قال القائد السابق للقيادة المركزية الأميركية، وقائد الجيش الأميركي في العراق، ديفيد بترايوس، إن من مصلحة الشعب السوري والولايات المتحدة وجيران سوريا، أن ينجح الرئيس أحمد الشرع في مهمته في توحيد سوريا، وإقامة حكم يمثّل جميع المكونات.
وتحدث بترايوس في مقال بمجلة “ناشيونال انترست”، عن كواليس اللقاء الذي جمعه مع الشرع في قمة “كونكورديا” في نيويورك، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وكذلك عن تاريخ الرئيس السوري، واصفاً قصة تحوله من زنزانة السجن في العراق إلى رئاسة سوريا، بأنها قصة تحوّل نادرة في الشرق الأوسط.
أمر غير مسبوق
وقال بترايوس إن رحلة الشرع من شاب متطرف في العراق إلى قيادة دولة ممزقة، ليست أمراً غير محتمل فحسب؛ إنما غير مسبوق، وهو الرجل الذي اعتقلته القوات الأميركية في العراق في العام 2006، بسبب نشاطه مع تنظيم “القاعدة” آنذاك.
وأضاف أن القوات الأميركية اعتقلت الشرع أثناء زرعه عبوات ناسفة قرب الموصل، وأمضى في السجن 5 سنوات، وكان قائداً ميدانياً في تنظيم “القاعدة” في العراق، مشيراً إلى أنه كان داخل السجن عندما قاد عملية “الصحوة” بين العامين 2007 و2008، التي أدت لهزيمة “القاعدة” هناك.
ولفت إلى أنه لم يكن يعرف الشرع حينها، لكنه كان يعرفه بأنه من النوع “المؤدلج، والخطير تكتيكياً، وتهديد حقيقي لقواتنا”، مضيفاً أن ما تلا إطلاق سراحه في العام 2011 فاق التوقعات؛ إذ إنه عاد إلى سوريا، وسرعان ما برز كقائد في جبهة “النصرة”، فرع “القاعدة”، وأحد الفصائل التي ثارت ضد نظام بشار الأسد الدموي، قبل أن ينفك عن التنظيم في العام 2016، ويؤسس هيئة تحرير الشام في إدلب.
وأكد بترايوس أن الشرع لم يكن أحد الأصول الأميركية، عندما كان مديراً لوكالة الاستخبارات المركزية بين العامين 2011 و2012، كما يروج، مشيراً إلى أن الولايات خالفت توصياته آنذاك، وقدمت دعماً محدوداً للفصائل المعارضة لنظام الأسد.
اللقاء مع الشرع
وتحدث بترايوس عن كواليس اللقاء في قمة ” كونكورديا”، قائلاً إن سلوك الشرع لفته إذ كان هادئ اللسان، متزن، متفكر، كما يمتلك رؤية لافتة ومعرفة واسعة بمكونات الاقتصاد السوري وبنيته التحتية، وإنه لم يتحدث كثوري؛ بل كرجل مثقل بالتاريخ وعازم على إعادة صياغته، وفق وصفه.
وأضاف إن العبارة التي قالها الشرع على المنصة: “لا يمكننا أن نحكم على الماضي بمعايير الحاضر، ولا أن نحكم على الحاضر بمعايير الماضي”، كانت “مؤثرة ليس فقط للجمهور؛ بل لي أيضاً حتى وأنا أتذكر أن هذا الرجل كان يوماً يقود هجمات القاعدة ضد قواتنا في العراق”.
وتابع: ” الجمهور، الذي ضمّ العديد من الأميركيين السوريين المتحمسين الذين طالما حلموا بإسقاط الأسد، كان معجباً ومتحمساً لكلمات الشرع. وأنا كذلك. في الواقع، كنا جميعاً (معجبين) بما قال إنه يسعى إلى تحقيقه”.
بناء الاقتصاد
وقال بترايوس إن الشرع يسعى اليوم إلى توحيد سوريا، البلد الذي تتقاطع فيه خطوط الصدع العرقية والطائفية والقبلية في الشرق الأوسط، كما يحاول إقامة نظام حكم يمثل جميع مكونات سوريا المتنوعة، ويضمن حقوق الأقليات إلى جانب حكم الأغلبية. وكذلك يعمل على إخضاع القوى المختلفة لسلطة الدولة، وإعادة بناء اقتصاد سوريا المدمر وبنيتها التحتية المتهالكة بسبب الحرب.
كما فتح قنوات حوار سرية مع إسرائيل، ودعا إلى إلغاء عقوبات “قانون قيصر” التي أصدرها الكونغرس وفرضها على النظام السابق، لافتاً إلى خطاب الشرع كان وطنياً لا جهادياً، وموقفه براغماتي لا أيديولوجي.
وأشار إلى الزمن كفيل بمعرفة ما إذ كان هذا التحول حقيقي، مؤكداً أن من مصلحة الشعب السوري، وجيران سوريا، والولايات المتحدة، أن ينجح الشرع وأن تنجح سوريا. وقال: “فلنأمل أن يكون هذا هو حال أحمد الشرع، سواء استمر تحوّله أو تعثر، فإن المخاطر على سوريا وعلينا جميعاً لا يمكن أن تكون أكبر”.


























