الأمم المتحدة- “القدس العربي”: في اجتماع دوري لمجلس الأمن حول الأوضاع في سوريا، قدمت نجاة رشدي، نائبة المبعوث الخاص للأمين العام في سوريا، إحاطة شاملة تناولت فيها التطورات السياسية والأمنية والإنسانية في البلاد، ودعت خلالها إلى رفع العقوبات المفروضة على سوريا وحماية سيادتها من التدخلات الإقليمية.
وأكدت رشدي، التي قدمت إحاطتها من دمشق الأربعاء، أن الاجتماع يأتي في الذكرى الخامسة والعشرين لقرار مجلس الأمن رقم 1325 (2000) المتعلق بدور المرأة في بناء السلام وحمايتها أثناء النزاعات. وقالت إن النساء السوريات قدمن تضحيات كبيرة خلال أكثر من عقد من الصراع، مشددة على أن لهن الحق الكامل في المشاركة في صياغة مستقبل البلاد وفي مؤسسات المرحلة الانتقالية.
وأشارت إلى أن الرئيس أحمد الشرع كان قد أعلن في كانون الثاني/يناير الماضي عزمه على تشكيل حكومة انتقالية شاملة تمهد لانتخابات حرة ونزيهة، إلا أن مرور عشرة أشهر على ذلك الإعلان أظهر خيبة أمل لدى النساء السوريات بسبب ضعف تمثيلهن في العملية السياسية، إذ لم تفز سوى ست نساء بمقاعد في مجلس الشعب الانتقالي من أصل 119 مقعداً. كما كانت نسبة تمثيل النساء في اللجان الانتخابية والإدارية منخفضة منذ بداية العملية.
وأضافت رشدي أن اللجنة العليا للانتخابات أقرت بعدم تناسب مشاركة النساء مع دورهن المجتمعي والسياسي المعروف، مطالبة بوضع ضمانات قانونية لزيادة تمثيل النساء في أي انتخابات مقبلة.
وفي حديثها عن الانتخابات غير المباشرة التي جرت في 5 تشرين الأول/أكتوبر، أوضحت رشدي أنها كانت منظمة وسلمية إلى حد كبير رغم وقوع بعض حوادث العنف، بينها مقتل مرشح في طرطوس. وبيّنت أن الأمم المتحدة لم تشارك في تنظيم الانتخابات لكنها أكدت على أهمية الشفافية والشمولية لضمان تمثيل كل المكونات السورية.
ولفتت إلى أن الرئيس الشرع سيعين الثلث المتبقي من مقاعد المجلس وعددها 91، فيما ستجرى انتخابات تكميلية في الحسكة والرقة، بينما سيبقى 18 مقعداً شاغراً في بعض مناطق الشمال الشرقي والسويداء.
وفي الجانب الاقتصادي، شددت رشدي على أن نجاح المرحلة الانتقالية يتطلب دعماً دولياً ملموساً ورفع العقوبات بشكل أسرع وأوسع، مؤكدة أن تخفيف القيود على الصادرات ضروري لإعطاء المرحلة فرصة حقيقية للنجاح. ورحبت بدعوة الإدارة الأمريكية إلى إلغاء قانون قيصر، معتبرة أن التطورات التشريعية في واشنطن قد تفتح الباب أمام عودة الاستثمار وإعادة الإعمار.
أما في الشأن الأمني، فأشارت إلى اندلاع مواجهات في حلب بين قوات السلطة الانتقالية وقوات سوريا الديمقراطية قبل التوصل إلى وقف لإطلاق النار واتفاق على محادثات فنية بشأن دمج القوات. كما تحدثت عن الوضع الهش في السويداء، مشيدة بالجهود المشتركة بين الولايات المتحدة والأردن والسلطات السورية الانتقالية لتنفيذ خارطة الطريق المتفق عليها في 16 سبتمبر.
