• الرئيسية
  • رأي الرأي
  • سياسة
    • سورية
    • العرب
    • العالم
  • مقالات
  • تحليلات ودراسات
  • حوارات
  • ترجمات
  • ثقافة وفكر
  • منتدى الرأي
الثلاثاء, ديسمبر 2, 2025
موقع الرأي
  • Login
  • الرئيسية
  • رأي الرأي
    سورية.. نقطة التوازن الحَرِج

    سورية.. نقطة التوازن الحَرِج

  • سياسة
    • سورية
    • العرب
    • العالم
  • مقالات
    قسد.. لعبة الوقت وخطر الانقلاب من داخل الدولة

    قسد.. لعبة الوقت وخطر الانقلاب من داخل الدولة

    سورية بعد التغيير

    سورية بعد التغيير

    سوريا… ما وراء القناع

    مظاهرات الساحل السوري… وما تحمله من رسائل

    هل توسعت الحرب نحو سوريا؟

    هل توسعت الحرب نحو سوريا؟

  • تحليلات ودراسات
    أبعاد زيارة الرئيس السوري للبيت الأبيض: فرصة واختبار

    أبعاد زيارة الرئيس السوري للبيت الأبيض: فرصة واختبار

    الجنوب السوري بعد سقوط نظام الأسد: المقاربات الدولية وإعادة تشكيل السيادة والأمن المحلي

    الجنوب السوري بعد سقوط نظام الأسد: المقاربات الدولية وإعادة تشكيل السيادة والأمن المحلي

    عملية بيت جن… هل التصعيد الإسرائيلي مرتبط برفض دمشق التنازل عن مناطق محتلة؟ تل أبيب عرضت في المفاوضات اتفاق تفاهمات أمنية مع بقاء احتلالها لـ10 مواقع… أو اتفاق سلام من دون الجولان

    عملية بيت جن… هل التصعيد الإسرائيلي مرتبط برفض دمشق التنازل عن مناطق محتلة؟ تل أبيب عرضت في المفاوضات اتفاق تفاهمات أمنية مع بقاء احتلالها لـ10 مواقع… أو اتفاق سلام من دون الجولان

    المسيحيون الأميركيون وسوريا… وتحول تاكر كارلسون

    المسيحيون الأميركيون وسوريا… وتحول تاكر كارلسون

  • حوارات
    أسعد الشيباني لـ”المجلة”: لن نوقع اتفاقا مع إسرائيل دون الانسحاب إلى خط 7 ديسمبر… وهذا تصورنا للتفاهم مع “قسد” (2 من 2)

    أسعد الشيباني لـ”المجلة”: لن نوقع اتفاقا مع إسرائيل دون الانسحاب إلى خط 7 ديسمبر… وهذا تصورنا للتفاهم مع “قسد” (2 من 2)

    أسعد الشيباني لـ”المجلة”: رؤيتنا لسوريا كانت واضحة لدينا قبل إسقاط الأسد… وهكذا فككنا “العقدة الروسية” (1 من 2)

    أسعد الشيباني لـ”المجلة”: رؤيتنا لسوريا كانت واضحة لدينا قبل إسقاط الأسد… وهكذا فككنا “العقدة الروسية” (1 من 2)

    بابرا ليف لـ”المجلة”: كنت أول مسؤول أميركي يلتقي الشرع… وهذه “أسرار” ما قلته وسمعته

    بابرا ليف لـ”المجلة”: كنت أول مسؤول أميركي يلتقي الشرع… وهذه “أسرار” ما قلته وسمعته

    “حفيد بلفور” يتحدث لـ “المجلة” عن أسرار الوعد الشهير و”حل الدولتين”… وعلاقته بـ “لورانس العرب”

    “حفيد بلفور” يتحدث لـ “المجلة” عن أسرار الوعد الشهير و”حل الدولتين”… وعلاقته بـ “لورانس العرب”

  • ترجمات
    تشارلز ليستر عبر صحيفة إسرائيلية: استهداف سوريا “خطأ استراتيجي”

    تشارلز ليستر عبر صحيفة إسرائيلية: استهداف سوريا “خطأ استراتيجي”

    كاتب تركي: تحولات بوسائل النفوذ والهيمنة في القرن الـ21

    كاتب تركي: تحولات بوسائل النفوذ والهيمنة في القرن الـ21

    توماس فريدمان: إسرائيل في خطر من الداخل

    توماس فريدمان: إسرائيل في خطر من الداخل

    مسار جديد نحو أمن الشرق الأوسط  –  كيف يمكن للالتزامات الأميركية في الخليج أن تعيد بناء النظام الإقليمي؟

    مسار جديد نحو أمن الشرق الأوسط – كيف يمكن للالتزامات الأميركية في الخليج أن تعيد بناء النظام الإقليمي؟

  • ثقافة وفكر
    • All
    • خواطر سوريّة
    في الحاجة إلى مقاربات جديدة للهُويَّة الوطنية السورية

    في الحاجة إلى مقاربات جديدة للهُويَّة الوطنية السورية

    هل يستطيع أحمد الشرع التأسيس لمرحلة جديدة من التاريخ السوري؟

    هل يستطيع أحمد الشرع التأسيس لمرحلة جديدة من التاريخ السوري؟

    في نسبية التحوّل عن السلفية الجهادية  –  مراجعة لكتاب «التحول من قِبَلِ الشعب؛ طريق هيئة تحرير الشام إلى سدة الحكم في سورية»

    في نسبية التحوّل عن السلفية الجهادية – مراجعة لكتاب «التحول من قِبَلِ الشعب؛ طريق هيئة تحرير الشام إلى سدة الحكم في سورية»

    اختلاط الحدود ما بين أدب جيد وآخر رديء

    اختلاط الحدود ما بين أدب جيد وآخر رديء

  • منتدى الرأي
No Result
View All Result
  • الرئيسية
  • رأي الرأي
    سورية.. نقطة التوازن الحَرِج

    سورية.. نقطة التوازن الحَرِج

  • سياسة
    • سورية
    • العرب
    • العالم
  • مقالات
    قسد.. لعبة الوقت وخطر الانقلاب من داخل الدولة

    قسد.. لعبة الوقت وخطر الانقلاب من داخل الدولة

    سورية بعد التغيير

    سورية بعد التغيير

    سوريا… ما وراء القناع

    مظاهرات الساحل السوري… وما تحمله من رسائل

    هل توسعت الحرب نحو سوريا؟

    هل توسعت الحرب نحو سوريا؟

  • تحليلات ودراسات
    أبعاد زيارة الرئيس السوري للبيت الأبيض: فرصة واختبار

    أبعاد زيارة الرئيس السوري للبيت الأبيض: فرصة واختبار

    الجنوب السوري بعد سقوط نظام الأسد: المقاربات الدولية وإعادة تشكيل السيادة والأمن المحلي

