• الرئيسية
  • رأي الرأي
  • سياسة
    • سورية
    • العرب
    • العالم
  • مقالات
  • تحليلات ودراسات
  • حوارات
  • ترجمات
  • ثقافة وفكر
  • منتدى الرأي
الخميس, ديسمبر 18, 2025
موقع الرأي
  • Login
  • الرئيسية
  • رأي الرأي
    سورية.. نقطة التوازن الحَرِج

    سورية.. نقطة التوازن الحَرِج

  • سياسة
    • سورية
    • العرب
    • العالم
  • مقالات
    سوريا وإعادة بناء المجتمع

    سوريا وإعادة بناء المجتمع

    انفصال جنوب اليمن: الطلاق “أبغض الحلال”

    انفصال جنوب اليمن: الطلاق “أبغض الحلال”

    الصّراع التّركيّ – الإسرائيليّ: توتّر استراتيجيّ قابل للانفجار

    الصّراع التّركيّ – الإسرائيليّ: توتّر استراتيجيّ قابل للانفجار

    القبيلة والاستبداد في سوريا: بين تواطؤ النخب وتيه الثوار

    القبيلة والاستبداد في سوريا: بين تواطؤ النخب وتيه الثوار

  • تحليلات ودراسات
    لبنان على فالق الزلازل: سوريا وعمق المصالح أم إغراء إسرائيل؟

    لبنان على فالق الزلازل: سوريا وعمق المصالح أم إغراء إسرائيل؟

    ما الذي يتعلمه أحمد الشرع من إخفاقات ليبيا والعراق

    ما الذي يتعلمه أحمد الشرع من إخفاقات ليبيا والعراق

    “الإخوان المسلمون”… أسئلة لا نريد الإجابة عنها

    “الإخوان المسلمون”… أسئلة لا نريد الإجابة عنها

    هجوم “داعش” في تدمر… ما تداعياته على التعاون السوري – الأميركي؟

    هجوم “داعش” في تدمر… ما تداعياته على التعاون السوري – الأميركي؟

  • حوارات
    أسعد الشيباني لـ”المجلة”: لن نوقع اتفاقا مع إسرائيل دون الانسحاب إلى خط 7 ديسمبر… وهذا تصورنا للتفاهم مع “قسد” (2 من 2)

    أسعد الشيباني لـ”المجلة”: لن نوقع اتفاقا مع إسرائيل دون الانسحاب إلى خط 7 ديسمبر… وهذا تصورنا للتفاهم مع “قسد” (2 من 2)

    أسعد الشيباني لـ”المجلة”: رؤيتنا لسوريا كانت واضحة لدينا قبل إسقاط الأسد… وهكذا فككنا “العقدة الروسية” (1 من 2)

    أسعد الشيباني لـ”المجلة”: رؤيتنا لسوريا كانت واضحة لدينا قبل إسقاط الأسد… وهكذا فككنا “العقدة الروسية” (1 من 2)

    بابرا ليف لـ”المجلة”: كنت أول مسؤول أميركي يلتقي الشرع… وهذه “أسرار” ما قلته وسمعته

    بابرا ليف لـ”المجلة”: كنت أول مسؤول أميركي يلتقي الشرع… وهذه “أسرار” ما قلته وسمعته

    “حفيد بلفور” يتحدث لـ “المجلة” عن أسرار الوعد الشهير و”حل الدولتين”… وعلاقته بـ “لورانس العرب”

    “حفيد بلفور” يتحدث لـ “المجلة” عن أسرار الوعد الشهير و”حل الدولتين”… وعلاقته بـ “لورانس العرب”

  • ترجمات
    ما يريده السوريون  –  يكشف مسح استقصائي جديد عن الآمال والأخطار التي تواجه الحكومة الجديدة في البلاد

    ما يريده السوريون – يكشف مسح استقصائي جديد عن الآمال والأخطار التي تواجه الحكومة الجديدة في البلاد

    فورين أفيرز: تفاؤل بالمستقبل.. هذا ما يريده الشعب السوري بعد عام على التحرير

    فورين أفيرز: تفاؤل بالمستقبل.. هذا ما يريده الشعب السوري بعد عام على التحرير

    تشارلز ليستر عبر صحيفة إسرائيلية: استهداف سوريا “خطأ استراتيجي”

