في المنزل، رُبطت نور من يديها وفي فسحة الضيوف رفعت وعلقت على بالسقف… هناك ضربها والدها كثيراً وأهانها، وقد ملأ صراخها المكان.
قتلت فتاة مهجرة في مدينة عفرين في ريف حلب الشمالي على يد والدها بعد تعذيبها وضربها بعنف بحجة أنها تتحدث إلى شخص غريب عبر “الواتساب”.
الأب قتل ابنته (17 عاما) بعد تعذيبها وربطها بالسقف وضربها على الرأس وألقي القبض عليه خلال دفن جثة ابنته لعدم وجود ورقة من الطبيب الشرعي، بعدما ادعى أن الفتاة تعرضت لتسمم وماتت.
حكاية جديدة تضاف الى جرائم قتل النساء.
إلى نور مع الحب
الساعة الآن الثانية ظهراً من يوم الإثنين 11 تموز/ يوليو، الطقس جميل في ناحية راجو التابعة لمدينة عفرين السورية، نسمات الهواء التي تلفح وجه المارة لطيفة تلامس الأجساد المنهكة بلطف مبالغ به.
هدوء المكان في تلك الجبال المكسوة بالخضرة والمنازل القديمة، لا يقطعه سوى سيارات رباعية الدفع تحمل جنود فصائل الجيش الوطني الموالي لتركيا وهي تجوب شوارع المنطقة، قبل أن تختفي في الشوارع الضيقة بين الجبال، سيارات بات أهل المنطقة يتمنون ألا تتوقف بجانبهم، بخاصة الكرد منهم لما تحمله من موت وكراهية بين جنباتها.
الحصان الذي جر مخيلتي للكتابة عن هذه القصة صعد إحدى تلال المنطقة بعناء شديد، قبل أن ينحدر بها الآن بصخب وجلبة إلى أسفل التلة، ثمة في البعيد وإلى اليمين قرية حجيكو التي يسمع نباح كلابها، وعلى يساري بين بساتين الزيتون رابية جرداء لفحتها الشمس وحفرت سيول الأمطار فيها أخاديد شبيهة بندوب الجراح التي لم تندمل بعد.
المشهد الثالث… المذنبة
يوم الإثنين صباحاً، بعد الإفطار يجلس والد نور بجانبها على مائدة الإفطار المكونة من زيتون وصعتر وثلاث بيضات، يمسك خصلات شعرها المتناثرة نتيجة تقلبها على المخدة في الليلة الماضية، مردداً إطراء ومديحاً يعرف سكان المنزل القصد منهما، تلك الجمل المنمقة والليونة الأبوية ما هي إلا لطلب بعض النقود التي وفرتها نور لشراء فستان ترتديه بعد أشهر في عرس ابن الجيران، عرس تريد أن تكون الأجمل فيه بحضور حبيبها السري.
بعد أن ينال والد نور مبتغاه يتجه إلى مدينة راجو بدراجته المتهالكة، هناك يشتري تبغه الرخيص وبعض حاجيات المنزل، بينما تقفز نور إلى غطاء رأسها و”شحاطتها” البلاستيكية الوردية، إلى الأخدود في الرابية الجرداء للحديث مع حبيبها المقيم بغرض العمل في مدينة عزاز المجاورة، ويتوهان في بحور الحب والرومانسية.
غياب نور في عالمها أنساها الوقت، أنساها حذرها من الوقوع بين يدي والدها، الذي انتهى من عمله وعاد ليجدها على حافة الأخدود قرب الرابية، لم يسعل هذه المرة لسوء حظ نور، جاء خلسة بعد رؤيتها ممسكة بالهاتف وهي ترسل الابتسامات مع الهواء اللطيف الذي تحمله ساعات الصباح الأخيرة، قبل أن تشعر بصاعقة ضربتها في ظهرها ملقية بها في هاوية الأخدود، لقد سمع الأب كلمات الحب وهو سبب كاف لقتل فتاة أو امرأة.