مع توغل النظام في سوريا في العمل العسكري المنظم والشامل ضد الشعب الثائر، ومع ارتفاع عدد الشهداء والمصابين، وتوسع النطاق الجغرافي للمواجهة بين الآلة العسكرية والشعب الاعزل، ومع تحرك المجتمع الدولي في مجلس الامن وبالتشاور مع دول الاقليم العربي، لا بد من التوقف قليلا مع بعض الخيارات المتاحة في المرحلة القريبة المقبلة: بلغ الوضع في سوريا حقيقة نقطة اللاعودة بين النظام والشعب، وهذا ما يعرفه بشار الاسد الذي ما كان ليجيز بعمليات عسكرية واسعة النطاق ضد المدن والقرى الثائرة لولا معرفته انه وصل الى حائط مسدود داخليا وحتى خارجيا.
اولا – لقد مضى على انفجار الثورة في سوريا اكثر من خمسة اشهر ولم تتراجع، بل تفاقمت الازمة بين النظام والشعب، وقد تطورت الشعارات المرفوعة من المطالبة بالاصلاحات الى المطالبة برحيل الاسد وسقوط النظام وحتى محاكمة الرئيس.
ثانيا – مع توغل النظام في الحل الدموي ماتت العملية السياسية التي كان يؤمل ان تكون طريقا للتغيير السلمي بحيث يتحول بشار الاسد قائدا لعملية الاصلاح التي تنهي جمهورية حافظ الاسد بشكل لا عنفي يفتح آفاقا سياسية في البلد.
ثالثا – مع ارتفاع عدد الشهداء وتوسع الاعمال الدموية والتخريبية والقمع الوحشي في سوريا انتهى الحديث عن اصلاحات حتى لو كانت فورية، لأن الاسد الابن غرق في بحر من دماء السوريين، وبات معرضا لملاحقات امام المحاكم الدولية بجرائم ضد الانسانية. وفي هذا الاطار يتوقع ان يزداد الضغط على مجلس الامن بإحالة ملف مثقل بأدلة تدين النظام في سوريا الى محكمة الجنايات الدولية.
رابعا – انتهى النظام في سوريا بالمقومات وبعناصر القوة التي كان يتمتع بها في المرحلة التي سبقت اشتعال الثورة، او بالأوراق التي كان يمتلكها بمعزل عن ايران، وصارت المرحلة الاخيرة التي تسبق سقوطه مؤلمة، لكنها طبيعية اذا ما قورنت بالمخاضات التي تعيشها البلدان التي تنزع عن نفسها ثقل ماض أليم.
خامسا – يبدو ان جبهة عربية – دولية هي في طور التشكل من أجل محاصرة النظام في سوريا، والتعجيل في التغيير من دون بشار الاسد. فالاقليم العربي ( السعودية – مصر – الاردن) بالتفاهم مع تركيا، وبتغطية أوروبية – أميركية تحرك أخيراً مانحاً التحركات المقبلة غطاءها العربي – الاسلامي بما ينزع عن الاسد الابن كل إمكان للاعتماد على فكرة تحييد العرب.
في الخلاصة، يمكن القول إنه بالرغم من شدة العملية العسكرية الدموية التي يقوم بها الاسد الابن ضد شعبه، فإن البلاد خرجت عن سيطرته بالمعنى التقليدي، ولن تعود قبل سقوط النظام. والنظام سيسقط إما بالتفكك واما بلجوئه الى حرب أهلية كسباً للوقت. وفي كلتا الحالتين انتهى النظام وماتت “جمهورية حافظ الاسد”.
علي حماده
ali.hamade@annahar.com.lb
“النهار”