    تشارلز ليستر عبر صحيفة إسرائيلية: استهداف سوريا “خطأ استراتيجي”

    كاتب تركي: تحولات بوسائل النفوذ والهيمنة في القرن الـ21

    كاتب تركي: تحولات بوسائل النفوذ والهيمنة في القرن الـ21

  • ثقافة وفكر
    • All
    • خواطر سوريّة
    “يوميات سجين” لساركوزي: من أدب سجون الرؤساء

    “يوميات سجين” لساركوزي: من أدب سجون الرؤساء

    سوريا وبديع التكويع: طبعة استشراقية

    سوريا وبديع التكويع: طبعة استشراقية

    في خمسين رحيلها… حنة آرندت وتحولات الكذب من التوتاليتارية إلى الديمقراطية

    في خمسين رحيلها… حنة آرندت وتحولات الكذب من التوتاليتارية إلى الديمقراطية

    في الحاجة إلى مقاربات جديدة للهُويَّة الوطنية السورية

    في الحاجة إلى مقاربات جديدة للهُويَّة الوطنية السورية

  • منتدى الرأي
No Result
View All Result
  • الرئيسية
  • رأي الرأي
    سورية.. نقطة التوازن الحَرِج

    سورية.. نقطة التوازن الحَرِج

  • سياسة
    • سورية
    • العرب
    • العالم
  • مقالات
    سوريا وإعادة بناء المجتمع

    سوريا وإعادة بناء المجتمع

    انفصال جنوب اليمن: الطلاق “أبغض الحلال”

    انفصال جنوب اليمن: الطلاق “أبغض الحلال”

    الصّراع التّركيّ – الإسرائيليّ: توتّر استراتيجيّ قابل للانفجار

    الصّراع التّركيّ – الإسرائيليّ: توتّر استراتيجيّ قابل للانفجار

    القبيلة والاستبداد في سوريا: بين تواطؤ النخب وتيه الثوار

    القبيلة والاستبداد في سوريا: بين تواطؤ النخب وتيه الثوار

  • تحليلات ودراسات
    لبنان على فالق الزلازل: سوريا وعمق المصالح أم إغراء إسرائيل؟

    لبنان على فالق الزلازل: سوريا وعمق المصالح أم إغراء إسرائيل؟

    ما الذي يتعلمه أحمد الشرع من إخفاقات ليبيا والعراق

    ما الذي يتعلمه أحمد الشرع من إخفاقات ليبيا والعراق

    “الإخوان المسلمون”… أسئلة لا نريد الإجابة عنها

    “الإخوان المسلمون”… أسئلة لا نريد الإجابة عنها

    هجوم “داعش” في تدمر… ما تداعياته على التعاون السوري – الأميركي؟

    هجوم “داعش” في تدمر… ما تداعياته على التعاون السوري – الأميركي؟

  • حوارات
    أسعد الشيباني لـ”المجلة”: لن نوقع اتفاقا مع إسرائيل دون الانسحاب إلى خط 7 ديسمبر… وهذا تصورنا للتفاهم مع “قسد” (2 من 2)

    أسعد الشيباني لـ”المجلة”: لن نوقع اتفاقا مع إسرائيل دون الانسحاب إلى خط 7 ديسمبر… وهذا تصورنا للتفاهم مع “قسد” (2 من 2)

    أسعد الشيباني لـ”المجلة”: رؤيتنا لسوريا كانت واضحة لدينا قبل إسقاط الأسد… وهكذا فككنا “العقدة الروسية” (1 من 2)

    أسعد الشيباني لـ”المجلة”: رؤيتنا لسوريا كانت واضحة لدينا قبل إسقاط الأسد… وهكذا فككنا “العقدة الروسية” (1 من 2)

    بابرا ليف لـ”المجلة”: كنت أول مسؤول أميركي يلتقي الشرع… وهذه “أسرار” ما قلته وسمعته

    بابرا ليف لـ”المجلة”: كنت أول مسؤول أميركي يلتقي الشرع… وهذه “أسرار” ما قلته وسمعته

