دمشق – «القدس العربي»: يتهيأ النازحون في المناطق الأكثر سوءاً على الحدود السورية – التركية لعاصفة هوائية جديدة، قد تأتي على ما بقي من خيامهم وتجمعاتهم العشوائية التي تضم نحو مليوني نازح شمال غربي سوريا.
وفي بيان مقتضب، حذر السلطات المحلية في إدلب ومحيطها شمالاً، من عواصف وشيكة تكسر سرعتها حاجز 75 كيلومتراً في الساعة، كما نصحت “بضرورة تثبيت الخيام وعدم إشعال النار والابتعاد عن الأسطح والجدران الآيلة للسقوط”.
وهذا هو العام 13 لتكرار معاناة النازحين في مخيمات التهجير والثاني في مخيمات إيواء منكوبي الزلزال، ممن تتضاعف احتياجاتهم الإنسانية مع المنخفضات الجوية المترافقة بالهطولات المطرية الغزيرة، التي تأتي على خيامهم وتغرقها وتحول المناطق المحيطة إلى مستنقعات من الوحل تعيق التنقلات والوصول للمرافق العامة والصحية والتعليمية، في ظل أزمة إنسانية تتعمق مع تراجع الاستجابة الإنسانية.
ومنذ أيام، تتعرض مناطق شمال غربي سوريا لتأثير منخفض جوي يترافق مع أمطار غزيرة، ما تسبب بارتفاع منسوب مجاري المياه ضمن المخيمات وفيضانها على الخيام، بينما تركت السيول أضراراً في عشرات المخيمات وطرقاتها التي أصبحت موحلة وغير قابلة للسير.
منظمة الدفاع المدني السوري، وثقت خلال استجابتها للعاصفة الأخيرة قبل أيام، أضراراً في أكثر من 95 خيمة في عدد من المخيمات بريفي إدلب وحلب.
وهذا المنخفض الجوي هو الخامس لهذا الشتاء، حيث ترك المنخفض السابق أضراراً في أكثر من 525 خيمةً ضمن 43 مخيماً للمهجرين والناجين من الزلزال، وفي مرافق عامة ومنازل للمدنيين، وطرقات حيوية، ومزارع وبساتين، استجابت لها فرقنا يوم الأربعاء 17 كانون الثاني/ يناير.
وغرق يوم الخميس 21 آذار/ مارس أكثر من 37 خيمة ضمن مخيمي الأنفال وزمزم2 بمنطقة أطمة شمالي إدلب، بسبب الهطولات المطرية الغزيرة وفيضان مجاري المياه المجاورة لهذين المخيمين.
وتضررت 10 خيام بشكل جزئي في مخيم النادي لإيواء منكوبي الزلزال في مدينة جنديرس شمال غربي حلب، وتضررت 7 خيام بشكل كلي و15 خيمة بشكل جزئي في مخيم المغسلة ببلدة رام حمدان شمالي إدلب، وتسببت الهطولات المطرية والسيول في أضرار بمخيمي السيالة والمحسنين بمنطقة باتبو شمالي إدلب، وتسربت المياه فيهما لأكثر من 11 خيمة للمهجرين، وتضررت 15 خيمة بشكل جزئي، ضمن مخيم براعم أبي الفداء غربي مدينة سرمدا بريف إدلب.
وتضرر خلال العواصف التي ضربت مناطق شمال غربي سوريا خلال فصل الشتاء الحالي أكثر من 120 مخيماً في مناطق شمال غربي سوريا استجابت له فرقنا، تضرر في هذه المخيمات أكثر من 315 خيمة بشكل كلي، و1570 خيمة بشكل جزئي، كما تضررت طرقات مئات المخيمات بسبب السيول وتحولت لبرك من الوحل، أعاقت وصول المدنيين إلى مرافق الحياة والطلاب إلى مدارسهم.
ندى الراشد، عضو مجلس إدارة الخوذ البيضاء، قالت في تصريح لـ “القدس العربي” إن “المأساة التي يعيشها المهجّرون خلال فصل الشتاء لا يمكن حلها عبر تقديم الخدمات للمخيمات رغم أهميتها وضرورتها، ولا ببناء مخيمات إسمنتية؛ فمعاناتهم أعمق من مجرد السكن، وإنما الحل الجذري والوحيد يكون في توفير الأمان للمدنيين للعودة إلى مساكنهم وعندها تتضاءل الحاجة للدعم الإنساني والإغاثي، وإلى حين هذا الحل يجب أن تتحقق لهم ظروف عيش تحفظ كرامتهم البشرية”.
وأضافت: “ما يعيشه السوريون من كارثة إنسانية بعد 13 عاماً من الحرب هو نتاج لغياب الحل السياسي واستخدام نظام الأسد التهجير القسري وتدمير البنية التحتية كأدوات للحرب على السكان تفرز تداعيات طويلة الأمد، وإن حل هذه المأساة والكارثة يبدأ بالحل السياسي وفق قرار مجلس الأمن 2254 وعودة المهجرين قسراً لمنازلهم ومدنهم وبلداتهم بعد محاسبة من هجرهم وقتلهم، عندها فقط تعود بهجة هذا الأمطار، وتلتئم الجراح”.
منظمة “منسقو استجابة سوريا” صنفت مناطق المخيمات شمال غربي سوريا بأنها “منطقة كوارث نتيجة العوامل الجوية الحالية”.
وذكرت المنظمة في بيانها الأخير، أن أكثر من مليوني نازح ومهجر يعيشون ضمن المخيمات في شمال غرب سوريا، وأكثر من 134 ألف نازح يعاني جراء تضرر خيمته نتيجة الهطولات المطرية منذ بداية الشتاء الحالي التي أدت إلى أضرار في أكثر من 412 مخيماً، أي ما يعادل 22% من إجمالي المخيمات المنتشرة في المنطقة، ما يصنف الأوضاع داخل المخيمات كمنطقة كوارث نتيجة العوامل الجوية الحالية.
وكانت الأمم المتحدة قد شددت على ضرورة توسيع تسليم المساعدات الإنسانية في رمضان، وذلك عبر خطوط التماس إلى جميع أرجاء سوريا، مؤكدة أن ذلك “يمثل أولوية قصوى”.
جاء ذلك في إحاطة خلال جلسة مجلس الأمن الدولي، الخميس، للأمين العام المساعد للشؤون الإنسانية ونائبة منسق الإغاثة في حالات الطوارئ، جويس مسويا، بشأن الوضع الإنساني في سوريا.
وقالت، إن شهر رمضان هذا العام يأتي في الوقت الذي تحتفل فيه سوريا بمرور 13 عاماً على الصراع، مع سقوط مزيد من القتلى والجرحى بين المدنيين، وعلى الأخص في شمالي سوريا، وتزايد الاحتياجات الإنسانية في جميع أرجاء البلاد”.
وأوضحت أن أكثر من 7 ملايين شخص نازحون من منازلهم، ويحتاج أكثر من نصف السكان، نحو 13 مليون شخص، إلى المساعدات الغذائية. وأضافت المسؤولة الأممية أن “أكبر عدد من الناس في سوريا يحتاجون إلى المساعدات الإنسانية أكثر من أي وقت مضى خلال الأزمة”، مشيرة إلى أنه “مع ذلك، انخفض تمويل النداء الإنساني إلى مستوى قياسي من التخفيض”.
وحذّرت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة من أن “قدرة المجتمع الإنسانية على تقديم المساعدة محدودة للغاية، على الرغم من الاحتياجات الهائلة”، موضحة أن “العواقب مدمرة”.