    الجنوب السوري بعد سقوط نظام الأسد: المقاربات الدولية وإعادة تشكيل السيادة والأمن المحلي

    عملية بيت جن… هل التصعيد الإسرائيلي مرتبط برفض دمشق التنازل عن مناطق محتلة؟ تل أبيب عرضت في المفاوضات اتفاق تفاهمات أمنية مع بقاء احتلالها لـ10 مواقع… أو اتفاق سلام من دون الجولان

    عملية بيت جن… هل التصعيد الإسرائيلي مرتبط برفض دمشق التنازل عن مناطق محتلة؟ تل أبيب عرضت في المفاوضات اتفاق تفاهمات أمنية مع بقاء احتلالها لـ10 مواقع… أو اتفاق سلام من دون الجولان

    المسيحيون الأميركيون وسوريا… وتحول تاكر كارلسون

    المسيحيون الأميركيون وسوريا… وتحول تاكر كارلسون

  • حوارات
    أسعد الشيباني لـ”المجلة”: لن نوقع اتفاقا مع إسرائيل دون الانسحاب إلى خط 7 ديسمبر… وهذا تصورنا للتفاهم مع “قسد” (2 من 2)

    أسعد الشيباني لـ”المجلة”: لن نوقع اتفاقا مع إسرائيل دون الانسحاب إلى خط 7 ديسمبر… وهذا تصورنا للتفاهم مع “قسد” (2 من 2)

    أسعد الشيباني لـ”المجلة”: رؤيتنا لسوريا كانت واضحة لدينا قبل إسقاط الأسد… وهكذا فككنا “العقدة الروسية” (1 من 2)

    أسعد الشيباني لـ”المجلة”: رؤيتنا لسوريا كانت واضحة لدينا قبل إسقاط الأسد… وهكذا فككنا “العقدة الروسية” (1 من 2)

    بابرا ليف لـ”المجلة”: كنت أول مسؤول أميركي يلتقي الشرع… وهذه “أسرار” ما قلته وسمعته

    بابرا ليف لـ”المجلة”: كنت أول مسؤول أميركي يلتقي الشرع… وهذه “أسرار” ما قلته وسمعته

    “حفيد بلفور” يتحدث لـ “المجلة” عن أسرار الوعد الشهير و”حل الدولتين”… وعلاقته بـ “لورانس العرب”

    “حفيد بلفور” يتحدث لـ “المجلة” عن أسرار الوعد الشهير و”حل الدولتين”… وعلاقته بـ “لورانس العرب”

  • ترجمات
    تشارلز ليستر عبر صحيفة إسرائيلية: استهداف سوريا “خطأ استراتيجي”

    تشارلز ليستر عبر صحيفة إسرائيلية: استهداف سوريا “خطأ استراتيجي”

    كاتب تركي: تحولات بوسائل النفوذ والهيمنة في القرن الـ21

    كاتب تركي: تحولات بوسائل النفوذ والهيمنة في القرن الـ21

    توماس فريدمان: إسرائيل في خطر من الداخل

    توماس فريدمان: إسرائيل في خطر من الداخل

    مسار جديد نحو أمن الشرق الأوسط  –  كيف يمكن للالتزامات الأميركية في الخليج أن تعيد بناء النظام الإقليمي؟

    مسار جديد نحو أمن الشرق الأوسط – كيف يمكن للالتزامات الأميركية في الخليج أن تعيد بناء النظام الإقليمي؟

  • ثقافة وفكر
    • All
    • خواطر سوريّة
    في الحاجة إلى مقاربات جديدة للهُويَّة الوطنية السورية

    في الحاجة إلى مقاربات جديدة للهُويَّة الوطنية السورية

    هل يستطيع أحمد الشرع التأسيس لمرحلة جديدة من التاريخ السوري؟

    هل يستطيع أحمد الشرع التأسيس لمرحلة جديدة من التاريخ السوري؟

    في نسبية التحوّل عن السلفية الجهادية  –  مراجعة لكتاب «التحول من قِبَلِ الشعب؛ طريق هيئة تحرير الشام إلى سدة الحكم في سورية»

    في نسبية التحوّل عن السلفية الجهادية – مراجعة لكتاب «التحول من قِبَلِ الشعب؛ طريق هيئة تحرير الشام إلى سدة الحكم في سورية»

    اختلاط الحدود ما بين أدب جيد وآخر رديء

    اختلاط الحدود ما بين أدب جيد وآخر رديء

  • منتدى الرأي
No Result
View All Result
موقع الرأي
No Result
View All Result

أبعاد زيارة الرئيس السوري للبيت الأبيض: فرصة واختبار

01/12/2025
A A
أبعاد زيارة الرئيس السوري للبيت الأبيض: فرصة واختبار
0
SHARES
1
VIEWS
Share on FacebookShare on Twitter

محمد السكري

محمد السكري

مقدمة

تأتي زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع والوفد المرافق له، إلى العاصمة الأميركية واشنطن، في لحظة سياسية شديدة الحساسية، حيث تتقاطع التحولات السورية الداخلية مع إعادة تشكيل صورة سورية الجديدة الخارجية، إذ جاءت الزيارة بعد أقلّ من عام على بدء المرحلة الانتقالية في سورية، لتمنحها وزنًا إضافيًا بوصفها اختبارًا عمليًا لطبيعة توجهات دمشق، وحدود انفتاحها على الشراكات الدولية.

اكتسبت الزيارة طابعًا استثنائيًا، نظرًا لغزارة اللقاءات التي شهدتها؛ إذ التقى الرئيس الشرع نظيره الأميركي دونالد ترامب، ووزير الخارجية ماركو روبيو، ورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال دان كاين، فضلًا عن لقاء عدد كبير من قادة مجلسي الشيوخ والنوّاب، وأكثر من ثلاثين رئيسًا تنفيذيًا ومديرًا رفيع المستوى في كبريات الشركات الأميركية. وكانت العلاقات السورية-الأميركية قد شهدت نموًّا متسارعًا، منذ اللقاء الذي جمع الرئيسين في المملكة العربية السعودية، في أيار/ مايو 2025؛ ما يعكس رغبة سورية في بناء علاقات ذات طابع جديد مع الإدارة الأميركية وفي اكتساب ثقتها، كما يعكس رغبة أميركية في جعل سورية ضمن سياق تحالفاتها.