    “حفيد بلفور” يتحدث لـ “المجلة” عن أسرار الوعد الشهير و”حل الدولتين”… وعلاقته بـ “لورانس العرب”

    “حفيد بلفور” يتحدث لـ “المجلة” عن أسرار الوعد الشهير و”حل الدولتين”… وعلاقته بـ “لورانس العرب”

  • ترجمات
    ما يريده السوريون  –  يكشف مسح استقصائي جديد عن الآمال والأخطار التي تواجه الحكومة الجديدة في البلاد

    ما يريده السوريون – يكشف مسح استقصائي جديد عن الآمال والأخطار التي تواجه الحكومة الجديدة في البلاد

    فورين أفيرز: تفاؤل بالمستقبل.. هذا ما يريده الشعب السوري بعد عام على التحرير

    فورين أفيرز: تفاؤل بالمستقبل.. هذا ما يريده الشعب السوري بعد عام على التحرير

    تشارلز ليستر عبر صحيفة إسرائيلية: استهداف سوريا “خطأ استراتيجي”

    تشارلز ليستر عبر صحيفة إسرائيلية: استهداف سوريا “خطأ استراتيجي”

    كاتب تركي: تحولات بوسائل النفوذ والهيمنة في القرن الـ21

    كاتب تركي: تحولات بوسائل النفوذ والهيمنة في القرن الـ21

  • ثقافة وفكر
    • All
    • خواطر سوريّة
    “يوميات سجين” لساركوزي: من أدب سجون الرؤساء

    “يوميات سجين” لساركوزي: من أدب سجون الرؤساء

    سوريا وبديع التكويع: طبعة استشراقية

    سوريا وبديع التكويع: طبعة استشراقية

    في خمسين رحيلها… حنة آرندت وتحولات الكذب من التوتاليتارية إلى الديمقراطية

    في خمسين رحيلها… حنة آرندت وتحولات الكذب من التوتاليتارية إلى الديمقراطية

    في الحاجة إلى مقاربات جديدة للهُويَّة الوطنية السورية

    في الحاجة إلى مقاربات جديدة للهُويَّة الوطنية السورية

  • منتدى الرأي
No Result
View All Result
موقع الرأي
No Result
View All Result

اللاذقية في عهد “البعث”.. المدينة المغلقة سياسياً

30/11/2025
A A
اللاذقية في عهد “البعث”.. المدينة المغلقة سياسياً
0
SHARES
0
VIEWS
Share on FacebookShare on Twitter

مع نهاية الخمسينيات، كانت اللاذقية قد وصلت إلى نقطة شبه ثابتة: مدينة دخلت الحياة المدنية الحديثة بخطوات محدودة، بلا وزن سياسي محلي، وبلا قدرة على تشكيل حراك مديني مستقل. ومع أنّ البلاد كانت تتجه نحو اضطرابات سياسية متصاعدة، بقيت اللاذقية على الأطراف، تتأثر بما يجري في الداخل أكثر مما تشارك فيه. لكن هذا التوازن الهش لن يستمر طويلاً. فمع انقلاب آذار/ مارس 1963 وصعود البعث، ستدخل المدينة مرحلة جديدة تماماً، عنوانها توسّع الدولة الأمنية وتحول الساحل إلى منطقة مراقبة ومركز ولاء للنظام.
مع صعود البعث إلى السلطة في آذار/ مارس 1963، بدأت ملامح مرحلة سياسية مختلفة تماماً تتشكل في اللاذقية. لم يؤدِّ هذا التحول إلى تنشيط الحياة السياسية داخل المدينة؛ بل إلى تدشين منظومة أمنية هي الأكثر انضباطاً ومركزية في تاريخ سوريا الحديث. ومع وصول حافظ الأسد إلى الحكم في العام 1970، تعزز هذا المسار أكثر، لتصبح اللاذقية مدينة يُفترض أن تبقى هادئة… وبأي ثمن.

