسرائيل تطرح سيناريوهات جربت في جنوب لبنان وفشلت، وجربت في بداية الثمانينات من القرن الماضي في الضفة الغربية والتي تعرف بروابط القرى وفشلت هي الأخرى”.
وقال: “لا أحد يستطيع القبول أن يكون جزء من الاحتلال خاصة أن الشعب الفلسطيني قدم تضحيات كبيرة”.
وأشار الخبير الفلسطيني إلى أن السلطة الفلسطينية لديها أولويات أولها وقف الحرب، وتوفير الخدمات والدواء والمياه والكهرباء وثانيا، الذهاب إلى مسار سياسي لإنهاء الاحتلال وأن لا يكون هناك أي عمل على إضعافها سواء بالاقتحامات أو اقتطاعات أموال الضرائب في الضفة وقطاع غزة.
وتابع: “الأهم أن لا أحد يقبل الذهاب إلى غزة دون توافق وطني، حماس جزء من الشعب الفلسطيني ولديها تأييد واسع في الشارع، لذلك لا يمكن لأحد القفز عليها ويتجاهلها”.
وأكد أنه “بعد هذه الحرب الطويلة لم تحقق إسرائيل هدفها بالقضاء على حماس، وحتى اليوم المقاومة قادرة على ضرب العمق الإسرائيلي وتقاوم بشكل عنيف على الأرض، فكيف يمكن أن نفكر الآن بمن يحكم غزة”.
وأوضح أن “حماس وبحسب استطلاعات الرأي تحظى بشعبية واسعة في الشارع الفلسطيني لا يمكن لأحد تجاهلها”.
كيان ضمن معايير إسرائيلية
مدير مركز يبوس للدراسات الإستراتيجية، سليمان بشارات، قال: “إذا ما عدنا إلى الرؤية الاسرائيلية منذ توقيع اتفاقية أوسلو عام 1993 ونشأة السلطة الفلسطينية فقد حرصت بشكل أساس على أن أي كيان سياسي فلسطيني سيكون ضمن عدة معايير من المنظور الاسرائيلي”.
وأوضح أن أول المعايير الإسرائيلية “عدم الاستقلالية السياسية في القرار أو السيادة على الأرض”.
و”ثانيها التبعية التنموية والاقتصادية للاحتلال الإسرائيلي، وثالثها عدم عرقلة المشروع الاستيطاني التوسعي على الأرض الفلسطينية خصوصا الضفة الغربية ومدينة القدس المحتلة”، بحسب بشارات.
وأضاف: “هذه المعايير عملت عليها إسرائيل سابقا، وستحرص على أن تعمل عليها مستقبلا في ظل أي طرح يرتبط بإعادة ترتيب الحالة السياسية الفلسطينية حتى لا تسمح بوجود كيان فلسطيني يمكن أن يمثل نموذجا ناجحا”.
وأكد أن “أي وجود لكيان سياسي فلسطيني ناجح ينفي حالة الوصاية التي تحاول إسرائيل أن تظهر بها على القضية الفلسطينية، وكذلك لا ينبغي أن يشكل لها تهديدا مستقبلا”.
وتابع: “لهذا السبب إسرائيل وضعت من بين أهدافها في الحرب تغيير الواقع في قطاع غزة ليس فقط إنهاء التهديد المسلح الذي تمثله فصائل المقاومة، وإنما هي لا تريد أن تمنح نموذجا فلسطينيا مستقلا ينمو ويتطور بمعزل عن السقف الذي تريده إسرائيل لنمط الإدارة الفلسطينية التي يجب أن لا تتخطى إدارة الشؤون اليومية وتقديم الخدمات الحياتية”.
وأردف بالقول إن “هذا النموذج الذي ترغب به إسرائيل لا يمكن أن نجزم أنه سيتحقق حتى اللحظة في غزة، لأن مخرجات الحرب ونتائجها لم تتضح بشكلها النهائي، وقد يكون هناك قدرة فلسطينية لانتزاع هذا النموذج إذا ما استطاعت المقاومة فرض معادلتها الميدانية التي يمكن أن تنعكس سياسيا فيما بعد”.
ولفت إلى أن “الطرح الإسرائيلي غير واقعي ولن يقبل به أي طرف فلسطيني كونه يتعارض مع المشروع الوطني”.
وبيّن بشارات أن “السلطة الفلسطينية وحكومتها ومواقفها لم تخرج كثيرا عن بعض الطروحات الدولية التي ترى في إشراك حماس في إدارة قطاع غزة أمرا لا مفر منه”.
وقال: “تعتبر بعض الطروحات الدولية إدخال حماس في الإطار السياسي الفلسطيني واندماجها به يجعلها تخفض من حجم وشكل ممارساتها العسكرية فيما بعد، على اعتبار الخوف من فقدان أي إنجازات سياسية قد تتحقق”.
وأردف: “لهذا السبب يمكن أن يكون طرح إدخال حماس للنظام السياسي الفلسطيني جزءا من عملية الاستيعاب لها ضمن لعبة السياسة التي تحتم على أطرافها التصرف وفقا لقواعد يتم وضعها، وهو ما يجعل هامش المناورة العسكرية أقل في حال فرضت هذه القواعد”.
إدارة النفس وعملية سياسية لإنهاء الاحتلال
عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، واصل أبو يوسف، قال إن “الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة والضفة الغربية تهدف إلى تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه إلى مصر والأردن”.
وأضاف: “كما تهدف إسرائيل إلى ضرب التمثيل الفلسطيني وفصل الضفة عن غزة وهذا ما لا يقبله أحد”.
وأشار إلى أن “السلطة الفلسطينية والحكومة الفلسطينية مسؤولة عن قطاع غزة وتدير قطاعات واسعة وتدفع فواتير الكهرباء والمياه والتربية والتعليم والصحة وموظفين ما قبل الانقسام”.
وقال إن منظمة التحرير ترى أن “هناك أولويات تسعى لتحقيقها، أولا وقف العدوان وإمداد الشعب الفلسطيني بالدواء والغذاء والماء، وثانيا رفض سياسة التهجير بشكل قاطع وبقاء المواطنين في أراضيهم”.
وثالثا بحسب أبو يوسف أن “القيادة الفلسطينية تريد عملية سياسية تجري من خلالها التأكيد على مسؤولية الفلسطينيين على إدارة أنفسهم في الضفة الغربية بما فيها مدينة القدس وقطاع غزة ضمن مسار سياسي يفضي إلى قيام دولة مستقلة”.
(الأناضول)