يُعزز هذا التحوّل مشاركة قائد التحالف الدولي لمكافحة تنظيم (داعش)، اللواء كيفن ليهي، في أول وفد دبلوماسي أميركي يزور دمشق ويلتقي الرئيس الشرع، الأمر الذي رسّخ العلاقة بين الرمزية السياسية والإطارات العملية، لتكون أكثر تماسًا بالملفات الأمنيّة والقضايا الميدانية والسياسية والاقتصادية. وفي ظل هذه البيئة المتغيرة، تبدو العلاقة بين دمشق وواشنطن محكومةً بمسارات متعددة، تراوح بين الانخراط التدريجي، والانفتاح الممكن، والعودة إلى التصعيد، تبعًا لقدرة الطرفَين على إدارة الملفات المعقدة، كالاتفاق الأمني مع إسرائيل، ومستقبل (قسد)، والموقع الإقليمي لسورية ضمن ترتيبات مكافحة (داعش).

أولًا. سياق الزيارة وطبيعتها وأهدافها: انعطافة أم خطوة

بعد عقودٍ من العلاقات المتوترة بين سورية والولايات المتحدة، شكّلت بداية المرحلة الانتقالية لحظة فارقة، دفعت دمشق إلى إعادة بناء عقيدتها الخارجية على أسس جديدة، تقوم على الانفتاح تجاه الغرب. وبدأت مرحلة ترميم العلاقات مع دول الغرب: الاتحاد الأوروبي، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأميركية خاصة، من أجل إغلاق مرحلة العداء الطويلة، وبدء مرحلة جديدة منسجمة مع توجهات شرق أوسط لا عنف فيه، ويتقاطع مع الرؤية السورية التي تحقق هدف الاستقرار والتنمية.

ويمكن تقسيم مسار العلاقات الأميركية مع الإدارة السورية الجديدة، إلى مستويات عدة. المستوى الأول: عقب سقوط نظام الأسد، وقد بدأ بزيارة وفد من الخارجية الأميركية، ثم زيارات أعضاء الكونغرس لسورية. والمستوى الثاني: كان بلقاءات على مستوى الخارجية بين البلدين. أما المستوى الثالث، فكان باللقاءات الرئاسية عبر واسطة، ولحقها الزيارة التي كانت أول لقاء مباشر بين البلدين في البيت الأبيض. وكان من اللافت أن الزيارة جاءت عقب ظهور مقطع فيديو يظهر فيه الرئيس الشرع والوزير الشيباني، وهما يلعبان كرة السلة مع كلٍّ من قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال براد كوبر، وقائد قوة المهام المشتركة في دمشق العميد كيفن لامبرت، مما أعطى الزيارة رمزية سياسية، ورسالة في الشراكة ضمن مكافحة الإرهاب.

انطلقت السياسة الأميركية الجديدة تجاه سورية، من رغبة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في منح سورية فرصة للنهوض، بعد ممارسة دول مختلفة نوع من التحفيز والضغوط على واشنطن، من أجل رفع العقوبات على سورية، منها تركيا والسعودية وقطر. ويمكن تسمية السياسية الأميركية الجديدة “سياسة الفرصة”، أي منح الإدارة السورية مسارًا تدريجيًا لحلّ الملفات الأساسية التي تشترطها واشنطن، وعلى رأسها ملفات الإرهاب، وملفّ إسرائيل، مع أن طبيعة السياسة الأميركية لا تقوم على الفرص، وإنما على الصفقات” Transactionalis”.

كانت الزيارة السورية، بوفد رئاسي ترأسّه الرئيس السوري أحمد الشرع، سابقةً لم تشهدها سورية في تاريخها الحديث، وذلك لكونها أول زيارة على المستوى الرئاسي بين البلدَين، وقد جاءت في سياق وأحداث شهدت تطورات عديدة، عقب لقاءٍ جرى سابقًا في السعودية، على هامش زيارة ترامب إلى منطقة الشرق الأوسط، وكان أول اللقاءات المباشرة بين الإدارة السورية الجديدة والأميركية[1].

وأعلن الرئيس الأميركي حينها بدء عملية رفع العقوبات عن سورية، إيذانًا بتحوّل واضح في السياسة الأميركية، من هنا، بات احتمال زيارة الرئيس السوري واشنطن أقرب من أي وقت مضى، مع التمهيد لذلك في البنية الدولية، عقب رفع مجلس الأمن أسماء الرئيس ووزير الداخلية عن قائمة الإرهاب، وقد سبقها إلقاء الرئيس الشرع لكلمةٍ، ضمن حدث يمكن وصفه بأنه “استثنائي”، في اجتماع خاص للأمم المتحدة، حيث شهد عودة سورية، على مستوى إلقاء الخطاب، بعد آخر خطاب ألقاه الرئيس السوري آنذاك نور الدين الأتاسي عام 1967.

استهلت الرئاسة السورية الزيارة لواشنطن، بطرح ملفات عديدة على واشنطن، لكونها الدولة الأكثر تأثيرًا في الملفات الأمنية والاقتصادية التي تعطّل نجاح المرحلة الانتقالية في سورية، أو تحقيق أي تقدّم فيها، فحملت الحكومة السورية ضمن جدول أعمال زيارتها ملفات: العقوبات الاقتصادية، الاتفاق الأمني مع إسرائيل، قوات سوريا الديمقراطية، إلى جانب ملف انضمام سورية إلى دول مكافحة الإرهاب، ضمن “التحالف الدولي لمحاربة داعش”.

وعلى الرغم من تفرّع الملفات بين ما هو أمني واقتصادي، ما زال الاتفاق الأمني مع إسرائيل يشهد تحديات كبيرة بين الجانبين، ولم يشهد ملفّ العقوبات الاقتصادية أي خروقات جديدة مباشرة على مستوى النتيجة، منذ إعلان الرئيس ترامب رفع العقوبات ضمن الصلاحيات الرئاسية الخاصة به، باستثناء محاولات مجموعات الضغط السورية في أميركا تمرير مقترح لمجلس الشيوخ، من أجل رفع العقوبات كاملة ضمن الحزم التي تخضع للسلطة التشريعية، وما زال يشهد الملفّ جمودًا داخل أروقة الكونغرس المعني الأول برفع حزم مهمة من العقوبات على سورية.

