يواصل الجيش التركي حملته العسكرية الجوية، في إطار عملية “المخلب – السيف” التي بدأها في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2022، ضد مواقع حزب العمال الكردستاني وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) شمال سوريا. وقال المسؤول الإعلامي لدى شبكة “الخابور” المحلية، إبراهيم حبش، لـ”القدس العربي” إن الجيش التركي استهدف، الجمعة، مواقع “قسد” في أرياف الحسكة والرقة وحلب.
ووفقاً للمتحدث فإن القوات التركية استهدفت بالمدفعية الثقيلة نقاط ميليشيا PKK/PYD في قرية الكوزلية بريف تل تمر شمال مدينة الحسكة، كما قصفت بقذائف المدفعية مواقع تابعة لقسد في قرى تل شعير وشيوخ تحتاني وجارقلي وزورمغار ومزرعة “أحمد منير” غرب مدينة عين العرب بريف حلب. وأكد المتحدث أن فصائل الجيش الوطني استهدفت من جهتها، بالمدفعية الثقيلة مواقع قوات سوريا الديمقراطية “PKK/PYD ” في قرى صيدا وجديدة ومعلق والطريق الدولي M4 في محيط بلدة عين عيسى شمال الرقة. وكالة “نورث برس” التابعة لقسد، قالت من جهتها، إن الجيش التركي استهدف “نقاطاً تابعة لقوات حكومة دمشق في قرى زرو مغار وزيارة وسفتك” الواقعة في الريف الغربي لمدينة عين العرب، التي تتعرض لقصف مكثف من قبل الجيش التركي.
ونتيجة استمرار القصف، أعلنت “قوات سوريا الديمقراطية” عن إيقاف جميع عملياتها العسكرية مع القوات الأميركية وقوات “التحالف الدولي”، في شمال شرقي سوريا، وذلك بعد القصف التركي لمناطق سيطرتها. ونقلت وكالة “رويترز” عن المتحدث باسم “قسد”، آرام حنا، قوله إن “جميع عمليات التنسيق والعمليات المشتركة لمكافحة الإرهاب مع التحالف، وكذلك كل العمليات الخاصة المشتركة التي كنا ننفذها بانتظام قد توقفت”.
وسبق أن كشفت مصادر عسكرية من “قسد” لموقع تلفزيون سوريا في الـ 23 من الشهر الماضي، أن “قوات سوريا الديمقراطية” علقت عملياتها المشتركة مع قوات التحالف الدولي ضد “تنظيم الدولة” (داعش)، احتجاجاً على الموقف الأمريكي من الهجمات التركية في شمال وشرق سوريا. وأوضح حينها مصدر مقرب من “قسد” لموقع تلفزيون سوريا، أن “قسد” أعلمت قوات التحالف خلال اجتماع عقد بين الطرفين، الثلاثاء، بقرارها تعليق العمليات العسكرية والأمنية المشتركة التي تستهدف خلايا “تنظيم الدولة” في المنطقة.
وأبدى قادة “قسد” انزعاجهم من الموقف الأمريكي وعدم اتخاذ إجراءات لوقف القصف التركي خلال الاجتماع، مطالبين واشنطن بموقف حازم والالتزام بتعهداتها بمنع التصعيد العسكري في المنطقة، بحسب المصدر. وطالبت القوات الأمريكية “قسد” بتجنب التصعيد مع تركيا ووقف الهجمات الصاروخية مع تأكيدها على التواصل المستمر مع أنقرة بهدف التهدئة. وكانت وزارة الدفاع الأمريكية، قالت على لسان السكرتير الصحافي باتريك رايدر، في وقت سابق “إن البنتاغون خفض عدد الدوريات المشتركة في سوريا بناء على طلب من “قسد”، لكنه أكد أن “العمليات ضد داعش لم تتوقف”.
وأوضح رايدر في مؤتمر صحافي أن واشنطن “حريصة على العمل والتواصل عن كثب مع حلفائنا الأتراك لضمان استقرار وأمن تلك المنطقة (شمال شرقي سوريا)، واستمرار مهمة هزيمة داعش” مشيراً إلى أن القوات الأمريكية “لم تقم بإعادة نشر أي من قواتها هناك”، مؤكداً الاستمرار “في التركيز بشكل كبير على مواجهة تهديد تنظيم داعش وهزيمته”. في غضون ذلك، طالب القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية “قسد” مظلوم عبدي، روسيا، بأن تتحمل مسؤولية إيقاف التصعيد التركي على المنطقة، بوصفها دولة ضامنة لاتفاق وقف إطلاق النار على شمال شرقي سوريا، المتفق عليه مع تركيا عام 2019.
وحمّل عبدي، في مقابلة خاصة بثت عبر برنامج “واشنطن أونلاين” من واشنطن، روسيا مسؤولية وقف الهجمات واتخاذ مواقف أكثر حزماً، استناداً إلى اتفاقية سوتشي عام 2019، والتي أفضت إلى انتشار قوات النظامين السوري والروسي في المنطقة، واعتبر عبدي أنه يترتب على روسيا “منع أي عمل عسكري تركي” مشيراً إلى أن “روسيا تحاول مسايرة تركيا لتحصل على مواقف داعمة لها بحربها على أوكرانيا”. وأضاف، أن الموقف الروسي “ليس سبباً يدفعها لتجاهل الهجمات التركية على سوريا، وتسمح لتركيا بانتهاك الاتفاق بين بوتين وأردوغان عام 2019، كما أن روسيا تعارض الهجمات التركية وهكذا تعلن عن موقفها، وأن هناك مباحثات بين البلدين حول هذه الهجمات”.
وطالب عبدي “الجانب الروسي بإعلان مواقف أكثر حزماً، وأن تطالب بدورها تركيا بالالتزام بالاتفاقيات السابقة وحل الخلافات بالحوار لا بالحرب”.
وجاء ذلك، بعدما أجمع حقوقيون وسياسيون أكراد، على أن تركيا لا تستطيع اتخاذ قرار أحادي الطرف بالهجوم على مواقع قسد شمال سوريا بدون موافقة الدول الفاعلة في المنطقة.
وقال المحلل والمراقب سياسي، جميل حاجو، إنّ تركيا لا تستطيع اتخاذ قرار الهجوم دون موافقة القوى الضامنة في شمال شرقي سوريا.
ولم يستبعد حاجو وجود لقاءات بين أميركا وتركيا، مع استمرار التهديدات التركية، وقال “كل شيء في السياسة، يعتمد على المصالح، كما أن الهجوم التركي الأخير الذي استهدف المرافق الحيوية، تمهيد لحرب واسعة تغير من خلالها تركيا ديمغرافية المنطقة، كما يحدث في عفرين وسري كانيه، رأس العين”. وانتقد المراقب السياسي في تصريحاته لوكالة إعلام تابعة لقوات سوريا الديمقراطية “قسد ما وصفه بـ”الصمت الدولي الذي يندرج تحت إطار المصالح”.
وأعلن وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، أن بلاده بحاجة لتطهير شمالي سوريا من تنظيم “بي كي كي/ واي بي جي” مثلما فعلت مع تنظيم “داعش”. جاء ذلك خلال كلمة ألقاها، على هامش مشاركته في النسخة الثامنة لمنتدى الحوار المتوسطي الذي يقام الجمعة في العاصمة الإيطالية روما. وقال تشاووش أوغلو: “مثلما طهّرنا شمالي سوريا من داعش فنحن بحاجة إلى مواصلة عملياتنا لتطهير المنطقة من تنظيم بي كي كي وأذرعه”.
“القدس العربي”