قفز معدل البطالة في الولايات المتحدة إلى 6٫5 في المئة في تشرين الاول الماضي، وهو المستوى الاعلى منذ آذار 1994، مع فقدان 240 الف شخص وظائفهم، في دليل قوي جديد على أن الاقتصاد الاول في العالم دخل مرحلة انكماش، وتأكيد لصعوبة المهمة التي تنتظر الرئيس الاميركي المنتخب باراك أوباما. بيد أن البيت الابيض سارع الى الاعلان أن برامج تنفذها إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش لمعالجة الأزمة المالية ستساعد في نمو الاقتصاد وتوفير فرص عمل.
وصرحت الناطقة باسم الرئاسة الاميركية دانا بيرينو بأن "أرقام البطالة الصادرة اليوم (الجمعة) هي تذكير صارخ بمدى أهمية أن نواصل التركيز على استغلال الأدوات التي في حوزتنا لكي تعاود بلادنا توفير فرص عمل بقوة كما كان الأمر في السنوات الأخيرة". وأضافت: "نعرف ما هي المشاكل الرئيسية، شح في الائتمان وأسواق الاسكان، ونملك أدوات حلها… البرامج التي ننفذها ستحسن تدفق الائتمان إلى المستهلكين والشركات مما سيحفز نمو الاقتصاد ويوفر فرص عمل ويحقق الاستقرار في أسواقنا المالية".
وفي محاولة أخرى لطمأنة الاميركيين، توقع الناطق باسم البيت الابيض طوني فراتو اتفاقاً قوياً على المبادئ بين زعماء العالم خلال قمة مجموعة العشرين المقررة في واشنطن السبت المقبل في شأن الأزمة المالية العالمية. وقال: "أتوقع أن نرى اتفاقاً قوياً جداً على المبادئ التي نأمل جميعاً في أن تعالج تحديات المستقبل".
بيد أن مساعداً كبيراً لرئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر خالف فراتو الرأي، قائلاً إن التوقعات يجب أن تكون متواضعة في ما يتعلق بنتائج القمة. وقال المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه: "إن ثمة اتفاقاً في عدد من الميادين، لكنني أعتقد أن علينا جميعاً أن نبقي التوقعات متواضعة قليلاً". وذكر أن كندا نجحت في تفادي أسوأ تداعيات الأزمة المالية لأنها لم تمض بعيداً في تحرير الأسواق كما فعل آخرون، وإن يكن رأى أن الحل لن يكون بالتوغل في الاتجاه المعاكس.
البطالة
وكان تقرير لوزارة العمل الاميركية أظهر أمس ارتفاع معدل البطالة الاميركية إلى 6٫5 في المئة في تشرين الاول الماضي في مقابل 6٫1 في المئة في أيلول.وأشار إلى تراجع حجم الوظائف الأميركية 240 ألف وظيفة فى الشهر عينه في مقابل انخفاضها 284 ألف وظيفة في أيلول، وهو أضخم تراجع للوظائف خلال هذين الشهرين منذ 2001.
وتجاوزت نتائج التقرير توقعات الخبراء، إذ بيّنت نتائج الاستطلاع الذي أجرته مؤسسة "بلومبرغ" في وقت سابق وشمل عدداً من الخبراء الاقتصاديين تراجع حجم الوظائف الاميركية 200 ألف وظيفة فقط في تشرين الاول، بينما قدروا ان يصل معدل البطالة إلى 6٫3 فى المئة خلال الشهر عينه.
وفي قطاع الصناعات التحويلية وحده، بلغ الانخفاض 90 ألف وظيفة في تشرين الاول.
وقد تبخرت حتى الآن نحو 1,2 مليون وظيفة هذه السنة، أكثر من نصفها في الاشهر الثلاثة الأخيرة.
وفي مؤشر أميركي سلبي آخر، أظهرت بيانات تراجع عقود بيع المنازل الأميركية الموقعة في أيلول، ونظراً الى شح الائتمان وتدهور الأوضاع الاقتصادية. وقالت الرابطة الوطنية للعقاريين إن مؤشر العقود الموقعة تراجع بنسبة 4,6 في المئة في تشرين الاول منه في أيلول.
وكان محللون توقعوا تراجع المبيعات ثلاثة في المئة.
"جنرال موتورز" و"فورد"
وفي خضم تراجع صناعة السيارات والازمة الائتمانية التي انتشرت من أميركا الشمالية الى مناطق أخرى في العالم، أعلنت شركة "جنرال موتورز"، كبرى الشركات الاميركية لانتاج السيارات ان خسائرها بلغت 2,5 ملياري دولار في الربع الثالث من السنة المالية.
وانخفضت قيمة اسهم الشركة بنسبة 10 في المئة عند معاودة التعامل بها بعد تعليقه.
واشارت المجموعة الى خسارة 7,35 دولارات السهم، وهو ضعفا ما توقعته السوق.