معقل قوة
منذ ذلك الوقت، لم تعد اللاذقية مدينة على هامش السياسة؛ بل أصبحت جزءاً من بنية الحكم نفسها. شيئاً فشيئاً، تحولت إلى قطعة أساسية في هندسة الولاء التي بناها النظام على مدى عقود. اعتمدت السلطة الجديدة على الساحل بوصفه منطقة دعم موثوقة، وسرعان ما رسّخت المدينة موقعها كأحد معاقل القوة. لم يكن ذلك مجرد شعور عام بالولاء؛ بل أداة حكم فعّالة: تعزيز حضور كوادر الحزب، فتح أبواب مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية أمام أبناء المنطقة، وربط مصالح العائلات التجارية بالمرفأ والمشاريع الحكومية. ومع اتساع نفوذ الجيش والأجهزة، أصبحت اللاذقية، تدريجياً، إحدى ركائز الشرعية الاجتماعية للنظام، خصوصاً مع عسكرة الساحل في السبعينيات.
ومع نهاية الستينيات، بدأت ملامح مدينة مغلقة تترسخ. انتشرت المخابرات العسكرية والأمن السياسي والأمن الداخلي، وتوزعت نقاط المراقبة، وتكاثرت التقارير التي تتابع التفاصيل اليومية. لم يكن ذلك تضخماً عابراً؛ بل منهج حكم يقوم على مراقبة المجتمع وخنق أي احتمال لتشكل حياة عامة مستقلة. تحوّلت الجامعة والمدارس إلى فضاءات خاضعة للرقابة، وصار النشاط السياسي شبه مستحيل، في حين انتشر الخوف كآلية ضبط يومية.
كان المشهد واضحاً: مدينة مراقَبة بالكامل… بلا مساحة احتجاج، وبلا نقاش سياسي مفتوح.
ومع استقرار حكم البعث كنظام الحزب الواحد، أغلقت آخر النوافذ المتاحة للتنظيم المدني المستقل. جرى تأميم النقابات ودمجها في “الاتحاد العام لنقابات العمال”، الذي خضع بدوره للسلطة توجيهاً وتمويلاً وإدارة. وبدلاً من أن تصبح النقابات أدوات دفاع عن الحقوق، تحولت إلى منصات تعبئة: تنظيم مسيرات، ضمان الولاء، مراقبة العمال والطلاب، وإبلاغ الأجهزة الأمنية بأي نشاط يُشتبه بأنه خارج الخط.
المشهد الوحيد الذي سمح النظام بظهوره في الشارع كان مسيرات التأييد؛ نوع من “الاحتجاج المعكوس”، بلا مطالب وبلا صوت مستقل، يُصنع من الأعلى ويُعرض بوصفه إجماعاً شعبياً.
وعاشت اللاذقية خلال هذه الحقبة تحت ثقل تركيبة اجتماعية وطائفية حساسة. وبالرغم من الخطاب الرسمي الذي قدّم النظام باعتباره “ضامناً للوحدة الوطنية”، فإن السلطة نجحت في استثمار الهواجس الطائفية لتعميق السيطرة. كان أي احتجاج في مدينة مثل اللاذقية يُقرأ باعتباره تهديداً للتوازن الاجتماعي، واحتمالاً لانقسام خطير قد يهزّ الساحل كله. وقد استغل النظام هذه القراءة ليقدّم نفسه بوصفه الحاجز الأخير أمام الفوضى، مبرراً بذلك القبضة الأمنية المشددة.
خلال هذه المرحلة، تغيّر موقع اللاذقية داخل الخريطة السياسية السورية بصورة واضحة. لم تعد مجرد مدينة منخفضة التوتر السياسي؛ بل أصبحت واحدة من أكثر المدن انغلاقاً وحراسة. تحول الصمت إلى سياسة دولة، لا سلوكاً اجتماعياً، وصارت المدينة جزءاً عضوياً من القاعدة التي يسعى النظام إلى إبقائها في دائرة الولاء مقابل شبكة مصالح اقتصادية وأمنية متبادلة. هذا التحوّل سيكون حاضراً بقوة عندما تدخل البلاد أزمات الثمانينيات، ثم لاحقاً صدمة العام 2011، حين سيعود هذا التاريخ المكبوت إلى الواجهة.

