حمّلت دمشق سلطات الاحتلال المسؤولية الكاملة عن هذا العدوان الخطير الذي يهدد الأمن والاستقرار الإقليمي. وجددت مطالبتها لمجلس الأمن والأمم المتحدة وجامعة الدول العربية باتخاذ إجراءات رادعة تضمن احترام سيادتها.
ارتفعت حصيلة القتلى في بلدة بيت جن بريف دمشق الغربي إلى 13 شخصاً، بينهم نساء وأطفال، إضافة إلى إصابة 25 آخرين بجروح مختلفة، جراء عدوان إسرائيلي واسع النطاق وقع فجر الجمعة.
وفي تفاصيل الحادث، أفاد مصدر محلي في بيت جن أن القصف الجوي الإسرائيلي المكثف جاء في أعقاب توغل قوة عسكرية إسرائيلية ضخمة قوامها أكثر من 100 جندي بعربات مدرعة داخل البلدة الواقعة على السفح الشمالي لهضبة الجولان المحتلة.
وتصدى أهالي البلدة لقوات الاحتلال، ما أدى إلى اندلاع اشتباكات مسلحة عنيفة أجبرت القوات الإسرائيلية على تنفيذ عمليات إخلاء استمرت نحو ساعتين تحت غطاء ناري كثيف وتحليق مستمر للطيران الاستطلاعي والمسير. وكشف المصدر لـ«القدس العربي» أن إطلاق النار على القوات الإسرائيلية لم يكن من منزل المعتقلين المستهدفين، بل من منازل أخرى مجاورة.
بالإضافة إلى ذلك، أشار المصدر إلى أن بعض الشبان استُهدفوا بشكل مباشر أمام منازلهم رغم عدم حملهم السلاح، مشيراً إلى أن الطائرات المسيّرة قصفت كل من حاول الخروج من منزله، ما أسفر عن سقوط أكثر من عشرة جرحى أثناء محاولات الإسعاف في الشوارع.
في المقابل، أقرت وسائل إعلام إسرائيلية بإصابة ستة ضباط وجنود إسرائيليين بجروح متفاوتة، ثلاثة منهم في حالة خطيرة، خلال العملية العسكرية في بيت جن السورية. من جانب آخر، اعترف الجيش الإسرائيلي باعتقال ثلاثة مشتبه بهم، من بينهم شقيقان، ونقلهم إلى إسرائيل للاستجواب.
وفي حزيران/يونيو اعتقل الجيش الإسرائيلي سبعة شبان من بيت جن.
هذا وقد انتشر الجيش الإسرائيلي في محيط القرية والحرش والتلول الحمر، مع استمرار طائرات الدرونز بمراقبة البلدة ومداخلها. وأكد المصدر أن البلدة شهدت حركة نزوح واسعة للأهالي نحو البلدات المجاورة خوفاً من تصعيد جديد محتمل من قبل جيش الاحتلال.
رد الفعل السوري الرسمي
أعلنت دمشق موقفها الرسمي، حيث أدانت سوريا بأشد العبارات «الاعتداء الإجرامي» الذي نفذته دورية إسرائيلية فجر الجمعة في بلدة بيت جن بريف دمشق. وأكدت وزارة الخارجية والمغتربين في بيان أن توغل القوات الإسرائيلية واعتداءها السافر على الأهالي أدى إلى اندلاع اشتباكات مباشرة مع السكان. ووصفت الوزارة القصف الوحشي والمتعمد الذي أعقب فشل التوغل بأنه «جريمة حرب مكتملة الأركان»، أسفرت عن مقتل أكثر من عشرة مدنيين، بينهم نساء وأطفال، وتسببت بحركة نزوح كبيرة.
وحمّلت دمشق سلطات الاحتلال المسؤولية الكاملة عن هذا العدوان الخطير الذي يهدد الأمن والاستقرار الإقليمي. وجددت مطالبتها لمجلس الأمن والأمم المتحدة وجامعة الدول العربية بالتحرك العاجل لوضع حد لسياسة العدوان الإسرائيلي واتخاذ إجراءات رادعة تضمن احترام سيادتها.
وأكدت أنها ستواصل ممارسة حقها المشروع في الدفاع عن أرضها بكل الوسائل التي يقرها القانون الدولي.على صعيد متصل، أكد المندوب الدائم لسوريا لدى الأمم المتحدة، إبراهيم علبي، أن دمشق لن تبرم أي اتفاق أمني مع إسرائيل قبل وقف اعتداءاتها.
وشدد علبي على أن سوريا تفاوض «من منطق قوة» وتمارس ضبط النفس، مؤكداً أن الرد على الاستفزازات قد يفقدها مكاسب سياسية. ونفى علبي بشكل قاطع الروايات الإسرائيلية حول وجود الحوثيين في سوريا، واصفاً إياها بـ«ضرب من الخيال». وأشار إلى أن وفداً من مجلس الأمن سيزور سوريا قريباً للقاء قادة الحكومة الانتقالية الجدد، بمن فيهم رئيس الجمهورية أحمد الشرع.
في المقابل، قدمت إسرائيل روايتها الخاصة للأحداث حيث أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، أن القوات نفذت عملية عسكرية «ناجحة» الليلة الماضية في قرية بيت جن بجنوب سوريا، استناداً إلى معلومات استخباراتية جُمِعت خلال الأسابيع الأخيرة.
