بينما شدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، على أن بلاده لن تسمح بإقامة ممرات إرهابية على حدودها الجنوبية، وستكمل الأجزاء المتبقية من «الحزام الأمني» شمالي سوريا، تفاعل رئيس النظام السوري بشار الأسد إيجاباً مع مطالب وحدات حماية الشعب الكردية التي تقود تحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، بصد الحملة العسكرية التركية المحتملة شمال سوريا، حيث قال إن قواته «ستقاوم» العملية العسكرية التركية المحتملة في سوريا ولم يستبعد الأسد مواجهة مع القوات التركية شمال سوريا. تزامن ذلك مع رفع الجيش الوطني السوري الخميس، جاهزية مقاتليه ونفذ عرضاً عسكرياً في مدينة أعزاز القريبة من منطقة تل رفعت المهددة من قبل القوات التركية بهجوم محتمل وكذلك منبج.
بشار الأسد ادعى في مقابلة مع قناة روسيا اليوم أن «سوريا ستقاوم أي غزو تركي لأراضيها على الصعيدين الرسمي والشعبي».. مشيراً إلى أن «الجيش السوري كبّد نظيره التركي خسائر خلال المواجهة بينهما قبل عامين».
الأكراد يستنجدون بالنظام
بينما أشار اردوغان في كلمة ألقاها، الخميس، خلال فعاليات «يوم المراقب المميز» المقامة ضمن إطار مناورات «أفس 2022» بولاية إزمير غربي البلاد إلى تحقيق الجيش التركي نتائج لا مثيل لها خلال مكافحته أخطر التنظيمات الإرهابية، وأضاف أردوغان: «نعمل خطوة بخطوة على حماية حدودنا عبر حزام أمني على عمق 30 كيلومتراً (شمالي سوريا)».
الجيش الوطني السوري يرفع جاهزيته استعداداً للعملية المحتملة
وأوضح أن هذه السياسة الأمنية المشروعة التي تتبعها أنقرة لا تدفع التنظيمات الإرهابية بعيداً عن حدود تركيا فحسب، بل تساهم أيضاً في أمن واستقرار دول الجوار. وتابع: «لن نسمح بإقامة ممرات إرهابية على حدود بلادنا الجنوبية، وسنكمل بالتأكيد الأجزاء المتبقية من الحزام الأمني» معرباً عن أمله في أن «ألا يعارض أي من حلفائنا وأصدقائنا الحقيقيين هذه المخاوف الأمنية المشروعة لبلادنا، وألا يختاروا على وجه الخصوص جانب التنظيمات الإرهابية». وأردف قائلًا: «حقنا الطبيعي أن نتوقع من حلفائنا وأصدقائنا تفهم واحترام مخاوفنا المشروعة بشأن هذه القــضية».
وكان قائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي قد دعا النظام السوري إلى مساعدته في مواجهة القوات التركية، معتبراً ذلك واجباً على نظام الأسد، وأكّد عبدي عزمه الاستعانة بقوات نظام الأسد لصد أي هجوم محتمل للقوات التركية في شمال شرقي سوريا. ووجّه «عبدي»، في لقاء مع قناة روسيا اليوم، دعوة لنظام الأسد «لأخذ الأمر (الهجوم التركي) على محمل الجد ولعب دوره بشكل عملي»، معتبراً أن «حماية الأراضي السورية واجبنا وواجب الدولة السورية».
وأضاف: «في حال قيام الأتراك بهذا الهجوم على الأراضي السورية فنحن مستعدون للكفاح ضده مع الجميع، وبالطبع سنحارب جنباً إلى جنب مع الجيش السوري للتصدي له»، مشيراً إلى أن قواته تتعامل بجدية مع تهديدات الرئيس التركي بشأن العملية العسكرية. ورغم طلبه مساندة نظام الأسد بشكل مباشر، إلّا أن عبدي عاد وبيّن أن دمشق «غير مستعدة للتوصل إلى حلول» مع قواته. وفي وقت سابق قال، في تصريح لرويترز، إن «المهمة الأساسية لجيش النظام للدفاع عن الأراضي السورية هي استخدام الدفاعات الجوية ضد الطيران التركي».
كما حذر قائد «قسد» في وقت سابق، عبر تغريدة له عبر حسابه على موقع تويتر، من العملية العسكرية التركية معتبراً أنها «قد تؤثر سلباً في محاربة تنظيم «الدولة» وذلك بعدما كشف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن قرب تحرك عسكري يستهدف الوحدات الكردية التي تفرض السيطرة على أجزاء واسعة شمال سوريا عند الحدود الجنوبية لتركيا، حيث قال إن «المناطق التي تعد بؤرة الهجمات والمضايقات ضد بلدنا ومناطقنا الآمنة هي على رأس أولوياتنا».
