المصدر: الإندبندنت
ترجمة: عبد الحميد فحام
بقلم: صاني هاندال (نائبة رئيس تحرير قسم الرأي في الصحيفة)
في الشهر الماضي، تمكّن أندريه كوفالينكو البالغ من العمر 25 عاماً من الفرار من مدينة ماريوبول بينما كان الروس يتقدمون، واستطاع شقّ طريقه إلى بولندا. لكن مخيمات اللاجئين كانت تعجّ باللاجئين، لذلك شقّ طريقه غرباً نحو ألمانيا وفرنسا في نهاية المطاف. وهناك، قام بإنشاء بعض الصداقات وقرّر أنه سيشق طريقه إلى بريطانيا لأنه يعرف التحدث باللغة الإنجليزية قليلاً. لقد سمع أشياء جيدة عن البلد في وسائل الإعلام وكان يأمل في أن يلقى الترحيب.
ولكن بينما كان يشقّ طريقه عبر القنال الإنجليزي، في قارب مليء باللاجئين الآخرين، تمّ إيقافهم. الآن تريد الحكومة ترحيله إلى رواندا من أجل البتّ بأمره. ومع انطلاق إحدى أولى رحلات الترحيل إلى رواندا، قد يكون هو على متنها.
بالتأكيد، سيغضب معظم الأشخاص الذين يفكّرون بشكل صحيح من احتمال قيامنا بترحيل طالب لجوء يائس ومُستحقّ مثل أندريه إلى رواندا؟ فبعد كل شيء، أرضه تتعرض للقصف والتدمير، وقد سافر للتوّ مجتازاً معظم أراضي القارّة بحثاً عن الأمان، فقط ليكتشف أنه سيتمّ نقله إلى بلد يُديره دكتاتور قاسٍ.
الآن، تخيّل لو فعلنا الشيء نفسه مع لاجئ سوري. فبلدهم في نفس الوضع بالضبط: إنهم يتعرضون للقصف من قِبل فلاديمير بوتين لمساعدة الدكتاتور بشار الأسد في الحفاظ على منصبه. ولقد تم تدمير مدن بأكملها وبعثرتها إلى قطع صغيرة تماماً مثل ماريوبول. الملايين من السوريين ببساطة ليس لديهم مكان للعيش فيه. فالبلدان المجاورة مُكتظّة باللاجئين مُسبقاً، لذلك ذهب البعض بعيداً بحثاً عن مأوى.
ولكن في الوقت الذي كان يُصرّ فيه بوريس جونسون على أنه لن ينتهي الأمر بأي لاجئ أوكراني بالذهاب إلى رواندا، فإن وزير داخليته يحاول حالياً ترحيل السوريين إلى رواندا.
لقد اختلقتُ قصة أندريه كوفالينكو -فلا توجد مثل هذه الحالة على حدّ علمي- لتوضيح النقطة التالية: بينما السوريون والأوكرانيون في نفس الموقف إلى حد كبير، هناك فرق كبير في كيفية تعامُل حكومتنا معهم. فعلى سبيل المثال، يتم تشجيع البريطانيين بنشاط على اصطحاب اللاجئين الأوكرانيين إلى منازلهم لإيوائهم في بريطانيا – حتى أننا نتقاضى أموالاً للقيام بذلك.
قد يجادل البعض بأن لدينا التزاماً تجاه زملائنا الأوروبيين أكثر من أولئك الذين يفرّون من الصراع في الشرق الأوسط أو ممن هم من مناطق أبعد مثل جنوب آسيا. لن أسمّي ذلك بالضرورة عنصرياً، أعتقد أنه لا بأس من القول إننا أضفنا التزاماً تجاه جيراننا. ولكن تم تقديم نفس الحجة ضد هروب اليهود من ألمانيا النازية (وهذا هو السبب في أننا سمحنا للأطفال فقط) وتم تقديم نفس الحجة ضد المواطنين الذين يهربون من اضطهاد عيدي أمين في أوغندا.
ومع ذلك، فإن اليهود الألمان والآسيويين الأوغنديين -جنباً إلى جنب مع أشخاص من هونغ كونغ وفيتنام والعديد من اللاجئين الآخرين من جميع أنحاء العالم- جعلوا بريطانيا موطناً لهم وساهموا بشكل كبير في حياة البريطانيين وازدهارها. يجب أن نعامل الناس حسب حاجتهم وليس حسب قربهم. يجب أن نعامل السوريين والأوكرانيين على قدم المساواة، فقط هذا سيكون عادلاً.
إذا كانت خطة ترحيل اللاجئين إلى رواندا تجعلك تشعر بعدم الارتياح، فهذا هو المراد. فالقسوة هي الأمر المقصود من الترحيل. فبريتي باتيل وجونسون لا يهتمان بتكلفة ذلك، بل يعتقدان أنه يبعث برسالة قوية وسيكون بمثابة رادع. لكن الشيء نفسه قيل عن سياسات “البيئة المعادية” التي انتهجتها تيريزا ماي ولم تردع أي شخص أيضاً.
يجب أن يدفعنا نهج الحكومة البريطانية المختلف تماماً تجاه اللاجئين الأوكرانيين والسوريين إلى التفكير ملياً. هل نريد أن نكون معروفين بكرمنا وإنصافنا، أو دولة لا تتوانى عن حبس اللاجئين في معسكر اعتقال في ظل نظام دكتاتوري؟
لا أعتقد أن الشعب يدعم قسوة هذه الحكومة، ولكنْ تم إقناعه بكذبة مفادها أن هذا هو “القرار الصعب” الوحيد الممكن لوقف قنوات الاتِّجار بالبشر وتهريبهم. لقد ثبت بالفعل عدم صحة ذلك.
إذا كانت هذه الحكومة عازمة على وقف الاتِّجار بالبشر، فإنها ستلاحق المتَّجرين وليس اللاجئين اليائسين. إذا كان هناك عدد كبير جداً من اللاجئين الذين يتم إيواؤهم في الفنادق، فذلك لأن وزارة الداخلية أثبتت أنها غير قادرة على التعامل مع الأشخاص بسرعة والسماح لهم بكسب عيشهم. وبدلاً من ذلك، فقد تُركوا طي النسيان، وأجبروا على الاعتماد على الدولة في حين أنهم يفضّلون الاكتفاء الذاتي.
قد يكون أندريه كوفالينكو الذي ذكرته سابقاً هو شخصية وهمية، لكن قصة رحلته يشاركها آلاف اللاجئين. وهي -بلا شك- قصة لاجئين يُعامَلون بشكل مُختلف بسبب أصلهم. هذه قصة يجب أن تُسبِّب الخجل لهذه الحكومة وداعميها.
“نداء بوست”