صراع الثمانينيات
مع بداية الثمانينيات، دخلت البلاد واحدة من أكثر فتراتها دموية، مع تصاعد المواجهة بين النظام وتنظيم الإخوان المسلمين. امتدت الصدامات في مدن عدة: حماة، حلب، دمشق، وجامعة حلب. لكن اللاذقية بقيت خارج خط المواجهة المباشرة. لم تشهد حملات اعتقال واسعة كتلك التي ضربت مدن الداخل، ولم تدخل في دوامة العنف التي ميزت تلك المرحلة.
هذا “الابتعاد” عن مسرح الصراع قُرئ بطرق مختلفة داخل البلاد: هناك من رآه دليلاً على استقرار إيجابي، في حين اعتبره آخرون نتيجة صمت مفروض أكثر منه انسجاماً اجتماعياً.
في الواقع، كان الاستقرار الظاهري ثمرة قبضة أمنية ثقيلة. فالأجهزة الأمنية ــ العسكرية، والسياسية، والجوية ــ وسّعت حضورها داخل المدينة إلى مستوى غير مسبوق. من المرفأ إلى الجامعة، ومن المؤسسات العامة إلى الأسواق، بات الأمن جزءاً من الحياة اليومية. يراقب، يتابع، ويعيد تشكيل المجال العام وفق منطق السيطرة لا وفق أي طابع مدني.
حتى المبادرات الصغيرة، الثقافية منها أو الاجتماعية، لم تكن تتحرك من دون إذن أمني. ومع الوقت، أصبحت اللاذقية فعلياً مساحة أمنية مغلقة، أكثر منها مدينة ساحلية تعيش حراكاً طبيعياً.

اقتصاد الولاء
خلال الثمانينيات والتسعينيات، أخذت اللاذقية تتشكل اقتصادياً على نحو مختلف. نشأت شبكات واسعة من الاقتصاد غير الرسمي المرتبط بالسلطة: تجارة المرفأ، شركات النقل البحري، الجمارك، الاستيراد والتصدير، وعمليات التهريب التي كانت تمر عبر الساحل. هذه الأنشطة لم تكن مجرد مصالح مالية؛ بل أصبحت جزءاً من البنية السياسية نفسها. فكلما زاد الارتباط الاقتصادي بالدولة، تكرّس الصمت، ووجدت المدينة نفسها داخل ما يشبه “اقتصاد الولاء”: من يربح يصمت، ومن يصمت يحصل على الحماية.
ومع مرور الوقت، صار النفوذ الأمني والعسكري الجسر الأساسي لأي شكل من أشكال الترقّي الاقتصادي والاجتماعي. أعاد هذا التحول رسم هرم القوة داخل المجتمع، وجعل الأجهزة الأمنية شريكاً غير معلن في معظم مجالات العمل.
في هذه البيئة، أصبح الاحتجاج ــ حتى لو كان بسيطاً أو مطلبياً ــ فعلاً محفوفاً بالمخاطر. لم يعد الخوف مجرد نتيجة لقمع السلطة؛ بل تحول إلى ثقافة راسخة: خوف من الأجهزة، من الوشاية، من الخطأ في الكلام، ومن أن يُفسَّر أي اعتراض على أنه تحدٍّ سياسي أو محاولة لإثارة انقسام طائفي. تعمّق هذا الشعور مع استمرار الصراع المسلح في مدن أخرى، ومع رواية النظام التي كانت تتكرر في الساحل: “الفوضى تبدأ عندما يتكلم الناس كثيراً”.
هكذا، تحولت اللاذقية من مدينة صامتة إلى مدينة تخاف من الصوت ذاته.
ومع نهاية التسعينيات، كانت درجة الانغلاق السياسي قد بلغت حدّاً جعل أي محاولة للتعبير تبدو شبه مستحيلة، في حين كانت تحت السطح تتراكم أسئلة مؤجلة: عن العدالة، والفساد، والتمييز، والمركزية. هذه الأسئلة ستعود للظهور بعد العام 2000، مع انتقال السلطة إلى بشار الأسد، ودخول سوريا مرحلة جديدة… مختلفة شكلاً، لكنها محمولة على التاريخ نفسه.