ومن المتوقع أن تستهدف العملية التركية مدينة تل رفعت في ريف حلب الشمالي ومدينة عين العرب (كوباني) في ريف حلب الشرقي، إضافة إلى بلدة تل تمر في ريف الحسكة ومدينة منبج ذات الأهمية الاقتصادية، وبلدة عين عيسى في ريف الرقة الشمالي.
وقام الفيلق الثالث التابع للجيش الوطني السوري بتنفيذ عرض عسكري في مدينة أعزاز المجاورة لمدينة تل رفعت التي يسيطر عليها تنظيم «واي بي جي» الكردي. وأفادت مصادر محلية لمراسل الأناضول، أن العرض ضم آليات عسكرية وعشرات العناصر تجولت في شوارع المدينة، ضمن استعدادات للجيش الوطني لمشاركة تركيا في عملية عسكرية مرتقبة في المنطقة. ورصدت عدسة الأناضول الآليات العسكرية وهي تتجول في المدينة، وسط ترحيب من السكان ورفع علم الثورة السورية.
رصد «الأناضول»
وشارك الجيش الوطني الجيش التركي في 3 عمليات عسكرية سابقة تم خلالها تحرير مساحات واسعة شمالي سوريا من تنظيمي «واي بي جي» و «داعش». وفي أول يونيو/ حزيران الجاري قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في كلمة أمام الكتلة البرلمانية لحزبه «العدالة والتنمية»، إن «تركيا بصدد الانتقال إلى مرحلة جديدة بشأن قرارها إنشاء منطقة آمنة على عمق 30 كيلومترا شمالي سوريا، وتطهير منطقتي تل رفعت ومنبج من الإرهابيين».
وأضاف أن «من يحاولون إضفاء شرعية على تنظيم بي كي كي الإرهابي وأذرعه تحت مسميات مختلفة لا يخدعون إلا أنفسهم».
ولوحظ رصد عدسة الأناضول مدينة تل رفعت السورية وحركة تنظيم «واي بي جي/ بي كي كي» الكردي الواقعة ضمن أهداف العملية العسكرية التركية المرتقبة. ويواصل التنظيم تكتيك التخفي في المدينة التي تبعد 18 كم عن الحدود التركية وتشترك في خط الجبهة مع منطقة «درع الفرات» شمال محافظة حلب.
وتظهر مشاهد التقطتها عدسة الأناضول من نقاط مركزية خارج المدينة، الخميس، التنظيم يرفع علم نظام بشار الأسد على تل المدينة الواقعة في ريف حلب. وكتب التنظيم على جانب التل المطل على المدينة اسم «بشار الأسد» بالحجارة، إلا أنه لم يُلاحظ وجود عناصر أو مليشيات تابعة للنظام وسط المدينة.
وأفادت مصادر موثوقة في تل رفعت للأناضول، بأن معظم عناصر القوات الكردية يرتدون ملابس مدنية وأن قسماً صغيراً منهم يرتدي ملابس مموهة. وعادة ما يختبئ مقاتلوه في منازل وأماكن شبيهة بالأنفاق على خط المواجهة خلال النهار وينتشرون في المدينة خلال ساعات المساء.
وبفضل دعم جوي من روسيا، سيطر التنظيم على المدينة عام 2016، عقب اشتباكات عنيفة مع المعارضة السورية، وجلب إليها الآلاف من أعضائه وعائلاتهم. ومطلع يونيو/حزيران الجاري توجه نصف عوائلهم من تل رفعت إلى مناطق سيطرة النظام إثر التصريحات التركية الأخيرة حول تحريرها من الإرهابيين. ويسعى التنظيم الكردي الذي يسيطر على المدينة ومحيطها منذ 6 أعوام، لإظهار تقارب مع النظام عبر روسيا، في ظل توجه تركيا لتنفيذ عمليات عسكرية جديدة ضد الإرهاب في المنطقة.
وفي سبيل ذلك، يلجأ الاكراد في تل رفعت إلى استخدام علم النظام، كما في منبج ومناطق أخرى على الخط الحدودي. وكان نحو 250 ألف مدني نزحوا عن تل رفعت باتجاه الشريط الحدودي مع تركيا، بسبب هجمات روسيا وتنظيم «واي بي جي» عام 2016، ولا يزالون يتمسكون بأمل العودة إلى منازلهم.
“القدس العربي”