مع انتهاء حالة الانتظار الحكومي، يكون قطار الحكم في لبنان قد استكمل عدّة الانطلاق. كل شيء بات في محله، من الناحية الدستورية. اليوم، من المتوقع أن تقر الحكومة اللبنانية الجديدة، بيانها الوزاري الأول. كما من المتوقع أن تنال ثقة المجلس النيابي، على أساسه، الأسبوع المقبل. وبذلك تكون الأمور قد صارت جاهزة، للعودة بالبلد إلى الحالة الطبيعية.
هذا هو المأمول، لاسيما وأن أجواء الوفاق والهدوء والمصالحات، ترخي بظلالها على البلاد؛ ومن كافة الجوانب. كما أن الحكومة تحظى بشبه إجماع وطني وسياسي، ولو أن هناك تحفظات على بعض بنود البيان الوزاري.
المهم أن الاعتراضات، التي عرفتها الفترة السابقة؛ لا وجود لها. ناهيك عن غياب مناخات التوتر والاحتقان. والأهم أن التوصل إلى التوافق على تركيبة الحكومة، ثم على صياغة بيانها؛ جرى من خلال الحوار الهادئ المتواصل؛ من دون حصول أية انسدادات أو قطيعة. صحيح أن العملية امتدّت لفترة غير قصيرة وأدّت إلى تزايد الإحباط. لكنها على الأقل بقيت على الطاولة، بعيدة عن الشارع. وهذا في حدّ ذاته انجاز ومؤشر واعد، بمقاييس الأزمة اللبنانية.
وكأن الأطراف المعنية باتت على قناعة بأن لا خيار غير التفاهم والعثور على القواسم الوطنية المشتركة.
البديل، خسارة عامة مؤكّدة. ليس سراً أن عوامل أخرى، من خارج المعادلة الداخلية؛ لعبت دورها في بلوغ المركب شاطئ التسوية. كما ليس سراً أن قضايا وملفات عديدة وجوهرية؛ لا تزال معلّقة من غير حلّ. مع ذلك، تبقى الحالة واعدة. في أقله، لأن كافة الأطراف تتلاقى على وجوب مواجهة قضايا الخلاف، من خلال المؤسسات والمكاشفة.
في ضوء هذه الأجواء وحتى اللحظة، يبدو المشهد اللبناني وكأنه استرجع من العافية؛ ما يؤهله لاستئناف دورة حياته واستعادة دوره، الطبيعيين . لكن مسيرته في هذا الاتجاه، مليئة بالتحديات. الأجندة الداخلية طافحة بالبنود. وكلها من صنف الأوليات الضاغطة.
استعادة وتمتين وحدته الوطنية، على رأس القائمة. نوايا إسرائيل المعروفة وتهديداتها المتواصلة، تستوجب الإسراع في هذه المهمة الأساسية. أمام الحكومة امتحانات ولحظات اختبار، شائكة وصعبة. مواصلة التمسك بالبوصلة التي قادت الوضع إلى نقطته الراهنة، وحدها الضمان لاجتياز المرحلة بأمان.