تعتبر ورقة سجون عناصر تنظيم «الدولة الإسلامية» واحدة من أربع أوراق تفاوض بها «قسد» الإدارة السورية في دمشق من أجل الحل.
قال قائد الإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع، في لقاء تلفزيوني مع قناة «خبر» التركية، إن قوات سوريا الديمقراطية «قسد» لم تستجب لدعوات نزع السلاح، وإن القوات الكردية هي «الوحيدة التي لم تستجب لدعوة الإدارة الحالية في حل نفسها وحصر السلاح بيد الإدارة»، لافتا إلى أنه «لا يمكن قبول وجود مقاتلين أجانب في سوريا».
وأشار الشرع إلى أن «قسد» وحزب العمال الكردستاني، رفضا التخلي عن أسلحتهما بعد دعوتهما للانخراط في قوات وزارة الدفاع السورية الجديدة، واتهم الشرع حزب العمال الكردستاني باستغلال قضية تنظيم «داعش» لمصالحه الخاصة، مؤكدًا على أن الإدارة الجديدة «لن تسمح لحزب العمال بشن هجمات إرهابية ضد تركيا»، وأن الإدارة الجديدة ستعمل على «ضمان أمن الحدود السورية-التركية».
وكانت «قسد» قد أعلنت من خلال تصريح صحافي لأحد ضباطها لوكالة «رويترز» أنها «ترفض تسليم سجون عناصر تنظيم «داعش» للإدارة الجديدة، وقال الضابط المسؤول عن حماية السجون إن «تنظيم داعش يسعى لاستغلال الاضطرابات التي تبعت سقوط نظام الأسد، وحاول عناصره تنفيذ هجومين لتهريب سجناء التنظيم»، وأضاف أن «قوات تنظيم داعش استغلت سقوط النظام ووسعت من نفوذها، الأمر الذي قابله تجهيز واستنفار لقوات سوريا الديمقراطية». ويمكن الاستدلال من التصريحات أن الضابط هو أحد القادة الأمنيين في قوى الأمن الداخلي «أسايش» باعتبارها هي الجهة المسؤولة عن حماية السجون وبيدها ينحصر الملف الأمني في منطقة شرق الفرات. وتعتبر ورقة سجون عناصر تنظيم «الدولة الإسلامية» واحدة من أربع أوراق تفاوض بها «قسد» الإدارة السورية في دمشق من أجل الحل.
بموازاة ذلك، وفي سياق الترغيب والترهيب، قال وزير الدفاع في الإدارة الجديدة، مرهف أبو قصرة، الأربعاء، في تصريح صحافي، إن «ملف قوات سوريا الديمقراطية قيد البحث مع القيادة الجديدة، وقواتنا جاهزة في حال طلبت القيادة التدخل العسكري».
وأشار أبو قصرة إلى أن بناء قوات مسلحة جديدة لا يمكن أن يستقيم بعقلية الفصائل والثورة، والهدف من بناء القوات المسلحة هو «الدفاع عن الوطن وتأمين حدوده».
وأضاف، «التقينا بأكثر من 70 فصيلا عسكريا في سوريا بهدف دمجهم في وزارة الدفاع، وجميع هذه الفصائل أبدت استعدادا للانخراط في القوات الجديدة التابعة لوزارة الدفاع» مؤكدا على أن انخراط الفصائل في الوزارة لن يكون على شكلها الحالي كفصائل وكتل، بل بتعيين كل قائد في المكان المناسب.
ولفت الوزير إلى أن الإدارة الجديدة مستمرة في مفاوضاتها مع قوات سوريا الديمقراطية «قسد» المسيطرة على شمال شرق البلاد، إلا أن الإدارة مستعدة لاستخدام القوة في حال فشلت المفاوضات ولزم الأمر.
ويلاحظ أن أبو قصرة يخاطب المقاتلين الأكراد باسمهم الرسمي المعتمد من قبلهم «قوات سوريا الديمقراطية» ويتجنب إطلاق الاتهامات والألقاب الاستفزازية التي اعتادت الفصائل تسمية المقاتلين الأكراد بها، مثل: pkk وpyd في إشارة إلى «حزب العمال الكردستاني» التركي و«وحدات حماية الشعب» الكردي وهو ما يعكس استمرار قنوات الاتصال بين الجانبين التي بدأت قبل سنوات.
وجاءت تصريحات كل من الشرع، ووزير دفاعه أبو قصرة عقب تصريحات تلفزيونية أدلى بها مظلوم عبدي قائد قوات سوريا الديمقراطية «قسد» في لقاء متلفز مع قناة «العربية» قال فيها إن «قسد» لم تقرر حل نفسها أو تسليم سلاحها، لكنه أبدى استعدادها ورغبتها في الانخراط ضمن القوات المسلحة السورية المزمع تشكيلها، وأضاف عبدي أنه ضد وجود جيشين في سوريا، وأن قوات سوريا الديمقراطية اقترحت تشكيل لجنة عسكرية مشتركة لدراسة آليات دمج قوات ومقاتلي «قسد» ضمن قوات وزارة الدفاع السورية.
وزاد عبدي، أن قوات سوريا الديمقراطية لم تدع لاجتماع الفصائل المخصص لدمجها في وزارة الدفاع، وأن نتائج اجتماع هذه الفصائل مع قائد الإدارة الجديدة أحمد الشرع لا تعني «قسد»، لأنها لم تكن جزءا منها.
مؤكدًا على أن أي طريق غير المفاوضات لحل قضية سلاح «قسد» من شأنه أن يتسبب بمشكلات كبيرة.
