بهية مارديني – إيلاف
24/ 07/ 2009
كشف المحامي عمران الزعبي القريب من دوائر القرار في سورية في لقاء خاص مع "إيلاف" أن العماد آصف شوكت مدير المخابرات العسكرية السابق يعمل في مكتبه الجديد نائبًا لرئيس الأركان في الجيش والقوات المسلحة، نافيًا أن يكون قد إعترض على قرار نقله. وأفاد أن العماد آصف ضابط في الجيش العربي السوري وهو كبقية الضباط معروف بانضباطه وإلتزامه، وهو يعمل في مكتبه الجديد كغيره ممن إنتقلوا أو تغيرت مواقعهم.
ويصف الزعبي نفسه بأنه بعثي الولاء " ولن أغيّر ولائي "، مضيفاً: " لم يبنَ هذا الولاء لحزب البعث والوطن على المصالح "، وأشار إلى دراسته لقوانين الطوارئ المشابهة في معظم دول العالم للقانون المطبق في سورية "جعلتني اتيقن ان أفضل القوانين هي المطبقة في سورية "، معتبرًا أن الهيئات القضائية التي أصدرت قرارات لحبس معتقلين سياسيين قامت بدورها كهيئة مستقلة ولم يتصل بها أحد ولم يطلب منها إصدار أي قرار.
وقال: "أنا بعثي حتى النخاع ولن أغيّر ولائي ولا استطيع تغيير ولائي، لم يقدم لي أي شيء شخصي ولم استفد بأي شيء على هذا الصعيد، الولاء للحزب والوطن لم يبن على حساب المصالح، لقد تربينا على مبادئ حزب البعث والولاء له ". واضاف: "عمري 50 عامًا وأنا منذ العام 1970 انبض بهذا الولاء، كانت مرحلة وعيي الاجتماعي والسياسي نموذج حافظ الأسد، والرئيس الراحل حافظ الأسد بالنسبة لي أهم الرجال الذين استطاعوا أن يجمعوا في ذاتهم ثنائية يصعب جمعها بين ما هو عقائدي وبين ما هو سياسي، أو بين ما هو مبدئي وبين ما هو براغماتي دون ان يطغى احدهما على الآخر، انه نموذج من القادة الذين يصعب تشكيلهم".
تعديل قانون الطوارئ
وقال الزعبي انه قدم في العام 2001 مشروع تعديل قانون الطوارىء واضاف: "اقترحت ان يكون هناك قانون للأمن الوطني بدل قانون الطوارىء وفي مؤتمر المحامين العرب بدمشق ألقيت مداخلة علنية قلت فيها ان قانون الطوارئ قانون سيئ فرضته الضرورات ولا تزال الضرورات تبرر وجوده. ان القانون بذاته ليس نصًا سيئًا وانما يجب التوقف عند بعض الاجتهادات والبلاغات التي ألحقت به اثناء الممارسة والتطبيق".
واعتبر ان قانون الطوارئ ليس نتاجًا لحزب البعث، فقانون الطوارئ صدر بعد 10 ايام من نكبة فلسطين، لتثبته مرحلة الوحدة في 8 اذار 1968 وقد استمر العمل به. وحول وجود قانون للأمن الوطني قال" درست قوانين الطوارئ المشابهة في اغلب دول العالم ورايت ان أفضل القوانين هو المطبق في سوريا "، واشار الى ان الجزائر نظمت قانونًا للامن الوطني لمواجهة الاحداث التي حصلت حينها في البلاد.
وعما اذا كان هذا تغييرًا للمسميات ما بين قانون الطوارئ وقانون الأمن الوطني قال:" ليس تغييرا للمسميات وهناك علاقة خاصة جدا وحساسة جدا بين الحفاظ على الامن الوطني وحماية الحريات العامة ولا يجوز ان تتحول ممارسة الحريات العامة الى سبب لإقلاق الأمن او التأثير على الاستقرار والاساءة اليه، و لايجوز ايضا ان يطغى الامن ويضر بالحريات العامة وهذا يستلزم ضبط هذه المسائل بنصوص قانونية واضحة وشفافة تحكم هذه العلاقة الدقيقة والهامة. واعتقد انه على صعيد الممارسة الفعلية واليومية في سوريا يوجد تطور لافت في هذه المسألة".
مصدر المعلومات
وعادة ما يطل المحامي عمران الزعبي على الفضائيات ليدافع عن النظام بضراوة ضد كل ما يراه محاولة لاستهداف سورية وعن ذلك يقول " لا يسرب لي احد المعلومات، ولا يملي علي احد ما اقوله او لا اقوله لا من جهات امنية او حزبية او حكومية. لم يحاسبني احد او يسألني لماذا قلت هذا او لماذا لم تقل ذلك "، وأوضح قائلاً: "من خلال تنشئتي السياسية والحزبية انني افهم تماما سلوك الدولة والنظام وأهدافه واتحرك على اساس هذه المعرفة ".
