يجسد موقف الاردن الداعي الى ضرورة التوقف فورا عن استهداف المدنيين الابرياء ، واستخدام الطائرات والاسلحة الثقيلة ضد ابناء الشعب الليبي الشقيق ، المبادئ والقيم النبيلة التي يؤمن بها هذا الحمى العربي ، وقيادته الرشيدة ، واحترامه المطلق لحقوق الانسان ، وحق الشعوب العربية في التعبير سلميا عن مطالبها. وحقوقها المشروعة التي كفلتها كافة الدساتير الوضعية والاديان السماوية.
ان ما يتعرض له الشعب الشقيق هو مجزرة مرعبة ، ليس لها مثيل ، فلم يسبق ان تعرض شعب مسالم يخرج في تظاهرات سلمية تدعو الى الاصلاح والتغيير الى اطلاق الرصاص الحي من قيادته المكلفة بحمايته والحفاظ على حياته ومن كافة انواع الاسلحة ، كما يتعرض له الشعب الشقيق ، ما ادى الى استشهاد واصابة اعداد كبيرة غصت بها المستشفيات ، والشوارع ، في منظر مروع ليس له مثيل.
ومن المحزن المبكي ان جماهير الشعب الشقيق والتي خرجت في كافة المدن والقرى في الشرق والغرب الليبي ، كانت تهتف “سلمية سلمية” رافعة الشعارات والمطالب التي تدعو الى تحقيقها ، وقد حافظت على الممتلكات العامة ، فلم تكسر لوح زجاج واحد ، ولم تقطع غصن شجرة ، واصرت على التجمع في الساحات العامة ، مكررة التجربتين الحضاريتين ، التونسية والمصرية ، ورغم ذلك كان رد السلطات الحاكمة قاسيا ، لا بل فاشيا ، حين امرت باطلاق النيران الحية على هذه الجموع فقتلت واصابت عشرات الالوف.
ولم يتوقف الامر عند هذا الحد ، بل تجاوزت القيادة الليبية كل الخطوط الحمراء ، فلم تكتف باستعمال الطائرات والاسلحة الثقيلة والمدفعية ، ضد شعبها المسالم ، بل استعانت بالمرتزقة حينما رفضت القوات المسلحة والطيارون الليبيون قصف شعبهم وقصف مدنهم بالقنابل والصواريخ ، فارتكبت عصابات المرتزقة مذابح بشعة ، وحرب ابادة تذكرنا ، وتذكر العالم كله بمذابح رواندا وحمامات الدم في البوسنة والهرسك.
لقد كشف خطاب القيادة الليبية عن عمق المأساة التي يعيشها الاشقاء ، حينما رفضت هذه القيادة الاستجابة لمطالب شعبها ، وحقه في الاصلاح والتغيير والديمقراطية شأن كل شعوب الارض ، وشأن الشعبين العربيين في تونس ومصر ، واصرت على الاستمرار في المذابح ، واقتراف الجرائم وتدمير ليبيا بيتا بيتا ، اذا لم يعد هذا الشعب العظيم ، الذي تمرد على الطغاة الى بيت الطاعة.
ان ما يجري في ليبيا مروع وخطير ، وينذر بكارثة كبرى ليس لها مثيل في التاريخ ، بعد ان صمم النظام على خوض المعركة بكل قسوة وشراسة وحرق ليبيا قبل ان يخرج وقد احاط نفسه بقوات كبيرة من المرتزقة ويهدد باحراق ابار النفط وكافة الموانئ الليبية ما يستدعي موقفا عربيا ودوليا عاجلا ، لحماية الشعب الليبي الاعزل ، قبل ان تقع الكارثة ، وحينها لا ينفع التلاوم.
مجمل القول: ان موقف الجامعة العربية ، وبيان مجلس الامن لا يرقى الى لهيب الكارثة التي تحصد ارواح الابرياء في ليبيا عمر المختار ، ولا يتضمن اي اجراء عملي ، لوقف شلال الدم ما يفرض اعادة النظر في هذا الموقف ، واستصدار قرارات فاعلة لحماية الشعب الشقيق ، وانقاذه من براثن الوحش ، وبسرعة ، على غرار القرارات التي اتخذت لحماية اكراد العراق ، والبوسنة والهرسك.. الخ.. وعلى الباغي تدور الدوائر.