دمشق ـ «القدس العربي»: دافع وزير العدل في الحكومة السورية الانتقالية مظهر الويس، عن انضمام سوريا الى التحالف الدولي لمحاربة تنظيم « الدولة الإسلامية»، موضحاً أن الأمر جاء على خلفية أن «ميزان المصالح والمفاسد يشير إلى ترجيح كفة المصالح العامة ودرء المفاسد والشرور».
وأكد أن «العمل يأخذ شكل التنسيق والتعاون المعلوماتي والتدريبي الذي يعزز سيطرة الدولة واحترام سيادتها»، مشيراً الى أن «الدولة يُباح لها في تقدير المصالح ما لا يُباح للأفراد، لأنها تنظر في المآلات وتقدّر المصالح العليا للأمة».
اتفاق سياسي لا عسكري
وعلى هامش زيارة رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع إلى واشنطن الإثنين، واجتماعه مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وهو الأول من نوعه لرئيس سوري في البيت الأبيض، أعلن وزير الإعلام السوري حمزة المصطفى أن دمشق وقعت اتفاقا للتعاون السياسي مع التحالف الدولي لهزيمة «داعش»، لتصبح بذلك العضو التسعين في التحالف.
وفي منشور له عبر منصة «إكس» قال مصطفى إن الاتفاق سياسي ولا يتضمن حتى الآن أي مكونات عسكرية، وزيارة الشرع للبيت الأبيض تُشير إلى بدء فصل جديد في العلاقات السورية الأمريكية، وعودة سوريا الكاملة إلى الساحة الدولية، في حين نقلت الوكالات عن مسؤول في الإدارة الأمريكية قوله إن سوريا أعلنت خلال زيارة الشرع انضمامها إلى التحالف العالمي لهزيمة تنظيم «الدولة»، موضحاً أنها ستصبح بذلك العضو التسعين في التحالف، وستتعاون مع الولايات المتحدة للقضاء على فلول تنظيم «الدولة» ووقف تدفق المقاتلين الأجانب. وذكر أن الولايات المتحدة ستسمح لسوريا باستئناف العمليات في سفارتها في واشنطن لـ «تعزيز التنسيق في مجالات مكافحة الإرهاب والأمن والاقتصاد».
ولاقى الإعلان السوري ترحيباً من أوساط سياسية مختلفة باعتباره يمثل مرحلة جديدة على مستوى العلاقات الثنائية بين واشنطن ودمشق.
وفي منشور لافت له عبر منصته على تليغرام تحدث الويس عما تم التوصل إليه من اتفاق مع الإدارة الأمريكية، وقال إنّ قضايا الولاء والبراء من أبرز المسائل التي أُثيرت عبر التاريخ الإسلامي بين الغلو والجفاء، وضل فيها خلق كثير، معتبراً أنه في طبيعة التعامل مع التحالف الدولي اليوم فإنّ الحكم على الشيء فرع عن تصوّره، وطبيعة التعامل المطروح اليوم في واقعه يأخذ شكل التنسيق والتعاون الأمني المعلوماتي، وليس تحالفاً عسكرياً مفتوحاً بالمفهوم الشرعي أو السياسي التقليدي، وليس تبعية أو رضى أو إعطاء لمقاليد الطاعة والانقياد أو إقراراً لمخالفة شرعية بل هو إقرار بسيادة الدولة السورية واعتراف بها ونوع من التنسيق تستفيد منه بلا شك الدولة السورية في حربها التي تقوم بها أساساً على عدو صائل يشكل خطراً داهماً وفي دفعه مصالح مشتركة لا يمانع الشرع من تواردها واتفاقها. وفي تفسيره لانضمام سوريا إلى التحالف الدولي قال الويس: إن المجاهدين في الشام كانوا الأسبق في قتال داعش والتبرؤ منها، وذلك قبل نشوء التحالف بزمن طويل، وقد خاضوا ضده معارك شرسة، وبذلوا فيها الكثير من التضحيات، دفاعاً عن دينهم وأعراضهم وأموالهم، انطلاقاً من عقيدتهم وأوامر ربهم، ولم ينتظروا في ذلك إذناً من أحد أو تنسيقاً مع أحد.
وأكد أنهم لا يزالون إلى اليوم ماضين في قتالهم وردّ عدوانهم كلما ظهرت فتنتهم، موضحاً أنه عندما كان التحالف يأخذ شكلاً عسكرياً واضحاً، كنا نُحذّر دائماً من الخلط بين الاقتران والمزامنة في التوقيت بين قتال داعش عند الثوار وما يقوم به التحالف آنذاك، فالمزامنة لا تعني الاشتراك ولا التبعية، ولنا في قتالهم مبرراتنا وأهدافنا ومنطلقاتنا الشرعية الخاصة، وهذا التزامن لا يضر شرعاً ولا يغيّر في الحكم شيئاً، وهذا الأمر في نازلتنا الآن أبعد، لأن الصورة الحالية تختلف كلياً عن الصور السابقة.
بلاء وسبب للتدخل
وأكد الويس أن «داعش» ثبت بالوقائع والتجارب أنها كانت بلاءً على بلاد المسلمين، وسبباً رئيساً في تدخل القوى الكبرى، فحيثما وُجدوا كانوا ذريعة للتدخل الأجنبي ومطية للاختراق، ولهذا وجب النظر إلى المآلات والعواقب لا إلى الظواهر وحدها.
وتابع: أنّ الواقع اليوم يقول إنّ السيادة هي للدولة السورية الجديدة على الأراضي التي تقع تحت سلطتها، وهي صاحبة السلطة، والمسؤولة شرعاً وعرفاً وقانوناً عن حفظ الأمن وحماية المواطنين بمختلف مكوّناتهم، ومن واجبها أيضاً حمايتهم من خطر وشر خوارج «داعش» المستحلّين للدماء والأموال الصائلين بالمفخخات والأحزمة والعبوات الناسفة والخادمين لأعداء الأمة.
وأوضح أن التحالف موجود ويقوم بعمليات أمنية متفرقة، ولذلك لا بد من تنظيم الحالة وضبط الأمور بما يضمن وحدة القرار والسيادة، حتى تستقر أوضاع الدولة الناشئة، ولا يُتخذ خطر «داعش» ذريعة لتدخلات أكبر أو انتقاص من السيادة أكثر.
وانتهى الويس إلى القول بأن العمل يأخذ شكل التنسيق والتعاون المعلوماتي والتدريبي الذي يعزز سيطرة الدولة واحترام سيادتها، ولا يتضمن أي تنازل عن حقّ شرعي أو إقرار بمخالفة شرعية أو تبعية وتولّ ومظاهرة أو مناصرة، مؤكداً أنه يُباح للدولة في تقدير المصالح ما لا يُباح للأفراد، لأنها تنظر في المآلات وتقدّر المصالح العليا للأمة.
- القدس العربي


