وهل يسعى بهذا لآي منصب او صفة رسمية ؟اجاب:" لا أبدا انا لم اسألهم ولم اطلب شيء ولم يعرض علي أي منصب، وأضاف يجوز ان بعض الناس يعتبرون انني مستفيد الا انني اريد ان اؤكد لك من جديد انني لا اطلب أي شيء، حتى بالمناسبة إنني أوظف علاقاتي لخدمة الناس".
الاعتقالات السياسية
وردا على سؤال حول تبريره للاعتقالات السياسية قال: "اعتقد ان الأسباب الأساسية تورد في ملف الدعوى وهي التي تحدد مسالة الحكم فيها والأحكام تُسأل عنها الهيئات القضائية التي اصدرتها، واريد ان اقول لك شيئا مهما عن معرفة وعن كثب:ان الهيئات القضائية التي اصدرت القرارات بسجن معتقلين لم يتصل بها احد، قولا واحدًا، ولم يطلب احدًا منها ان تصدر أي قرار".
وأضاف" "لا تدخل مباشر او غير مباشر في عمل المحاكم في سوريا وأنا أتحدث عن المعتقلين السياسيين تحديدًا وهذا أمر اعتبره ايجابيًا والقاضي له سلطة تقديرية في كل المحاكم وفي كل القوانين في العالم وهو يملك اقوال المتهم ويسمع إفادات الشهود ويوازن بين الأدلة".
وأكد الزعبي "ان ما اريد قوله ان سورية شهدت في السنوات الماضية من حكم الرئيس بشار الأسد تطورات في الممارسة ملفتة ومهمة أولا على صعيد استقلال القضاء وثانيا على صعيد قصر مدة التوقيف أمام الأمن واحالة الملفات بسرعة الى الجهات القضائية كما ان الجلسات أصبحت علنية ويتم تحويل المعتقلين السياسيين الى القضاء العادي وليس الى محكمة امن الدولة او القضاء العسكري وهذا كله يصب في فكرة مفادها ان هناك ذهنية جديدة مصدرها الحقيقي الرئيس بشار الأسد شخصيًا وعنوانها احترام الحريات العامة والعودة الى الممارسة السياسية والادارة والقضاء ".
وشدد على القول: "انا ضد الاعتقال السياسي على أساس الرأي وضد قانون الطوارئ ولكن اولاً بالنسبة إلي استقرار سورية وأمنها وحياة وسلامة السوريين وسلامة الوحدة الوطنية والارض السورية مقدمة وسابقة للحريات والراي والاحزاب والسياسة… ثم إن كل شيء يأتي لاحقًا ويتم التعامل معه".
سجن صيدنايا العسكري
وحول ما جرى في سجن صيدنايا العسكري قبل أكثر من عام من أحداث قال: "لا معلومات رسمية اعلامية علنية ولكن ما حدث في صيدنايا حدث في سجون كثيرة في العالم وعالجتها الدول ضمن طبيعة ما يحدث، ومن المهم ان نفهم ان الدولة تتعامل حتى مع السجناء على أنهم في المحصلة أبناء الوطن ولكنهم سجناء بسبب أحكام قضائية وليسوا خصومًا بالمعنى الشخصي أي هم مخطئون بحكم القانون والتعامل معهم يجري وفق هذا القانون".
العماد آصف شوكت
في سياق آخر، نفى الزعبي ان يكون العماد آصف شوكت قد إعترض على قرار نقله من المخابرات العسكرية الى الأركان وقال:" العماد اصف شوكت ضابط في الجيش العربي السوري وهو كبقية ضباط الجيش السوري المعروفين بانضباطهم والتزامهم العسكري والوطني والسياسي، الرجل يعمل في مكتبه الجديد كغيره من الضباط الذين انتقلوا أو تغيرت مواقعهم ولا صحة على الاطلاق لا من قريب ولا من بعيد لكل ما قيل او يقال، والاشاعات التي تصدر هنا وهناك ليس جديدة عنه او عن غيره، وهي تعكس اضغاث أحلام البعض خارج سوريا الذين لا يتمنون الخير لهذا البلد".
وقال "سورية استهدفت في السنوات الأخيرة وهذا الاستهداف كان يريد النيل من سورية الدولة والشعب في ان معا وجزء من هذا الاستهداف تمثل في الاشاعات المغرضة التي لا يزال بعضهم يعتقد انها منتجة والواقع ان ما لا يعرفه بعضهم القليل من مطلقي ومروجي الاشاعات ان وعي السوريين وثقافتهم تجهض كل هذه المحاولات العملي منها والنظري".
