بحضور وزخم أوروبي وعربي، تعقد هيئة التفاوض السورية في مدينة جنيف السويسرية، يومي الثلاثاء والأربعاء، اجتماعات مع ممثلين للأمم المتحدة، ومبعوثي خمس عشرة دولة، من مجموعة أصدقاء الشعب السوري بدعوة من الولايات المتحدة الأميركية، بهدف كسر الجمود الراهن في المسار السياسي السوري.
مصادر خاصة من جنيف قالت لـ«القدس العربي» إن الاجتماعات التي بدأت يوم الثلاثاء، سوف تستمر على مدار ثلاثة أيام، بدعوة من الولايات المتحدة وبحضور 15 دولة. ووفقاً للمصدر فإن الاجتماعات ستكون بحضور المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسون، وممثلي دول عربية، منها قطر والسعودية والإمارات ومصر والأردن والعراق، إضافة إلى ممثلين عن بريطانيا وتركيا وبعض الدول الأوروبية كفرنسا. وأجرى رئيس هيئة التفاوض بدر جاموس، الثلاثاء، لقاء مع مبعوثي الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية، كما سيكون الاجتماع الرئيسي بين مبعوثي الدول الخمس عشرة يومي الثلاثاء والأربعاء.
وتأتي أهمية هذه اللقاءات وفقاً للمصدر: «كونها اجتماعات على مستوى دولي تجمع أبرز الدول المعنية بالملف، وتسبق اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة التي ستنعقد خلال شهر سبتمبر /أيلول/ المقبل، كما أنها تأتي في الوقت الدي تحاول فيه كل من روسيا وإيران تهـميش العــملية الســياسية وعرقلتها.
بدعوة من واشنطن وبحضور دول فاعلة في الملف المعقد
وحول أهم الملفات المطروحة، قالت المصادر لـ «القدس العربي» إن هيئة التفاوض، ستركز خلال مشاركتها على خطورة الخطوات التي يتبعها النظام وحلفاؤه في سياق تعطيل العملية السياسية، وسيركز على الحاجة الملحة للضغط الدولي من أجل تفعيل «سلال» القرار الأممي (2254)، وعلى رأسها ملف الانتقال السياسي العادل الذي يحقق مطالب السوريين. كما ستبحث الاجتماعات خطر التطبيع مع النظام السوري باعتباره «ضوءاً أخضر جديداً للنظام لقتل السوريين، حيث أثبت النظام أكثر من مرة أنه لم ولن يراعي حقوق السوريين ومطالبهم، ولن يألو جهداً في تغييب أي سوري يُعارض منهجه الدكتاتوري. وسيدعو رئيس هيئة التفاوض إلى عدم التطبيع مع الأسد، وأن تتركز جهود المجتمع الدولي على دفع العملية السياسية تحت مظلة الأمم المتحدة ووفق القرارات الدولية ذات الشأن بما يحقق الاستقرار في سوريا ويُلبي مطالب السوريين وثورتهم».
وخلال لقاءات يوم الثلاثاء، أكد رئيس هيئة التفاوض بدر جاموس، على «الضرورة الملحة لضمان وصول الدعم اللازم للسوريين بدون أن يكون هذا الدعم بين يدي النظام أو عن طريقه، لأن نظام الأسد سيستخدم الدعم الدولي كورقة ابتزاز ضد السوريين الذين شردهم قصف النظام ودمويته». عضو هيئة التفاوض السورية، ديما موسى، قالت في اتصال مع «القدس العربي» إن اجتماعات هيئة التفاوض في جنيف، ليوم الثلاثاء، كانت مع مسؤولين ومبعوثين لدول معنية بالملف السوري، حيث «تم التركيز بشكل أساسي على ملف العملية السياسية، وبحث السبل لإعادة تحريك الملف السياسي منها اللجنة الدستورية التي شهدنا توقفها في المرحلة السابقة.كما تناولت الاجتماعات، بحث آلية فتح كافة السلال المرتبطة بالحل السياسي وفق القرار 2254 والقرارات الأخرى ذات الصلة وقرار مجلس الأمن 2118 وأيضاً بيان جنيف».
وأضافت موسى، «أن اللقاءات ناقشت الملفات الإنسانية، كجزء من عملية بناء الثقة بين الأطراف السورية، ومن هنا تم التركيز على أهمية عدم تسيس هذه الملفات كما يحصل أحياناً مع كل تمديد للمساعدات الإنسانية عبر الحلول وطرح البدائل في حال توقف هذه المساعدات». ولدى سؤالها عن النتائج المرجوة قالت موسى «الهدف الأساسي هو كسر الجمود المحيط، ومحاولة تحريك الملف السياسي للوصول إلى التطبيق الكامل للقرار 2254».
وعشية الاجتماعات، أعرب المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسون»، الاثنين، عن أسفه من عدم إحراز أي تقدم في العملية السياسية على مدى عامين من الهدوء النسبي في سوريا. وأبدى بيدرسون قلقه المتزايد من العلامات المقلقة للتصعيد العسكري في سوريا وزيادة الضربات التي يكون دائماً ضحاياها هم مدنيين، لافتاً إلى الافتقار لتحرك ثابت نحو عملية سياسية في البلاد، مشدداً على ضرورة أن تتحد الجهود الدبلوماسية المختلفة لخفض التصعيد بغية استعادة الهدوء في جميع أنحاء سوريا، ووقف إطلاق النار.
واعتبر المبعوث الخاص، أن «الحاجة إلى عملية سياسية في سوريا تتحرك بثبات إلى الأمام وهو أمر نفتقر إليه في الوقت الحالي» في ظل التحديات المتزايدة لتطبيق قرار مجلس الأمن رقم 2254 طويل الأمد. وجدّد المبعوث الأممي التزامه مواصلة العمل بشكل مكثف لحل القضايا واستئناف اللجنة الدستورية عملها في جنيف، والبحث عن فرص لإجراءات بناء الثقة «خطوة بخطوة»، مع إيلاء اهتمام خاص لملف المعتقلين والمخطوفين والمفقودين، مندداً بالتشرذم في سوريا والمنطقة وعلى الصعيد الدولي ونقص الثقة والإرادة التي تمنع القيام بما يجب، حيث دعا إلى معالجة هذا الصراع بطريقة شاملة، مع تسوية واستثمار جديين. وقال إن الطريقة الوحيدة لتجنب انهيار خطير آخر في سوريا، هو إعادة توحيد وإصلاح بلد وشعب مجزأ، واستعادة سيادة سوريا واستقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها، وإنهاء أزمة النزوح والسماح للشعب السوري برسم مستقبله.
وكان أكّد «بيدرسون» خلال لقائه مع وزير الخارجية الروسي «سيرغي لافروف»، أمس الاثنين، إن مناطق متفرقة من سوريا شهدت عدة هجمات أدت إلى مقتل عدد من المدنيين، ونحن في حاجة لعملية سياسية لإحراز تقدم في الملف السوري، مؤكدا أنه اتفق مع لافروف حول مواصلة العمل الســـياسي في هذا الإطار.
“القدس العربي”