وقال الرئيس التنفيذي للمجموعة ريك فاغنر إن الحكومة الاميركية اتخذت خطوات مهمة لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد، إلا أن ثمة حاجة إلى المزيد لإقالة صناعة السيارات من عثرتها.
كذلك اعلنت شركة "فورد" انها خسرت 129 مليون دولار في الربع الثالث من السنة المالية، مؤكدة انها ستخفض بنسبة 10 في المئة اضافية رواتب موظفيها في اميركا الشمالية. وقالت الشركة التي شهدت خسائر تجاوزت 30 في المئة في ايلول وتشرين الاول في الولايات المتحدة، ان خفض رواتب الموظفين بنسبة 10 في المئة يهدف الى زيادة انتاج السيارات التي تستخدم كمية اقل من البنزين وخفض انتاج الآليات الكبيرة. واضافت انها ستتخذ سلسلة من الخطوات الاضافية لخفض النفقات ودعم الوضع المالي للشركة لمواجهة "الضعف المتزايد في سوق السيارات في العالم والبيئة الاقتصادية".
وعلى رغم التقرير القاتم عن البطالة، وخطط شركة "فورد" لخفض وظائفها، ارتفعت الأسهم الأميركية عند الافتتاح، اذ شجعت الخسائر الحادة في الجلستين السابقتين المستثمرين على تمشيط السوق بحثاً عن الأسهم المتراجعة.
وارتفع مؤشر "داو جونز" الصناعي لأسهم الشركات الأميركية الكبرى 94,78 نقطة، أي ما نسبته 1,09 في المئة ليصل إلى 8790,57 نقطة.
وزاد مؤشر "ستاندارد اند بورز 500 "الأوسع نطاقا 8,94 نقطة أو 0,99 في المئة مسجلا 913,82 نقطة.
كوريا الجنوبية
وفي اطار الاجراءات الحكومية المنسقة للمصارف المركزية حول العالم، خفض المصرف المركزي في كوريا الجنوبية سعر الفائدة الاساس لديه للمرة الثالثة خلال أقل من شهر، ليصل الى 4 في المئة، بعد خفض كبير الأسبوع الماضي ضمن مساعيه لتشجيع الاقتصاد المحلي المتباطئ.
وأفادت وكالة "يونهاب" ان المصرف المركزي خفض سعر الفائدة الى المستوى الادنى منذ شباط 2006، بينما يشهد النمو الاقتصادي هبوطاً نتيجة لانخفاض الطلب المحلي، وظهور مؤشرات لارتفاع الأسعار.
وفي تداعيات الازمة المالية على دول الخليج، قال رئيس شركة "الإمارات القابضة" حسين النويس إن الأزمة المالية العالمية ستجعل أبو ظبي تعيد تقويم جدوى المشاريع القائمة. وأوضح أن الإمارات الغنية بالنفط تدرس كذلك اندماجات في القطاع المصرفي وقطاع الخدمات المالية. ولاحظ العضو في مجلس أبو ظبي للتطوير الاقتصادي وفي مؤسسات حكومية اخرى في أبو ظبي، أن الأزمة المالية أظهرت ان الوقت حان لمراجعة بعض المواقف.
البورصات
وفي حركة البورصات، تجاهل المستثمرون البيانات الضعيفة للوظائف الأميركية، فأقفلت مؤشرات الأسهم الأوروبية مرتفعة في تعاملات متقلبة، مقتفية أثر المكاسب في "وول ستريت" مع تحقيق شركات الطاقة والدواء أكبر المكاسب.
وزاد مؤشر "يوروفرست 300 " لأسهم الشركات الأوروبية الكبرى بنسبة 1,7 في المئة ليقفل بحسب بيانات غير رسمية عند 913,35 نقطة، بعدما تراجع في وقت سابق من التعاملات إلى 890,81 نقطة.
وساهمت شركات الطاقة بأكبر قدر من مكاسب المؤشر، مع صعود سعر النفط الخام 1,7 في المئة. وتقدم الخام الاميركي 27 سنتاً ليتحدد سعر التسوية عند 61,04 دولاراً للبرميل.
وفي أنحاء أوروبا ارتفع مؤشر "الفايننشال تايمس 100 " في بورصة لندن 2 في المئة، ومؤشر "داكس" لأسهم الشركات الألمانية الكبرى في بورصة فرانكفورت 2,6 في المئة، مؤشر "كاك 40" في بورصة باريس 2,4 في المئة. وعلى النقيض، تراجعت مؤشرات البورصات الآسيوية عند الاقفال، وتصدر مؤشر البورصة اليابانية قائمة التراجعات، مع المخاوف من تفاقم التباطؤ الاقتصادي العالمي، فضلاً عن التوقعات تراجع نتائج أعمال بعض الشركات وفي مقدمها "تويوتا موتورز".
(أ. ف. ب، رويترز، أب، أش أ، ي ب أ)