العقد الأخير قبل العاصفة
مع وصول بشار الأسد إلى الحكم في العام 2000، بدت سوريا في طريقها نحو مرحلة يُفترض أنها أكثر انفتاحاً. ظهر ما عُرف لاحقاً باسم “ربيع دمشق”: منتديات فكرية وسياسية، نقاشات حول الديمقراطية، وملامح حراك مدني محدود. غير أن هذا الهامش لم يصل إلى اللاذقية. بقيت المدينة، كما في العقود السابقة، في موقع المتفرّج الصامت.
لم تتشكل فيها منتديات مشابهة لمنتدى الأتاسي أو غيره من منصات الحوار التي ظهرت في العاصمة. لم تظهر مبادرات حقوقية، ولا مجموعات نقاش مستقلّة. بقي المجال العام خاضعاً لاعتبارات أمنية صارمة، في مدينة تُعاملها السلطة بوصفها فضاءً حساساً لا ينبغي أن يتحرك خارج الإيقاع المرسوم.
الصمت في اللاذقية خلال سنوات الألفية الأولى لم يكن حالة اجتماعية عابرة؛ بل نتيجة ثلاث طبقات من القيود المتراكبة:
قبضة أمنية كثيفة ومتشعبة: ارتفع مستوى الرقابة الأمنية في اللاذقية إلى واحد من أعلى مستوياته في البلاد ــ باستثناء دمشق. نظر النظام إلى الساحل كمنطقة استراتيجية، فخضع لمراقبة دقيقة وشبكة أجهزة تتوزع بين المدينة وريفها والمرفأ والجامعة. أي نشاط، حتى لو كان ثقافياً أو اجتماعياً، احتاج إلى موافقة ضمنية من أحد الأجهزة، وهو ما جعل المجال العام عملياً مُعطلاً.
بنية اجتماعية مركّبة… وخوف من الانزلاق الطائفي: النسيج المختلط في المدينة، وتاريخ التوترات في محيطها الريفي، خلقا حساسية عالية تجاه أي فعل جماعي. كان هناك خوف واسع من أن يتحول أي تجمع إلى احتكاك غير محسوب. استغل النظام هذا القلق لتعزيز خطاب مفاده أن “الاستقرار أهم من الحرية”، وربط الاحتجاج بالفوضى والانقسام، وهذا ما جعل المبادرة المجتمعية شبه غائبة.
اقتصاد مرتبط بالدولة… وامتيازات تمنع التمرّد: اقتصاد اللاذقية في هذه الحقبة كان موجهاً بالكامل نحو الدولة: الوظائف العامة، المرفأ، الجامعات، التعيينات، وشبكات الاستيراد والتصدير التي تمر عبر قنوات رسمية وشبه رسمية. هذا الارتباط خلق مصالح متشابكة جعلت الصمت خياراً اقتصادياً أيضاً. فالاحتجاج لم يكن مخاطرة سياسية فحسب؛ بل تهديداً مباشراً لمصدر الرزق.
ومع انتهاء العقد الأول من الألفية، بدت اللاذقية في حالة هدوء مطبق: مدينة تعيش تحت رقابة مشددة، وسط توازنات اجتماعية حساسة، واقتصاد يُكافئ الولاء ويعاقب الاعتراض. لكن تحت هذا السطح الهادئ، كانت الأسئلة المؤجَّلة تتراكم… استعداداً للحظة ستكشف كل ما كُبت طوال عقود.