سعت هذه الزيارة لعقد اجتماعات على المستوى النيابي مع أعضاء في الكونغرس، من أجل معالجة أسباب التعطيل، وهي في الغالب متعلقة بالنظرة تجاه الخلفية السابقة للإدارة السورية الجديدة، أو الصراعات السياسية داخل الولايات المتحدة بين الكتل السياسية، لذلك كان أهم ما في الزيارة تغيير تلك الصورة، وتأكيد الانفتاح على العالم من جديد، وقد أعطى انضمام سورية على هامش تلك الزيارة لدول للتحالف الدولي بعدًا يؤكد طبيعة المرحلة الجديدة التي ترغب الإدارة السورية في التعبير عنها والعمل عليها.

استمر اللقاء، بين الرئيسين السوري والأميركي، أكثر من ثلاث ساعات، وهذا دليل على حجم الملفات التي تناولها الطرفان، ويبدو أن هناك تباينًا في الأولويات السورية-الأميركية؛ فدمشق تريد رفع العقوبات بشكل سريع، وبدء عجلة التعافي والتنمية، لأن الوقت يمرّ من عمر المرحلة الانتقالية، في حين تريد واشنطن توقيع اتفاق أمني مع إسرائيل، والتمهيد من أجل انضمام سورية لاتفاقيات “إبراهام”، الذي يعتبره ترامب مشروعه الذاتي والشخصي. وبناءً على هذا التباين، اكتسبت الزيارة بُعدَين متوازيين: بعدًا رمزيًا يعكس تحول الخطاب والسياسة السورية، وبُعدًا عمليًا يرتبط بمناقشة الملفات العالقة بشكل مباشر على مستوى الرئاسة، لا عبر وساطات دولية أو دول صديقة أو على مستويات الوزارات التقنية.

ثانيًا. متغيرات رمزية وعملية: نتائج مباشرة وغير مباشرة

“نأمل بمستقبل نبيل لشعبنا، خال من التطرف والأصولية وتنظيم داعش”، بهذه العبارة، لخّص الرئيس الشرع مرتكزات المقاربة الأمنية الجديدة في سورية، وذلك خلال لقائه مع برايان ماس، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي عن ولاية فلوريدا، عندما سأله ماس: (ولماذا لم نعد أعداء؟)[2].

كانت هذه الجملة ترجمة لخطوات عملية قامت بها وزارة الداخلي والدفاع، عندما أعلنتا شنّ حملة أمنية واسعة ضد تنظيم الدولة “داعش”، في خطوة تُقرأ ضمن مساعي دمشق لتأكيد التزامها بمكافحة التنظيمات الإرهابية. وقد حمل توقيت هذه الحملة دلالة رمزية واضحة، مفادها أنّ سورية تدشّن عمليًا انخراطها في جهود التحالف الدولي، عبر عمليات ميدانية مشتركة في الحرب على الإرهاب، وأنّ دمشق تسعى إلى إيصال رسالة مباشرة إلى واشنطن والقوى الدولية، بأنّها أصبحت شريكًا في ملف مكافحة الإرهاب، بما يسهم في إعادة تشكيل الصورة عنها. وعلى هذا الأساس، تكتسب هذه الرسالة بُعدَين: بعدًا رمزيًا يعيد تموضع سورية في المشهد الأمني الدولي، وبعدًا عمليًا يمهّد لنقاشات أعمق في واشنطن، تمهيدًا لتوقيع اتفاق انضمام رسمي للتحالف الدولي ضد “داعش”.

من جانب آخر، بدا أنّ الحكومة السورية كانت تدرك أنّ هناك مستويات عديدة للتعامل مع إنجاح الزيارة: مستوى مرتبط بالرئاسة الأميركية، ومستوى متعلق بالبنية التشريعية، ومستوى آخر متعلق بالصحافة والإعلام؛ حيث ركّزت الصحافة الأميركية على ملف الإرهاب وداعش، لما يحمله الملف من أبعاد اجتماعية مهمة ضمن إطار المجتمع الأميركي، ففي لقاء الرئيس الشرع مع قناة FOX، وهي تعدّ مقرَّبة من الجمهوريين ومن الرئيس ترامب، كان عنوان اللقاء “ماضي الرئيس الشرع، وتوجهاته المستقبلية تجاه ملف مكافحة الإرهاب”، وهو جزءٌ من إعادة تشكيل الصورة الجمعية حول الحاكمين الجدد في دمشق.

ركّز الوفد الرئاسي السوري على ملفّ العقوبات، لكونه يؤثر مباشرة في إحراز تقدم في العملية الانتقالية. وقد أدّت هذه الزيارة إلى إعلان وزارة الخزانة الأميركية “تجميد” العقوبات 180يومًا، وكان هناك ترقّب لإمكانية أن ترفع العقوبات بشكل كامل في سياق هذه الزيارة، بجانب إعلان ترامب خفض الرسوم الجمركية المفروضة على سورية، من 41 في المئة إلى 10 في المئة.

ويأتي قرار التجميد ليوضح السياسات الأميركية تجاه سورية، فعلى المستوى الرئاسي، يدفع ترامب من أجل رفع العقوبات بشكل كامل، على الأقل ضمن إطار التصريحات، في حين ترى تيارات داخل الكونغرس الأميركي أنّه من المبكّر رفع هذه العقوبات، حيث تحكم هذه الكتل الخلفيات السياسية والأيديولوجية، والاعتقادات السابقة تجاه الإدارة السورية، بجانب دور للوبي الإسرائيلي داخل الكونغرس.

ولا تعتمد القرارات المصيرية كهذه على البيت الأبيض، وإنما يأخذ المسار طابعًا تقنيًا متعلق بالبيئة البيروقراطية، وبالصراعات داخل الحياة السياسية والأميركية واختلاف التوجهات. ومن هنا يمكن قراءة أن الاجتماع، بين الوفد الرئاسي وماس عضو لجنة العلاقات الخارجية أبرز المعارضين لرفع العقوبات عن سورية، جرى من أجل التأثير في رأيه الذي ينطلق من خلاف كبير مع المجموعات الجهادية العاملة في الشرق الأوسط.