سوريا اليوم
وقال الزعبي "سوريا ذات ثقل نوعي في المنطقة بمعنى اخر هي دولة عظمى في الشرق الاوسط وما يجعلها عظمى عدة عوامل اولها الوحدة الوطنية، وثانيها صلابة وحكمة الرئيس بشار الأسد، وثالثها جيشها وأمنها الوطني والعلاقة الثلاثية الاطراف بين هذه العوامل وهي علاقة متينة وراسخة".
الغاء مجلس الامن القومي
وحول إلغاء مجلس الأمن القومي وانشاء مجلس الامن الوطني في سوريا قال: "لا استطيع اعتماد هذه المعلومات وتبقى مجرد أقوال مرسلة ولكني اعتقد ان سوريا مقبلة على الكثير من العمل والتحولات التي من شأنها ان تعزز البنية الوطنية وتطور الادارة والاقتصاد الوطني تعكس كل ملامح ومعالم المشروع الوطني النهضوي ".
من هو عمران الزعبي؟
وردا على سؤال من هو عمران الزعبي أجاب: "لست خبيرا أمنيا، بل مواطن عربي سوري بعثي واعتبر ان كل ما اقوله او افعله هو واجب بامتياز لم اسال أحدا طلبا ولا افكر ان افعل ذلك وكل ما فعلته وماافعله يمكن لاي شخص أي يفعله، وهو على كل حال يبقى بسيطا اذا فكرنا بان ذلك يبقى واجبا لا اكثر ولا اقل.
المحكمة الدولية في اغتيال الحريري
وحول المحكمة الدولية في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري قال: "قلنا منذ اللحظة الاولى لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري ان سوريا اول المتضررين من هذا الاغتيال الاثم والبشع، وتبين فعلا اننا كنا صادقين بهذا الامر، وقلنا ان سوريا لا علاقة لها بذلك لا من قريب ولا من بعيد وليس هناك أي سوري على صلة بذلك، وايضًا تبين صدق ما قلناه واليوم يدرك العالم كله ان اغتيال الحريري كان مؤامرة على لبنان وعلى سورية في ان معًا، وسورية اليوم ما زالت تطالب بالحقيقة حول ما حدث واهمية معرفة من فعل ذلك ليس لتؤكد إلا صلة لها بذلك بل ليعرف العالم كله ان أخلاقيات السوريين وثقافتهم ترفض مثل ذلك، بل وتدعو الى الاقتصاص من القتلة وهذا ليس كلامًا سياسيًا بل هو كلام في الواقع وفي القانون وفي الثقافة….".
القنوات الفضائية المعارضة
وعن القنوات الفضائية المعارضة قال الزعبي: " أطلق عبد الحليم خدام نائب الرئيس السوري السابق المنشق قناة فضائية معارضة، واستطيع ان اقول كلمة ان هذا مؤشر على إفلاسه السياسي، هذا الرجل وضعي كلمة الرجل بين قوسين كان دائمًا مفلسًا حتى عندما كان في سوريا كان يبحث عن منبر في الفضائيات ليقول للناس انه مازال موجودا، وحتى الناس تعرف انه ما زال حيًّا ولكنه بالنسبة إلى السوريين اقل واصغر من أن يذكروه، بصماته في سوريا سيئة وفاسدة ولو فتح عشر فضائيات ولو ظهر عليها يوميًا… فهو في نظر السوريين صغير لا قيمة له ولا دور ولا صدى ولا صوت اصلا…".
وردًا على ما يشاع عن توزيع مناصب على أتباع عبد الحليم خدام أكد الزعبي أنه" ليس لعبد الحليم خدام اتباع في سورية لا بالمعنى السياسي ولا بالمعنى الشخصي فهو اقل واصغر من ان يكون له احد والناس في سوريا أرقى واكبر من ان يكنوا أي شيء لشخص مثله".
والا يخشى ان يقاضيه خدام نتيجة هذا الكلام؟ أجاب: "لا اقلق بالتأكيد لعدة أسباب. اولا خدام يخشى القضاء لانه في الأساس ارتكب أفعالاً ضد القانون ولو كان يحترم القانون والقضاء لوضع نفسه تحت تصرفهما أصلاً ليس في سوريا بل بوسعه ان يضع نفسه تحت تصرف القضاء في اية دولة كانت ويقول ما لديه ونقول ما لدينا الا انه لا يجرؤ..".
وردًا على سؤال حول الأسباب التي أوصلت الأمور إلى هذا النقطة برأيه اعتبر الزعبي" ان خدام له تجربة سياسية لم تسعفه في تقدير الأشياء واعتقد لوهلة ان سورية ستتغير وفق أحلام بعضهم وهو منهم ولكن تقديراتهم خابت وبقيت سورية قوية لا يمكن أن يزعزعها احد وذهبت أحلامه أدراج الرياح".
بهية مارديني – إيلاف