وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، ما لا يقل عن 197 حالة اعتقال تعسفي خلال الشهر الماضي، وسط دعوات لفرض ضوابط قانونية تهدف إلى إنهاء عصر الاعتقالات التعسفية والاختفاء القسر.
في إشارة إلى هشاشة الواقع الأمني في سوريا، قالت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان يوم الجمعة إن ما يقرب من 100 شخص تم تسجيلهم كمختطفين أو مفقودين في سوريا منذ بداية العام، مع استمرار ورود تقارير عن حالات اختفاء قسري جديدة.
وقال المتحدث باسم مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، ثمين الخيطان، للصحافيين في جنيف: «بعد أحد عشر شهراً من سقوط الحكومة السابقة في سوريا، ما زلنا نتلقى تقارير مقلقة عن عشرات حالات الاختطاف والاختفاء القسري».
وقال مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان «OHCHR» إنه وثق ما لا يقل عن 97 شخصاً تم اختطافهم أو فقدانهم منذ شهر كانون الثاني/يناير من هذا العام، مشيراً إلى صعوبة التحقق من رقم دقيق.
وأضاف الخيطان أن هذا الرقم يأتي بالإضافة إلى أكثر من 100 ألف شخص فُقدوا في عهد الرئيس المخلوع بشار الأسد.
وأوضح المكتب أنه رغم تمكن بعض العائلات من لم شملها مع أحبائها منذ سقوط الأسد، فإن العديد من العائلات لا تزال تجهل مصير أقربائها حتى الآن.
وقال مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إن الوضع الأمني المتقلب في سوريا، عقب اندلاع أعمال عنف في المناطق الساحلية ومدينة السويداء جنوب البلاد، جعل من الصعب العثور على المفقودين وتتبعهم، إذ يخشى بعض الناس التحدث.
وأضاف الخيطان أن بعض الأشخاص تعرضوا لتهديدات بسبب تواصلهم مع الأمم المتحدة. وأشار المكتب إلى أنه أثار قضية اختفاء متطوع في الدفاع المدني السوري، حمزة العمارين الذي فُقد في 16 تموز/يوليو أثناء مشاركته في مهمة إجلاء إنسانية خلال أعمال العنف في السويداء، داعياً إلى احترام القانون الدولي.
وفي سياق منفصل، وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، في تقريرها الذي نُشر يوم الأحد الماضي، ما لا يقل عن 197 حالة اعتقال تعسفي سُجلت خلال شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وسط دعوات ملحة لفرض ضوابط قانونية صارمة تهدف إلى إنهاء عصر الاعتقالات التعسفية والاختفاء القسري، مع ضمان الحقوق الأساسية للأفراد، وذلك في ظل التحولات السياسية والعسكرية العميقة التي شهدتها البلاد عقب سقوط نظام بشار الأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، وتولي حكومة انتقالية مقاليد السلطة.
ويأتي التقرير، الذي يمتد على 20 صفحة، ليستعرض حصيلة عمليات الاعتقال التعسفي والإفراج عن المحتجزين، في سياق المرحلة الانتقالية التي دخلتها سوريا بعد إسقاط النظام السابق، مع التركيز على الحالات المسجلة خلال الشهر المذكور. ووفقاً للوثائق المقدمة في التقرير، تم توثيق ما لا يقل عن 134 حالة اعتقال تعسفي واحتجاز في تشرين الأول/أكتوبر، بما في ذلك 14 طفلاً، حيث نفذت قوات الحكومة السورية 8 حالات منها، بينما تولت قوات سوريا الديمقراطية «قسد» 126 حالة احتجاز تعسفي، تضمنت 14 طفلاً. وكشف التحليل الجغرافي الوارد في التقرير عن تسجيل محافظة الرقة أعلى معدلات الاحتجاز التعسفي، تلتها دير الزور ثم حلب. كما أبرز التقرير مقارنة بين أعداد الاعتقالات التعسفية وعمليات الإفراج من مراكز الاحتجاز التابعة لقوات سوريا الديمقراطية، مشيراً إلى أن عدد الإفراجات تجاوز عدد الاعتقالات، ويعزى ذلك إلى حملات الاعتقال التي استهدفت مدنيين بهدف تجنيدهم إجبارياً في معسكرات، ما أثار توتراً متصاعداً واستياءً شعبياً بين السكان المحليين والقوات الأمنية، دافعاً قسد إلى الإفراج عن عشرات المحتجزين في محاولة لتهدئة الغضب الشعبي واحتواء التوترات.