وقد ترى الرئاسة الأميركية في هذا التباين، بين المؤسستين التشريعية والتنفيذية، أمرًا حسنًا في ظل وجود خشية من رفع العقوبات بشكل كامل، ومن ثمّ يحدث التباين بين مستويات الخطاب ومستوى التطبيق العملي. ويتمثل مبدأ الإدارة الأميركية في أنّ عدم رفع العقوبات بشكل كامل يُعَدّ من أهم أدوات الاستثمار السياسي، من أجل الضغط على دمشق في ملفات أخرى، لا سيما توقيع الملف الأمني مع إسرائيل، إذ ما يزال حجم الاختلاف بين سورية وإسرائيل كبيرًا. وكان من اللافت على مستوى الرمزية السياسية تأكيد الرئيس الشرع من واشنطن، السيادة السورية على الجولان، وهذا على عكس الاعتراف الأميركي بسيادة إسرائيل، ويؤكد عدم وجود اتفاق مباشر بين سورية وإسرائيل حتى اللحظة.

إن عودة فرض العقوبات على سورية، في حال رفعها قبل إنجاز اتفاق أمني مع إسرائيل، قد يكون صعبًا للغاية، ومن ثم ترى واشنطن أن التريث في عملية الرفع قد يكون من مصالحها السياسية، ففي المنطق السياسي قد يكون من الصعب منح الإدارة الأميركية سورية فرصةً من دون مقابل ويقين ملموس. والمقابل الذي تراه واشنطن هو إنجاز الاتفاق الأمني مع إسرائيل. علمًا أن واشنطن، قبل زيارة الشرع بيوم واحد، أعلنت إدراج سورية ضمن قائمة “الدول غير المتعاونة بشكل كامل” في جهود مكافحة الإرهاب، بجانب قرارات سابقة لمجلس الشيوخ برفع سورية عن قائمة الدول المارقة، ويعتبر هذا الإدراج إحدى أدوات الضغط والمراقبة، حيت يلزم الخارجية الأميركية بمراقبة النشاط السوري، والتحديث السنوي على القائمة، ما يعني أن سورية ستخضع للمراجعة مجددًا في 2026. ويشير ذلك إلى عدم حودث تغيير جوهري في ملف رعاية الإرهاب[3].

من جانب آخر، بدا أن استمرار هذا النوع من القرارات لا يساعد في تهيئة بيئة استثمارية مشجعة، فالمستثمر ينتظر أن تتوفر بيئة مناسبة ومستقرة، في حين يصنع هذا القرار عراقيل متعلقة بالبيئة الاقتصادية في سورية، وعدم تدفق الاستثمارات لسورية. هذا القرار هو الوحيد الذي اتخذته الإدارة الأميركية، بشكل عملي، ولم تشهد الملفات الأخرى أي تطورات جديدة، لا سيما ملفات (قسد) والاتفاق الأمني مع إسرائيل.

ثالثًا. الملفات الأمنية العالقة: الوقت كأداة لاستمرار الضغط

الاتفاق الأمني مع إسرائيل:

في ظلّ التقاطعات الإسرائيلية -الأميركية، بخصوص ملف مرتفعات الجولان، وتأكيد إدارة ترامب على سيادة إسرائيل على الجولان، أعادت الإدارة السورية التأكيد في سياق زمني وعملي مهم أن “إسرائيل تحتل مرتفعات الجولان، ولن ندخل بمفاوضات معها الآن، ربما تساعدنا الإدارة الأميركية بقيادة الرئيس ترامب في الوصول إلى هذا النوع من المفاوضات”[4]. وأتى التوضيح من قبل الرئيس الشرع، بعد ساعات من لقاء الرئيس ترامب، من واشنطن عبر قناة FOX.

ويبدو من صيغة التصريح أنّ مسار المفاوضات مع إسرائيل لم يشهد تحولات كبيرة تؤدي إلى توقيع اتفاق أمني، وأن تل أبيب تضغط من أجل انضمام سورية لاتفاقيات إبراهام، في حين تريد سورية اتفاقًا أمنيًا أوليًا، يحقق مجموعة من الأهداف، كالانسحاب من المناطق التي توغلت فيها إسرائيل، والتمهيد لبدء حل ملف السويداء مع توقف التدخل الإسرائيلي، بجانب تأجيل النقاش بشأن مرتفعات الجولان المحتلة. وهذا على عكس ما تريده إسرائيل، التي تريد تنازلًا سوريًا عن مرتفعات الجولان.

وقد استطاعت الإدارة السورية، عبر السياسات الداخلية الخارجية التي تقوم بها، إيجاد مساحات جديدة للتعامل مع التحركاّت الإسرائيلية الدبلوماسية، لا سيما عبر زيارة البيت الأبيض، إذ تحاول الإدارة السورية تضيق الأهداف الإسرائيلية، عن طريق التأثير على ترامب في الملفات التي يريدها من سورية، ومنها ملف مكافحة الإرهاب، وكشف مصير المعتقلين الأميركيين خلال حقبة الأسد، والتعاون الاستخباراتي ضد إيران، والإشارة إلى أن القصف والتوغل الإسرائيلي يهدد العمل بالملفات المشتركة، ويقوض مساعي التوصل إلى اتفاق الأمني، الأمر الذي يرفضه بشكل قاطع نتنياهو، إذ يرغب في فرض شروط تعجيزية على سورية، ومنها الدخول بشكل مباشر باتفاقيات إبراهام.

تصريح الرئيس الشرع من واشنطن، بخصوص ملف الجولان، ذو أهمية رمزية كبيرة، يخرج من إطار التعبير عن الرفض، وهو ذو حمولة سياسية من الناحية الدبلوماسية، لا سيما أنّه أتى بعد اللقاء في البيت الأبيض مباشرة، مما يعني أن الوفد السوري ركّز على الاتفاق الأمني، وأراد عبر هذا اللقاء إعادة التركيز على حدود المفاوضات. وهو عكس ما جاءت به إسرائيل التي تعدّ أن اتفاق الانسحاب من بعض المناطق التي احتلتها متعلقٌ بإمكانية تنفيذ اتفاق سلام شامل مع سورية، وجعل الجنوب السوري منطقة منزوعة السلاح. وهذا ما أشار إليه نتنياهو في أثناء دخوله الأراضي السورية حيث لاقى دخوله ردات فعل رافضة لانتهاك الأراضي السورية. مما يشير إلى انسداد كبير يتعرض له الاتفاق الأمني بين الجانبين، في حين تبقى التوجهات الأميركية تجاه هذا الملف هي الحاسمة[5].