وتعتبر قضية دمج المقاتلين الأكراد بوزارة الدفاع السورية واحدة من أعقد القضايا، حيث ترفض الأولى حل نفسها وتصر على الانضمام للجيش السوري من خلال كتلة مستقلة تبقى في مناطق الأكراد السوريين.
بدوره، حذر المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسون، من أن أي مواجهة عسكرية شاملة بين قوات سوريا الديمقراطية والإدارة الجديدة، سيكون لها تداعيات سلبية كبيرة على كامل الأراضي السورية، داعيا لتفادي هذه المواجهة، متطلعا لبداية سورية جديدة، آملا أن تشمل هذه البداية مناطق شمال شرق سوريا، بمسار دبلوماسي وطرق سلمية.
وأشار المبعوث إلى الحاجة لإعطاء المفاوضات بين الإدارة الجديدة و«قسد» فرصة جديدة، وأن لكل من تركيا والولايات المتحدة دور في ذلك.
على الصعيد الميداني، قالت مصادر محلية إن تعزيزات عسكرية تابعة للإدارة الجديدة توجهت إلى محاور التماس مع قوات «قسد» بريف حلب الشرقي في محيط سد تشرين ومنبج، وتأتي تعزيزات الإدارة الجديدة مع تقدم لقوات غرفة عمليات «فجر الحرية» التابعة للجيش الوطني المدعوم من أنقرة، الأحد الفائت، في محيط سد تشرين وريف منبج، وحسب ما أدلت به معرفات «فجر الحرية» فإن مقاتلي غرفة العمليات سيطروا على قرى التلال وحج حسين وجبال شاش والعطشانة والبوبنا.
بالمقابل، قالت «قسد» إنها تمكنت من صد الهجوم، وتسببت بمقتل العشرات من عناصر الجيش الوطني.
الجدير بالذكر، أن غرفة عمليات فجر الحرية أطلقت عمليتها في 30 من تشرين الثاني (نوفمبر) من العام الماضي، بهدف فرض واقع عسكري جديد في المناطق التي يسيطر عليها المقاتلون الأكراد غرب الفرات، وبالفعل، تمكنت من بسط سيطرتها على منبج وتل رفعت خلال أيام من بدء العملية، إلا أنها توقفت في محيط سد تشرين على نهر الفرات بسبب مقاومة عنيفة من «قسد».
على صعيد آخر، قال المكتب الإعلامي في وزارة الداخلية في الإدارة الجديدة، الخميس الماضي، إن قوات الأمن العام، بالتعاون مع جهاز الاستخبارات العامة، تمكنت من ضبط سيارة مفخخة على أحد مداخل حلب، وقال المكتب الإعلامي، إن الوزارة والاستخبارات العامة تمكنوا من رصد السيارة منذ انطلاقها من مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية «قسد»، وأضاف المكتب أن عملية ضبط السيارة المفخخة تأتي ضمن جهود وزارة الداخلية والاستخبارات في حماية المدنيين وتعزيز الأمن من خلال الأنشطة الاستخباراتية.
كما أفاد الدفاع المدني السوري في اليوم ذاته، بإصابة خمسة أشخاص، ووقوع أضرار مادية في مدرسة جراء انفجار سيارة مفخخة بالقرب من المستشفى الوطني على طريق حلب- منبج.
وفي درعا، أعلن «تجمع أحرار حوران» أن المكلف بإدارة مخفر الشيخ مسكين، محمد خالد الصفدي، قتل الخميس في إطلاق نار استهدفه على طريق إزرع- الشيخ مسكين.
والصفدي من عناصر الجيش الحر ممن أفرج عنهم من سجن عدرا خلال عملية إسقاط نظام الأسد، بعد قضائه أكثر من ست سنوات تنقل خلالها في الأفرع الأمنية التابعة للنظام.
وقالت مصادر محلية مطلعة، إن القوات الأمنية تمكنت بعد الحادث من التحرك، وفرضت طوقًا أمنيا في المنطقة، وألقت القبض على الجناة، وهم مالك سامي الياسين، وزهير الياسين.
وأكد مصدران محليان في درعا لـ «القدس العربي»، أن مقتل الصفدي «كان جريمة ثأر ناتجة عن خلافات عائلية قبل عدة سنوات».
واندلعت عقب مقتل الصفدي اشتباكات بين مجموعات مسلحة محلية، وبين عائلة الشابين، استخدمت خلالها الأسلحة الرشاشة المتوسطة، ما تسبب بوقوع إصابات.
في حين أكد القيادي في إدارة الأمن العام مشعل الحريري، أن كل من زهير سندباد الياسين ومالك سامي الياسين قَتلا الصفدي «إثر خلافات سابقة بدواعي الثأر بينهم منذ عدة سنوات» حسب ما نقلت وكالة الأنباء الرسمية السورية «سانا».
إلى ذلك سجل ناشطون عددا من حوادث الانتهاكات في عدة مناطق في مدينة حمص وريفها، خصوصا في بلدة الحولة وجوارها من القرى ذات الغالبية السكانية الشيعية والمرشدية، ما استدعى تواجد محافظ حمص وقائد الشرطة لتطمين الأهالي والتعهد بمحاسبة المرتكبين.
من الواضح أن القيادة العسكرية تعاني من نقص في الكوادر على مستوى العدد وتعاني من غياب الشفافية اللازمة لتحمل أخطاء عناصرها ومحاسبتهم في حال ارتكاب أي انتهاك في حملات التفتيش والملاحقة. كما أنه من غير المعروف السياق القضائي الذي سيسلكه المعتقلون من قوات النظام أو عناصر أمنه وأولئك الذين كانوا ضمن صفوف الميليشيات بتنوع أشكالها.
- القدس العربي