قوبلت اجراءات عصابات الاحتلال الصهيونية العدوانية ، بعاصفة من الادانة والاستنكار الدولي وبشكل لم يسبق له مثيل ، ما يؤكد ان المجتمع الدولي ، قد ضاق ذرعا بالاعتداءات الاسرائيلية ، سواء اكانت استيطانا ، ام تهويدا ام حصارا ظالما على قطاع غزة ، ام استباحة للمسجد الاقصى ، وتهويد الحرم الابراهيمي ومسجد بلال بن رباح في مدينة بيت لحم.
لقد جاء اعلان حكومة المتطرفين الصهاينة ، الموافقة على اقامة 1600 وحدة سكنية في مدينة القدس و 126 وحدة في مدينة بيت لحم جنوب القدس اضافة الى ما كشفته جريدة "هآرتس" الاسرائيلية ، عن وجود مخطط لاقامة 50 الف وحدة سكنية في القدس المحتلة ، كخطوة نهائية لتهويد المدينة كل ذلك واكثر منه ، ليؤكد ان العصابات الصهيونية ليست معنية بالسلام ولا بالمفاوضات ، خاصة وان موافقتها على استمرار الاستيطان جاءت في وقت يزور فيه مسؤولان اميركيان كبيران اسرائيل والمنطقة للتمهيد لاجراء مفاوضات غير مباشرة ، ما اعتبر لطمة لجهود واشنطن ومساعيها في تقريب وجهات النظر بين الفلسطينيين والاسرائيليين ، واجهاضا للمفاوضات قبل ان تبدأ.
لقد حذر جلالة الملك عبدالله الثاني اكثر من مرة وخاصة في المرة الاخيرة ، من خطورة فشل حل الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي ، وتداعيات هذا الفشل والتي ستصيب الجميع ، ودعا واشنطن بصفتها الراعية الوحيدة للمفاوضات الى ان تلتقط اللحظة التاريخية الحاسمة ، قبل ان تخرج الامور من تحت السيطرة وتعمل والرباعية والاتحاد الاوروبي على اجبار حكومة المتطرفين الصهاينة على وقف الاستيطان كمقدمة ضرورية لاطلاق مفاوضات جديدة فاعلة ، وفق اسس محددة ، تفضي الى حل الدولتين وفق سياق اقليمي يقوم على انسحاب قوات الاحتلال من كافة الاراضي العربية المحتلة لعام ,1967
لقد اثبتت الاحداث المتلاحقة ، ان سياسة الاسترضاء التي اتبعتها واشنطن في التعامل مع عصابات الاحتلال لم تقنع هذه العصابات بالانحياز الى الرؤية الدولية بل ادت الى زيادة التصلب الاسرائيلي ، وخاصة بعد تراجع الادارة الامريكية عن مطالبها بوقف الاستيطان والانحياز الى رؤية نتنياهو ، ما اعتبر تراجعا امريكيا دراماتيكيا ، وخاصة في ضوء مطالبة واشنطن بالعودة الى المفاوضات دون وقف الاستيطان ما اعتبرته حكومة المتطرفين انتصارا لوجهة نظرها ، وهذا في تقديرنا كان السبب الرئيسي للتعنت والتصلب الصهيوني ، والاصرار على استمرار الاستيطان.
ان الموقف الدولي ، والذي ترجم بادانة العدوان الاسرائيلي والمتمثل بالاستيطان ليس بكاف – في تقديرنا – ويتطلب اتخاذ اجراءات فاعلة ، ضد اسرائيل ، تلزمها بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية ووقف الاستيطان فورا ، كما دعا جلالة الملك عبدالله الثاني ، والذي اصبح يهدد عروبة القدس ، وينذر بتحويلها الى مدينة توراتية باغلبية يهودية.
مجمل القول: لقد تأكدت مصداقية تحذيرات قائد الوطن ، جلالة الملك عبدالله الثاني ، التي اطلقها مؤخرا ، وبالاخص حديثه لمحطة "سي. ان. ان" الامريكية ، على هامش مؤتمر دافوس ، حيث اعرب عن تشاؤمه ، من فرص تحقيق السلام. وكانت هذه الرؤية مبنية على استمرار الاستيطان والتهويد ، وقد ثبتت صحة هذه التوقعات ما يفرض على واشنطن وقد تعرضت لصفعة قوية من حليفتها اسرائيل ان تسمي الاشياء باسمائها ، وتتخذ الاجراءات الفاعلة القادرة على اجبار عصابات الاحتلال على الالتزام بالقانون الدولي ، والانسحاب من الاراضي المحتلة ، لترميم مصداقيتها.
الدستور الاردن