من جانب آخر، أوضح التقرير أن عناصر قيادة الأمن الداخلي التابعة لوزارة الداخلية في الحكومة السورية نفذت خلال الشهر نفسه، حملات دهم واحتجاز طالت ما لا يقل عن 63 شخصاً متهمين بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان أثناء حكم نظام الأسد، خاصة في محافظات اللاذقية وطرطوس وحمص وحماة وحلب ودمشق. وشملت هذه العمليات عسكريين سابقين وموظفين حكوميين، مع مصادرة كميات من الأسلحة والذخائر، حيث نقل المحتجزون إلى سجون مركزية في حمص وحماة وعدرا بريف دمشق.
ميدانياً، رصدت «القدس العربي» خلال الأسبوع عشرات الاعتداءات والهجمات في مناطق متفرقة من البلاد. وفي تطور هو الأول من نوعه، عثر يوم الأربعاء على جثة متفحمة لشخص كان يحاول زرع عبوة ناسفة بالقرب من مزرعة على طريق إدلب-أريحا، وقال المكتب الإعلامي في قيادة الأمن الداخلي إن التحقيقات مستمرة للكشف عن ملابسات ما جرى، والتعرف على هوية الشخص الذي كان يحاول زرع العبوة وانتماءه.
مصدر أمني في المحافظة رجح لـ«القدس العربي» أن يكون القتيل عنصراً في تنظيم «الدولة الإسلامية» بدون حسم الأمر. إلا أنه أكد قيام القتيل بزرع عبوة ناسفة على أحد أكثر الطرق حيوية في المحافظة، حيث انفجرت به بسبب خطأ بشري. وكانت محافظة إدلب قد شهدت خلال الفترة السابقة حالات وحوادث أمنية تسببت في مقتل عدد من الأشخاص، منها حادثة إطلاق نار على سيارة مدنيين في جبل السماق في 21 من الشهر الماضي، ومقتل المدرب في وزارة الدفاع صدام الحميدي في حادثة إطلاق نار في سرمدا.
كما شهدت سوريا خلال الأسبوع المنصرم عدة حوادث أمنية تعكس هشاشة الوضع الأمني في البلاد، وارتفاعاً في معدلات جرائم القتل.
ومن جملة الأحداث والحوادث الأمنية التي شهدتها سوريا الأسبوع الفائت، مقتل السيدة نهى رومية، وإصابة زوجها داوود داوود بجروح، بعد إطلاق النار عليهما من قبل مجهولين بالقرب من جامع الهدى في يبرود بريف دمشق الشمالي الغربي، كما أطلق مسلحان مجهولان يستقلان دراجة آلية النار على الشابة آلاء أسعد (19 عاماً)، في حي عكرمة في حمص، ما تسبب بإصابتها في الوجه، نقلت على إثرها إلى المستشفى.
وفي سياق متصل، اندلعت مساء الإثنين أعمال شغب في حي الديماس بريف دمشق، ففي حين قالت مصادر محلية وإعلامية إن حالة الشغب اندلعت نتيجة هجوم رجال مسلحين بالعصي قدموا إلى الديماس من منطقة مجاورة، واعتدوا على محلات الحي وسكانه، قالت مصادر رسمية إن أعمال الشغب في المنطقة هي نتيجة خلاف على شقق سكنية فارغة.
وحسب مصدر محلي من أبناء المنطقة لـ«القدس العربي»، تعرضت منطقة «مخالفات الجزيرة الخامسة» في الديماس لهجوم عشرات الأشخاص الذين كانوا يستقلون قرابة 30 دراجة نارية، ويحملون العصي والهراوات، وعمدوا إلى تكسير واجهات المحلات التجارية، وإحراق بعضها، والتعرض للمارة، قبل تدخل قوات الأمن الداخلي التابعة للحكومة المؤقتة، والتي فرضت في الديماس حظر تجول من مساء الإثنين حتى صباح الثلاثاء الفائت.
وقالت قناة الإخبارية السورية إن ما جرى في منطقة الديماس هو خلاف بين أشخاص على شقق سكنية وقضايا عقارية، فيما قال مسؤول أمني في ريف دمشق إن ما حدث هو «مشاجرة» وقعت بسبب نزاعات عقارية في منطقة الديماس، قبل أن تتطور إلى ما وصفه المسؤول الأمني بـ«أعمال شغب محدودة»، مؤكداً أن الأمر قد تم حله بعد تطبيق النظام، واتخاذ التدابير القانونية على المخالفين.
الجدير بالذكر أن أعمال الشغب في منطقة الديماس تزامنت مع اجتماع الرئيس المؤقت أحمد الشرع ووزير الداخلية أنس خطاب، وحسب بيان رسمي، فقد ناقش اللقاء «واقع العمل الميداني في الوحدات والإدارات التابعة لوزارة الداخلية، وسبل تعزيز الانضباط الوظيفي وكفاءة الأداء، وضمان سرعة الاستجابة لاحتياجات المواطنين».
- القدس العربي