اتفاق العاشر من آذار بين الحكومة السورية و(قسد)

يخضع الاتفاق بصورة مباشرة لنتائج التفاهمات التي يمكن أن تنجز، لا سيّما ضمن إطار الملف الأمني مع إسرائيل، حيث يعدّ هذا الملف ضمن سلسة الملفات التي تضمن استمرار الضغط المستمر على دمشق. فلا تريد واشنطن منح سورية وتركيا، كرتًا دون ثمن سياسي واضح، وقبل استقراء مستقبل المصالح الأميركية في سورية، ويبدو أن السياسات الأميركية تدفع تجاه إنجاز الاتفاق العاشر من آذار، على حساب أيّة عملية عسكرية، لكونه يحقق مصلحة أكبر بالإبقاء على أطراف خارج إطار الحكومة السورية تدين بالولاء الكامل لواشنطن. لكن عرقلة (قسد) للاتفاق، من خلال فرض شروط آليات الانضمام للجيش كفيلق عسكري، ومحاولة فرض اللامركزية كشرط سياسي مسبق خارج الإطار الدستوري والبرلماني السوري، يعطّل الاتفاق السياسي بين الطرفين.

وتشير التطورات الأخيرة إلى تحول ملف (قسد)، من ملفٍّ قائم بذاته، إلى ورقة ضغط على الحكومة السورية وعلى الجانب التركي. ومن ثم، يأخذ الملف بعدًا سياسيًا أكثر من السياق الأمني. ويبدو أن انضمام سورية إلى التحالف الدولي قد شكل ركيزة في إعادة تعريف مركزية الملف ونقله من شمال شرق سورية، إلى العاصمة دمشق التي استعادت زخمها السيادي ومرجعيتها الدولية في القانون الدولي، بوصفها دولة قائمة معنية بمكافحة الإرهاب، عبر جهازها العسكري والأمني، لا عبر مجموعات خارجة عن إطارات الدولة.

يؤدي هذا التحوّل المفاهيمي إلى إعادة صياغة الثقل السياسي والرمزي للملف، حيث تقوم سردية (قسد) على أنّها القوة الوحيدة المعنية بمكافحة الإرهاب، ولذا فإنّ سحب هذا الدور منها قد يؤدي إلى إضعاف شرعيتها الوجودية، وهذا ما تخشاه (قسد)، حيث يُعدّ ملفّ الإرهاب حاسمًا في تشكيل مصيرها الرمزي والسياسي. ولم تُخفِ (قسد) انزعاجها من الزيارة، لكونها لم تضم أيًا من قيادتها ضمن الوفد السوري، وهو ما يشير إلى تحولات بنيوية عميقة يشهدها الملف.

قواعد الاشتباك الجديدة:

ما يزال الصراع التركي-الإسرائيلي حاضرًا داخل الملف السوري، بأنماط عديدة، تدخل ضمنها ملفات الاتفاق الأمني، وملف (قسد)، لكن أنقرة تعدّ نفسها المعني الأول باتفاق (قسد)، ويشير حضور وزير الخارجية التركي حقان فيدان لقاء البيت الأبيض، إلى بحث نمط الفاعلية التركية داخل الملف السوري، لا سيما ضمن إطار الملفات العالقة.

تميل أنقرة إلى الخيار العسكري في ملف (قسد)، وتستند الحكومة السورية على هذا الخيار من أجل تحقيق أكبر قدر ممكن من الضغط السياسي. وفي الوقت ذاته لا تمانع تركيا من حسم الملف عبر الإطار السياسي، مع يقينها المستمر بصعوبة التزام (قسد) بجدول أعمال التفاوض، وفق اتفاق العاشر من آذار.

ويبدو من ملامح ما جاء به فيدان أنّ اللقاء ركّز على رسم قواعد الاشتباك التركية داخل سورية، إلى جانب مناقشة مستوى الفاعلية الإسرائيلية المتزايدة، التي باتت تلامس حدود الصدام مع أنقرة. وقد وصف فيدان ملف قواعد الاشتباك مع إسرائيل بأنه يحمل “أولوية”، وهو توصيف يشير إلى احتمالين قد يجتمعان، أو يتحقق أحدهما: الأول أن ملفّ (قسد) يقترب من مرحلة الحسم، والثاني أن الفاعلية الإسرائيلية داخل سورية اتخذت بعدًا خطرًا على تركيا يستلزم ضبطًا مباشرًا.

وتمتلك أنقرة أوراقًا مهمّة للتفاوض مع واشنطن، منها ضمان الاستقرار الإقليمي عبر سورية، الأمر الذي تعده واشنطن أولوية بالنسبة إليها في المرحلة الراهنة، وترى الإدارة الأميركية أن الاعتماد والتنسيق مع الجانب التركي في الإقليم يعدّ أولوية في السياسات التي تتبعها، وقد أشار ترامب في مناسبات عديدة إلى أهمية الدور التركي في سورية[6].

رابعًا. مسارات العلاقات السورية- الأميركية: الاحتمالات والفرص

= المسار الأول: استمرار سياسة “الفرصة والاختبار” والتقدّم الرمزي

تستمر واشنطن في إجراء مقاربة تدريجية تجاه سورية، تقوم على منح “فرصة مشروطة” للإدارة السورية، مقابل اختبارات متتالية في الملفات الأكثر حساسية للولايات المتحدة، على رأسها أن تكون سورية أرض دفاع متقدمة ضدّ إيران، واستمرار ملاحقة ميلشياتها، وتقديم ضمانات بخصوص النشاط الإسرائيلي، وانخراط سورية بشكل كامل بالسياسات الأميركية الإقليمية.

يستند هذا المسار إلى قناعة داخل البيت الأبيض، مفادها أن الانفتاح السريع على دمشق قد يفقد واشنطن أدوات ضغط مركزية، في حين إن النهج التدريجي يمنحها قدرةً أعلى على إدارة التحولات في سورية والإقليم. ومن ثم، يُرجّح أن تستمر واشنطن في الآتي:

  • تحقيق تقدّم ملموس في الاتفاق الأمني مع إسرائيل، ولو في مرحلته الأولى (انسحابات محدودة، وقف الهجمات، ترتيبات في الجنوب السوري).
  • تجميد العقوبات وتخفيفها بصورة متقطعة تخضع لمفاوضات مستمرة، من دون رفع كامل في الفترة الأولى.
  • تعميق التعاون الأمني المحدود المرتبط بملف (داعش) والتحالف الدولي والنشاط الإيراني.
  • الدفع تجاه تطبيق تدريجي لاتفاق العاشر من آذار، وفق التطورات المتتالية في الملف.

