تساءلت صحيفة “ليبراسيون” الفرنسية: “أي من الرسالتين التاليتين لهما الأولوية في إعلان الزعيم الشيعي مقتدى الصدر اعتزاله العمل السياسي نهائياً: أنا أو الفوضى” أو “بعدي الطوفان!”؟ مؤكدة أنه هذه الخطوة أشعلت النار على الفور في شوارع العراق، حيث اخترق أنصار الصدر الحواجز المؤدية إلى المنطقة الخضراء في بغداد وسيطروا على القصر الحكومي، وخلّف تبادل إطلاق النار بين الميليشيات المتناحرة 23 قتيلاً ومئات الجرحى حتى مع فرض حظر تجول من قبل الجيش، مما شل البلاد.
وأضافت “ليبراسيون” القول إنه في مشهد مستوحى ربما من الصور الأخيرة لأعمال الشغب في سريلانكا، قام مثيرو الشغب الشباب، الذين جاءوا من أفقر أحياء العاصمة العراقية، بغزو المكاتب الحكومية، والقفز في حمام السباحة أو التقاط صور سيلفي، وذلك بعد نحو شهر من غزوهم لمبنى البرلمان بناء على دعوة زعيمهم. كما خرجت مظاهرات في مدن أخرى جنوبي البلاد حيث يتمتع التيار الصدري بنفوذ كبير، بما في ذلك البصرة، ثاني أكبر مدن العراق.
وتابعت الصحيفة التوضيح أن العراق يغرق في أزمة سياسية بسبب التنافس بين الأحزاب الشيعية على تشكيل الحكومة، منذ الانتخابات التشريعية التي جرت في شهر أكتوبر الماضي، والتي تصدّر تيار الصدر نتائجها، لكنه لم يتمكن منذ ذلك الحين من تشكيل أغلبية حكومية، ليستقيل نوابه في شهر يونيو، ويُتبع ذلك لاحقا بدعوة إلى حل البرلمان واتخاذ تدابير تشريعية جديدة لمحاولة حل الأزمة.
واعتبرت “ليبراسيون” أن مقتدى الصدر -الذي طالب بشكل عام بإصلاح جذري للنظام السياسي العراقي ووضع حد للفساد- لطالما سعى إلى ترسيخ نفسه باعتباره المرجع الشيعي الوحيد في العراق. ولديه القدرة على حشد الملايين من الأتباع في جميع أنحاء البلاد. وتجد معركته العلنية ضد الفساد صدى كبير بين السكان الأكثر حرمانا، الذين يعانون أكثر من غيرهم من الإخفاقات الهيكلية للدولة العراقية، غير القادرة على توفير المياه والكهرباء وغيرها من الخدمات الأساسية للمواطنين.
اليوم، وعلى الرغم من العائدات المالية التي قفزت بفضل ارتفاع أسعار النفط، فإن الحكومة العراقية لا تفعل شيئا تقريبا لإعادة إعمار البنية التحتية الأساسية. ويستمر نظام الفساد المستشري، حيث تتشارك القوى السياسية في موارد الدولة، بما في ذلك تيار مقتدى الصدر التي يُهيمن على العديد من المؤسسات الأساسية من ضمنها البنك المركزي ووزارة المالية.
واعتبرت “ليبراسيون” أن مقتدى الصدر، وفي إطار عملية ليّ الأذرع بينه وبين خصومه الشيعة في الإطار التنسيقي -وهو تحالف من الفصائل الموالية لإيران- يكون قد خاطر بدفع العراق نحو الهاوية؛ لأن الجميع لديه الكثير ليخسره في هذه المواجهات.
“القدس العربي”