وقالت رشدي إنه يجب أن تتوقف التوغلات الإسرائيلية المستمرة في جنوب سوريا، داعية إلى الاحترام الكامل لسيادة سوريا واستقلالها وسلامة أراضيها، والالتزام باتفاقية فك الاشتباك لعام 1974، والامتناع عن أي أعمال قد تعرض وقف إطلاق النار للخطر. وأعربت عن أملها في أن يثمر الحوار المستمر بين سوريا وإسرائيل عن نتائج مجدية، مؤكدة أن المشاركة الدولية والإقليمية القوية أمر أساسي لنجاح العملية السياسية.
وأضافت رشدي أن سوريا دخلت المراحل الأولى من عملية انتقالية تمتد لخمس سنوات، موضحة أن الأمين العام للأمم المتحدة التقى بالرئيس الشرع خلال الأسبوع رفيع المستوى للجمعية العامة، وشدد على أهمية دفع العملية الانتقالية عبر حوار شامل ومشاركة واسعة، مؤكداً في الوقت نفسه على تعزيز سيادة سوريا وسلامة أراضيها.
وختمت رشدي بالقول إن الأمم المتحدة مستعدة لمرافقة السلطات والشعب السوري في كتابة الفصول القادمة من سوريا آمنة وشاملة ومزدهرة للجميع.
من الأزمات الأصعب في العالم
بدوره، قال رامش رجاسنغام، منسق الشؤون الإنسانية في سوريا، إن جهود الأمم المتحدة هناك تواجه إحدى أكبر الأزمات الإنسانية في العالم، حيث تؤثر على أكثر من 70% من السكان. وأضاف أن التطورات الميدانية ما تزال تفاقم احتياجات الناس، مشيراً إلى أن الاشتباكات الأخيرة في حلب تسببت في سقوط ضحايا مدنيين ونزوح مؤقت لعائلات عدة، بينما صمد وقف إطلاق النار في السويداء إلى حد كبير رغم هشاشة الوضع الأمني.
وأوضح أن نقص الوقود والخبز وارتفاع الأسعار يعيق استعادة الخدمات الأساسية ويمنع عودة النازحين إلى ديارهم، لافتاً إلى أن الذخائر غير المنفجرة لا تزال توقع خسائر بشرية، إذ سجلت 16 حادثة خلال أسبوع واحد أسفرت عن مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة 19 بينهم أطفال.
كما أشار إلى أن حرائق الغابات في اللاذقية وطرطوس وحمص أثرت على أكثر من 5 آلاف شخص الشهر الماضي، وأدت إلى نزوح عشرات العائلات وتضرر الأراضي الزراعية، ما يفاقم المعاناة في ظل ظروف الجفاف التاريخية.
وأكد رجاسنغام أن نحو 7 ملايين سوري ما زالوا نازحين داخلياً، بينهم 1.3 مليون يعيشون في مخيمات معرضة لمخاطر الشتاء. كما يوجد 2.4 مليون طفل خارج المدرسة ومليون آخرون مهددون بالتسرب، في وقت باتت ثلث المدارس غير صالحة للاستخدام.
وأوضح أن الأمم المتحدة وشركاءها، رغم انخفاض التمويل، يصلون إلى 3.4 ملايين شخص شهرياً، بزيادة 25% عن العام الماضي، مستفيدين من تحسن الوصول الإنساني. وأشار إلى تنظيم عشرات القوافل الإنسانية إلى السويداء والمناطق المجاورة بالتعاون مع الهلال الأحمر العربي السوري، لتوصيل المساعدات إلى نحو 424 ألف شخص شهرياً منذ تموز/يوليو الماضي.
وأضاف أن برنامج الأغذية العالمي قدم مئات الأطنان من دقيق القمح لدعم المخابز في السويداء ودرعا وريف دمشق، كما قاد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) تقييمات مشتركة للمناطق المتضررة من الحرائق، أسهمت في توفير الغذاء والماء والوقود والخدمات الصحية والمستلزمات المنزلية.
وقال إن اليونيسف تعمل مع وزارة التعليم على دعم حملة “العودة إلى المدرسة” لإعادة بناء المدارس وتوسيع الوصول إلى المناطق النائية والوصول إلى الأطفال النازحين وغيرهم من المعرضين للخطر.
- القدس العربي


























