منذ بدأ التأخير في تشكيل الحكومة العتيدة وهناك سؤال واحد على كل شفة ولسان، وهو: أين تكمن العقدة؟ هل هي داخلية أو خارجية؟ فإذا كانت داخلية، ما هي؟ وإذا كانت خارجية لماذا لا يُعلَن عنها؟
بتعبير آخر: إذا اتفق اللبنانيون على التشكيلة الحكومية، فما الذي يؤخّر إعلانها في هذه الحال؟ بالتأكيد فإن الخارج لا يُمانع. إذاً المشكلة ان الداخل لم يتفق بعد على الحكومة، وثمة مَن يقول إنّ الخارج ما زال يُعطي إشارات لعدم التأليف إلى حين تبلور الأوضاع في المنطقة.
إذاً نحن في دوامة لم نعد نعرف فيها أي شيء، وتحديداً لم نعد نعرف ما إذا كانت العقد داخلية أو خارجية. في هذه الحال كيف بالإمكان التعاطي مع التطورات الراهنة؟
المواطن اللبناني غير معني بكل هذه التحليلات والتقديرات، ما يريد أن يعرفه هو شيء واحد: متى ستتألف الحكومة؟ ولماذا التأخير في تشكيلها حتى الآن؟ فالتطورات الخارجية وانعكاساتها على لبنان هي من عمل المحللين والمختصين، لكن المواطن اللبناني ما شأنه في كل هذه الأمور؟
المواطن اللبناني يريد حكومة تهتم بيومياته ولا دخل له في التقاطعات الداخلية مع الخارج.
فمثلاً هل يقول ساركوزي للفرنسيين ان الملف الداخلي الفرنسي موضوع على الرف لأن فرنسا منهمكة هذه الأيام بالمشاركة في الحظر الجوي فوق ليبيا؟
هل يتخلى رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون عن إهتمامات البريطانيين لأنه منشغل بالملف الليبي أيضاً؟
كل الدول في العالم لديها ملفات خارجية في مقابل الملفات الداخلية، فهل تترك ملفاتها الداخلية لأنها منشغلة بالخارجية منها؟
وحدَه لبنان يكاد يكون استثنائياً في هذا المجال. المسؤولون فيه، والسياسيون أيضاً، يتوقف الزمن عندهم إذا طرأ أي تطوّر خارجي له انعكاساته على الداخل اللبناني، ففي هذه الحال يتجمّد البلد في انتظار أي تطورات خارجية تماماً كما هو حاصل اليوم.
في هذه الحال، الناس يعرفون ماذا يجري لكنهم لا يتفهمونه، يريدون لمصالحهم أن تسير ولكن يتطلعون فلا يرون انه في الظروف الراهنة يمكن لهذه المصالح أن تتحقق بدليل ان رئيس الحكومة المكلّف دخل الشهر الثالث على تكليفه من دون أن يلوّح في الأفق ما يشير إلى ان التأليف قد اقترب.
الجناح المتفائل يقول إنّ العد العكسي قد بدأ وان هذا الاسبوع هو أسبوع التأليف. لكن في المقابل ماذا يقول الجناح المتشائم؟
هو يقول عن نفسه انه ليس متشائماً بل واقعي، ويُعطي أدلّة على واقعيته فيقول انه منذ شهرين وأكثر ونحن نسمع الكلام نفسه عن ان هذا الاسبوع هو اسبوع التشكيل، يمضي الاسبوع ووراءه اسبوع آخر، ولا تظهر أي مؤشرات الى ان التأليف قد نضج.
هذا ما يُسمى في السياسة على انه (الوقت الضائع) لكنه ضائع على الناس وليس على السياسيين الذين يعرفون كيف لا يضيعون شيئاً.