مدينة بلا ذاكرة احتجاجية
مع دخول العام 2010، كانت اللاذقية تُعدّ واحدة من المدن القليلة في سوريا التي تفتقر تقريباً إلى أي ذاكرة احتجاجية مدينية. باستثناء تحركات عمالية محدودة في المرفأ ومشاركات قديمة في إضرابات وطنية، لم تختبر المدينة تجربة فعلية للوقوف في الشارع أو مواجهة السلطة. كان الصمت كثيفاً، والصوت السياسي شبه غائب. وفي مدن كهذه، حين يحدث الانفجار، يكون أكثر حدّة، لأنه يأتي بعد تاريخ طويل من الكبت.
هذا ما سيظهر بوضوح مع وصول موجة الاحتجاجات إلى اللاذقية في ربيع 2011، عندما تجد المدينة نفسها فجأة أمام امتحان تاريخ لم تصنعه، لكنه ساهم في تشكيلها طوال عقود.
على مدى نحو تسعين عاماً، تكوّن تاريخ اللاذقية على قاعدة مفارقة واضحة: الاحتجاج كان يشتعل حولها، في حين بقيت هي صامتة. لم يكن هذا الصمت دليلاً على رضا، ولا علامة على طبيعة مدينية مسالمة؛ بل نتيجة منظومة حكم جعلت من المدينة فضاءً هادئاً قسراً، من أيام الانتداب الفرنسي حتى العقود الأخيرة من حكم البعث.
تغيّر توصيف اللاذقية عبر الزمن، لكنها بقيت أسيرة الدور نفسه. مرة كانت “عاصمة كيان مُراقَب”، ومرة “مدينة تجارية صغيرة على هامش السياسة”، ومرة “منطقة ولاء للنظام”، ثم “خزاناً أمنياً مغلقاً”. تغيرت الواجهات، لكن الجوهر لم يتبدل: صمت تُصنع شروطه من الخارج.
هذا الصمت لم يكن استقراراً؛ بل هدوءاً هشاً يشبه سطح ماء ساكن يخفي تحته تياراً لا يمكن التنبؤ به. لم تنتج المدينة لنفسها تاريخاً احتجاجياً؛ بل تلقت السياسة من الخارج: من الجبل، ومن دمشق، ومن الصراعات الوطنية الكبرى، ومن منظومة أمنية رأت في الهدوء قيمة استراتيجية يجب الحفاظ عليها.
لكن المدن التي تُدفَن ذاكرتها السياسية طويلاً، تستيقظ عادة على نحو مفاجئ. ومع رياح شباط وآذار 2011، لم يعد الصمت خياراً. انفجر الحاجز الذي تراكم لعقود، ولم يكن الانفجار مجرد لحظة غضب؛ بل تفجّر تاريخ كامل لم يجد فرصة للتعبير عن نفسه. وفي الأيام الأولى التي خُرق فيها جدار الخوف، برزت الأسئلة المؤجلة دفعة واحدة: من نحن؟ ماذا نريد؟ وأين تقف اللاذقية داخل سوريا الجديدة التي كانت تتشكل في الشوارع؟

  • المدن

شارك هذا الموضوع:

  • النقر للمشاركة على X (فتح في نافذة جديدة) X
  • انقر للمشاركة على فيسبوك (فتح في نافذة جديدة) فيس بوك
  • اضغط للطباعة (فتح في نافذة جديدة) طباعة

معجب بهذه:

إعجاب تحميل...
ShareTweet
Previous Post

السويداء: حملة اعتقالات بتهمة محاولة الانقلاب على الهجري

Next Post

واشنطن بعد “ردع العدوان”.. تموضع جديد أم مشروع مستجد؟

Next Post
واشنطن بعد “ردع العدوان”.. تموضع جديد أم مشروع مستجد؟

واشنطن بعد "ردع العدوان".. تموضع جديد أم مشروع مستجد؟

الجمهوريّون في مواجهة الإسلام “الإخوانيّ”

الجمهوريّون في مواجهة الإسلام “الإخوانيّ”

واشنطن تتدخل للتهدئة بين إسرائيل وسوريا وقد ترسل مبعوثين

واشنطن تتدخل للتهدئة بين إسرائيل وسوريا وقد ترسل مبعوثين

بيت جن.. المقاومة المحلية وإعادة تشكيل معادلة الجنوب

بيت جن.. المقاومة المحلية وإعادة تشكيل معادلة الجنوب

دود الخل

نتنياهو يحرق "روما"

اترك ردإلغاء الرد

منتدى الرأي للحوار الديمقراطي (يوتيوب)

https://youtu.be/twYsSx-g8Dw?si=vZJXai8QiH5Xx9Ug
ديسمبر 2025
س د ن ث أرب خ ج
 12345
6789101112
13141516171819
20212223242526
2728293031  
« نوفمبر    
  • الأرشيف
  • الرئيسية
المقالات المنشورة ضمن موقع الرأي لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع الا تلك التي تصدرها هيئة التحرير

© 2003 - 2021 - موقع الرأي

Welcome Back!

Login to your account below

Forgotten Password?

Retrieve your password

Please enter your username or email address to reset your password.

Log In

Add New Playlist

No Result
View All Result
  • الأرشيف
  • الرئيسية

© 2003 - 2021 - موقع الرأي

%d