القمة التي عقدت في نيويورك بشأن مصير السودان قبل ساعات دليلٌ جديد على أن ما يُحضّر له لهذا القطر العربي أكبر من كونه استفتاء أو حتى رغبة في تقرير المصير يحمل لواءها السودانيون في الولايات الجنوبية.
المتحمسون لهذا الاجتماع يرونه تعبيراً عن الإرادة والوحدة حول اتفاق نيفاشا للسلام الموقع في العام 2005 بين طرفي الحرب الأهلية التي عصفت بهذا البلد لعشرين سنة، ومن هنا يبررون الهالة الاحتفالية التي صبغ بها اللقاء الذي ينعقد على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة وبحضور نحو 10 رؤساء دول بينهم باراك أوباما.
أما المتشائمون فيرون فيما يجري سابقة خطيرة لتقسيم بلد قائم في قارة تتكاثر فيها الانقلابات ونزعات التمرد والانفصال ما يعني أن «عدوى» التقسيم قد تلتهم القارة التي استفاقت على ثروات طبيعية كبيرة وباتت دافعاً للدول الكبرى للتدخل، والسعي إلى رسم خرائط وحدود جديدة دافعها «وضع اليد» على الثروات الطبيعية، كما في حالة الجنوب السوداني.
ولنا في الصومال، مع أن الحالة مختلفة عن ما يجري في السودان، خير مثال، إذ تمزّقَ هذا البلد الصغير إلى ثلاثِ دويلات.. والتمزيق مستمر.
وغير خفيّ أن الفشل في تطبيق ما هو موضوعٌ للحالة السودانية مآلهُ الكارثة. على السودانيين وعلى إفريقيا. وهو تخوف منطقي وليس مجرد مبالغات. وهو ما عبّر عنه بصدق، وبعيداً عن الدبلوماسيات، وزير خارجية النرويج يوناس غارستوير الذي قالها صريحة: «إذا ساءت الأمور فإن العواقب ستتجاوز السودان بكثير».
ومن هنا تتدافع الدعوات إلى «إدارة دولية» لهذا الملف خشية أن يخرج عن السيطرة، قبل أو أثناء الاستفتاء. والترجمة الحرفية لهذه الإدارة هي وضع البلد تحت الانتداب.
والمستغرب في كل ما يجري أن ترعاه منظمة دولية من مبادئها الحفاظ على الاستقرار والأمن والسلم العالمي وسلامة الدول. وأن يشارك فيه البنك الدولي الذي انشغل عن كل ما يعانيه العالم من مشكلات ليكرس موارده المالية لتمويل هذا الانفصال.
«الرسالة» الدولية، وبالأحرى الأميركية، وصلت.. والمطلوب الآن موقف عربي على مستوى الحدث. إذ بات موقف المحايد مرفوضاً.




















