عبد الله بن زايد: أوصلنا رسالة واضحة لأصدقائنا الأميركيين أن هناك حاجة لإلغاء إسرائيل إنشاء المستوطنات
أبوظبي – برازيليا – طهران: «الشرق الأوسط»
أكد وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان أن بلاده التي تقيم علاقات تجارية قوية مع إيران ستلتزم بتطبيق أي عقوبات جديدة يصدرها مجلس الأمن على طهران.
وقال الشيخ عبد الله في مؤتمر صحافي مع نظيره القبرصي ماركوس كيبريانو، في تصريحات نقلتها «وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية» إن «الإمارات سوف تحترم أي عقوبات دولية قد يفرضها مجلس الأمن الدولي على طهران». وأضاف وزير الخارجية أن «الإمارات في هذا شأنها شأن أي عضو في منظمة الأمم المتحدة». إلا أنه أعرب عن الأمل في التوصل إلى حل مع إيران «عبر الطرق الدبلوماسية» و«قبل الوصول إلى هذه المرحلة».
وتسعى الدول الغربية إلى فرض دفعة جديدة من العقوبات على إيران بسبب استمرارها في نشاطاتها النووية الحساسة. وكان وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس قام بجولة خليجية هذا الأسبوع لحشد الدعم لهذا المسعى الأميركي. وقال مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية أثناء هذه الجولة إن محادثات غيتس في الإمارات شملت إمكانية فرض تدابير على شركات تعتبرها واشنطن مرتبطة بالحرس الثوري في إيران، وتقوم بأعمال تجارية في الإمارات لا سيما في دبي.
كما أكد عبد الله بن زايد أن الإمارات «لا يمكنها أن تتساهل حيال ارتكاب جريمة كجريمة اغتيال القيادي في حركة حماس محمود المبحوح على أراضيها». مضيفا أن «الدولة حصلت على دعم مجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية في الجهود الرامية إلى تتبع مرتكبي الجريمة». وشدد وزير الخارجية الإماراتي على أن بلاده ستبذل جهودا فعالة للغاية في إظهار حقها في القبض على هؤلاء الأشخاص وتقديمهم إلى العدالة. وأضاف: «الإمارات ترسل بذلك أيضا رسالة واضحة جدا إلى من يقفون وراء جريمة الاغتيال، كائنا من كانوا، مفادها أن الإمارات ملتزمة غاية الالتزام بحماية أراضيها».
وأضاف: «لا ننظر إلى هذه الجريمة على أنها فقط جريمة حدثت على الأراضي الإماراتية لتشكل بالتالي انتهاكا لأراضي الإمارات، بل أيضا على أنها انتهاك لبطاقات هوية وجوازات سفر الدول الأوروبية المعنية وأستراليا». وتابع: «نحن على اتصالات مع تلك الدول المعنية التي أظهرت تعاونا كبيرا معنا وهو أمر نقدره.. لكن هذا في الوقت نفسه أمر ستتابعه الإمارات.. ونحن نبذل قصارى جهدنا لتقديم المجرمين للعدالة في الإمارات». من جهته أدان كيبريانو استخدام جوازات سفر دول أوروبية في اغتيال المبحوح وقال إن ذلك يقتضي اتخاذ إجراءات قانونية بحق مستخدميها.
وفيما يتعلق بسلام الشرق الأوسط، عبر الوزيران عن رفض إعلان إسرائيل الأخير عن خطة لإنشاء مستوطنات في القدس الشرقية. وقال الشيخ عبد الله: «أوصلنا رسالة واضحة جدا إلى أصدقائنا الأميركيين، الذين يرعون عملية السلام، بأن هناك حاجة إلى إلغاء إسرائيل لخطة إنشاء المستوطنات». فيما قال كيبريانو إن خطة الاستيطان الإسرائيلية «تؤدي إلى تعقيد وتقويض جهود السلام في المنطقة»، مؤكدا دعم بلاده لإنشاء دولة فلسطينية ذات سيادة مستقلة ولاستئناف مفاوضات السلام في الشرق الأوسط.
إلى ذلك، قال وزير الخارجية الفنلندي الكسندر ستوب إن دول الاتحاد الأوروبي توصلت إلى «توافق كاف» لتقرير عقوبات قوية بحق إيران بشأن برنامجها النووي، في حال لم يتم التوصل إلى اتفاق في الأمم المتحدة. وأوضح الوزير: «أعتقد أننا سنتمكن من إقناع الصين وروسيا» في مجلس الأمن الدولي باتخاذ قرار بفرض عقوبات قوية ضد إيران التي يشتبه في سعيها لحيازة سلاح نووي تحت غطاء برنامجها النووي السلمي. وأضاف في تصريحات على هامش اجتماع نظمه مع كثير من نظرائه الأوروبيين في ساريسيلكا شمال فنلندا: «أنا واثق من أننا سنتوصل إلى شيء ما في مجلس الأمن الدولي، لكن في حال فشلنا عند هذا المستوى، فإن ذلك سيعني اتخاذ عقوبات أحادية الجانب من قبل الاتحاد الأوروبي». مضيفا: «هناك توافق كاف بين الدول الأعضاء الـ27 في الاتحاد الأوروبي حول هذا الأمر، مشيرا إلى عقوبات تطال قطاع الطاقة أو القطاع المالي الإيراني».
