قالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون: إن إعلان إسرائيل عن بناء 1600 وحدة استيطانية في القدس مع وجود نائب الرئيس الأميركي فيها هو إهانة للولايات المتحدة.
ومن غير الواضح ما إذا كانت الوزيرة كلينتون تعني ماتقول فعلاً، أم إنها تحاول امتصاص ردّ الفعل العالمي والأميركي على هذا الموقف الإسرائيلي الاستفزازي، وخاصة أنها عادت وقالت لشبكة (سي إن إن): إن الموقف الإسرائيلي لا يشكل خطراً على علاقات الجانبين الدائمة والقوية.
وبعيداً عن حسابات السيدة كلينتون، لا يمكن النظر إلى هذا الإعلان الاستيطاني الإسرائيلي سوى أنه إهانة شديدة واستفزاز متعمد ومدروس من حكومة نتنياهو العنصرية للإدارة الأميركية ممثلة برئيسها ونائبه، وكل كلام آخر لا معنى له.
وهنا لا بدّ من تذكير الوزيرة المحترمة كلينتون أن نتنياهو، الذي تعمّد الإعلان عن هذا المشروع الاستيطاني مع وجود جوزيف بايدن في إسرائيل، هو نفسه الذي سبق أن قال في وجه زوجها الرئيس الأسبق بيل كلينتون: إنه سيحرق عليه البيت الأبيض إذا ما حاول الضغط على إسرائيل.
إذاً هي إهانة موصوفة متعمدة أراد من خلالها نتنياهو القول لإدارة أوباما: كوني حذرة في تحركك من أجل السلام الذي يجب أن يكون إسرائيليا وليس وفق المرجعيات الدولية، وإلا فجماعات الضغط الصهيونية في انتظارك.
وهي كذلك إهانة مقصودة مئة في المئة للعرب، ممثلين بجامعتهم، الذين تبرعوا مؤخراً بتقديم غطاء سياسي غير مبرر إطلاقاً للسلطة الفلسطينية للدخول في مفاوضات غير مباشرة مع حكومة نتنياهو التي لا تخفي رفضها للسلام العادل، ولا تتوانى عن القول: إن السلام هو ما تريده إسرائيل فقط.
ولأن العرب هم أصحاب الشأن وليس الأميركيين، فالإهانة الإسرائيلية الموجهة إليهم بالصوت والصورة مضاعفة عشرات المرات، وتصل إلى حد تعمّد الإذلال بشكل علني وأمام مختلف وسائل الإعلام.
وقد يتمكن الأميركيون من التغطية على الإهانة الإسرائيلية الموجهة إليهم، عبر إيجاد مسوغات أو عبر التلاعب بالألفاظ، ولكن العرب لن يجدوا أبداً سبباً واحداً مقنعاً يبررون به فعلتهم واندفاعهم المجاني نحو إسرائيل التي تعاديهم جملة وتفصيلاً، وتعلن ذلك على الملأ.
فهل حان الوقت الذي بات فيه العرب يدركون أن إسرائيل لن تذهب إلى السلام العادل الذي يعيد الأرض والحقوق طوعاً، وأنها لن تفكر بهذا السلام ما دام العرب على هذه الحال من اللامبالاة، وأن الولايات المتحدة لا تستطيع وحدها صنع السلام في ظل هذا الموقف العربي الهزيل؟
تشرين السورية