بلاغ صادر عن اجتماع اللجنة المركزية
عقدت اللجنة المركزية لحزب الشعب الديمقراطي السوري، اجتماعها الشهري أواسط كانون الثاني 2025، ناقشت فيه تطورات الوضع السوري الداخلي، والتَّحركات الدبلوماسية الإقليمية والدولية تجاه سورية. كما ناقشت الأوضاع التنظيمية لمنظمات الحزب في الداخل السوري وفي بلدان المهجر. وبحثت أيضاً آليات العمل على وثائق المؤتمر لإدخال تعديلات المطلوبة عليها.
على الصعيد السياسي:
استعرض الاجتماع جملة الأحداث والتطورات الداخلية السورية على مختلف الأصعدة الأمنية والسياسية والمعيشية، إضافةً إلى مجمل الاتصالات الدبلوماسية واللقاءات التي تجريها الإدارة السورية الجديدة مع عدد من العواصم المؤثرة في الملف السوري عربياً وإقليمياً ودولياً. توقَّف الرفاق عند أبرز دلالاتها ومؤشراتها، وعند الرسائل المتبادلة بين الإدارة والعديد من الأطراف على اختلاف مستوياتها. ولقد خلُصَ الاجتماع إلى عدد من الاستنتاجات والملاحظات التي نوجزها بما يلي:
1-بعد مضي شهر ونصف على أجواء الفرح التي يعيشها السوريون بسقوط عصابة آل الأسد، وهو الحدث الأهم والأعظم في تاريخ سورية الحديث، تتزايد القناعة بوجوب دعم وتأييد هذا المنعطف التاريخي الحاسم، وضرورة ترسيخه بوصفه انتصاراً للشعب السوري العظيم وثورته، وأن تؤول نتائجه إلى تحقيق تطلعاته في إعادة بناء دولته الوطنية. ورأى الاجتماع أن ما قامت به “قوات ردع العدوان” بإسقاط العائلة الأسدية، أمراً يستحق منا كل التقدير، واعتباره الإنجاز الأكبر لمخاض الثورة، للعبور نحو الدَّولة المدنية الحديثة، كما يشكِّل المفتاح الأداة نحو التغيير السياسي المنشود في حياة سورية والسوريين على حد سواء.
2- رغم بروز عددٍ من الثغرات والفجوات في سلوك وممارسة الإدارة الجديدة، وصدور بعض القرارات والتوجهات الارتجالية التي تفتقر إلى الرؤية المنهجية، يبقى الأمل معقوداً على الجهود الخيِّرة التي يبذلها الحراك المجتمعي باتجاه تجسير الهوَّة، وتصويب الخطى عبر مزيد من النقد البنَّاء، لاسيَّما أن التطورات الداخلية عموماً لا تؤشر أبداً نحو الأسوأ، طالما بقي السوريون يتمتعون بطعم الحرية والقدرةِ على الفعل والمشاركة. ومع إدراكنا لجسامة وثِقل المهام والتحديات التي يتصدى لها العهد الجديد، إلا أن الغائب الأكبر حتى اليوم يكمن في عدم مخاطبة الشعب السوري مباشرةً بصفته صاحب المصلحة والإرادة، ومصدراً للسلطة والسيادة، وكذلك في عدم احاطته بحقيقة التطورات والمجريات التي تجري من حوله. إن انصراف الإدارة نحو كسب تأييد المجتمع الدولي الإقليمي والعربي على أهميته، لكن لا ينبغي -بأي حال من الأحوال- أن يكون في غيبة الشعب وفي تغييب إرادته، بل بتأكيد حضوره ومشاركته.
