فتحت زيارة شيخ قبيلة شمر مانع حميدي دهام الجربا إلى دمشق ولقائه بالرئيس السوري أحمد الشرع، التي جاءت مع اقتراب موعد الانتهاء من تطبيق اتفاق آذار، باب النقاش واسعًا عن نتائجها، وما إن كانت الحكومة السورية قد نجحت جزئيًا في سحب البساط “العشائري/العربي” من تحت أقدام قوات سوريا الديمقراطية “قسد”.
ومع أنه لا يزال سابقًا لأوانه الحديث عن نتائج الزيارة التي لم يرشح عنها شيء، باستثناء أنها جرت بترتيب من الشيخ عبد الله المحيسني، وفق مصادر موقع تلفزيون سوريا من الحسكة، فإن أهميتها تنطلق من خلال العلاقة التي حكمت بين مشيخة قبيلة شمر و”قسد”، واحتمال تغيير الأدوار فيها.
نتائج “رمزية”
وحكما، جاءت زيارة الجربا بالتنسيق مع “قسد” التي تنضوي فيها قوات “الصناديد” التي شكلتها قبيلة “شمر”، وهو ما قد يُقلل من نتائج الزيارة لجهة إعلان “الصناديد” التخلص من تبعيتها لـ”قسد”.
ويتحدث مصدر من قرية تل علو بريف الحسكة لموقع تلفزيون سوريا، عن “تضخيم” مُتعمد لقوات “الصناديد”، بعد تمكن “قسد” من اختراق هذه القوة العشائرية، وإضعاف نفوذ الشيخ مانع وقبله والده الشيخ الراحل حميدي دهام الجربا، من خلال تشكيل “قوات حماية الجزيرة” من المقاتلين من أبناء قبيلة شمر، وتسليم قيادة الفصيل لرافع الحران الشمري.
ويقول إن قوام قوات الصناديد حاليًا نحو 200 عنصر، والشيخ مانع لا يحظى بإجماع قبيلة شمر، نظرًا لتحالفه مع “قسد”، علمًا أن الأخيرة حدت من نفوذه على مستوى ريف الحسكة، والقبيلة، وفق تقدير المصدر، علمًا أن التقارير تتحدث عن قوام أكبر من ذلك بين 2000- 3000 عنصر.
لكن مع ذلك، لا يُغفل المصدر الأهمية الرمزية للقاء الشيخ مانع بالرئيس الشرع، ويقول: “قد تدفع الزيارة بقية شيوخ العشائر المتحالفين مع “قسد” إلى مراجعة مواقفهم، رغم أن هذا التوجه قد يجد من يعرقله أي قسد”.
ويتفق مع حديث المصدر الشيخ مثقال عاصي الجربا، وهو من مشايخ قبيلة شمر، لجهة التقليل من أهمية قوات “الصناديد”، بعد تحجيمها من قبل “قسد”.
ويقول لموقع تلفزيون سوريا، إن قرار “شمر” ليس حكرا على الشيخ مانع، وخاصة أن القبيلة صدرت شخصيات ناصرت الثورة السورية منذ بداياتها، وضحت وقاتلت النظام والميليشيات.
ومن الواضح، أن غالبية الأوساط تتعامل مع الزيارة من خلال سير العلاقة التي حكمت مشيخة قبيلة شمر بـ”قسد”، إذ لم تُسجل المشيخة أي موقف مؤيد للثورة السورية، أو مناهض لحكم “قسد”.
رسم علاقة جديدة
وبعد سقوط نظام الأسد، بدأ الشيخ مانع بمغازلة الدولة السورية، وكأنه يحاول رسم علاقة جديدة، ويمكن تلمس ذلك من خلال اعتباره في آب الماضي، أن “من يحكم دمشق يحكم سوريا، هذا موضوع لا نقاش فيه”.
وفي هذا الجانب يؤكد مصدر مطلع من الحسكة لموقع تلفزيون سوريا، أن الشيخ مانع يسعى إلى ترتيب علاقاته مع الدولة السورية، من باب دعم تطبيق اتفاق آذار، حتى يشغل دورًا في المرحلة القادمة.
ويستبعد أن يخرج الشيخ مانع عن طاعة “قسد”، وخاصة أن المشيخة تحصل على حصة من عائدات النفط من “قسد”.
لكن، لماذا وجهت الدولة السورية دعوة للشيخ مانع لزيارة دمشق؟، يرد المصدر: “الدولة تحاول تذليل الصعاب أمام اتفاق آذار، والشيخ مانع يتبع لـ”قسد”، والأهم أن المصلحة الوطنية تقتضي على دمشق الجلوس مع الجميع”.
بحث اندماج “الصناديد”
وفي السياق ذاته، يرحب الشيخ مضر حماد الأسعد رئيس المجلس الأعلى للقبائل والعشائر السورية، باللقاء الذي جمع شيخ شمر بالرئيس السوري، ويقول: “الرئيس السوري الشرع فتح الأبواب لكل السوريين، لفتح صفحة جديدة، وخاصة للذين لم يسجلوا موقفًا داعمًا للثورة”.
ويرى في حديثه لموقع تلفزيون سوريا، أن الغرض من الاجتماع هو بحث اندماج قوات الصناديد في الجيش السوري، ضمن ترتيبات اتفاق آذار، على اعتبار أن “الصناديد” ضمن هيكلية “قسد”.
وهنا أشار حماد الأسعد إلى المكانة الاجتماعية “المرموقة” لقبيلة شمر على مستوى محافظة الحسكة، وقال: “هذه المكانة هي التي أعطت قوات “الصناديد” الزخم الإعلامي، ولا ننسى أن عددًا كبيرًا من أبناء شمر كانوا قد وقفوا مع الثورة، واختلفوا مع مشيخة القبيلة و”قسد”، وهم يرفضون الآن إعادة إنتاج شخصيات لم تُظهر تأييدها لمعاناة السوريين عمومًا وأبناء الجزيرة السورية على وجه الخصوص”.
أما الكاتب والباحث مهند الكاطع، فقال تعليقًا على لقاء الرئيس السوري بشيخ شمر، “مناطقنا ما تزال تحت احتلال ميليشيا عابرة للحدود، ميليشيا تحاول الادعاء أنها تمثل العرب عبر استثمار أسماء شيوخ ووجهاء لتبرير وجودها”.
وأضاف على صفحته في “فيس بوك”: “المصلحة الوطنية تقتضي فصل أبناء المنطقة عن هذه العصابة، من غير أن يعني ذلك تلميع أحد أو تبرئة أحد من ماضيه، فالمواقف مسجلة، والحقوق الشخصية محفوظة لأصحابها، ولا تسقط بالتقادم”.
يذكر أن قوات الصناديد تشكلت في العام 2013، بقيادة عائلة الشيخ حُميدي دهام الهادي الجربا، ويقودها حاليًا “بندر الحميدي”، وتنتشر في مناطق نفوذ قبيلة شمر بريف القامشلي الشرقي.
وفي العام 2015، أعلنت القوات انضمامها إلى “قسد”، وبدأت تتلقى الدعم العسكري من “التحالف الدولي”، لكن دعمها يقتصر على السلاح الفردي الخفيف.
- تلفزيون سوريا





