وتؤدي هذه التطورات إلى:

  • تراجع حجم الاستهداف الإسرائيلي لسورية، واستمرار الالتزام بالتهدئة الأمنية مع الإحجام عن أيّة عملية قصف شديدة.
  • استمرار المعاناة الاقتصادية، مع تحسّنات طفيفة، وفق الإشارات السياسية الأولية، وبالاعتماد على الموارد الذاتية أو الدعم الإقليمي المحدود.
  • استمرار الحكومة السورية في محاولات تقديم صورة جديدة عن الواقع السوري، لا سيّما في ملف ملاحقة النشاط الإيراني على الحدود مع لبنان، أو ملاحقة تنظيم (داعش)، بجانب تجنّب أي سياسات استفزازية في ملفّ المقاتلين الأجانب.
  • تحسّن قدرة دمشق على البناء على الانفتاح الأميركي الرمزي، وتوظيف ملفات مكافحة الإرهاب وترتيبات الإقليم والدعم التركي والعربي لتثبيت مكانتها الدولية.
  • الحفاظ على هامش مناورة يسمح بتوازن بين الانفتاح الدولي وحماية المصالح الاستراتيجية الداخلية.

وهذا يعني استخدام الوقت كأداة ضغط، لدفع دمشق إلى خطوات إضافية في ملفّ الاتفاق الأمني مع إسرائيل، وملف المقاتلين الأجانب، والتدرّج نحو الدخول في اتفاقيات إبراهام. وفي المقابل، ستسعى دمشق إلى البناء على الانفتاح الأميركي الرمزي، وتوظيف بوابة مكافحة الإرهاب وترتيبات الإقليم والدعم التركي والعربي لتثبيت مكانتها الدولية، مع المحافظة على هامش مناورة يُمكّنها من تأجيل التزامات كبرى في ملف اتفاقيات إبراهام أو ملف (قسد).

= المسار الثاني: تقدّم ملحوظ في العلاقات السورية-الأميركية

إنّ زيارة الرئيس الشرع إلى واشنطن، وما تبعها من رسائل رمزية وأمنية، قد تُنتج اختراقات أعمق ضمن سياق “الفرصة السياسية” التي يفضّلها الرئيس الأميركي ترامب، ولا سيما ضمن عوامل تحتاج إليها الإدارة الأميركية لتثبيت نجاحات سريعة ومضمونة في منطقة الشرق الأوسط، وإن نجاح ذلك يتطلب:

  • توقيع اتفاق أمني بين سورية وإسرائيل، ونزع السلاح في الجنوب مع وجود قواعد دولية أو وسيط كروسيا، وتجميد الحديث عن الجولان.
  • توافق أميركي-تركي على تحقيق تقدّم في ملف العاشر من آذار، وبدء الاندماج ضمن وحدات الجيش السوري.
  •  استئناف مستوى من العلاقات الاقتصادية، خصوصًا في مجالات الطاقة وإعادة الإعمار، على المستوى المتوسط.
  • إعادة تقييم الدور السوري في ملف مكافحة الإرهاب، ورفع سورية بشكل كامل عن القائمة، وذلك بناءً على تقرير المرجعة لعام 2026، بالتزامن مع توقيع دمشق على التزامات أمنية في الملف.
  • رفع العقوبات بشكل كامل عن سورية، مع وجود ضمانات لإعادة فرضها، في ظلّ تحقيق تقاطع الدور السوري مع المصالح الأميركية، داخل سورية وخارجها.

وتؤدي هذه التطورات إلى:

  • استقرار أمني نسبي في الجنوب السوري، يفتح المجال أمام التركيز على التنمية وإعادة الإعمار.
  • تحسين الوضع الاقتصادي، وخلق فرص استثمارية وتنموية مستدامة، وإعادة بناء المؤسسات وفق احتياج عملية ما بعد رفع العقوبات.
  • تعزيز المكانة الدولية لسورية، وفتح أبواب التعاون مع المؤسسات والمنظمات الدولية.
  • توسيع الدور السوري في السياسات الخارجية، بما يمكّن دمشق من لعب دور فاعل في التسويات الإقليمية والدولية.

وهذا المسار هو الهدف الأساسي للحكومة السورية، ويتقاطع مع رؤيتها على المدى المتوسط، من حيث النجاح في استبدال السردية الماضية، بسردية جديدة وطنية متفاعلة مع المصالح الغربية والأميركية، كالانضمام إلى المنتديات الدولية التي تقودها واشطن لمواجهة النفوذ الإيراني، مثل “مجموعة تنسيق إنفاذ القانون ومنتدى مكافحة الإرهاب العابر للحدود”[7]، ومنسجمة مع السياسات التركية الإقليمية، وغير مضرّة لحلفاء واشنطن في الإقليم، وفي الوقت ذاته يبدأ التركيز على الأبعاد الاقتصادية، مع أن رفع العقوبات بحد ذاته لا يعني بالضرورة عودة تدفق الاستثمارات إلى سورية، لأن الملف مرتبط بالبنى الداخلية المؤسساتية في سورية.

= المسار الثالث: إدارة التوقعات والمخاطر والتحديات

هذا المسار هو الأخطر على سورية، لكونه سيؤدي إلى فقدان دمشق فرصة مهمّة على صعيد مشروع التنمية، وعودة الاستنزاف الداخلي، مع نشاط خارجي يعيد إنتاج سردية التطرف، ويعرقل مسارات التطبيع ورفع العقوبات، وهذا يعني أن الأمور قد تتجه نحو التراجع في الحالات الآتية:

  • فشل المفاوضات الأمنية مع إسرائيل، أو وارتفاع النشاط العملياتي لإسرائيل داخل سورية، وفشل الوساطة الدولية والإقليمية.
  • انهيار مسار اتفاق العاشر من آذار، وعودة التوتر التركي-الأميركي بسبب (قسد)، والتوتر الإسرائيلي- التركي بخصوص ملفات الجنوب السوري.
  • تغيير في المزاج السياسي الأميركي والحسابات الداخلية يدفع نحو إعادة التصعيد، خصوصًا من قبل التيارات الصارمة داخل الكونغرس أو من قبل البيت الأبيض.
  • حملة إعلامية أو حقوقية تعيد إنتاج سرديات سلبية حول الإدارة السورية الجديدة، وإعادة اعتبار سورية كدولة راعية للإرهاب، وذلك في مراجعات العام 2026.

وتؤدي هذه التطورات إلى:

  • عودة العقوبات بكامل قوتها، بعد انتهاء مدة التجميد.
  • تجميد الحوار الأمني والسياسي بين دمشق وواشنطن.
  • إعادة تفعيل أدوات الضغط العسكرية الإسرائيلية داخل سورية.
  • إضعاف المسار الدبلوماسي الإقليمي الذي بدأته دمشق.
  • عودة الاصطفاف السوري ضمن المحاور القطبية الإقليمية أو الدولية.