3- لايزال الحديث عن مؤتمر الحوار الوطني، بصفته الاستحقاق الرئيسي في تقرير مستقبل سوريا، وفي بلورة ملامح الدولة السورية ومصدراً لشرعيتها، يكتنفه الكثير من الغموض والضبابية، حيث بدا الإعلان عنه وكأنه وسيلة لجسِّ النبض، أو حقلاً للتجارب السياسية، ويفتقر لمنهج واضح ولرؤية استراتيجية تليق بدوره ومهامه، وهو الأمر الذي أثار ويثير الكثير من علامات الاستفهام التي بدأت تتحوَّل إلى قلق كبير حول مستقبل سوريا وشكل الدولة المنشودة. صحيح أن إسقاط سلطة الأسد أزاح عن كاهل السوريين العبء الأكبر في مسار تحررهم وانعتاقهم، إلى أن الصحيح أيضاً أن ذلك لا يمثل قمة تطلعات الشعب السوري، فالتَّحرُّر الحقيقي يكمن في الوصول إلى دولة المؤسسات والمواطنة وسيادة القانون والعدالة والحريات العامة والفردية، دولة ديمقراطية تحترم التعدديَّة السياسية والتنوع الثقافي، كما أن فكرة أن الوقت مازال مبكراً على النقد والمطالب هي فكرة ليست في محلها، حيث أن غياب النقد يهدد بتحوُّلِ الممارسات الخاطئة إلى نهج عام.
4- لعلَّ من نافل القول إن الطريق إلى تحقيق تطلعات الشعب السوري وأهداف ثورته، طريق طويلةٌ ووعرة، ومليئةٌ بالتَّعرجات والتَّحديات، لكنَّ المخاوف وإشارات الاستفهام ينبغي أن يُردَّ عليها بالنَّقدِ البناء وتكريس أسلوب الحوار، وإشاعة الثقافة الديمقراطية والخروج من حالة التخندق السياسي في التَّعامل مع الاستحقاقات المطلوبة. أما اليوم، وقد حانت لحظة الحقيقة التي انتظرناها طويلاً، فعلى الشعب السوري وقواه الحيَّة الوطنية والديمقراطية، وسائر تجمعات ثواره وأحراره، أن يثبت للعالم أن نجاحه لن يقتصر على إسقاط النظام وتحرير بلده، بل سيواصل نضاله بنجاح من أجل تحقيق أهدافه في الوصول إلى الدولة الحرية والديمقراطية والكرامة والعدالة، وأن يثبت جدارته مرة أخرى بالقدرة على بلوغ غاياته، ولن تنقصه الشجاعة والكفاحية للوقوف ضد أي استبداد محتمل وإغلاق طريق عودته، وأن يبرهن أيضاً على قدرته على تشكيل كتلة سياسية وطنية وديمقراطية وازنة لمواصلة الحضور الشعبي الفاعل وحشد كل طاقات المجتمع السوري وأولهم الشباب ليكون صمام الأمان نحو تحقيق تطلعاته المنشودة .
على الصعيد التنظيمي:
ناقش الرفاق باستفاضة الأوضاع التنظيمية لعموم منظمات الحزب، واستعرض الاجتماع أوضاع التنظيم في الداخل وفي منظمات المهجر، ومناقشة المهام الموكلة إلى كل منها في هذه المرحلة الجديدة. كما قدم الرفاق في الداخل عرضاً لمجمل النشاطات التي نُفِّذَت في الأسابيع الماضية من لقاءات وندوات وحوارات، كما عرض رفاق آخرون موجزاً عن الحوارات التي أجروها في لقاءات مشتركة مع بعض ممثلي الأطياف السياسية. كما لحض الاجتماع ورود عدد هام من طلبات الانتساب إلى الحزب في الداخل والخارج. وخُتِمَ النقاش بضرورة تخصيص اجتماع قريب لوضع خطةٍ للتوسُّع التنظيمي من أجل توسيع مشاركتنا في الحراك الشعبي الدائر وضرورة عقد لقاءات بهذا الشأن
على صعيد وثائق المؤتمر:
أكَّد الرفاق في اللجنة المركزية على قرارها السابق بضرورة أن يقوم الرفاق أعضاء اللجان التحضيرية المختصة بمراجعة الوثائق المُعَدَّة للمؤتمر قبل سقوط النظام، طالبين منهم الشروع بقراءة نقديِّة لهذه الوثائق بهدف مراجعتها وإعادة النظر في مضامينها بما يتماشى مع التطورات الجديدة، وضرورة تغطية هذا الحدث التاريخي الهام وإدخال التعديلات المطلوبة.
دمشق 23/ 1/ 2025
اللجنة المركزية
لحزب الشعب الديمقراطي السوري