رام الله ـ "المستقبل"
قال الباحث الإسرائيلي في "المركز متعدد المجالات" في هرتسليا شموئيل بار، انه لا يزال بوسع الولايات المتحدة ان تمنع ايران من الوصول الى السلاح النووي، وبدل العقوبات الاقتصادية من الامم المتحدة، غير الناجعة على حد قوله، فانّه يقترح فرض حصار بحري على منتجات مصافي النفط الموردة الى ايران، قبل ان توجه الى طهران ضربة عسكرية يرى الباحث انه حل وحيد لوقف البرنامج النووي الإيراني.
واضاف الباحث الاسرائيلي في دراسة جديدة نشرت على موقع المركز الالكتروني انّ الاقتراح المذكور يعتمد على اساس المعطيات التي تفيد انه رغم ان ايران هي احدى الدول المنتجة للنفط الخام الاكبر في العالم، الا ان قدراتها لتصفية منتجات النفط محدودة، وتابع قائلا انّ اكثر من 40 في المئة من النفط الصافي الذي تستخدمه ايران ينتج في مصاف توجد في الدول المجاورة.
وبرأيه فانّ الاسطولين الاميركي والبريطاني ايضًا يمكنهما ان يفرضا حصاراً بحرياً فيمنعان ناقلات منتجات النفط المصفاة الى ايران من الدخول الى الخليج عبر مضيق هرمز.
ويقدر بار بأن ايران ستحاول، رداً على ذلك، ضرب السفن التي تنقل الشحنات الى جيرانها. ولردعها عن مثل هذه الخطوة، يضيف الباحث، يمكن للولايات المتحدة ان تعمل كي ترفع كل السفن التي تحمل الشحنات الى جيران ايران اعلاماً اميركية، الامر الذي يعني انّ تعرض ايّ سفينة غير اميركية لاعتداء من ايران سيكون عملياً تعرضاً للولايات المتحدة بسبب رفع الاعلام.
ولفت الباحث الاسرائيلي الى انّ منع تصدير المشتقات النفطية الى ايران سيدفع زعماءها الى الاستنتاج بأنّ الولايات المتحدة تخطط لضربة عسكرية ضدها، ولاجل الاستعداد لها، سيضعون كل مخزون النفط المصفى في الدولة تحت تصرف الحرس الثوري والجيش.
ويتوقع الباحث نشوء نقص خطير في السوق المدنية داخل ايران، الامر الذي سيؤدي الى نشوب الفوضى في انحاء البلاد، على حد قوله. ومثل هذا الوضع، كفيل بحمل زعماء ايران على التفكير بان البرنامج النووي هو صيغة للكارثة الوطنية التي من شأنها ان تؤدي الى انهيار نظامهم، وعليه ينبغي وقفه.
ويقول الباحث بار انّه اذا لم يخضع الحصار البحري الارادة الايرانية، يبقى للولايات المتحدة ولاسرائيل خيار الضربة العسكرية كمخرج اخير. هذا الخيار الذي يؤمن به ويسعى لتحقيقه جون بولتون، السفير الاميركي السابق في الامم المتحدة ومن مؤيدي الخط المتطرف في ادارة الرئيس الاميركي السابق جورج بوش.
شموئيل بار الذي خدم نحو 30 عاما في الاستخبارات الاسرائيلية، بداية في شعبة الاستخبارات العسكرية وبعد ذلك في الموساد، حيث وصل الى رتبة رئيس قسم، يذكر بنودا منسية في تقرير التقدير الاستخباري الوطني للولايات المتحدة، وهو يقصد الحقائق والتقديرات التي تقول ان: ايران اوقفت برنامجها النووي العسكري.
ويقول بار انّه الى جانب هذا القول قضى التقرير صراحة بان لا دليل على وقف المساعي المرتبطة بالبرنامج النووي العسكري لايران. فايران تواصل تخصيب اليورانيوم وتبذل جهودا كبيرة للحصول على التكنولوجيا والعناصر اللازمة لجهاز التفجير. بمعنى، انه ايضا حتى لو جمدت برنامجها النووي العسكري، فانها تواصل استعداداتها في هذا المجال كي تتمكن من استئنافه في غضون زمن قصير، على حد قوله.
وتابع الباحث انّ السعي لتحقيق سلاح نووي ليس محصورا بالرئيس الايراني محمود احمدي نجاد، مشيرا الى انّ معظم القوى في القيادة الايرانية تشارك فيه، كما انه يشدد على امكانية ان تكون المعلومات التي تمتلكها اجهزة المخابرات في الدولة العبرية وفي الولايات المتحدة عن البرنامج النووي الايراني جزئية، لافتًا الى انّ الايرانيين هم فنانو التضليل والتعتيم الاعلامي وعليه يمكن ايضا هذه المرة ان يكونوا قد ضللوا اجهزة المخابرات الاميركية، والتي كانت قد وضعت تقريرًا اكدت فيه انّ طهران اوقفت برنامجها النووي.
ويذكر بار، الذي منذ انْ ترك المخابرات الاسرائيلية بات باحثًا في الشؤون الاستراتيجية، ما سماه مناورة التضليل الايرانية في التسعينيات، حول تطوير الصاروخ بعيد المدى شهاب. وقد استعانت ايران في حينه بكوريا الشمالية، وكانت الفرضية الاساسية للاستخبارات الاميركية هي ان كوريا الشمالية هجرت برنامج تطوير الصاروخ بعيد المدى (نودنغ)، وعليه، فقد قدّروا هناك بانه لن يكون بوسع ايران ان تحقق مثل هذا الصاروخ. ولكن اضاف الباحث انّه في العام 1997 تبين فجأة ان كوريا الشمالية نقلت الى ايران ليس فقط تكنولوجيات طورتها كجزء من النشاط المرتبط بانتاج (نودنغ)، بل وصواريخ كاملة للمدى البعيد، مشددًا في بحثه على انّ الفشل الاستخباري النموذجي، ما زال يُميّز المخابرات في الدولة العبرية، على حد تعبيره.
ووفق الباحث نفسه، فاذا تبيّن انّ كل الوسائل، بما في ذلك الحصار البحري، لن يوقف البرنامج النووي الايراني، واذا لم يكن في واشنطن او في تل ابيب الجسارة لاتخاذ القرار بمهاجمة ايران، سيضطر العالم الى تعلم التعايش في ظل النووي الايراني، مشددا على انّ وصول طهران الى النووي سيشجع دولاً اخرى في الشرق الاوسط على بذل الجهود من اجل الحصول على هذا السلاح.
وخلص الباحث الى القول انّه في شرق اوسط متعدد النووي معادلة الردع ينبغي ان تكون اكثر تعقيدا، وان تأخذ بالحسبان ضمن امور اخرى متغيرات ثقافية، ومع ذلك فانه يعتقد انه حتى لو كان في الشرق الاوسط بضع دول في حوزتها سلاح نووي، ورغم ان حافة التصعيد في المنطقة منخفضة والاغراء للازمات كبير، فلا حاجة الى المسارعة لرزم الحقائب والهرب من الدولة العبرية، فاسرائيل ستكون مطالبة بتطوير اسس مفهوم الردع لديها، وفي مركزه رسالة واضحة، لكل الاطراف مسبقاً: انّه يحظر عليها حظرًا تامًا، الدخول الى الملعب النووي، على حد وصفه.




