ومع ذلك، يعدّ هذا المسار أقلّ حظًا من غيره، وفق التطورات السياسية الحالية، إذ تشير حركية العلاقات بين البلدين إلى صعوبة خضوع هذه التطورات للمزاج السياسي، لكن تبقى احتمالات وجود هذا المسار ممكنة ومرتبطة أكثر بالتغيرات الدولية والإقليمية.

خاتمة:

تعيش سورية مرحلة ذات أهمية كبيرة في تاريخها، تتدرج عبرها من السياسات الدبلوماسية التقليدية التي اعتادتها خلال العقود الماضية، إلى أخرى متأثرة بالتحوّلات الداخلية، وقناعة بضرورة الخروج من الأطر التقليدية السابقة، واستعادة العلاقات مع الغرب والولايات المتحدة الأميركية.

تُظهر النتائج السياسية الحالية أنّ مستقبل العلاقة السورية-الأميركية سيتحدّد وفق طبيعة النتائج التي ستُحقق ضمن نطاق الحسابات الأمنية، وتوازنات الإقليم، وقدرة سورية على إدارة الوقت وكسبه بطريقة ناجعة. وعلى الرغم من تعدد المسارات المحتملة، فإن “سياسة الفرصة والاختبار” تبقى أكثر توافقًا مع سياسة واشنطن في الملفات المعقّدة، ومع رغبة دمشق في انتزاع مكاسب تدريجية، دون الدخول في التزامات كبرى قبل اتضاح الجديّة الأميركية في اعتبار سورية حليفًا لها في منطقة بلاد الشام.

فالمسار المقبل للعلاقة لا تحكمه الإرادة السياسية وحدها، بل تحكمه أيضًا قوة الملفات المترابطة: الاتفاق الأمني مع إسرائيل، مستقبل (قسد)، العقوبات، دور سورية في ترتيبات ما بعد (داعش)، العلاقة التركية-الأميركية، المقاتلين الأجانب. فكل خلل في أيّ من هذه الملفات قادر على دفع المسار إما نحو تقدّم نوعي أو انتكاسة حادة. ولذلك، فإن إدارة هذه المرحلة تتطلب من دمشق قراءة دقيقة لأولويات واشنطن ضمن نقاطها الخمسة، التي تركز عبرها في التعامل بحذر مع بيئة سورية وإقليمية شديدة التقلّب، بما يجعل أي خطوة، مهما كانت صغيرة، عنصرًا مؤثرًا في إعادة تعريف موقع ودور سورية في السياسات الأميركية في الإقليم.


[1] MUHITTIN ATAMAN, One visit, wide ripples: Syria’s al-Sharaa in the White House, NOV 19, 2025, link: https://shorturl.at/39XTp

[2] Syrian president: We need to get into an agreement about ISIS, Fox Tv, 10 Kas 2025, link: https://shorturl.at/ROArj

[3] Michael Jacobson, Removing Syria’s Designation as a State Sponsor of Terrorism: Retaining Leverage and Ensuring Accountability, The Washington Institute for near east polıcy, Nov 5, 2025, link: https://shorturl.at/rrT5M

[4] Syrian president: We need to get into an agreement about ISIS, Fox Tv, 10 Kas 2025, link: https://shorturl.at/ROArj

[5] سوريا تندد بزيارة نتنياهو للمنطقة العازلة من أراضيها، الجزيرة نت، 19 تشرين الثاني/ نوفمبر 2025، الرابط: https://shorturl.at/Cb5oK

[6] وزير الخارجية التركي: أنشطة إسرائيل في الجنوب السوري تخلق توترًا جديدًا، تلفزيون سوريا، 18 تشرين الثاني/ نوفمبر 2025، الرابط: https://shorturl.at/oytUv

[7] هي مجموعة دولية تقودها الولايات المتحدة وتضم عشرات الدول الأوروبية والآسيوية والعربية، إضافة إلى منظمات دولية. تُستخدم عادة لمناقشة العقوبات، وتمويل الإرهاب، والأنشطة غير المشروعة المرتبطة بجهات تُصنفها واشنطن كمنظمات إرهابية، مثل (حزب الله، داعش، القاعدة، وشبكات إيرانية).

  • المركز العربي لدراسات سورية المعاصرة

شارك هذا الموضوع:

  • النقر للمشاركة على X (فتح في نافذة جديدة) X
  • انقر للمشاركة على فيسبوك (فتح في نافذة جديدة) فيس بوك
  • اضغط للطباعة (فتح في نافذة جديدة) طباعة

معجب بهذه:

إعجاب تحميل...
ShareTweet
Previous Post

السويداء: اعتقالات لإفشال تشكيل «تيار موازٍ» لزعامة الهجري

Next Post

سورية.. نقطة التوازن الحَرِج

Next Post
سورية.. نقطة التوازن الحَرِج

سورية.. نقطة التوازن الحَرِج

دمشق وبيروت: هل تريد إسرائيل التّفاوض؟

دمشق وبيروت: هل تريد إسرائيل التّفاوض؟

دمشق تلاحق تنظيم «الدولة»: عمليتان في إدلب أسفرتا عن قتيلين

دمشق تلاحق تنظيم «الدولة»: عمليتان في إدلب أسفرتا عن قتيلين

هل توسعت الحرب نحو سوريا؟

هل توسعت الحرب نحو سوريا؟

سوريا… ما وراء القناع

مظاهرات الساحل السوري... وما تحمله من رسائل

اترك ردإلغاء الرد

منتدى الرأي للحوار الديمقراطي (يوتيوب)

https://youtu.be/twYsSx-g8Dw?si=vZJXai8QiH5Xx9Ug
ديسمبر 2025
س د ن ث أرب خ ج
 12345
6789101112
13141516171819
20212223242526
2728293031  
« نوفمبر    
  • الأرشيف
  • الرئيسية
المقالات المنشورة ضمن موقع الرأي لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع الا تلك التي تصدرها هيئة التحرير

© 2003 - 2021 - موقع الرأي

Welcome Back!

Login to your account below

Forgotten Password?

Retrieve your password

Please enter your username or email address to reset your password.

Log In

Add New Playlist

No Result
View All Result
  • الأرشيف
  • الرئيسية

© 2003 - 2021 - موقع الرأي

%d