ووفقاً للبيان، كان الهدف من العملية هو اعتقال مطلوبين ينتمون إلى تنظيم «الجماعة الإسلامية» الذين كانوا يعملون في القرية ويدفعون بمخططات وصفها بـ«الإرهابية» ضد مواطني دولة إسرائيل.
وأوضح أدرعي أنه خلال العملية، أطلق «مخربون» النار باتجاه قوات جيش الدفاع الإسرائيلي، التي ردت بإطلاق النار، بدعم وإسناد جوي في المنطقة. وأقر الجيش الإسرائيلي بوقوع إصابات في صفوف قواته.
ردت القوات الإسرائيلية بإطلاق النار، واستخدمت إسناداً جوياً مكثفاً شمل مروحيات هجومية وطائرات مسيّرة ومقاتلات حربية لقصف أهداف محددة مسبقاً داخل القرية. وبسبب تعطل مركبة «الهامر» تحت النيران، اضطرت القوات إلى تركها وقام سلاح الجو لاحقاً بقصفها وتدميرها من الجو.
ردود الفعل
الدبلوماسية العربية والدولية
أثار الاعتداء الإسرائيلي ردود فعل دولية وعربية واسعة، حيث أجمعت على إدانة الانتهاك للسيادة السورية ودعت إلى تدخل فوري لوقف التصعيد.
حيث أدان المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية، أونجو كيتشيلي، الهجمات الإسرائيلية، مؤكداً أن إسرائيل أثبتت مرة أخرى سعيها إلى تحقيق «أجندة مدمرة». وشدد على انتهاك إسرائيل لسيادة سوريا وسلامة أراضيها رغم عدم وجود تهديدات من الجانب السوري، مطالباً بوضع حد فوري لهذه الهجمات التي تعرقل جهود إرساء الأمن والاستقرار. كما حملت الخارجية التركية المجتمع الدولي مسؤولية التحرك لوقف الانتهاكات.
من جهته، أدان الأردن بأشد العبارات التوغل والقصف الإسرائيلي، مؤكدة أنه يشكل انتهاكاً صارخاً لسيادة سوريا والقانون الدولي، وتصعيداً خطيراً يزيد من التوتر.
وأكد وزير الخارجية أيمن الصفدي، رفض المملكة المطلق لهذا العدوان، مشدداً على ضرورة وقف الإجراءات الإسرائيلية التي تنتهك ميثاق الأمم المتحدة واتفاقية فض الاشتباك لعام 1974. وشدد على تضامن الأردن الكامل مع سوريا، داعياً المجتمع الدولي إلى إلزام إسرائيل باحترام القانون الدولي، مع تقديم التعازي لأسر الضحايا.
كما أدان الأمين العام لمحلس التعاون الخليحي جاسم محمد البديوي القصف الإسرائيلي الذي أسفر عن سقوط شهداء وجرحى، مؤكداً أن استمرار الانتهاكات يفاقم التوتر ويقوض جهود الاستقرار. ودعا المجتمع الدولي إلى تحرك فوري لوقف الاعتداءات ومنع تصاعد التوتر الذي يهدد السلم الإقليمي، مشدداً على أهمية الحفاظ على سيادة سوريا بما يتوافق مع القانون الدولي.
وأكدت قطر أن التوغل الإسرائيلي يعد انتهاكا صارخا للقانون الدولي وسيادة سوريا. وشددت وزارة الخارجية على أن هذه الممارسات تفاقم التوتر وتقوض الأمن الإقليمي، داعيةً المجتمع الدولي إلى تحرك فوري لوقف الانتهاكات ومساءلة المسؤولين، مع التأكيد على تضامنها التام مع سوريا.
على الصعيد الدولي، أدانت نائبة المبعوث الخاص إلى سوريا، نجاة رشدي، العدوان الذي أسفر عن سقوط شهداء وجرحى مدنيين ونزوح عائلات. وأكدت في بيانها من جنيف أن هذه الأعمال تعد انتهاكاً خطيراً لسيادة سوريا، مطالبة بوقف فوري للاعتداءات والالتزام بقرار فك الارتباط لعام 1974، مع التجديد لالتزام الأمم المتحدة بوحدة سوريا.
وهذه ليست المرة الأولى التي تستهدف فيها إسرائيل مسلحين في بيت جن. وفي كانون الثاني/يناير 2024، قتل جيش الدفاع الإسرائيلي حسن عكاشة، واتهمته انه زعيم فرع حماس، واغتالت اخاه علي قبل ذلك، في ايلول/سبتمبر 2023. والجدير بالذكر ان محمد الذي قتل في مواجهات الجمعة هو شقيق القتيلين المذكورين.
وتدعي إسرائيل وجود خلية كبيرة في المنطقة تعمل لصالح إيران وحزب الله، ما يمهد لنيتها بالبدء بتصعيد عسكري ضد بيت جن، متذرعة بالهجوم الذي حصل ضد قواتها، خصوصا وأن التطور الأمني يأتي بعد عدة أيام من زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والقادة الأمنيين والعسكريين إلى أٍاض سورية محتلة في الجولان ومحيط جبل الشيخ.
- القدس العربي


























