دمشق – لندن – أخبار الشرق
لاحظت مصادر حقوقية أن السلطات الأمنية السورية عادت في الفترات الأخيرة إلى تكثيف اعتقالها للنساء، مشيرة إلى عدد من الحالات الحديثة بينها اعتقال سيدتين تحملان الجنيسة البريطانية وثالثة اعتقلت ثم أودعت في مشفى للامراض النفسية.
وأكدت اللجنة السورية لحقوق الإنسان أن هذه الاعتقالات تتم "لأسباب واهية"، متهمة السلطات السورية بضرب "عرض الحائط بالقيم الاجتماعية السورية التي تحترم المرأة وتعلي مكانتها وتنأى عن التعرض لها واعتقالها وإلحاق الأذى المعنوي أو المادي بها وتعتبر ذلك من مظاهر انحطاط المستوى الأخلاقي".
وذكّرت اللجنة بحوادث عديدة لا تزال حية في الإعلام ولا تزال ضحاياها رهن الاعتقال. الأولى حالة المواطنة البريطانية مريم خالص (34 سنة) المقيمة في دمشق بصفة طالبة والتي اعتقلت في أواسط آذار/مارس الماضي، والتي تحاول الاستخبارات السورية أن تقول أنها اعتقلتها بناء على معلومات من الاستخبارات البريطانية. ورأت اللجنة أن "المدقق لحالة السيدة مريم خالص وأولادها الثلاثة الصغار الذين فصلوا عنها يلاحظ أن هذه الأم مثقلة بأعباء بعضهم المعاقين ودراستها والأعباء المنزلية. ولا تزال مريم معتقلة ولا يعرف أحد عن مكان احتجازها ولا التهمة الموجهة إليها".
أما الحالة الثانية فهي التي تخص الطالبة الجامعية مريم محمد نخلة (28 سنة) التي اعتقلت على خلفية نقاش سياسي مع بعض زميلاتها الجامعيات في 2 نيسان/إبريل الماضي، رغم أنها تعاني من اضطراب نفسي يعرف باسم "ثنائي القطب" يجعلها غير قادرة على التحكم بأقوالها عندما تسيطر عليها نوبة المرض، فهو اضطراب يتراوح بين الاكتئاب والهمود في فترة معينة وفرط النشاط والتفاؤل قد يصل إلى الهوس في فترة أخرى وبين هاتين الفترتين قد يمضي المريض أشهر أو سنوات في حالة طبيعية تماما استنادا لالتزام المريض بدوائه. ورغم ذلك رفضت السلطات السماح لأسرة الفتاة بتزويدها بالدواء اللازمة.
وبعد قرابة ثمانية أسابيع من الاعتقال وعدم معرفة مكانها، وبعدما أثبتت أسرتها أن مريم تعاني مع مرض نفسي ناجم عن فرط نشاط في جسمها وأنها تتناول الدواء باستمرار؛ تم إيداعها في مصح الأمراض النفسية والعقلية (مركز ابن سينا) بأمر من أحد الفروع الأمنية لمدة 15 يوماً على أن تعاد بعدها إلى الفرع الأمني الذي اعتقلها. وقد وحظر على إدارة المشفى الإفراج عنها. فقد ذُكر عناصر من دورية تابعة لأحد الأفرع الأمنية، رفضوا الكشف عن أسمائهم أو الجهة التي يتبعون لها، قاموا بتسليم ريم نخلة إلى إدارة مشفى ابن سينا حيث قاموا بتزويد إدارة المشفى برقم هاتف عائلتها وطلبوا تبليغ العائلة بأنها أصبحت الآن في عهدة المشفى. وقد أبلغت إدارة المشفى العائلة عدم إمكانية إخراج المواطنة ريم نخلة من المشفى بناء على طلبهم لكون التعليمات التي لديهم تقضي بخضوعها إلى فترة مراقبة مدتها 15 يوما لتحديد مدى مسؤوليتها النفسية والعقلية عما قالته في حرم المدينة الجامعية و من ثم إعادتها إلى الفرع الأمني لاتخاذ القرار.
ووصفت اللجنة السورية لحقوق الإنسان خطوة بأنها "مكشوفة ولا أخلاقية للتأثير على نفسية هذه الفتاة لتسبب لها انهياراً وتراجعاً عوضاً عن مساعدتها على الشفاء والاندماج الجيد في محيطها المجتمعي".
والحالة الثالثة هي حالة المواطنة السورية البريطانية رويدة حمود (40 سنة) التي اعتقلت رهينة عن زوجها المعارض المقيم خارج سورية. وذكرت اللجنة السورية لحقوق الإنسان أن المواطنة المقيمة مع أسرتها في بريطانيا حصلت على وثيقة رسمية تسمح لها بزيارة البلد بدون التعرض لها ولأولادها، ولما سافرت إلى سورية مع اولادها الثلاثة منعوا جميعاً من السفر، ثم سمح للأولاد بالالتحاق بوالدهم في بريطانيا وبقي المنع ساريا عليها قبل أن تعتقل منذ عدة أيام، علماً بأن المواطنة رويدة حمود ليست من أصحاب الاتجاهات السياسية أو النشاط في أي من مجالات الشأن العام، حسب تأكيد اللجنة.
وقالت اللجنة السورية لحقوق الإنسان إنها "وهي تراقب هذه التصرفات الشاذة البعيدة عن قيم مجتمعنا والمنتهكة لأبسط حقوق الإنسان لتتوجه إلى العقلاء ممن يهمهم الأمر ليصدروا توجيهاتهم بالكف عن اعتقال النساء والابتعاد عن توجيه الأذى المعنوى والمادي لهن، ويبتعدوا عن الرجوع لما ولغوا فيه في فترة سابقة أثرت بصورة سلبية في ضمير المجتمع السوري وما تزال".