وكان وزير الدولة الفرنسي للشؤون الأوروبية بيير لولوش استبعد في الآونة الأخيرة أن يتحرك الاتحاد الأوروبي منفردا دون موافقة الأمم المتحدة. ولا تزال الصين، الدولة الدائمة العضوية في مجلس الأمن، تعارض اتخاذ إجراءات جديدة ضد إيران. وأكد وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو الذي حضر الاجتماع أمس رفض بلاده فرض عقوبات جديدة على إيران. وقال: «نحن لا نريد عقوبات جديدة في المنطقة».
ومن المقرر أن يقوم الرئيس البرازيلي لويز ايناسيو لولا دا سيلفا الأسبوع المقبل بزيارة حساسة إلى الشرق الأوسط سيحاول خلالها تشجيع مفاوضات السلام الإسرائيلية – الفلسطينية والدعوة إلى الحوار مع إيران، وهي مسألة تعتبر كبرى المسائل المثيرة للخلاف مع إسرائيل.
وتجري هذه الزيارة، الأولى لرئيس برازيلي إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية والأردن، من الاثنين إلى الخميس، وهي تأتي بعيد إعلان إسرائيل قرارها السماح ببناء 1600 وحدة سكنية في مستوطنة بالقدس الشرقية المحتلة. وأدانت البرازيل هذا القرار المثير للجدل، الذي تسبب في تعثر تحريك عملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين المعلقة منذ الحرب على قطاع غزة في ديسمبر (كانون الأول) 2008.
لكن أكبر خلاف مع إسرائيل يفترض أن يدور حول المسألة النووية الإيرانية التي تعتبرها تل أبيب أكبر خطر يحدق بها. وقد أعلن لولا، الذي يعارض إنزال عقوبات جديدة بحق إيران، الأسبوع الماضي، لدى استقباله وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، أنه «يجب تجنب حشر إيران». وشدد لولا على ذلك في مقابلة نشرتها صحف عدة بما فيها «هآرتس» الإسرائيلية، أول من أمس. وقال: «يجب تجنب أن نفعل في إيران ما جرى في العراق. وقبل فرض أي عقوبة يجب بذل كل شيء للدفع بالسلام في الشرق الأوسط».
وأضاف: «هذا سبب زيارتي إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية والأردن، وسبب زيارتي إلى إيران في مايو (أيار)».وفي نوفمبر (تشرين الثاني) استقبل لولا في برازيليا، على التوالي، الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز ونظيره الإيراني محمود أحمدي نجاد. وأضاف لولا الذي تشغل بلاده حاليا مقعدا غير دائم في مجلس الأمن الدولي: «أعتقد أننا سنتمكن بالحوار من حل كل النزاعات التي تبدو اليوم غير قابلة للحل».
وأعلن الناطق باسم الرئاسة البرازيلية مرسيلو بومباش أن الرئيس لولا سيبدي خلال جولته في الشرق الأوسط «اهتمام البرازيل بالمساهمة في عملية السلام» .وتمثل هذه الجولة أوضح جهد تبذله البرازيل من أجل التحول إلى شريك في المفاوضات، وإن كانت إسرائيل استبعدت ذلك. وسيلتقي لولا الاثنين في القدس الرئيس شيمون بيريز ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وزعيمة المعارضة تسيبي ليفني وزيرة الخارجية سابقا. كما سيلتقي رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ورئيس الوزراء سلام فياض ومن المتوقع أن يبيت ليلته في بيت لحم قبل التوجه إلى رام الله.
وفي إسرائيل، يتوقع أن يدين توسيع المستوطنات الإسرائيلية وأن يكرر للفلسطينيين دعمه لحل الدولتين. ويرى المحلل السياسي ديفيد فلايتشر من جامعة برازيليا أنه من الصعب التكهن إذا كانت الدول النافذة في المنطقة ستقبل أن تلعب البرازيل دورا. وقال إن «مصر لديها نفوذ كبير في المنطقة وكذلك عدة دول أوروبية والولايات المتحدة وهي التي تقرر طريقة التفاوض».
وفي طهران، وعلى الرغم من شبح العقوبات، قال مسؤول كبير بقطاع الطاقة أمس إن إيران ستنفق 6.8 مليار دولار على مشاريع تطوير في قطاع الغاز هذا العام. وقال جواد أوجي العضو المنتدب لـ«شركة الغاز الوطنية الإيرانية» في «موقع وزارة النفط على الإنترنت» إن المبلغ سينفق على خط أنابيب نقل الغاز الإيراني التاسع، وعلى مزيد من العمل في خط أنابيب ثان للغاز إلى تركمانستان المجاورة إلى جانب خطط لتوسعة مصافي التكرير ايلام وجم وبارسيان. وتبدأ السنة الفارسية الجديدة في 21 مارس (آذار).
ويقول المحللون إن إيران، وهي من أكبر منتجي الطاقة في العالم تحتاج إلى المال لتحديث وتوسعة قطاع النفط والغاز لديها. وقال أوجي إن صادرات الغاز الإيرانية بلغت 6.8 مليار متر مكعب على مدى العام الأخير، وذلك بزيادة ملياري متر مكعب عن العام السابق. وتركيا أكبر مستورد للغاز الإيراني. وأضاف أنه بالمقارنة بلغت واردات الغاز من تركمانستان 5.9 مليار متر مكعب على مدى العام المنتهي في 20 مارس مما يجعل إيران مصدرا صافيا للغاز.
"الشرق ااوسط"